بالتزامن مع مرور عام على تولى الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، الوزارة، أجرت «المصرى اليوم» هذا الحوار الذى حرص فيه الوزير على تقديم كشف حساب عما تم إنجازه خلال 365 يوماً قضاها بمنصبه، والخطط المستقبلية لتطوير التعليم العالى والبحث العلمى فى مصر، والرد على الانتقادات الموجهة إليه أو لقراراته طوال العام الماضى.
وأكد «الشيحى» حرصه منذ توليه المسؤولية على الحفاظ على كرامة أعضاء هيئات التدريس وعدم الانتقاص من حقوقهم، مشيراً إلى أنهم تعرضوا لظلم واضح خلال الفترة الماضية، ورغم ذلك تحملوا مسؤولية إعداد الأجيال، مشدداً على أنه سعى ليكون تحسين أحوال الأساتذة مسؤولية الدولة بالكامل وليس الوزير وحده، حيث وعد بزيادة دخل أعضاء هيئات التدريس خلال الفترة القليلة المقبلة.
وقال «الشيحى» إن الرئيس عبدالفتاح السيسى حريصٌ على ضرورة الاستفادة من منظومة البحث العلمى فى حل مشكلات مصر، حيث بدأت الوزارة بالفعل فى إيجاد حلول مجتمعية من خلال البحث العلمى توفر المليارات على الدولة، لافتاً إلى الانتهاء من قانون البحث العلمى الجديد، تمهيداً لتقديمه لمجلس الوزراء خلال الأيام المقبلة، والذى سيمنح المؤسسات حق التواصل مع قطاع الصناعة للاستثمار فى الأبحاث العلمية والابتكارات مباشرة، كما أنه يعطى لرجال الصناعة مميزات ضريبية بحيث تعود إليه نفقاته وبعائد أكبر فى إطار تشجيع الربط بين القطاعين.
وإلى نص الحوار:
■ بعد مرور عام على توليك الوزارة.. ما هى رؤيتك لإصلاح المنظومة؟
- لدينا وزارتان: واحدة للتعليم العالى، والأخرى للبحث العلمى، وكلتاهما لها رؤية غير تقليدية فى عملية الإصلاح، لأنه من غير المقبول أن يظل التعليم العالى يُخرج علينا سنوياً تخصصات لسنا فى حاجة إليها، ودون أن تكون هناك نكهة مختلفة لكل جامعة ودراسة لاحتياجات سوق العمل، كما أن البحث العلمى طوال السنوات الطويلة السابقة كان مجرد نمط لإنتاج أبحاث يتم نشرها دون الاستفادة منها، وتذهب إلى أدراج المكاتب دون استفادة حقيقية، وبالتالى كان الهدف هو تغيير المنظومة بأن يتحول البحث العلمى من مجرد أوراق للنشر إلى منظومة منتجة تدار من منظور اقتصادى.. وأعتقد أننا نستطيع تنفيذ ما قامت به دول كثيرة اعتمدت على البحث العلمى فى الاقتصاد الوطنى حتى أصبح لها شأن آخر.
■ هل هناك خطط تنفيذية بالفعل أم الأمر مجرد رؤية؟
- لا طبعاً، هذا ليس مجرد كلام أو شعارات، وإنما خطط، وبدأنا فعلاً فى تنفيذها خاصة فى البحث العلمى، منها على سبيل المثال بحلايب وشلاتين، فهناك 11 مشروعاً من المفترض الانتهاء منها وجاهزة لبدء العمل بها.. فالبدو المقيمون هناك يعانون من أن المياه وكثيرا من مياه الآبار مالحة وغير صالحة للشرب أو الإعاشة، وكانت المشكلة كيف نوفر لهم حلولا عملية لمجتمعهم، وبالفعل تم إجراء بحث علمى تطبيقى بأن يتم إنشاء محطات تحلية، لكن المشكلة أن محطة التحلية الثابتة تكلف الكثير وغير مجدية فى حال نفدت الآبار، لأنه سيصعب نقل المحطة، وكان الحل أن تتم صناعة محطات تحلية محمولة على سيارات، والمشكلة الأخرى كيفية توصيل التيار الكهربائى بسبب تكلفة مد الشبكات الكبيرة، فلجأنا إلى الطاقة الشمسية التى تعمل مباشرة دون تخزين تلافياً للتكلفة الكبيرة أيضاً، وسيتم عقد اجتماع مع وزيرى التنمية المحلية والإنتاج الحربى الأسبوع المقبل لمناقشة احتياجات الدولة من عدد هذه السيارات للبدء فى إنتاجها فوراً.
وهناك مشكلة أخرى لجأت الدولة فيها للبحث العلمى، وهى مراكب صيد الأسماك التى تضطر إلى العودة إلى الشاطئ فى أوقات متعددة من أجل وضع الأسماك فى الثلج حتى لا تفسد، وهو ما كان يجعل هذه المركبات تعود بشكل متكرر ما يؤثر على الكمية التى يتم اصطيادها.. إذ إن المياه المالحة غير قابلة للتجميد.. واشتغلنا على بحث علمى يستطيع معالجة مياه البحر كيميائياً بحيث يمكن تجميدها ويحولها إلى ثلج مجروش، وبالتالى تظل المراكب فى عرض البحار لمدد تتجاوز الأسابيع دون أى مشكلة أو خوف من فساد الأسماك. وهنا وفرنا تكنولوجيا جديدة وملايين لصالح الدولة وحققنا التكامل بين الوزارات المعنية.. وبالتالى البحث العلمى يستطيع أن يكون له مردود اقتصادى يوفر فرص عمل وتكنولوجيا وأموالا كثيرة.
■ هل تمت الاستعانة بتجارب خارجية أم هى تجارب مصرية خالصة؟
- لسنا بعيدين عن دول العالم، وبالتالى جلبنا خبراء من العديد من دول العالم، وناقش الخبراء العديد من النماذج المطبقة فى بلدان كثيرة، خاصة التى تتشابه معنا فى الظروف الاقتصادية، وما نجح منها وما لم ينجح، حتى وصلنا إلى النموذج المثالى لظروف مصر الاقتصادية، والنموذج الذى يتلائم معنا كدولة نامية، تسعى أولاً لجذب رجال الصناعة حتى تستطيع أن تحول البحث من فكرة لترقى أعضاء هيئات التدريس فى الجامعات إلى قيمة بحث تطبيقى يستطيع توفير فرص عمل وعملة صعبة للبلاد وإنتاج، ولدينا خطط كثيرة تتم مناقشتها بشأن المميزات التى سيتم منحها لرجال الأعمال فى هذا المجال.
■ لكن لايزال البحث العلمى الخيار الأخير لحل المشكلات.. متى تتغير وجهة النظر هذه؟
- المهم أننا وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح وأصبح هناك شعور بقيمة وأهمية البحث العلمى، وأيضا الثقة فى قدرته على حل مشكلات عديدة بأموال أقل وجودة أعلى، بما يوفر على البلاد العملة الأجنبية التى تنفقها فى استيراد الحلول من الخارج.. وفكرة الاستثمار فى البحث العلمى لا تعنى على الإطلاق مزيدا من الإنفاق على البحث العلمى من الدولة، وإنما سيكون مجالا للدخل لصالحها بعد أن يؤمن قطاع الصناعة فى مصر بأهمية البحث العلمى وأنه قادر على إيجاد حلول لمشكلاته ويستطيع من خلاله تطوير خطوط إنتاجه.
■ ماذا عن قانون البحث العلمى الجديد؟
- تم الانتهاء من مشروع القانون من جانب الوزارة.. وسيتم رفعه إلى مجلس الوزراء لمناقشته قريباً.
■ ما أبراز مواد القانون الجديد؟
- أعتقد أن أهم نقطة فى قانون البحث العلمى الجديد هى الجزء الخاص بمنح مؤسسات التعليم العالى والبحث العلمى مرونة، والحق فى تسويق أبحاثها وابتكاراتها بالتعاون مع قطاع الصناعة، وهو الأمر الذى كان محظوراً فى التشريعات السابقة والذى أدى إلى تقييد حركة المؤسسات وتجميد أبحاثها بالأدراج.. وهذه الجزئية قادرة على أن تحولنا من مجتمع منتج للعلم فقط إلى مجتمع يحول العلم إلى استثمار، لأن الباحث كان يعمل لسنوات طويلة على بحث علمى ثم براءة اختراع، ويظل ساعات وأياما داخل معمله وفى النهاية يجد صعوبة فى تسويقه، وإن استطاع، يبيعه بأموال زهيدة سواء للداخل أو الخارج ودون أى عائد على المؤسسة التى يعمل بها، أو أن يجمد جهده كما ذكرت بالأدراج، أما القانون الجديد فسيعطى المؤسسات البحثية المرونة بأن تدخل فى شراكات مع رجال ومؤسسات الصناعة لتطبيق براءات الاختراع، بما يعود بالنفع على الباحث والمؤسسة والدولة، وأيضا قطاع الصناعة الذى سيجد حلولا لمشكلاته بمبالغ أقل من نظيرتها فى الخارج، والتى تطلب مبالغ ضخمة.
■ ما هى الحوافز التى سيقدمها القانون للقطاع الخاص حتى يدخل فى شراكة مع البحث العلمى؟
- بالتأكيد ستكون هناك حوافز تعود على رجال الصناعة بفائدة، لكنها قد تكون فى أشكال مختلفة، سواء عائدا من الإنتاج، أو تخفيضات ضريبية، وذلك ستتم مناقشته فى مجلس الوزراء، لكن الأقرب منحه تخفيضات ضريبية.
وللأسف، يصل الاستثمار فى البحث العلمى فى العديد من دول العالم إلى 90% من قطاع الصناعة مقابل 10% فقط من الدولة، أما فى مصر فلا تصل نسبة استثمار رجال الصناعة إلى 10%، وبالتالى المعادلة مقلوبة فى مصر، وإذا ظللنا هكذا فلن يتقدم البحث العلمى مهما تم ضخ مبالغ مالية فيه، لأنه بعيد عن الصناعة، وبالتالى يجب تقديم مميزات تجذب قطاع الصناعة، منها أن يستثمر فى مخرجات البحث العلمى مقابل إعفاءات ضريبية.. ولن تنجح العلاقة بين البحث العلمى وقطاع الصناعة إلا من خلال الاستفادة المشتركة بين الجانبين.
■ تحدثت باستفاضة عن البحث العلمى.. ماذا عن إصلاح التعليم العالى؟
- لدينا نظام تعليمى عمره أكثر من 50 سنة بكل إيجابياته وسلبياته، ولكن يجب أن نعلم أنه ليس سيئاً كما يتصور البعض أو يروج له البعض، فحتى الآن نجد أن من يذهب للعمل فى الخارج يصبح عالماً.. وحتى التعليم فى الدول العربية- وذلك باعترافهم أنفسهم- تم بناؤه على أيدى العلماء المصريين، وبالتالى لسنا الأفضل بالطبع لكننا لسنا سيئين كما ذكرت.
الفارق بيننا وبين الخارج أن العالم المصرى يجد فى الخارج المنظومة والمناخ اللذين يستطيع أن يُخرج فيهما كل طاقاته وإبداعاته، هذا المناخ وتلك المنظومة قد يكونان غير موجودين فى مصر ونحن نسعى لتوفيرهما.
■ هل مستوى أعضاء هيئات التدريس تراجع كما كان عليه فى السابق؟
- لا يمكن أن نتهم التعليم أو أعضاء هيئات التدريس بأنهم أدنى من غيرهم فى المستوى، فهذا حكم ظالم، لكن- كما ذكرت- العلماء فى الخارج يجدون المناخ المشجع، ونحن لدينا مناخ غير مشجع فى ظل الأعداد الكبيرة، ونحن نحتاج إلى التركيز على مراجعة بعض المخرجات أولاً، وهى: هل أتوسع فى التعليم العالى لإتاحة فرص تعليم فقط حتى فى تخصصات لسنا فى حاجة إليها، أو أن تكون هناك مواءمة بين الخريجين والتخصصات التى تحتاج إليها سوق العمل؟.. وبدأنا بالفعل فى دراسة الوضع بشكل علمى ودقيق من خلال دراسات، وبالتالى عندما ننشئ جامعات جديدة نحدد التخصصات التى نحتاج إليها، وأبلغنا جميع رؤساء الجامعات بأن الإنشاء والتوسع سيكون وفقاً لاحتياجاتنا. وأمامنا رؤية وليس لدينا وقت كثير نضيعه فى الكلام، وجار تطبيقها حالياً، وتجاوزنا المرحلة الصعبة وحددنا الهدف بشكل واضح، وجار التنفيذ، وأنا أطالب المجتمع بالصبر.. وأقول لهم: لن تصبروا كثيراً وإنما ستجدون تحسنا فى التعليم بشكل يومى حتى نصل إلى ما نرغب فى أن نكون عليه.
■ أين قانون التعليم العالى الجديد؟ ولماذا اختفى الحديث عنه تماماً؟
- متسائلاً: «بتقول قانون التعليم العالى: هو قانون تنظيم الجامعات ولا قانون التعليم العالى الشامل.. ولا قانون تنظيم الحقوق والواجبات؟».
■ أتحدث هنا عن قانون التعليم العالى الموحد الذى تم الإعلان عنه من قبل.
- لكل واحد مما سبق رؤية مختلفة، وأعضاء هيئات التدريس فى الجامعات يعتقدون أن القانون مجرد قواعد تنظم حقوق وواجبات الأساتذة، وهذا غير صحيح، لأنها لا تمثل من القانون إلا جزءاً بسيطاً.. هل أتعامل مع الجامعات الحكومية مثل القانون الحالى 49 لسنة 1972 أو أجعله يشمل الحكومية والخاصة والأهلية معاً، أو مجرد باب لكل منها؟
أنا شخصياً أرى أنه ليس من المفترض أن كل الجامعات تشبه بعضها، ويجب أن أترك لكل جامعة النكهة الخاصة بها والمختلفة عن غيرها من الجامعات الأخرى.
وإذا تحدثنا عن المهام مثلاً فى جميع دول العالم تختلف مهام نواب رؤساء الجامعات حسب احتياجات كل جامعة، فمثلاً ترى جامعات أن مقياس نجاحها فى اجتذاب أكبر عدد من الوافدين، وبالتالى يكون هناك نائب لشؤون الوافدين.. المسميات ليست ثوابت، وإنما الأهم منها المهام.. ونحن فى مصر المهام الحالية لنواب البيئة وخدمة المجتمع غير واضحة، لأنها جاءت متأخرة بعد نواب التعليم والطلاب والدراسات العليا.. وأريد أن تكون المهام أكثر وضوحاً وتأثيراً، ولا بأس من نقل بعض المهام الثقيلة إليها، وهذا الأمر تتم مراجعته فى القانون الجديد.
وفى ظل تلك المنظومة الكبيرة والمتشعبة لن يتم إعداد القانون بشكل سريع، لأننا لن ننتظر حتى يتم الانتهاء من قانون بهذا الحجم لينظم جميع أشكال التعليم فى مصر.. ولذلك سيكون الخيار هو إخراج بعض المواد وحذف البعض من خلال تعديلات تشريعية فى مواد مختلفة، إلى أن تكتمل الصورة التى تجعلنا نضع القانون بشكله الجديد.
■ أفهم من ذلك أنه ستتم تعديلات تشريعية على القانون الحالى لحين الانتهاء من القانون جزءاً جزءا؟
- بالفعل، سيتم أخذ المواد العاجلة والضرورية للتطوير والإصلاح وإصدارها فى شكل تعديلات تشريعية على القانون الحالى لحين وضع القانون الجديد بالشكل الذى يضمن صدور قانون شامل بمعنى الكلمة.
ويجب العلم أن التعديل هو حذف مادة وإضافة مادة أخرى، لكن القانون الجديد سيستحدث أجزاءً كانت غير موجودة، منها على سبيل المثال الهيكل الإدارى للجامعات الذى يجب أن يتغير، لأنه لا يمكن أن تكون لدينا وحدات مهمة مثل الجودة والقياس والتقويم وتنمية قدرات أعضاء هيئات التدريس والتكنولوجيا، ورغم أهميتها فإنها خارج الهيكل الإدارى للجامعات، ولا نستطيع تعيين أحد بها، لأنها مستحدثة منذ 2005 وكانت تعتمد على العقود، إلا أن هذا الأمر أصبح غير وارد اليوم.
وسيشمل القانون أيضاً تعديل الرؤية نفسها، حيث ستتم مراجعة مفهوم «الطلاب الوافدين والزائرين»، والذى يجب أن يتغير بما يسمح للطالب بأن يدرس فى أكثر من جامعة خلال مرحلة البكالوريوس أو الليسانس، حيث يقضى سنوات محددة فى جامعة ويستكمل باقى السنوات فى جامعة أخرى بما تتيح لطالب أسوان أن يدرس لمدة عام أو أكثر فى القاهرة، وطالب الإسكندرية فى عين شمس والعكس.. ولن يكون هذا على مستوى مصر فقط، وإنما سيتم تطبيق ذلك مع دول العالم التى لدينا معها شراكات، بحيث يكون هناك تسهيل فى حركة الطلاب الزائرين، لأن الجودة فى جامعات العالم مرتبطة بذلك، والقانون الحالى لا يسمح.
■ أين المجتمع الجامعى من هذه التعديلات والقانون الجديد؟
- أعدّ المجتمع الجامعى وعداً قاطعاً بأنه لن تصدر تعديلات قبل مناقشتها من أعضاء هيئات التدريس فى الجامعات، ولن يفاجأوا بوجود قانون جديد دون أن يتم عرضه على المجتمع الجامعى بالكامل ويحقق الرضا المجتمعى.. لأن الوزير ليس المسؤول وحده، وإنما نعمل بشكل متكامل فى إطار منظومة، وبالتالى أى قانون أو تعديل سيتم عرضه على المجتمع الجامعى للنقاش والحوار قبل إجازته.
■ لكنك لم تتحدث عن أعضاء هيئات التدريس ودورهم فى منظومة الإصلاح.
- الحقيقة محور التطوير هو أعضاء هيئات التدريس، لأنه حتى لو وضعنا ضوابط ونظاما فالذى سينفذه فى النهاية هو عضو هيئة التدريس، وإن كان لديه قصور ستكون النتيجة لا شيء.. ومنذ أول يوم توليت فيه الوزارة أكدت أنه لن يتعرض عضو هيئة تدريس للظلم أو المهانة أو التقليل من شأنه، ولن ينتقص من حقوقه.. وعلينا أن نسعى بشكل جاد لتعويض الأساتذة لأنهم تعرضوا للظلم كثيراً.
■ ظلموا كثيراً!
- نعم، ظلموا كثيراً.. وأساتذة الجامعات هم المتميزون من الخريجين، إذاً هم الأكثر تميزاً فى جميع المراحل، وتم الإنفاق عليهم من الدولة بشكل كبير لإعدادهم سواء داخل مصر أو خارجها من خلال البعثات، وبعد ذلك نضعهم فى ظروف اجتماعية وصحية ومالية بالغة الصعوبة، فينشغلون فيها بتوفير أبسط متطلبات حياتهم، وبالتالى نحن نخسر ما تم إنفاقه، فلم نحصل على إمكانياتهم وقدراتهم وشتتنا أذهانهم عن دورهم الحقيقى المنوط بهم.
وبعد ذلك يلام عليهم أن بعضهم قل عطاؤه، ونتهمهم بالتقصير فى عملهم.. هذا «ظلم واضح»، لأننا من نضطرهم إلى اللجوء إلى عمل آخر أو وسيلة أخرى لتوفير احتياجاته، رغم أن الأساتذة هم عماد التعليم.
■ ماذا فعلت حتى ترد عنهم هذا الظلم؟
- منذ فترة حصل خصم فى رواتبهم، ووعدت بعدم تطبيقه، وبالفعل أوفيت رغم تشكيك البعض.. وأيضا عندما صدرت قرارات بشأن الأساتذة المتفرغين، تدخلت وأنهيت الأمر بالتنسيق مع وزير المالية، والآن أعدهم بزيادة رواتبهم، وإن شاء الله سأفى بوعدى.
■ متى هذه الزيادة؟
- قريباً جداً.. وحسب الظروف الاقتصادية للبلاد.. ولأول مرة، يصدر فى برنامج الحكومة نصٌ يتضمن تحسين أوضاع أعضاء هيئات التدريس الصحية والاجتماعية والمالية.. وبالتالى أصبح تحسين أحوال الأساتذة التزام دولة بالكامل وليس وزيراً فقط.
والدولة توقن وتعلم تماماً أن أى إنفاق فى هذا الشأن سيعود أضعافاً فى شكل توفير تعليم جيد لأبنائنا وغيره.. ويجب أن أشكر أعضاء هيئة التدريس ونحن مقبلون على عام دراسى جديد، وأدعوهم لأن يغرسوا الولاء والانتماء فى أبنائهم.
وللأسف، نحن أخذنا الكل بذنب البعض، لأن فى تخصصات بعينها لديهم بيزنس خاص وعيادات ومكاتب.. وكانت النغمة السائدة أن أساتذة الجامعات لديهم مصادر دخل أخرى، لكن الحقيقة ليس كلهم لديهم بيزنس خاص.. وهنا الضوابط التى سيتم وضعها ستفرق بين من لديه عمل خاص، والأساتذة الذين يعطون كل وقتهم وجهدهم ويكرسون حياتهم فى خدمة جامعاتهم بما يضمن أن يلقى هؤلاء ما هو أفضل.
■ نذهب إلى التنسيق.. كيف تم التخطيط لأن يخرج دون مشكلات؟
- توليت الوزارة فى 19 سبتمبر العام الماضى واكتشفت أنه منذ الساعات الأولى توجد مظاهرات يومياً أمام الوزارة بسبب مشكلات التنسيق، فلم أنتظر للتنسيق الجديد وإنما شكلت لجنة لدراسة كل المشكلات وحلولها بالشكل الذى يرضى الطلاب وأولياء الأمور وبما لا يُخل بالقواعد الأساسية التى تحرص على توفير المساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع.. وكان أول القرارات إلغاء كل الاستثناءات السابقة نهائياً، وبالتالى عندما جاء التنسيق، كانت جميع المشكلات قد تم حلها بالفعل، وتم الانتهاء من تنسيق جميع الشهادات بالكامل قبل أسبوع من بدء العام الجامعى الجديد، وهو ما يعد إنجازا، خاصة أننا بدأنا العمل فى التنسيق فى وقت متأخر عن العام الماضى بسبب تأخر نتيجة الثانوية العامة.
■ كيف تم الاستعداد لتأمين موقع التنسيق بعد تسريبات الثانوية العامة؟
- توقعنا حدوث ذلك بالطبع بعد تسريبات الثانوية العامة.. وتم بالتنسيق مع الجهات المسؤولة وضع أنظمة أمان متعددة على موقع التنسيق، وبالفعل جرت أكثر من محاولة للاختراق والتلاعب فى النتائج على موقع التنسيق لكنها فشلت والحمد لله.
غدا.. تناقش الحلقة الثانية من الحوار استعدادات الجامعات والاتحادات الطلابية.. والشائعات والمؤامرات الموجهة ضد الوزير.