في أجواء تسيطر عليها ملامح مدينة النور «باريس» تنسج الدكتورة فاطمة يوسف العلي، الناقدة والأديبة الكويتية، أحداث روايتها الأخيرة «ثرثرة بلا ضفاف»، في قالب روائي تمتزج فيه المشاهد المتناثرة والمعبرة والدالة عن ثقافة المدينة التي جمعت عددا من العرب، أكاديميين وثوار وباحثين وفنانين وعشاق مسرح، ليبدأ بينهم حوار طويل عن ثنائية الثقافة العربية والغربية، وعن خدمة الأوطان العربية، وعن شعور العربي في الغربة، ورغبته الدائمة في أن يعود لوطنه بكل جديد، محملا بإرث كبير من التراث الحضاري والسياسي، الذي يضع دائما المثقف في مواجهة السلطة.
ولا يخلو الحوار المطول بين أبطال الرواية من دلالات مثلا حوار بين الرفيق والدكتور: «الرفيق: أبحاثك رفعت من مستوى سلامة المواليد بشكل ملحوظ، الدكتور: شهادة أعتز بها، الرفيق: ولكن أجنة الوطن حين يكبرون ويصبح لهم رأي وموقف بعضهم ينصاع لأوامر الوطن ومبادئ الوطنية، ويخلص للزعامة التاريخية، وبعضهم يسول له شيطانه أن يسمع لجهات أخرى. الدكتور: هذه طبيعة الانسان، خلق الله سبحانه البشر ليختلفوا».
أجواء كثيرة تتناولها الرواية من «مولان روج» أو الطاحونة الحمراء ذلك المكان الواقعي الخرافي الذي تحكي عنه الكاتبة قائلة: «في المولان روج يمنع التصوير، لكي تشاهد لابد أن تذهب، سالم لم يستطع تحرير ذاكرته من سطوة هذه اللوحة الحية، وقال إنها عمل عبقري جسد حقيقة الأقطار العربية، جاءت بأسلوب بأسلوب باريسي مبين، العالم العربي منهمك في الحركة.. زحام، صراخ، إعلام، سجون، بضائع فاسدة، تجارة محرمة، صحف ومجلات، مجالس نميمة، ونميمة على النميمة، كل شيء حتى بيع الأطفال وشراء اللذة، نفخر بأننا الشرق.. أننا مهد الروحانيات.