ساعات طويلة بشاكوش وأزميل، يجلس في صمت يستمع لأغانى أم كلثوم وهو يعمل في تصميم تحفة فنية من النحاس في ورشته، يستلهم تصاميمه من التراثين الفرعونى والإسلامى، وبأنامله يصنع من النحاس لوحات فنية تحاكى تاريخ وحضارات مصر، هو الفنان التشكيلى نادر المصرى، أشهر فنانى تشكيل النحاس في حى الجمالية.
نشأته بمنطقة الجمالية جعلته وهو طفل صغير ينبهر بالأعمال النحاسية، حتى إنه كان يستيقظ صباح كل يوم لكى يتجول بالساعات يشاهد «الصنايعية» في منطقته، ومنطقة خان الخليلى، وهم يعملون في نقش وصناعة القطع النحاسية التي مثلت له تحفا فنية استهوته للحد الذي جعله يترك الدراسة لكى يكون جزءا منها، ليصبح اليوم أشهر فنان نحاس بالمنطقة.
«بقالى أكتر من 40 سنة في الصنعة، وعملت كل حاجة من نحاس، والحمد لله بقيت مشهور والناس بتيجى من كل المحافظات يسألوا عنى»، هكذا قال نادر النحّاس، لافتا إلى أنه ترك دراسته من أولى ابتدائى، وقرر أن يعمل في فن تشكيل النحاس لانبهاره بتلك الصنعة.
وأشار «نادر» إلى أن أول عمل فنى قام به هو صينية نحاسية نقش عليها رسومات بسيطة وصممها في أكثر من شهر وعرضها على «الصنايعية» في المنطقة، وقالوا له «مش بطال» وطلبوا منه عمل المزيد حتى أصبح «صنايعى» ينافسهم بأعماله.
«الشمعدان المملوكى» أشهر القطع التي صممها «نادر»، قال عنه: «جالى زبون في السبعينيات بصورة مقاس 4 في 6 سنتيمترات لشمعدان مملوكى موجود في متحف بإنجلترا وقالى عايز أعمل زيه، ولم يعطنى أي تفاصيل عن أبعاده إلا الصورة، وكان فيه تحدى، خاصة أن صنايعية سوق الجمالية كلهم معرفوش يعملوه وعملتوا في سنة وأشاد به كل الناس».
«الأعمال الإسلامية الأكثر طلبا»، حسبما أكد «نادر»، وقال: «الشغل الإسلامى مطلوب باستمرار والفرعونى قليل على الرغم من إننا المفترض نتميز وننفرد به عن أي بلد آخر، لكن فنانى تشكيل النحاس ظلموه وشوهوه بسبب عدم الإتقان في الرسم والنحت على النحاس»، موضحا أن الأعمال الفنية في النحاس تأخذ وقتا كبيرا قد يصل لسنة مثل الشمعدان، وأقل مدة هي شهر لعمل صينية منحوتة.
وأشار «نادر» إلى أن أماكن التحف الفنية مثل خان الخليلى وحى الجمالية زمان كانت تبهر أي شخص حتى إنه قد يشعر بأنه داخل حكاية من الحكايات الأسطورية من مدى دقة التحف وجمالها، أما الآن قطع لا تمثل الواقع ومعظمها أصبح مستوردا، وأصبحت الأعمال اليدوية قليلة جدا.