فلسطين.. ضياع قضية بين فتح وحماس وشعب مبتلى بالاحتلال والقهر

كتب: خلف علي حسن الأربعاء 15-12-2010 18:29


«كل ساعة تمر على الشرق الأوسط تصبح قضية الصراع العربى– الإسرائيلى أكثر تعقيداً، وكلما تقادمت المشكلة هنا فى الزمن احتاج حلها إلى شىء من تلاعب الأقدار.. ففلسطين كانت، ولا تزال، معمل اختبار بكل ما تحمله الكلمة من معنى بعد أحداث 11 سبتمبر».. هذا ما يؤكده كتاب «الفسطينيون وسقوط المحرمات» للزميل عماد سيد أحمد، الصادر مؤخراً عن مركز «الأهرام للنشر والترجمة» ويقع فى 200 صفحة.


يتساءل عماد سيد أحمد فى بداية كتابه عما إذا كان الرئيس الراحل ياسر عرفات هو المشكلة بالنسبة لقضية بلاده فلماذا لم تتحسن حياة الفلسطينيين بعد سنوات رحيله؟! ويقول «ربما يحتاج الأمر لسنوات أخرى لتقييم إرث عرفات، خصوصاً أن الفلسطينيين يواجهون المشكلات ذاتها وبدرجة أكثر حدة، فضلاً عن الانقسام فى الصف الوطنى والموت البطىء الذى تواجهه عملية السلام وسكوت بنادق المقاومة.


يصف الدكتور وحيد عبدالمجيد، مدير المركز، الكتاب بأنه جهد دؤوب قام به الباحث من خلال متابعته لخلفيات قصة «موقعة غزة» والمقدمات التى أدت إليها، عبر جمع كم هائل من المعلومات وإخضاعها إلى عملية غربلة وتنقية بالغة الصعوبة بالنظر إلى غياب معلومات موثقة بشأن بعض الملفات الأساسية فيها، مع تداخل بعض أحداثها والاختلاف الشديد بين الروايات المتعلقة بها.


ويساهم الكتاب– حسب عبدالمجيد– فى فهم حقيقة ما حدث بين حركتى «فتح» و«حماس» وجعل التناقض الذى كان ثانوياً بينهما رئيساً إلى الحد الذى طغى على تناقض كل منهما مع العدو الحقيقى الذى يحتل الأرض ويسرق التاريخ والمستقبل ويرتكب أبشع الجرائم.


يكشف الكتاب، عبر معلومات سعى مؤلفه إلى تدقيقها وتحليلها، كثيراً من هول المأساة التى طالت القضية الفلسطينية، فقد يدفع– حسبه- إلى قطع الأمل فى إنقاذ قضية فلسطين من هاوية سحيقة أخذتها «فتح» و«حماس» إليها، وأصبح شعبها المبتلى واقعاً بين مطرقة الاحتلال أو الحصار وسندان قمع وقهر لم تعد أجهزة «فتح» و«حماس» تجيد غيرهما.


يقول الزميل عماد سيد أحمد، فى كتابه، الذى هو نتاج عمل متواصل ومتابعة يومية امتدت لعشر سنوات فى تغطية الشأن الفلسطينى، كما أنه نتاج اتصال دائم بالمنظمات الفلسطينية المختلفة وقياداتها الفاعلة على الأرض: «كانت فلسطين معمل اختبار بكل ما تحمله الكلمة من معنى بعد أحداث 11 سبتمبر، فإفرايم هاليفى، رئيس الموساد الأسبق، الذى شارك فى وضع خطة تغيير النظام الفلسطينى التى تبناها شارون عام 2002 وأقنع بها بوش يقول: «كانت هذه هى المرة الأولى التى يتبنى فيها النظام الدولى خطة لتغيير وضع داخلى ونظام ما من الخارج»، ويضيف «لم يكن مستغرباً أن يوافق بوش على خطة شارون التى وضعها الموساد الإسرائيلى بالأساس، لكن المدهش للغاية، وحسب تعبير «هاليفى»، أن عواصم عربية وافقت على الخطة كما هى، دون أى تحفظ!.


فى فصله المعنون بـ«إصلاح أم فوضى» يعالج «سيد أحمد» نتائج أحداث الحادى عشر من سبتمبر وانعكاساتها على الوضع الفلسطينى، والتى حدثت فى أعقاب فشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية واندلاع الانتفاضة الثانية، ويوضح تفاصيل الخطة التى وضعها جهاز الموساد الإسرائيلى لتغيير هيكلة النظام الفلسطينى ورد فعل السلطة الفلسطينية وما ترتب على المضى قدماً فى تنفيذ هذه الخطة ودعم العديد من الأنظمة العربية لها.


كما يتناول الفصل الثانى المعنون بـ«نيران شقيقة» الانتخابات الفلسطينية وفوز حركة حماس وتشكيلها الحكومة، وتحولها من حركة معارضة إلى الحكم، كما يتضمن الحصار الدولى الذى فرض عليها، ثم الصراع مع فتح والذى تبعه الانفصال بين غزة والضفة الغربية.


ويفرد الفصل الثالث من الكتاب والمعنون بـ«غزة تحت حكم حماس» لحكم حماس فى غزة بما له وما عليه، من خلال الوقوف على الأوضاع المختلفة فى القطاع، ومحاولات حماس «المستميتة» لتحقيق ما يعرف بـ«التأسيس الثانى» لمنظمة التحرير، للتخلص– حسب المؤلف – مما تراه معوقاً لدورها، وهو ثنائية الحكم فى فلسطين لتكون المرحلة «حمساوية» مثلما كانت «فتحاوية» فى الماضى.


أما الفصل الرابع والذى جاء بعنوان «الضفة الغربية ومشروع أبومازن/ فياض» فيؤكد الكاتب أن هناك خطأ فى إطلاق اسم «سلام فياض» على هذا المشروع، أو ما يسميه البعض الآخر– حسبه- وبشكل خاطىء أيضاً، مشروع السلام الاقتصادى، والواقع – حسب ما يشير المؤلف– هو مشروع الرجلين، فلولا الرجل الأول ما كان للثانى دور فى السلطة الفلسطينية.


ويرى الكاتب أنه لا يمكن إعفاء الأنظمة العربية والفلسطينيين أنفسهم من تفاقم الوضع فى الأراضى المحتلة، فهم يحصدون ما اقترفته أيديهم، عندما أيدوا الخطة الإسرائيلية تأييداً أعمى، مرة، وأخرى عندما تعاملت حماس وقوى أخرى بعشوائية قادت إلى حرب أهلكت غزة.


ويقول: «مشكلة حماس اليوم أنها لا تريد التخلى عن السلطة رغم الظروف المأساوية لأهل غزة، فحماس تحاول كسب الوقت من أجل اكتساب المزيد من السلطة، والحصول على مساحات أكبر للنفوذ فى القطاع، ويضيف: «حماس تريد أن تكون كل شىء ، حكومة ومعارضة ومقاومة».


أما حركة فتح – فهى من وجهة نظره– بالغت فى تقدير ذاتها وتعاملت بعد «أوسلو» بمنطق الدولة وليس «سلطة الحكم الإدارى الذاتى المحدود».