حمدي السيد: أتوقع حل المجلس بعد الانتخابات الرئاسية

كتب: محمود مسلم الأربعاء 15-12-2010 19:17

31 عاماً قضاها د. حمدى السيد عضواً بمجلس الشعب، خاض فيها الانتخابات بكل أشكالها، «قائمة وفردى - إشراف قضائى وبدون». لم يخفق سوى مرة واحدة، لكنه خلال 6 أشهر عاد منتصراً بعد أن حصل على حكم قضائى بتزوير الانتخابات.. لكن فى 2010 الأمر مختلف، فدائرة النزهة والمرج ومدينة السلام، التى اكتسبت شهرتها من تمثيل رجل بحجم د. حمدى السيد لها فى البرلمان، كانت محط أنظار الجميع فى جولة الإعادة، ليس للسبب المعتاد، ولكن لأن نائب الإخوان مجدى عاشور، قرر الخروج عن الطاعة الإخوانية، وعدم الامتثال لقرار الجماعة بالانسحاب، ثم ظهرت المفاجأة بنجاح مجدى عاشور، لكن المفاجأة الأكبر تمثلت فى سقوط د. حمدى السيد، نقيب الأطباء، الذى سافر بعد النتيجة مباشرة إلى الخارج، وعاد منذ أيام قليلة يجمع أدلة التزوير، منها لجنة حصل فيها نائب الإخوان على أصوات أكبر من عدد المقيدين بها.

.. وإلى الحوار:

ما الذى حدث فى الانتخابات الماضية؟

- كانت مثل كل مرة، تقدمت إلى المجمع الانتخابى بالحزب الوطنى، رغم أنه قيل لى منعا للمشاكل التى من الممكن أن تحدث فى المجمع، وإمكانية أن يكون لديهم رغبة فى عدم اختيارى أن أتقدم مستقلاً مباشرة، لكننى قررت أن أخوض المنافسة عن طريق الحزب، فإذا قبلنى الحزب سأترشح، وإذا لم يقبلنى لن أترشح، وذلك لسبب وحيد هو أننى تصورت أن «الضمان الوحيد» لأن أخوض انتخابات نزيهة أن أكون على قائمة الحزب، لأنه كانت لدى دائماً شكوك فى المنافسين، والقاعدة العامة فى بلدنا أن كل مرشح يحاول أو يبذل جهدا من أجل التزوير.

إذن، أنت اعتقدت أن وجودك على قائمة الحزب سيجعلك فى مأمن وحماية من التزوير؟

- كل ما كان يقلقنى أن المنافس الأكبر لى «شاطر» فى شراء الأصوات وتزوير اللجان وشراء رؤساء اللجان، وأنا «قلت إنى مش هنزل لأنى ما عنديش فلوس أشترى بيها أصوات»، ولكن الحزب قبلنى وكنت مرشحاً وحيداً له.

هل تحدثت إلى أحد قادة الحزب قبل أن تقدم أوراقك له؟

- لا، إطلاقاً.. تصورت أن الحزب حريص فعلاً على أن يكون له «ناس لهم اسم ودور وقيمة» على المستوى المجتمعى، أو أن قيادات الحزب ترشحنى بفارق كبير عن منافسين لى.

وهم يقومون بعقد مجمع انتخابى واستقصاء فى الشارع، ولو أنهم لا يريدوننى يعرقلونى، ساعتها سأقول متأسف جداً، و«مش هناقشهم».

وفى الحقيقة أنا فى هذه المرة خضت الانتخابات على غير رغبة كثيرين، وأولهم أسرتى، وأيضاً بعض الإخوة فى النقابة نصحونى بألا أعرض نفسى لتجربة الانتخابات، لكننى تصورت أن وجودى فى المجلس على الأقل بالنسبة للصحة مهم الفترة المقبلة، خاصة أننى تعبت فى التحضير ودراسة مشروع قانون التأمين الصحى من 14 سنة، وتقدمت لـ 6 أو 7 مرات بمشروع القانون الذى يمثل تقريبا الخطوط العريضة التى قدمها الرئيس مبارك فى برنامجه، وكنت «بزن» كل سنة على الحكومة متسائلا عن هذا القانون الذى وعد به الرئيس فى برنامجه.

وأعتبر أن هذا القانون هو «أبوالقوانين الصحية»، ونحن كنا انتهينا من المناقشة والتعديلات، وكنا نتصدى لأى محاولات تجاوز، لأن وزير المالية كانت له أفكار ووزير الصحة له أفكار أيضاً، و«جايبين شركات أجنبية علشان هى اللى تقيم المشروع، وكنا قاعدين نحرس القانون علشان ما ينحرفش عن غرضه الأساسى فى توفير خدمة صحية جيدة بمستوى رفيع ومرض للمواطن بتكلفة معقولة جداً يعفى منها غير القادرين». هذا هو السبب الأساسى الذى جعلنى أفكر فى خوض الانتخابات هذه المرة، والتى خاض المنافسة بها 31 مرشحاً، 13 «فئات» و18 «عمال»، لذلك لم نكمل نسبة الـ50% + واحد.

ألا ترى أن زيادة عدد المرشحين يرجع إلى تراجع شعبية حضرتك فى الدائرة، الأمر الذى أثار مطامعهم فى الفوز بمقعدك؟

- لا أعتقد ذلك، لأنه فى كل مرة كنت أخوض فيها الانتخابات لم يكن عدد المرشحين يقل عن ذلك العدد، وهناك مرشحون حصلوا على 100 صوت، وآخرون حصلوا على 250 صوتا، فهناك مرشحون كان هدفهم أن تتردد أسماؤهم والناس تشاهد صورهم، وأيضاً «فى ناس كانت تترشح علشان تروح تقول لهم تنازلوا.. فيقولوا مقابل إيه».

الجولة الأولى مرت بسلام؟

- الجولة الأولى كانت مثالية، بمعنى أن الأمن كان منتظماً خارج الأبواب ولا يدخل اللجان، وفى الداخل كان كل مرشح له مندوب و«الأمور ماشية» دون تزوير، وتصورت أن الدولة نفسها تقدم انتخابات نموذجية تثبت من خلالها أننا قادرون على إدارة انتخابات دون قضاء.

وعندما حدثت مشكلات فى الجولة الأولى بدوائر غير دائرتك.. ألم تقلق؟

- تصورت أنه طالما لم يحدث شىء فى الجولة الأولى، وأن الإعادة بين مرشح عمال للإخوان ومرشح عمال للحزب الوطنى، وبين مرشح فئات للحزب الوطنى ومرشح مستقل، ستكون الجولة الثانية هادئة.

لكن من قلقى اتصلت بجهات الأمن، اجتمعت مع جهات أمنية، ولفت نظرى قليلا أنهم جاءوا بـ«عميد» حتى يشرف على الانتخابات، فجلست معهم وقلت لهم إننى «مش قلقان من إنهم يزوروا، ولكن من إن الخصم هو اللى يزور»، لأنه قال إنه مصمم 100% على الفوز، وكان يشترى الصوت بـ200 جنيه، وأصابنى قلق شديد من أن يشترى رؤساء اللجان، واجتمعت بهم مرة ومرتين، وأكدوا لى أنه لن يمتد قلم أو إنسان بالتزوير ضدى، واكدوا لى بما لا يدع مجالا للشك أننى لست معرضاً للتزوير.

وكان «كل شوية تيجى لنا رسالة قصيرة على التليفون من أحمد عز يقول لنا فيها: (نؤكد على قيادات الحزب أنه لا تزوير فى الانتخابات، وخير لنا أن نخسر بشرف مقعداً من أن نكسب مقعداً بتزوير). «يعنى مفيش بعد كده تطمين، ده أمين التنظيم ومش رسالة واحدة دى رسايل بتتكرر فى اليوم مرتين.

ورغم كل ذلك تحدثت إلى قيادى بجهاز مباحث جهاز أمن الدولة، وهو صديقى، وقلت له «أنا خايف من التزوير»، فقال لى «لا تخشى شيئا، إحنا مصممين على حاجتين، إنه ما يبقاش فى أى احتكاك بأنصارك، وأنه لا تزوير تحت أى شكل».

وبعد ذلك جاءت مشكلة انسحاب الإخوان وحزب الوفد، و«الإخوان» كان لديها فى الإعادة المرشح مجدى عاشور على مقعد العمال، وطبعا انسحاب الإخوان حصلت به «هيصة»، الأمر الذى يعنى أن مرشح الحزب الوطنى على مقعد العمال ناجح ناجح، وبذلك تكون المنافسة بيننا على مقعد الفئات، ورتبنا أمورنا، حتى فوجئنا بـ«المسرحية».

وكيف تابعت هذه المسرحية؟

- طبعا أعتقد أنها غير حقيقية، فالإخوان يختطفوه «علشان إيه.. ما هما لو اختطفوه مش هيقدر يتنازل».

وفى هذا الوقت، هل اتصلت بأحد من الإخوان أو مجدى عاشور؟

- لا إطلاقا، لم أتحدث مع أحد، وأنا متهم دائما بالتنسيق مع الإخوان، فأنا لم أتصل بأى أحد، وكان الكلام مع أنصارى أننا ندعو للحزب الوطنى عمال وفئات، ولا علاقة لنا بأى مرشح آخر.

معنى ذلك أنك التزمت مع مرشح العمال فى الجولة الأولى؟

- جداً جداً، والدليل أننى لم أعرف أنه حصل على عدد أصوات أقل من مرشح الإخوان، وقيادات الأمن قالت لى «بقينا نلاقى كتير أصوات مشتركة بينك وبين مرشح الإخوان». وطبعاً، ليس سراً أن «الإخوان» لم ترشح أحدا على مقعد الفئات احتراما لى، وهو ماقاموا به أيضاً فى الانتخابات الماضية، لكن لا يوجد تنسيق بأى شكل من الأشكال، وفى المرة الماضية أطلقوا شائعة أننى أنسق مع الإخوان، وبعض الناس قالوا إن أنا «بشتغل مع الإخوان». هذه المرة قالوا إنه اعتقل، وبعدها هرب وبعدها «جابوه وزفوه بالليل»، والغريب فى الأمر أنهم عندما زفوه كان معه فى الزفة المأمور ورئيس المباحث، زفة رسمية ملكية، «لكن برضه دى ما شغلتش بالى قوى، ولم أهتم لأننى كنت متصور إنه مايهمنيش كتير لأنه عمال».

ويوم الانتخابات مرشح الإخوان لم يظهر، ولم يكن له لا مندوبين ولا لافتات أو أوراق، ولا الإخوان حضروا للتصويت بعد أن قاطعت الجماعة الانتخابات، حتى جاءت الساعة 5 عصرا، فأبلغت أن المباحث حضرت، وأخرجت المندوبين من اللجان.

بمن فيهم مندوبو حضرتك؟

- كل المندوبين، وفى بعض الأحيان رئيس اللجنة، وذلك لمدة نصف ساعة، وبدأوا «يحشروا». طبعاً انزعجت جدا وكلمت المأمور، فقال لى «لأ إحنا بنحمى الصناديق من التزوير عشان الراجل المنافس ليك ده ناوى يزور».

ثم اتصلت بأحدهم فى أمانة الحزب لأعبر عن مخاوفى فقال لى «إطلاقا»، وبعدها زميلنا أمين الشباب فى الحزب محمد هيبة تطوع واتصل بى، ومن بعده الدكتور محمد الغمراوى وقال لى إن «الحال كويس»، وبعدها «كلمونى وقالوا لى دول بيزوروا لك»، فقلت لهم: «أنا مش محتاج حد يزور لى»، إلى أن ظهرت الحقائق طبعا وقت الفرز.

ظهرت الحقائق وقت الفرز.. كيف يا دكتور؟

- أول ما بدأوا يفرزوا الصناديق «ظهر الكلام ده»، 48 صندوقاً، ففى الوقت الذى كانت تتراوح الأعداد فى الدور الأول فى الصندوق بين 13 و16 و90 على أكثر تقدير، الأرقام ارتفعت إلى 177 و233 و410 و266 و376 و471،، وكل الأصوات «عمر ومجدى» متلازمان.

سواء فى مناطقهم أو خارجها؟

نعم، ، أضيف للعدد 15 ألف صوت.

لكنه حصل على 19 ألف صوت؟

- والآخر حصل على 17 ألفاً، ثم سمعنا أنهم فى الصباح مروا على لجان معينة، وأخذوا منها «أوراق فاضية»، أخذوا ما بين 200 و300 ورقة فارغة من كل لجنة، وفى الساعة 5 عصرا أخرجوا الناس ووضوعها داخل الصناديق.

وبماذا تفسر ما حدث؟

- هم أرادوا أن «يكسبوا بنط» على الإخوان، ليقولوا لهم: «شايفين.. لو كنتوا نزلتوا كان ممكن نجحتوا.. والدليل واحد خرج عليكم.. ونجح».

لقد أرادوا أن يحققوا مكسبا سياسيا رخيصا. وطالما أنهم سيعطونه أصواتا جديدة فلماذا يعطوننى إياها أنا أيضاً، يعطونها لعامل و«يخلصوا منى بالمرة.. يبقوا عملوا عملين: الأول نجحوا الإخوان وبدل ما الصوت الثانى يعدم أو يذهب للفئات قالك يروح للعمال»، لأول مرة فى هذه الدائرة ينجح اثنان عمال.

وفى تفسيرك.. لماذا حدث ذلك معك؟

- ليست لدى مشكلة حادة مع الحزب، إلا ما يشاع ويقال إن لى «مواقف مستقلة» عن الحزب، وهذا صحيح، ولكن أنا طول عمرى لم أقدم استجواباً ضد الحكومة، وعمرى لم أصوت ضده، وعمرى لم أسئ للحزب، وأعتقد أننى أرفع من شأنه.

وعمرى لم أسئ للنظام بأى شكل من الأشكال، ويعلم الرئيس مبارك أننى فى النقابة عنصر استقرار شديد جداً، وأتصدى لمن يريد أن ينحرف بمسار العمل النقابى إلى العمل السياسى.

وتعتقد من هو صاحب قرار الإطاحة بك؟

- لا أعلم من هو، ولا أتصور أن أحداً مثل أمين عام الحزب أو أحد أعضاء الأمانة العامة يكون له موقف معى يريد تصفيته، وأنا ليس لى خلاف حاد مع أحد.

الوحيد الذى من الممكن أن يكون صاحب «وجهة نظر» فى تلك المسألة هو أمين التنظيم، ولا أريد أن أقول إنه «مش بيستلطفنى قوى»، لكن على الأقل «منيش من اللى بيسمعوا تعليمات أو بيطلب منى توجيهات، أو بيطلب منهم مواقف فى الحزب».

كيف تشعر بأن المهندس أحمد عز «مش بيستلطف» حضرتك؟

- لا أريد أن أقول «ما بيستلطفنيش»، لكننى على الأقل «مش من الصبيان اللى بيتلقوا توجيهات وتعليمات من أحمد عز». يمكن، لأن حجمى أكبر «شوية» من أن أتلقى تعليمات أو توجيهات، لكن أنا أتعجب جداً من أن يتم التزوير المنهجى بهذا الشكل الغريب والجديد.

أنا أقدم من ناس كثيرين موجودين حاليا «على السطح»، وكان الوحيد الموجود معى أثناء التأسيس المرحوم كمال الشاذلى، والباقون الحاليون «دخلاء» على الحزب.

هذه النظرة، أيضاً، تسبب توجهاً بأننى من «الجيل القديم» الذى من المفترض أن يتم التخلص منه، وأنا طبعا «صعبان علىّ جداً أن أستبدل بواحد معاه إعدادية وواحد معاه دبلوم صنايع، كلام غريب جدا.. ده مش انتخاب.. ده تزوير.. طب يزوروا لصالح الأفضل إذا كنت مصمم على إنه ما يبقاش فيه انتخاب ويبقى فيه تزوير».

ألم يتحدث إليك أحد بعد سقوطك فى الانتخابات؟

- بعد ما سقطت سافرت مباشرة، لأجلس بعيدا لمدة 5 أيام «عشان أهدى شوية» وأنظم فكرى. ولقد اتصل بى الدكتور فتحى سرور وقال لى «المجلس مضلم من غيرك»، وأنا ماخدتش واديت معاه.. بس بعت له جواب رقيق كتر خيره، الراجل كلمنى وقلت له متشكرين.

ما قراءتك للمشهد العام ككل؟

- المشهد العام «مش مريح» طبعا، فكل أصحاب الرأى فى المجلس تم التخلص منهم، هناك واحد طبعا كان عاقل جداً وتخلص من المجلس من تلقاء نفسه وكان أعقلنا وهو حمدى الطحان، والحقيقة أنا حاولت أن أقنعه، وقلت له خسارة ألا تكون فى هذا المجلس، لكنه كان أعقل منى فى الحقيقة بكثير، وقال لى «مين قال لك إن المجلس ده عايز أمثالنا؟». قلت له «إحنا عاملين حياة للمجلس: مصطفى السعيد، والدكتور جمال الزينى، والدكتور جمال زهران، وحمدين صباحى.. وغيرهم».

ألم يتحدث معك أحد عن فكرة التنسيق مع الإخوان فى الانتخابات؟

- كنت حريصاً فى الانتخابات هذه المرة على أن أدحض هذه التهمة، لأننى أعرف أنها تدور فى أذهان البعض.

البعض مثل من؟

- قالوا ولماذا لم يرشح الإخوان منافساً لى على مقعد الفئات، وأرد على ذلك أنهم لم يرشحوا أحدا أيضاً أمام الدكتور فتحى سرور، وزكريا عزمى، ومحمد أبو العينين، لماذا إذن لم يقولوا إن ذلك تنسيق مع الإخوان «إشمعنى أنا»؟

ممكن بسبب النقابة؟

- أنا أتعامل معهم فى النقابة، ولكنهم أيضاً يتعاملون معهم، فـ«ليه مانزلوش حد ضدهم»؟

ألم تشعر بالغدر إلا مع بداية الفرز؟

- شعرت ابتداء من الساعة الخامسة، عندما قالوا لى إنهم بدأوا يخرجون المندوبين.

كان ممكنا أنهم كانوا يزورون لصالحك؟

-هم ادّعوا ذلك، وقالوا للناس «إحنا بنزور للحزب الوطنى». كانوا أذكياء فى ذلك.

حضرتك كواحد من مؤسسى الحزب الوطنى.. ما الفرق بين الحرس القديم والحرس الجديد فى الحزب؟

- لى طبعا وجهة نظر، الحرس القديم كان حزباً تقليدياً، أما الحرس الجديد فقد حاول أن يطبق مفاهيم جديدة فى العمل الحزبى وأراد أن يجرى تنسيقا وتكليفات، وتدرج مسؤولية ونقل النظام الإنجليزى دون أن يطبقه على أرض الواقع، فأخرج لنا نظاما هيكليا لكنه غير عملى.

متى قالوا لك فى الحزب «ما ترحش المجلس بكره»؟

- المرات القليلة التى كان يقال لى فيها هذا كانت عبارة عن «نصيحة أخوية» وليست حزبية، ومنها على سبيل المثال عندما كان يناقش قانون الطوارئ، لأنهم يعرفون وجهة نظرى فى اجتماعات الهيئة البرلمانية، وقبل ذلك اعترضت على القانون، وقالوا لنا آخر سنتين، وبعدها آخر سنتين لذلك كنت أعترض، فكانوا يقولون لى: «بلاش تحضر»، وأنا فعلا فى آخر 3 تجديدات للطوارئ لم أحضر.

ومن كان يقول لحضرتك: «ما تحضرش»؟

- أصوات مختلفة، وجميعها كانت تقول لى «هذه النصيحة» حتى لا تؤخذ على حزبيا، ولا أتعرض لمضايقات حزبية و«حاجات من هذا القبيل».

مرة واحدة وجه لى هذه النصيحة أحمد عز، قائلاً لى: «إنت يرضيك تجرجر وراك آخرين من الحزب الوطنى.. أرجوك ما تحضرش، لأن فيه ناس قاعدة متحفزة من الحزب عشان تعترض».

هل تعتقد أن المجلس بتشكيله الحالى جاء من أجل انتخابات الرئاسة المقبلة؟

- لا أعتقد أن ذلك سيؤثر على انتخابات الرئاسة المقبلة، يعنى لو كان المجلس الماضى قائماً وجاءت انتخابات رئاسة «كان إيه اللى ممكن يقوم بيه؟». الحزب الوطنى لديه أغلبية الثلثين، ولديه مرشح مضمون، والانتخابات لا تتم عن طريق المجلس بل عن طريق المواطنين.

هل من الممكن أن تشارك فى البرلمان الموازى الذى أنشأه نواب المعارضة؟

- لا، أنا لى أهداف معينة ولن أحيد عنها، وعمرى ما كان لى طموحات سياسية، وإلا كنت شكلت حزبا، رغم أن ذلك عرض على من قبل.

كلما قالوا «عايزين وزير صحة» يرشحوا الدكتور حمدى السيد، ألا ترى أن المسألة أصبحت صعبة لمرشح ساقط فى مجلس الشعب؟

- الناس ترشحنى نعم، لكننى رشحت فى عهد السادات أن أكون وزيراً للصحة لكننى رفضت، فهل معقول بعد 30 سنة أقبل أن أكون وزيراً للصحة «يا نهار اسود».

إذن،لماذا ضحوا بك يا دكتور؟

- لا أجد تفسيرا إلا أنه تخلص من القامات الكبيرة، فعندما تكون قامتك متوسطة سنا وأداء لا تحب أن تكون إلى جوارك قامات كبيرة.

لماذا أبقى على «الغول»؟، لأن له دوراً مهماً.. لا أنا ولا غيرى نستطيع أن نقوم به، فالوحيد الباقى من الرعيل القديم هو الغول، فهو له وظائف مهمة يحتاجها الحزب «أنا ما انفعش أقوم بيها».

معظم القامات الكبيرة فى الحزب تم التخلص منها، أنا لم أقل إن الموجودين سيئون «معرفش»، لكن عندما يكون «اللى فوق على القمة وبينظم الحزب قامته أد كده (أشار إلى أسفل) ما يحبش يبقى جنبه قامات أد كده (أشار إلى أعلى)، ولا أقصد الطول طبعا، لكننى أتكلم عن التاريخ والخبرة، كيف أقارن واحد عمره فى الحزب 5 أو 7 سنوات بآخر عمره فى الحزب 30 سنة؟! واحداً لديه دورتان فى المجلس، وآخر لديه 7 دورات. هل فى هذه الحالة «لما ييجى يكلمك..يقدر يديك تعليمات وأوامر؟!».

تشعر بأنهم تعاملوا مع حضرتك، ومع مصطفى السعيد على طريقة التعامل مع «خيل الحكومة»؟

- يعنى، لا أحب أن أكون «خيل حكومة»، فالحمد لله أنا واقف «على رجلى»، ولدى نقابة وأستاذية الجامعة وعيادة حتى الآن أعمل بها 7 ساعات يوميا، فكيف إذن أبقى «خيل حكومة»؟! أنا أرفض هذا التعبير، فليس لدى مانع أن يأتوا بأى أحد «البلد مليانة ناس، لكن يجيبوا حد له وزن، ده حتى لما نقوا من الإخوان نقوا ناس ما لهاش قدر».

هو أيضاً متورط فى قضية العلاج على نفقة الدولة؟

- الغريب فى الأمر أننى دافعت عنه، وطلبت من النائب العام أن أدلى بأقوالى، وذهبت أمام النيابة الإدارية وتكلمت عنه وعن غيره، وإخوانا هنا «بيقولوا لى إنهم ضغطوا عليه فى الأمن، وقالوا له يا تنزل يا تتحول للتحقيق».

أترى أن سقوطك ثمن لمواقف كثيرة اتخذتها؟

- لا أعتقد، أنا مثلما قلت لك ليس لدى غير صالح الدولة، فأنا أنقذت الدولة من تعويض قدره 800 ألف دولار فى قصة «أجريوم».

ولايزال الدكتور حاتم الجبلى يذكر أن رئيس الوزراء أوصاه على قائلاً: «خد بالك منه ده خدمنا، وخدم الحكومة». أنا خدمت الصحة، ووقفت خلف وزارة البيئة، ويعلم ذلك وزير البيئة جيداً.

ولماذا رفعت قضية بطلان انتخابات؟

- رفعتها ليس بغرض أن أخوض الانتخابات مرة أخرى «ده مش هيحصل»، ولا بغرض أن مجلس الشعب يوافق على تنفيذ الحكم حال حصولى عليه لصالحى، لأننى عارف «الألاعيب إللى بتحصل.. المجلس هيركنه سنة فى التلاجة وبعد ما يطلع من التلاجة تكون الدنيا هديت، والناس هديت والحال عال 24 قيراط وصاحب القضية اللى هو أنا هيكون يئس والمجلس يعديها ويفوتها وتنتهى القضية».

تعتقد أن هذا المجلس سيكمل أعوامه أم سيتم حله؟

- هذا المجلس لا يجوز أن يكمل، وأنا أتصور أنه سيحل بعد الانتخابات الرئاسية، سواء كان الرئيس الحالى أو جاء رئيس جديد، لكن لابد من أجل أن ينتظم الحال أن نعود إلى الانتخاب بالقائمة، وكان لدى أمل أن تجرى فى هذه المرة، خاصة بعد التعديل الدستورى الذى سمح بذلك، فالانتخابات بالقائمة يصعب فيها التزوير.

كيف ترى ظاهرة زيادة رجال الأعمال فى مجلس الشعب؟

- الانتخابات الأخيرة الناس كانت تبيع أصواتها علنا، وكأننا فى بورصة «اللى عنده فى البلد دى 5 ملايين أو 10 ملايين جنيه يكسب مقعد بالبرلمان لأن الناس غلبانة وتعبانة».

قلت إن الرئيس مبارك هو الذى دعاك وضغط عليك من أجل أن تترشح فى انتخابات مجلس الشعب، لو أردت أن توجه له كلمة.. ماذا تقول له؟

- لقد كتبت له خطاباً، بعد الانتخابات الأخيرة وذكّرته بأنه الوحيد الذى شجعنى وحببنى فى خوض الانتخابات، وعندما قلت له إنه «صعب عليا أمشى فى الطابور أو الصف»، قال لى: «مين قال لك إن فيه طابور أو صف؟! إحنا عايزين ناس أصحاب رأى، وأصحاب فكر».

هذا كان رأيه منذ أن كان نائبا لرئيس الجمهورية سنة 79، عندما أقنعنى بأن أخوض الانتخابات، وقد ذكرته بذلك، وذكرته بأننى 30 سنة خدمة فى المجلس ولا أعتقد أننى قمت بعمل واحد أخجل منه خلال 40 سنة هى عمرى فى العمل العام.

الحمد لله، لا أسست شركة، ولا أخذت أراضى الدولة، فأنا حتى الآن أسكن فى شقة بالإيجار، والحمد لله بناتى الثلاث «أساتذة» فى الجامعة.

لقد قلت للرئيس: لا أتصور أن الحزب يبيعنى فى النهاية لصالح واحد معه إعدادية أو واحد معه دبلوم صنايع، وأنا أقول إن هذه نهاية مأساوية لشخص لم يقصر فى دوره لا الرقابى ولا الاجتماعى «كل ده فى الآخر وأباع أو يزور ضدى لصالح عضو فى الإخوان مالوش أهمية ولا قيمة كبيرة، وواحد عمال لا ثقافة ولا خبرة.. مفيش وجه مقارنة بينه وبينى»، لذلك أتعجب لما حدث ولا أجد سبباً.

هل اتهمت أحداً فى خطابك؟

- لا.