كان يود بعض الإخوان المسلمين للشيخ أحمد حسن الباقوري ألا يشترك في الوزارة التي شكلتها الثورة في ٧ سبتمبر ١٩٥٢ برئاسة اللواء محمد نجيب، والتي رفض مكتب الإرشاد أن يشارك فيها.. لكنه فعل، لكن بعد مرور عقود من التاريخ نعود لتأمل سيرة الشيخ الباقوري، الذي دخل التاريخ كواحد من علماء الأزهر البارزين، وكداعية من دعاة الإسلام والقومية العربية وكعقلية موسوعية، وزعيمًا لثورة الأزهر عام ١٩٣٥، وثورة الأزهر التي طالبت بالشيخ المراغي شيخًا للأزهر.
وعن النشأة الأولي للباقوري فإنه قال وكتب وأذاع أنه نشأ في بيت يجاور بيتًا مسيحيا، وأنه ولد في السادس والعشرين من مايو سنة ١٩٠٧ في قرية باقور مركز «أبوتيج» بأسيوط والتحق بكتاب القرية وحفظ القرآن والتحق بمعهد أسيوط الديني سنة ١٩٢٢ وحصل على الشهادة الثانوية سنة ١٩٢٨، ثم التحق بالقسم العالي وحصل منه على شهادة العالمية النظامية عام ١٩٣٢، ثم شهادة التخصص في البلاغة والأدب عام ١٩٣٦.
وبعد تخرجه عمل مدرسًا للغة العربية وعلوم البلاغة في معهد القاهرة الأزهري، ثم نقل مدرسًا بكلية اللغة العربية ثم نقل وكيلاً لمعهد أسيوط العلمي الديني، ثم وكيلاً لمعهد القاهرة الأزهري عام ١٩٤٧، وفى 1950 عين شيخا للمعهد العلمى الدينى بالمنيا، إلى أن بدأت مسيرته مع ثورة يوليو في 7 سبتمبر 1952 وزيرا للأوقاف، وكان قد اختير عضوا بمجمع اللغة العربية في 1956 في موقع الراحل الدكتور أحمد أمين، ثم مديرا لجامعة الأزهر في 1964، فمستشارا برئاسة الجمهورية.
وللباقورى تاريخ حافل في العلم والسياسة، فقد انضم إلى حركة الإخوان المسلمين وهو طالب في الأزهر، وكان أحد قيادات الإخوان وكان عضو مكتب الإرشاد، وهو الذي وضع نشيد الإخوان الرئيسى الذي كان الإخوان يرددونه، «يا رسول الله هل يرضيك أن» بعد أن كلفه الإمام البنا بوضعه، وقد رشحه الإخوان في الانتخابات في دائرة القلعة قبل الثورة ضمن قائمة من مرشحى الإخوان، وبعد ثورة 23 يوليو 1952 طلب رجال الثورة أن يرشحوا لهم أسماء للاشتراك في الوزارة، فرشَّح مكتب الإرشاد لهم ثلاثة من أعضاء الجماعة، ولكن جمال عبدالناصر رفض مكتب الإرشاد، وأسند وزارة الأوقاف للشيخ الباقورى، فقبل، وأبلغ الإخوان بذلك، فلم يمنعوه من القبول، ولكن اشترطوا عليه أن يستقيل من الجماعة، وبسبب صراحته انقلبت مراكز القوي في الثورة عليه.
وقد حاز جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة في 1985، فضلا عن مجموعة من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير التي حصل عليها من دول العالم العربى، كما مثل مصر وترأس الكثير من المؤتمرات الإسلامية والعربية والدولية، وتوفي «زي النهارده» في 27 أغسطس ١٩٨٥حين كان يتلقى العلاج في لندن.
ويقول الدكتور أحمد عجيبة عميد كلية أصول الدين بطنطا والأمين العام للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية :أن الشيخ الباقوري عالم من العلماء الذين تمتعوا بعلم واسع ولم يكن يميل لتخصص محددكما كان داعية جاذبا وذائع الصيت ويتمتع برؤية تحليلية عميقة للأشياء وكان مجددا في رؤاه الدينية رابطا الدين بتجدد ظروف الحياة ومظاهرها وفوق هذا كان صاحب رؤية استشرافية وينتقي عباراته بدقة وكان تفيض بالبلاغة والعمق غير أنني اختلف معه مرتين الأولي حين كان في صفوف الإخوان المسلمين والثانية حين تركها لينضم لضباط ثورة 23 يوليو كوزير وأري أن العالم والداعية هو لعموم المسلمين وليس لطائفة دون أخرى أو ليخدم أهداف واحدة ضد أخرى لكن يذكر له أنه كان شيخا ليبراليا حتي في بيته.