«البوظة» شراب المزاج عند الغلابة
مكان صغير، خافت الأضواء، تنبعث منه رائحة الخميرة «المكتملة التخمر»، ووجوه عابثة نقش عليها الزمن تفاصيله في تجاعيد وخطوط، ومنتج ذو رائحة نفاذة غير مألوفة وطعم لاذع مر، له قوام غليظ سميك يدعي «البوظة». تلك هي «بوظة» الحاج «فرج رضا» بوسط مدينة «طنطا» في محيط مسجد «السيد البدوي» التي بقت شاهد علي عصر مرت به مصر والمصريين، وتغيرات المناخ السياسي في مصر منذ عام 1936 وحتى الآن. تقف تلك المهنة وهذا المنتج علي حافة الانقراض، فلا يوجد إلا بضع حانات حول الجمهورية، يعمل بها من ورث المهنة من أجدادهم وهم أشخاص قليلون. زوارها من كبار السن في الأغلب؛ فهي ليست من المنتجات الرائجة بين فئة الشباب، كما أغلقت العديد من هذه الأماكن أبوابها؛ لأنه لم يعد مشروع تجاري مربح، إلي جانب الصراع الدائم منذ القدم مع التشريع والقانون المصري، والصورة الذهنية السيئة لدي العامة باعتبار هذا المكان أحد أشكال الخمارات القديمة.