أكد المخرج يسرى نصر الله أن حرصه على تقديم فيلمه «الماء والخضرة والوجه الحسن» لما يحمله من دعوة للبهجة وحب الحياة والحرية، في ظل ما نشهده سواء في مصر أو خارجها من حالة كآبة، وأشار إلى أنه استغرق سنوات لخروج فيلمه للنور بسبب انشغاله بأعمال أخرى، لافتا إلى أنه قدمه بشروطه وبطريقته، وليس بما فرضه عليه منتجه أحمد السبكى كما أشاع.. وإلى نص الحوار:
بداية.. لماذا استغرق تقديمك للفيلم سنوات طويلة؟
- بدأنا الإعداد له فعلا بعد تقديم فيلم «صبيان وبنات»، وعرض علىّ باسم سمرة الفكرة، حين أخبرنى أن أبناء عمه طباخون، في مسقط رأسه ببلقاس، وانبهرت بشخصياتهم وما يتمتعون به من خفة ظل، وعجبتنى فكرة تقديم فيلم عن الحياة وبهجتها، من خلال علاقة بين أب يعمل طباخا وابنه وعائلتهم يطبخون المأكولات في الأفراح الريفية، وتوقفت الفكرة لانشغالى بتقديم فيلم «المدينة»، ولكن ظلت تطاردنى لتقديم عمل عن الحياة والطبيعة والحرية والحب والأكل، والناس وشركائهم، وعدت للسيناريو وصممت هذه المرة أن أنفذه، لما تحتويه الفكرة من دعوة للبهجة والاستمتاع بالحياة، ولما نعانيه جميعا ليس في مصر وحدها بل العالم كله من حالة كآبة.
لماذا اخترت فكرة اجتماعية بعيدة عن السياسة منذ فيلمك «بعد الموقعة»؟
- السياسة لا يجب أن نقدمها بشكل يدلق الشعارات في «بُق» المتفرج، والفيلم يتناول فكرة الأكل والحرية في الحياة والحب والكرامة في العمل، والروح المتمردة أن تختار من تحبه، ولا تهان في عملك، وتحصل على لقمة عيشك وتفعل ما تشاء بحرية مسؤولة، تطبيقا لمبادئ «عيش حرية كرامة إنسانية».
تحرص على التعاون مع باسم سمرة في أكثر من عمل مؤخرا؟
-باسم واحد من أفضل الممثلين في مصر، وممتع جدا في العمل معه، ويحرص على عمل بروفات كثيرة قبل التصوير، ودائما يفاجئنى بأدائه المتجدد، وهناك ممثلون يكون العمل معهم متعة، وآخرون «بيبقوا علقة»، وباسم دلنى على أماكن التصوير بمساعدة أهالى بلقاس الذين احتضنونا وسهلوا لنا كل الأمور، خاصة أن أغلب التصوير كان خارجيا.
وكيف جمعت كل هؤلاء الفنانين في فيلم واحد ؟
-عرضت السيناريو على عدد من الفنانين، والذين أعجبهم ووافقوا على بطولته، وتولى المنتج أحمد السبكى الاتفاق معهم.
منذ الإعلان عن تعاونك مع المنتج أحمد السبكى تعرضت لانتقادات.. فكيف تراها؟
- انتقدت أيضا حين قدمت أفلاما مثل «سرقات صيفية» و«مرسيدس» و«المدينة» وسألونى لماذا الإنتاج المشترك مع جهات أجنبية، فلم أقدم فيلما لى إلا انتقدوا جهة إنتاجه وقيل لى «ليه؟»، حتى حين قدمت «احكى ياشهرزاد» مع وحيد حامد، قالوا «حطينا المياه والزيت» ولا يجتمعان، كما أن أحمد السبكى منتج شاطر، وفيلم «الماء والخضرة والوجه الحسن» عن الأفراح والطبخ والأمور الحسية، وتناسب لإنتاج السبكى له بحكم أنه عمل اجتماعى مبهج، ففيلم مثل «جنينة الأسماك» مثلا لم أكن لأقدمه مع السبكى، فكل عمل له من ينتجه حسب نوعيته، وجزء كبير من عمل المخرج اختيار المنتج الذي يناسب مضمون الفيلم، فأنا لا أتلون من أجل تقديم فيلم، واعتبرينى المخرج الذي يفاجئ الجميع بمن ينتج أفلامه.
لكن أغنية محمود الليثى كانت مثار انتقادات وتردد أنها فرضت على الفيلم بسبب السبكى.
- السبكى طلب منى أن أصور أغنية للدعاية للفيلم، ولما سمعتها أعجبتنى ووجدتها مبهجة جدا بحكم تناسبها مع السياق الدرامى ومشهد إقامة الفرح، وأعجبت المونتيرة منى ربيع اللى شغلتها أنها «تقص» المشاهد، ولو لم تكن مناسبة للعمل لكانت أبدت رأيها بذلك وما كنت استخدمتها خلال الأحداث، والطريف أن الفيلم حين عرض في مهرجان لوكارنو لاقت الأغنية أيضا استحسانا، بل سألنى الجمهور عن الفستان الذي ارتدته الراقصة.
تعرضت لهجوم بدعوى الإساءة لأهالى بلقاس وأنهم يقيمون العلاقات المحرمة..
-القصة تستعرض علاقات الناس ببعضها وبعض الشخصيات والحكايات، وإحدى الحكايات لشخصية «حسنية» التي تعمل خادمة وزوجها والجميع يستغلونها، وليس كل الشخصيات سيئة أو تمارس الحرام، مثل أي مجتمع أو مكان فيه الجيد والسيئ، وبنى آدمين وضعف بشرى، وقصة أي عمل تعتمد على جزء من الحقيقة وشخصيات قابلناها وسمعنا حكاياتها إلى جانب خيال المؤلف أيضا، إضافة إلى أن تقديم الجميع بشكل منزه عن الخطأ والدراما النظيفة أمر غير واقعى، فالمجتمع فيه كل شىء الجيد والسيئ، وبعيدا عن أهالى بلقاس، فإن هناك حالة ازدواجية غريبة نعيشها من بعض ما يمكن وصفهم بحماة الأخلاق الذين يهاجمون وينتقدون دون حتى أن يروا العمل، كما أن العلاقات المحرمة التي هاجموها وجدوها لم تكتمل في مشاهد الفيلم، فكيف حكموا عليها؟.
هل أنت راض عن ردود الفعل عن الفيلم سواء خارج مصر أو داخلها؟
- كان هناك حماس كبير لمن شاهده في مهرجان لوكارنو، واستوقفنا الكثيرون لتهنئتنا، أما ما حققه في مصر حتى الآن من إيرادات فهى جيدة بالنسبة للموسم، وتلقيت استجابة رائعة من كتاب وفنانين عنه، كما لمست وجوه الناس تضحك داخل القاعات وهى تشاهده.
كيف ترى ما يشاع عن أن فيلم المهرجانات لا يحقق إقبالا جماهيريا؟
- القضية ليست عرض أفلامى في المهرجانات بقدر ما هي محاولة لفتح سوق للفيلم المصرى سواء لى أو لغيرى خارج مصر، خاصة مع ضيق السوق العربى للأفلام المصرية في ظل ما يشهده العالم العربى من أزمات اقتصادية وحروب، وبالمناسبة التواجد في المهرجانات عملية مكلفة جدا، وليست أمرا هينا، كما أن الفيلم سيعرض تجاريا في عدة دول خلال الأسابيع المقبلة منها فرنسا وإيطاليا وألمانيا، كما سيشارك في مهرجانى تورنتو بكندا وبوزان بكوريا الجنوبية.
مارأيك في حال السوق السينمائية مؤخرا؟
- على كف عفريت، ولاتزال تعانى من قلة دور العرض، وارتباط الصناع بالتوزيع للفضائيات، وهو ما يجب كسره، وأن يستمد العائد من شباك التذاكر نفسه، ولكن ذلك لا يمنع من وجود حالة انتعاش وإنتاج جيد وأفلام مستقلة أيضا حلوة، ومتفائل بالأجيال الجديدة من المخرجين ونظرتهم المختلفة، وما يقدمونه مثل «أخضر يابس» و«باب الخروج للنهار» و«اشتباك»، حتى الكوميديا هناك تجارب ليست «هلس»، بل راقية وتحمل جهدا ومحاولة لخلق زبون للسينما وليس مستهلكا لمواسم تقليدية في العيد وغيره، مثل «جحيم في الهند» و«زنقة ستات».
أخيرا.. كيف ترى قرارات دعم الدولة للسينما الأخيرة؟
- الصناعة تحتاج اهتماما أكثر، فكيف نجد فرضا للضرائب بنسبة 10%، ليس شرطا أن يكون الدعم ماديا فقط، فقصور الثقافة ودور العرض المغلقة تفتح أبوابها وتقليل الضرائب، وغيرها.