قال الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة، إنه لا يوجد مجتمع مائل للعنف أو السلام بطبعه، فالعنف غريزة من الغرائز المجتمعية، وقد شهد المجتمع المصري في تاريخه موجات من العنف، وقد أكد ذلك عبداللطيف البغدادي عندما أشار إلى أنه في فترات عدم الفيضان، عاشت مصر مواجهات عنف شديدة.
وأضاف خلال منتدى حوار الثقافات: «السلام المجتمعي حول دور المجتمع المدني في مواجهة العنف»، والذى أقيم في مددينة الإسكندرية، صباح اليوم، أننا في لحظة يوجد بها عنف بأشكاله المختلفة، فإحصائيات المركز القومي للبحوث تؤكد ارتفاع العنف الأسري والاجتماعي في العقود الأخيرة، فضلًا عن العنف الديني، فمنذ منتصف السبعينيات، انتشرت الموجات الإرهابية، التي نتجت عن فهم خاطئ للدين.
وتابع: إن عنف مجموعات «المتأسلمين» ظهر نتيجة تراكمات اجتماعية وسياسية، وتراكمات في الفهم للوصول للنصوص الدينية، وفي الشهور الأخيرة هناك بعض مظاهر الاحتدام الطائفي في المنيا وبعض المحافظات، على الرغم من أن واحدة من إيجابيات ثورة 25 يناير أنها قضت على موجات الفتنة الطائفية عندما رأينا في ميدان التحرير لحظات انصهار ما بين كل أبناء المصريين، ورأينا المسيحيين المصريين خرجوا من نطاق الكنيسة إلى حضن الدولة المصرية.
واستكمل: إن مصر فى أربعينيات القرن الماضي عاشت نفس المواجهة في آخر سنوات الملك فاروق، ورغم أن النظام كان ضعيفًا، لكنه نجح في مواجهة الظاهرة، وهو الأمر نفسه في عام 54، حيث كان النظام السياسي هشًّا جدًا إلا أن الدولة تمكنت من مواجهة التنظيمات الإرهابية، وحاليًا كل يوم وزارة الداخلية والقوات المسلحة تواجه التنظيمات الشرسة.
وقال الوزير إن تجربة الصراع الثقافي في الثمانينيات أحدث فجوة واسعة بين ما هو مدني وما هو ديني، وعلينا أن نستعين بتجربة الأربعينيات عندما شغل المثقفون والكُتاب أنفسهم بالفقه الإسلامي وقدموا فيه الكثير مثل الدكتور طه حسين، «الفتنة الكبرى»، ومحمد حسين هيكل، «حياة محمد»، و«في منزل الوحي»، ولكن مع الأسف الشديد في العقود الأخيرة لم يحافظ المتعلمون على هذه المعادلة، وحدث تباعد شديد أدّى إلى صراعات وسوء فهم نعيشه وتم استغلاله من جماعات التيارات الدينية المتشددة، وأنا أعتبرهم جميعًا ينبعون من شجرة واحدة.
وقال الدكتور عمّار علي حسن إنه لم يشغل البشر، بعد الله والحب، أكثر من العنف، فقد صاحب وجود الإنسان منذ بدء الخليقة، ورأينا صراع القبائل وصراع الدول على المواد الخام وطرق التجارة، فضلًا عن صراع الطبقات، وهناك صراع الهوية الدينية الذى يعد أشد الصراعات فتكًا، على الرغم من أن الله عندما أنزل الأديان، أنزلها لإسعاد البشر ونشر المحبة والسكينة.
وأضاف أن الإضرابات والمظاهرات والحرب تعد نوعًا من أنواع العنف، لهذا فإن العنف ليس شرًا خالصًا فإذا كان هناك عنف مدمّر يجب تجنّبه، فإن قليلًا من العنف يأتى بالعدالة.
وتابع، إنه لا يمكن أن نتحدث عن مواجهة العنف الاجتماعي قبل الحديث عن تعسف السلطة، لأن هذا العنف، ينتج عن قرارات السلطة، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن نتحدث عن مجتمع بلا عنف، فالمدينة الفاضلة خيال، لهذا فإن الحديث لابد أن يدور حول «مجتمع قليل العنف».
واختتم كلامه قائلًا إن مواجهة العنف ليست مسؤولية الشرطة والقوات المسلحة وحدها، وإنما لابد من مشاركة خبراء التعليم والفلاسفة والمجتمع المدني والأحزاب، فلكلٍ منهم دور، حتى نستطيع حشد كل الإمكانات مع التأكيد على أن قوة الدفع الراغبة في التغيير للأفضل لن تتوقف وأن العودة إلى الماضي مستحيلة.
شارك في الندوة كل من الكاتب صلاح سالم، الدكتور أندريا زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية، والدكتور عمّار علي حسن، ومحمد أبوحامد، بحضور الدكتور فتحي أبوعيانة، والدكتور طلعت عبدالقوي، والنائبة نشوى الديب.