قال اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن مصر استطاعت النجاة من المصير الذى كانت تخطط له أيادى الشر، بفضل الله والقيادة الرشيدة، والقوات المسلحة وشعبها العظيم.
وأضاف «عامر»، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن الإجراءات السابقة دفعت الدولة للوقوف بحزم أمام بعض الخدمات التى تقدم للمواطنين بدعم كبير، وقامت برفع جزء من الدعم عن الأغنياء والقادرين، مع الإبقاء على الدعم المقدم للفقراء.
وأوضح أن قرض صندوق النقد الدولى «دواء مر» لا بد منه فى الوقت الحالى، لتحصين البلاد، والوصول إلى موقف اقتصادى متوازن، بعيدا عن الخطر، وتجنبا للأثر السيئ الذى من الممكن أن تسببه الظروف الصعبة التى تعيشها البلاد.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى ارتفاع الأسعار والوضع الاقتصادى الصعب الذى تمر به البلاد؟
- استطاعت مصر أن تهزم جميع المخططات التى كانت تحاك ضدها، لجعلها دولة فاشلة منذ سنوات طويلة، وأرى ارتفاع الأسعار الذى تعيشه مصر الآن ثمنا ضئيلا لذلك، نظرا لكون مصر كانت ضمن قائمة دول الشرق الأوسط التى تم التخطيط لجعلها دولا فاشلة، وكان يراد بها أن تأخذ مصير سوريا واليمن وليبيا والعراق، وغيرها من الدول التى تشهد انقسامات وحروبا أهلية داخل المنطقة.
وهناك أسباب كثيرة وراء ارتفاع الأسعار الذى نعيشه الآن، يتمثل أولها فى توقف الإنتاج منذ 5 سنوات، فضلا عن زيادة مرتبات الموظفين بالدولة من 70 مليار جنيه إلى 270 مليار جنيه، ما دفع الدولة لاستدانة 600 مليار جنيه، كل هذا أدى فى النهاية إلى وجود دين داخلى يساوى 100% من الموازنة العامة لمصر، كما أن الدخل الذى تعتمد عليه مصر لم يتطور منذ 2011، وبالعكس أخذ فى الانخفاض نتيجة لعدة عوامل أولها ركود السياحة التى كانت تدر دخلا بقيمة 14 مليار دولار سنويا، إلا أنه بعد واقعة الطائرة الروسية الشهيرة، أصبحت تدر السياحة من 3.5 إلى 4 مليارات دولار سنويا، فضلا عن الضغوط السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى تمارس على مصر.
واستطاعت مصر النجاة من المصير الذى كانت تخطط له أيادى الشر لها، بفضل الله والقيادة الرشيدة، والقوات المسلحة وشعبها العظيم، إلا أن كل هذا أدى فى نهاية الأمر إلى موقف اقتصادى صعب داخل البلاد، ما دفع الدولة للوقوف بحزم أمام بعض الخدمات التى تقدم للمواطنين بدعم كبير، وقامت برفع جزء من الدعم عن الأغنياء والقادرين، مع البقاء على الدعم المقدم للفقراء، وخير مثال على ذلك ما حدث فى أسعار الكهرباء، وتقديم الدولة دعم لـ3 شرائح الأولى يبلغ 28 مليار جنيه، وهى الشرائح الأكثر احتياجا.
ويؤكد كل ما سبق أن ارتفاع الأسعار الذى تعيشه مصر الآن هو ثمن «رخيص» للأمن، والاستقرار الذى تنعم به البلاد، وبعدها عن التفتت والانقسام والحروب الداخلية.
■ ألا ترى أن قرض صندوق النقد الدولى يزيد العبء المالى على مصر؟
- مصر بطبيعتها دولة تكره الديون، إلا أن هناك حالات لا بد من وجود استثناءات بها، وتتمثل فيما تعيشه مصر الآن من وضع اقتصادى سيئ، ومن وجهة نظرى، يعد قرض صندوق النقد الدولى «دواء مرا» لا بد منه فى الوقت الحالى، لتحصين البلاد، والوصول إلى موقف اقتصادى متوازن بعيد عن الخطر، تجنبا للأثر السيئ الذى من الممكن أن تسببه الظروف الصعبة التى تعيشها البلاد.
وعندما يعرض موضوع قرض صندوق النقد الدولى على البرلمان فى جلسته العامة، سأقوم بالموافقة عليه والتصويت بـ«نعم» لصالح القرض، متبعا فى ذلك ما أنزله الله من آيات كريمة تفسر ما نمر به الآن حين قال «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَاعَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ».
كما أن مصر فى أشد الحاجة للحصول على قرض صندوق النقد الدولى، للخروج من الوضع الاقتصادى السيئ الذى تعيشه، وبناء اقتصاد قوى يجذب الاستثمارات والمشروعات الضخمة إلى البلاد، ما يؤدى فى النهاية إلى نمو اقتصادى يرضى عنه الجميع.
■ كيف ترى الجدل حول اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية.. وفى جهة نظرك هل «تيران وصنافير» سعوديتان؟
- تم على مدار 7 سنوات مضت عقد 11 اجتماعا مشتركا بين مصر والمملكة العربية السعودية، للتناقش حول جزيرتى «تيران وصنافير» واتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، التى تم توقيعها فى فبراير الماضى، خلصت كلها إلى تبعية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية.
ونحن كمجلس نواب عندما تأتى الاتفاقية إلينا سنقوم بدراستها طبقا للخرائط والوثائق التاريخية وكل ما يؤكد أو يساعد على اتخاذ القرار المناسب فى هذا الشأن، ودورنا هو تأكيد حقائق التاريخ والحياد لتقديم معلومة صحيحة، نحن ممثلو الشعب، وأمناء على مصالح المواطنين، ومسؤولون أمام الله والشعب، أن ننطق بكلمة الحق المرتبطة بالتاريخ، وفى خمسينيات القرن الماضى، طلب الملك سعود آنذاك بعد قيام دولة إسرائيل فى المنطقة من مصر حماية «تيران وصنافير»، ومن هذا التاريخ أصبحت الجزيرتان تحت الولاية المصرية، ثم على مر التاريخ حدث احتلال للجزيرتين من قبل القوات الإسرائيلية، أعقب هذا الاحتلال اتفاقية سلام، وأصبحت الجزيرتان ضمن المنطقة «ج»، وفى 1982، كانت هناك مطالب مختلفة بين مصر والسعودية حول وضع الجزيرتين، وكانت أيضا ردود مصر وثائقيا وتاريخيا محفوظة بوزارة الخارجية، تثبت تبعية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية، إلا أن الظروف المحلية فى ذلك الوقت لم تكن تسمح لمصر، بالقيام بذلك.
■ ما آخر التطورات فى قضية مقتل الشاب الإيطالى «ريجينى».. وماذا عن العلاقات بين البلدين؟
- إيطاليا من أقرب الدول فى أوروبا إلى مصر، كما أنها أكبر بلد يحظى بتعاملات اقتصادية مع مصر، وكانت فى أوائل الدول التى تفهمت الموقف المصرى فى 30 يونيو، وهناك «ود» متبادل بين البلدين، نعمل حاليا على الحفاظ عليه.
والقوى المتربصة أرادت أن تعكر صفو العلاقات مع الجانب الإيطالى، بتدبير جريمة مقتل الشاب الإيطالى «ريجينى»، كما تبنى الإعلام المغرض، اتهاما لبعض الأجهزة بارتكاب الجريمة، وفى نظرى هذا مستحيل، والهدف من كل ذلك التأثير على العلاقات الاقتصادية والسياسية بين مصر وإيطاليا.
■ فى رأيك.. ما الذى يهدد الأمن القومى المصرى فى الوقت الحالى؟
- عندما نتحدث عن مهددات الأمن القومى المصرى، لا بد من تعريف «الأمن القومى»، فهو قدرة الدولة على تحقيق استقرار وحماية الشعب، اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا ودبلوماسيا، وحماية أرضها، كما أن الأمن القومى المصرى له عدة دوائر، الأولى هى «الدائرة الداخلية» وهى التى ينمو بها المجتمع، والثانية «الدائرة العربية»، وهى علاقات مصر مع أشقائها العرب، تليها «الدائرة الأفريقية» وهى تلك الدائرة الخاصة بالأمن المائى المصرى، ثم «الدائرة الإسلامية» و«الدائرة العالمية»، ولا بد أن نعلم أن أى تأثير فى أى من هذه الدوائر يؤثر على الأمن القومى المصرى.
أما على المستوى الأمنى، فيمثل الإرهاب، تهديدا كبيرا على الأمن القومى المصرى، حيث إن مصر تعيش حالة حرب مع الإرهاب، الذى يهدف لإنهاك الدولة، إلا أن قواتنا المسلحة بالتعاون مع الشرطة قادرتان على احتواء الإرهاب، واقتلاعه من جذوره فى سيناء، وإحباط مخططات القوى الكارهة لإنشاء بؤرة إرهابية فى سيناء تحت مسمى «ولاية سيناء»، وستستمر قواتنا المسلحة فى مكافحة الإرهاب بكل ما تملك من قوة بالتعاون مع أجهزة الشرطة.
كما يمثل الوضع الاجتماعى وأزمة الزيادة السكانية تهديدا رئيسا على الأمن القومى المصرى، حيث ينتج عن الزيادة السكانية زيادة معدلات البطالة، مصحوبة بزيادة معدلات الفقر، وانتشار العشوائيات، وارتفاع نسبة الجهل، وهذا فى وجهة نظرى نقطة ضعف فى جسد الدولة المصرية، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الحرجة التى تمر بها البلاد، حيث إنه لأول مرة يصبح الدين الداخلى فى مصر 100% من الدخل القومى كما ذكرنا، ما استدعى مواجهة قوية من خلال قرارات اقتصادية صعبة اتخذتها الدولة، فى الآونة الأخيرة.
■ إلى أى مدى تؤثر الأوضاع التى تشهدها ليبيا من حروب وسيناريوهات تقسيم على الأمن القومى المصرى؟
- الوضع الأمنى فى ليبيا يؤثر بشكل كبير على الأمن القومى المصرى، نظرا لأن مصر لديها حدود مشتركة مع ليبيا حوالى 1200 كيلو متر، كما أن المنطقة القريبة من ليبيا هى منطقة جبلية، ما يسمح باستخدامها من قبل العناصر المتطرفة، وتعمل مصر حاليا بكل ما تستطيع من إمكانيات وقوى لمعاونة ليبيا لتخطى أزماتها وتجاوز سيناريوهات الانقسام المخططة لها.
وتعيش ليبيا حاليا حالة من الانقسام، وهذا ما يتضح جليا فى وجود قوات بالشرق الليبى، وأخرى فى الغرب، فضلا عن وجود القبائل فى الجنوب، لكن وسط كل هذا لا يجب علينا أن نغفل وجود القيادات الليبية المخلصة الوطنية البارزة، التى تحاول تدارك الموقف ومصرة كل الإصرار على التمسك بوحدة الموقف الليبى فى مواجهة الانقسام.
وأستبعد تدخل مصر بأى قوات فى الشأن الليبى، أو الاشتراك فى إحدى هذه العمليات بجانب قوى مثل حلف «الناتو»، نظرا لأن استخدام القوات العسكرية المصرية يمر بعدة مراحل، بدءا بمجلس الدفاع الوطنى، وصولا إلى مجلس النواب الذى يتحتم موافقته على الأمر، وأرى التدخل المصرى لن يحدث إلا فى حال ارتأت القيادات المسؤولة عن ذلك أن هذا التدخل سيكون فى صالح الأمن القومى المصرى.
■ ماذا عن الوضع اليمنى.. وما دور مصر فى التوصل إلى حل للقضية؟
- مصر تشترك من البداية مع القوات العربية فى التعاون لمواجهة التحديات فى اليمن، مع المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تشارك مصر بقوات جوية بالتنسيق مع القوات المشتركة، وأخرى بحرية، كما أعلن رسميا فى الآونة الأخيرة. وفى الأيام القليلة الماضية استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الوزراء اليمنى، وأكد تأييد مصر لإيقاف العمليات العسكرية فى اليمن، وتأييدها الكامل للحل السياسى للأزمة، من أجل إعادة بناء اليمن الجديدة، وتحقيق الاستقرار والأمن والأمان لشعبها.
■ كيف ترى تصديق البرلمان على زيادة معاشات العسكريين 10%؟
- لم تكن هناك زيادة معاشات للقوات المسلحة أو العسكريين، فهناك قرار جمهورى بزيادة معاشات الدولة التى تنقسم إلى «موظفين- مدنيين» و«عسكريين»، وكان لابد من تنفيذ الزيادة أن يكون هناك قرار صادر من رئاسة الجمهورية، يصدق عليه مجلس النواب.
وقام البرلمان بالتصديق على زيادة معاشات العسكريين بقيمة 10%، أسوة بالمدنيين، وصدق البرلمان على زيادة المعاشات الخاصة بهم بنفس الضوابط، حيث حدد الحد الأدنى بـ75 جنيها، والأقصى بـ325 جنيها. وكل ما هنالك أن كل زيادة من الزيادتين كان لا بد من إصدار قانون خاص بها.
■ كيف ترى الجدل حول قانون الضريبة على القيمة المضافة ومخاوف المواطنين من تحمل أعباء زائدة؟
- قانون الضريبة على القيمة المضافة، فى وجهة نظرى تم إعداده لـ«الأخذ من الغنى وإعطاء الفقير»، حيث هدف القانون إلى توفير مبالغ يتم إعادة توجيهها للحماية المجتمعية، مع مراعاة عدم المساس بالفقراء أو الفئات البسيطة بالمجتمع. كما يحقق قانون الضريبة على القيمة المضافة شيئا من التوازن لإصلاح الخلل الاقتصادى الذى تعانى منه البلاد، حيث لا يختلف القانون كثيرا عن قانون «ضريبة المبيعات» الذى كان يفرض ضريبة من 7 إلى 8% على بعض السلع، أما قانون الضريبة على القيمة المضافة، فستكون نسبة الضريبة به 14%، إلا أنه يطبق على السلع التى لا تمس حياة الفقراء.