أكدت دار الإفتاء أنه يجوز الإنفاق من أموال الزكاة على تهيئة المسكن للفقراء والمساكين، من خلال الأبنية البديلة للعشوائيات، ورفع كفاءة القرى الفقيرة، وفرش المنازل الجديدة للفقراء والمساكين، ورعاية الأطفال الذين يعيشون بلا مأوى؛ من خلال بناء دور الرعاية لهم وتجهيزها والصرف عليها من أموال الزكاة، وكذلك في تدريبهم وتعليمهم بهدف إيجاد فرص عمل لهم.
وقالت الدار، في أحدث فتاواها، الخميس، إنه يجوز إخراج الزكاة في عمل مشروعات صغيرة ومتوسطة للفقراء والمساكين من الشباب والمرأة المعيلة، بشرط أن يتم تمليك هذه المشروعات للفقراء تمليكًا تامًا، كما يجوز صرف الزكاة في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة؛ من خلال تدريبهم وتأهيلهم لفرص العمل المتاحة التي تتناسب مع احتياجات السوق وإمكانيات المواطنين، ويجوز أيضًا صرف الزكاة على مرضى فيروس سي بتوقيع الكشف عليهم وصرف العلاج لهم.
جاء ذلك في معرض الرد على سؤال من صندوق «تحيا مصر» حول جواز اعتبار عناصر نشاط وأهداف الصندوق من أوجه وأبواب الزكاة، والتي تتمثل في بناء سكن بديل للعشوائيات ورفع كفاءة القرى وفرش المنازل الجديدة وأطفال بلا مأوى، عبر بناء دور الرعاية والصرف عليها، وتعليم الأطفال وتدريبهم بهدف إيجاد فرص عمل، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات تمكين الشباب والمرأة المعيلة، وبرنامج رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ويشمل التدريب والتأهيل لفرص العمل المتاحة والتي تتناسب مع احتياجات السوق وإمكانات المواطن، بالإضافة إلى الكشف والعلاج بالنسبة لفيروس سي.
وأوضحت الفتوى أن الشريعة الإسلامية جعلت كفاية الفقراء والمساكين، هو آكد ما تصرف فيه الزكاة؛ مضيفة أن الأصل فيها كفايتهم وإقامة حياتهم ومعاشهم، سكنًا وكسوة وإطعامًا وتعليمًا وعلاجًا.
وأشارت الفتوى إلى أن البنود الأربعة التي يقوم بها صندوق «تحيا مصر» داخلة كلها في مصارف الزكاة الشرعية، وفصلت الفتوى لجواز كل بند من البنود الأربعة، فأوضحت أن توفير السكن من الأمور الأساسية المعتبرة في كفاية الفقراء والمساكين، ويدخل فيه ما ذكر في البند الأول من الأبنية البديلة للعشوائيات، ورفع كفاءة القرى الفقيرة، وفرش المنازل الجديدة للفقراء.
ولفتت إلى أن بناء دور الرعاية للأطفال المشردين الذين بلا مأوى وتجهيزها والصرف عليها، داخل كذلك في السكن الذي هو من أساسيات كفاية المحتاجين في الزكاة، فضلًا عن تعليم هؤلاء الأطفال وتدريبهم وتأهيلهم؛ فالإنفاق على ذلك له مدخلان في مصارف الزكاة، أولهما مصرف الفقراء والمساكين؛ وذلك بإعدادهم وبنائهم بناء يغنيهم عن تكفف الناس ويمكنهم من ممارسة حياتهم الطبيعية التي تكفل انخراطهم في عجلة المجتمع وانسلاكهم في بنائه وضمان دخول ثابتة تكفيهم ومن يعولون، وثانيهما مصرف (في سبيل الله)؛ فإن هذا المصرف يدخل فيه الجهاد باللسان والسنان، والجهاد بالسنان يكون لصد العدوان ورفع الطغيان، أما باللسان فيكون بالدعوة إلى الله تعالى وطلب العلم، ومن العلماء من جعل الصرف على طلبة العلم داخلًا أيضًا في مصرف الفقراء والمساكين، حيث جعلوا من مصارف الزكاة كفايته ومن يعول لتمكينه من التفرغ لطلب العلم.
وأضافت أن إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ بعمل مشروعات للشباب والمرأة المعيلة، داخل في مصارف الزكاة أيضا، لأن العطاء في الزكاة مبني على أن يأخذ مستحقها منها ما يخرجه من حد الحاجة إلى حد الكفاية والاستغناء عن الناس؛ فإن كان صاحب حرفة أعطي من الآلات في حرفته ما يكفيه لتمام النفقة عليه وعلى عياله، وإن كان صاحب علم أعطي من المال ما يغنِيه وعياله ويفرغه لهذا العلم طيلة عمره من كتب وأُجرة تعلّم ومعلِم وغيرها، وهكذا.
وعن عمل برنامج لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، بما يشمل التدريب والتأهيل لفرص العمل المتاحة التي تتناسب مع احتياجات السوق وإمكانات المواطن والكشف والعلاج لفيروس سي، قالت الفتوى إن ذلك داخل في مصارف الزكاة؛ حيث لا يخفى ما في تنمية مهارات ذوي الاحتياجات الخاصة ورفع كفاءتهم في المجالات الفنية والمهنية المختلفة من إيجاد فرص عمل تمكنهم من إعالة أسرهم وذويهم بشكل كاف، علاوة على ما في ذلك من قضاء على البطالة التي هي من أكبر أسباب الفقر وانتشار الجريمة.
وتابعت: «هذا داخل في مصارف الزكاة من جهة مصرف الفقراء والمساكين؛ لأن المحتاجين هم المستفيد مِن خدمات هذا الصندوق بمشروعاته المتكاملة، ومن جهة مصرف في سبيل الله؛ لأنه عبارة عن إنشاء منظومة متكاملة لتعليم قطاع كبير من المواطنين الذين يؤدي تحسن مستواهم التعليمي والمهني إلى تطور معدلات التنمية المجتمعية، وزيادة القوة الاقتصادية للدولة، والتعليم داخل في مصرف (في سبيل الله)».
وأكدت الفتوى أن الكشف والعلاج لمرضى فيروس سي، يجوز الإنفاق عليهما من أموال الزكاة، مشيرة إلى أن القضاء على الأمراض والأوبئة الفتاكة من أهم مقومات حياة الإنسان ومعيشته، وفيه تحقيق لأعظم المقاصد الكلية العليا للشريعة الغراء وهو حفظ النفس، كما أن ذلك داخلٌ أيضًا في مصرف ﴿في سبيل الله﴾.