x

«المصري اليوم» تكشف أسباب الخلافات ومفاوضات الساعات الأخيرة حول «بناء الكنائس»

السبت 20-08-2016 22:03 | كتب: عماد خليل |
إحدى الكنائس فى مرحلة البناء - صورة أرشيفية إحدى الكنائس فى مرحلة البناء - صورة أرشيفية تصوير : اخبار

قال مصدر كنسى، لـ«المصرى اليوم»، إن المادة الخامسة من مشروع قانون «تنظيم بناء وترميم الكنائس» الذى قدمته الحكومة خلال اجتماعها الأخير مع ممثلى الكنائس، مساء الثلاثاء الماضى، كانت سببًا فى اعتراضهم على مشروع القانون.

وأضاف المصدر أن المادة التى تنص على «إلزام المحافظ بالتنسيق مع الجهات المعنية» للرد على طلب بناء الكنائس صنعت مشكلة، فضلًا عن أن ممثلى الكنائس فوجئوا، خلال الاجتماع، بضم الأديرة للقانون، واشتراط وجود كثافة قبطية لبناء كنيسة، وهو ما اعتبروه عودة للتدخل من الأجهزة الأمنية، وفضلت الكنيسة الاعتراض على مسودة الحكومة، ما استدعى تدخل رئيس الحكومة شخصيًا لحل الخلاف.

وأكد الدكتور أندريا زكى، رئيس الكنيسة الإنجيلية، أن القانون الجديد سيقضى على 80% من التوترات الطائفية التى كان سببها فى الأعوام الثلاثين الأخيرة بناء الكنائس، مشيرًا إلى أن مصر تحتاج لقانون واضح وصريح ينظم العلاقة بين ممثلى الكنائس، ويسمح ببنائها خصوصًا بعد النص على ذلك فى دستور 2014.

وأشار زكى إلى أن الكنائس أماكن تمارس فيها العبادات والشعائر الدينية، مضيفًا أن الدولة والرئيس عبدالفتاح السيسى يقومان بجهود ملموسة فى هذا الملف، لافتًا إلى وجود ما يقرب من 1500 كنيسة تخدم أكثر من 2 مليون إنجيلى.

وقال الدكتور عماد جاد، عضو مجلس النواب ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مشروع القانون بنسخته الجديدة يؤكد عدم وجود نية صادقة لدى الحكومة للسماح ببناء الكنائس، ويضع العراقيل وسيتسبب فى خلق المشكلات والتوترات الطائفية، مطالبًا بأن يتم تطبيق القانون بعد الرجوع للشخصيات العامة والحقوقية وأصحاب الرأى فى تلك القضايا، وأن تخرج اللائحة التنفيذية للقانون بشكل يسهل عمليات البناء وتراخيص الهدم وإعادة بناء الكنائس، مضيفًا أنه حتى الآن لم يضع مجلس النواب القانون على جدول مناقشاته وطالب أن تعامل الكنيسة وفقا لشروط البناء العام.

وفى السياق قال فادى يوسف، منسق ائتلاف أقباط مصر، إن تمرير القانون عبر مجلس النواب سيكون هو الخطوة الأكبر والأهم فى تحقيق دولة المواطنة الفاعلة بعد مرور عقود طويلة، حفظت خلالها العديد من مشروعات ومسودات قانون موحد لدور العبادة، والذى سمى فيما بعد ذلك «قانون تنظيم بناء الكنائس»، متابعًا: لعل أدراج مكتب صوفى أبوطالب، الرئيس الأسبق للبرلمان فى الثمانينيات، تشهد على تعنت الدولة فى تنفيذ هذا المشروع، واليوم مشروع القانون فى محطته الأخيرة قبل إقراره ليسقط الخط الهمايونى الذى تمسكت به الحكومات المختلفة فيما يزيد على 150 عامًا، برغم تغير الأنظمة الحاكمة مبديًا تخوفه من وجود آليات تعوق التنفيذ.

وتابع يوسف: «لعل الأحداث الطائفية الأخيرة التى شهدتها بعض المحافظات فى الجمهورية، وآخرها كان فى المنيا وبنى سويف، والتى وقعت على إثر شائعات بناء كنيسة فى نفس وقت تقديم مشروع قانون بناء الكنائس فى البرلمان، هو مؤشر خطير لمدى رفض المتشددين للقانون، والتخاذل الأمنى الذى لا يلاحق ارتفاع مؤشر الخطر، هو ما يدعونا للبحث عن هيبة الدولة أمام هؤلاء المتطرفين فى تحد لإثبات هوية الدولة المدنية وقوة تفعيلها للمواطنة الكاملة».

وأوضح إسحاق إبراهيم، المسؤول عن ملف الحريات الدينية فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن التوترات والعنف الطائفى على خلفية ممارسة الشعائر الدينية أو منع بناء وترميم الكنائس، من أهم الأسباب التى تؤدى للعنف الطائفى لاسيما فى ظل التضييق القانونى الحالى واستجابة مؤسسات الدولة لضغوط المتشددين الرافضين لوجود كنيسة أو ترميمها، وفى بعض الحالات يتم منع الصلاة فى كنائس قائمه، أو الاعتراض على تركيب «جرس»، وفى بعض الحالات تم وقف استكمال بناء منازل أقباط بعد تقديم شكاوى بأن أصحابها سيحولونها إلى كنائس للصلاة داخلها.

وأضاف: «هذه اﻻنتهاكات يتورط فى ارتكابها قطاع واسع من المواطنين وأجهزة الدولة معا، والدولة باستمرار تعمل بالخط الهمايونى الصادر فى 1856 وشروط العزبى باشا والتى تجعل من بناء كنيسة أو أى مبنى خدمى عملية معقدة وشبه مستحيلة خصوصا إذا كانت فى الريف أو فى منطقة عشوائية حتى لو كانت داخل القاهرة».

وتابع إبراهيم، فى حالات نادرة تمكن أقباط من الحصول على موافقة رسمية، ولكن اعترض أهالى المنطقة المسلمين بوقف العمل بالكنيسة، وبالرغم من وجود حكم قضائى من مجلس الدولة بعدم إلزام الكنائس بالحصول على موافقة بالترميم إلا أن ذلك لم ينفذ فعليا واستمرت الموافقة الأمنية كشرط أساسى للبدء فى الترميم، فى بعض الحالات، كانت الجهات الأمنية هى المبادرة بغلق المبنى ومنع تجديده بدون وجود اعتراضات من الجيران، مثلما حدث فى كنيسة القديس يوسف البار بقرية ميانة بمركز مغاغة بمحافظة المنيا.

وأضاف أن بناء الكنائس قضية لا تخص المؤسسات الدينية والحكومة وحدهما، إنما تخص جميع المسيحيين ومؤسسات الدولة كلها، فالقانون يحتاج إلى تغيير الأرضية الثقافية والاجتماعية لضمان تنفيذه من أجل إتاحة بناء الكنائس، وهناك معايير أساسية يجب التأكيد عليها فى القانون، من أهمها أن هناك فرقا بين ممارسة الشعائر الدينية- وهذا حق مكفول دستوريا داخل أى مكان- وبين بناء الكنائس وهذا متاح وسينظمه القانون المنتظر دستوريًا، أى أنه من حق أى عدد من المسيحيين الصلاة بداخل منزل أحدهم بدون ملاحقات أمنية بحجة أنه غير مسموح له أو خوفًا من أن يحول منزله لكنيسة، أما المعيار الثانى فيتمثل فى أن دور الأجهزة الأمنية يكون مقتصرًا على تأمين عملية البناء والترميم وليس التحكم فيه وتقرير مصيره كما يحدث الآن، أما المعيار الثالث فيتمثل فى عدم أحقية أى طرف فى الاعتراض على بناء كنيسة أو مبنى دينى طالما استوفى الشروط، مشددًا على ضرورة أن يتضمن القانون نصًا واضحًا بأن تقنن جميع الكنائس والمبانى الدينية التى تقام فيها الصلوات الدينية أو تلك الملغاة لدواع أمنية فور إقرار القانون بدون انتظار.

وأضاف: «نحن نريد قانونا لتسهيل عملية بناء الكنائس، وكنا نفضل أن ينظم قانون البناء ذلك بدون الحاجة إلى قانون خاص ولكن فى ظل النص الدستورى والاتجاه العام لدى الدولة بوجود قانون لبناء الكنائس يجب أن يتلافى القانون الكوارث الموجودة فى «الخط الهمايونى» وشروط العزبى باشا، وأن يحد من تحكم الأجهزة الأمنية والمتشددين فى هذا الأمر بأن ينص صراحة على تجريم وعقاب من يعطل حق الأقباط فى بناء وترميم الكنائس.

فى سياق متصل، قال جورج قلادة، رئيس جمعية المصريين فى إيطاليا: «نحن بصدد إصدار قانون يعتبر أقوى وأهم سلاح للقضاء على الفتنة الطائفية، فمعظم الحوادث الطائفية كان سببها الشروع فى بناء كنيسة والتعامل مع هذا الأمر باعتباره جريمة يعاقب عليها القانون، فى ظل تفشى الجهل والعنصرية فى بعض محافظات الصعيد بشكل خاص فاليوم وبعد إصدار المسودة النهائية للقانون وإرسالها لمجلس الدولة لمراجعتها تمهيدًا لإرسالها لمجلس النواب ننتظر خروج القانون للنور بعد انتظار دام عقودا».

وتابع: «من وجهة نظرى أن من أهم وأقوى بنود مشروع القانون هو مدة الفصل فى الطلب المقدم من الكنيسة لإصدار التصريح، وتحديدها بأربعة أشهر للبت فيه، وهذا من شأنه تقنين الأوضاع وتخفيف الاحتقانات وأيضا بالنسبة للارتفاعات يسرى عليها ما يسرى على المبانى».

وقال كمال سليمان، عضو مجلس الشورى السابق، وأحد مؤسسى «تنسيقية المواطنة»، إن فلسفة القانون المطروح حاليا هى الحد من بناء الكنائس فى حالة تطبيقه، متوقعًا حال تطبيق القانون عدم السماح ببناء الكنائس فى القرى، مضيفًا أنه تجرى الدعوة لجولة مباحثات للضغط على ممثلى الكنائس خلال الساعات القليلة المقبلة، للوقوف ضد تمرير هذا المشروع بصياغات مراوغة، تبقى على القيود الواردة فيه، والتى ستنتهى إلى إعادة إنتاج الأزمة، ومحاصرة حق الصلاة للأقباط.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية