رحب قضاة بقرار المستشار حسام الغريانى، رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى، تشكيل لجنة لإعداد تعديلات قانون السلطة القضائية، مشددين على أن رئاسة المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، لها «مبرر آخر للسعادة بها» باعتباره شيخاً من شيوخ القضاة، وواحداً من رموز تيار الاستقلال الذى طالما وضع استقلال القضاء هدفاً له - على حد قولهم.
وفيما استطلعت «المصرى اليوم» آراء عدد من رموز القضاء فى تلك الخطوة، ورؤيتهم لأهم التعديلات المنتظر إدخالها على قانون السلطة القضائية، بالشكل الذى يضمن استقلال القضاء استقلالاً كاملاً، اتفقوا جميعاً على ضرورة نقل تبعية إدارة التفتيش القضائى من وزارة العدل، إلى مجلس القضاء الأعلى، ونقل كل اختصاصات وصلاحيات وزير العدل على القضاة، معتبرين فى ذلك نهاية لـ«سطوة الحكومة على القضاة» وضماناً للشعب المصرى فى التمتع بقضاء مستقل - على حد تعبيرهم. وطالب «القضاة» بتغيير طريقة اختيار النائب العام، واقتصار فترة ولايته على 4 سنوات، كما أكدوا على أهمية إلغاء ندب القضاة من الهيئات القضائية إلى أى جهة، باستثناء الإدارات القانونية بوزارة العدل.
وصف المستشار محمود الخضيرى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، القرار بــ«الخطوة الجيدة»، متمنياً أن يعطى القانون ما يرجوه القضاة من «استقلال كامل للقضاء»، ووضع «الخضيرى» نقل تبعية التفتيش القضائى من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى، وإلغاء ندب القضاة من الهيئات القضائية، بجانب إلغاء سلطات وزير العدل على القضاة، على رأس التعديلات المنتظر إدخالها على القانون، متوقعا أن يحصد المصريون نتائج تلك التعديلات من «استقلال كامل للقضاة» فور إقرارها.
وتوقع المستشار زغلول البلشى، نائب رئيس محكمة النقض، أن تفصل التعديلات المقترحة بين السلطتين القضائية والتنفيذية، مشددا على أهمية نقل كل اختصاصات وزير العدل على القضاة إلى مجلس القضاء الأعلى، ولفت «البلشى» إلى أنه من المرجح إعادة النظر فى تشكيل مجلس القضاء الأعلى، بحيث يضم عناصر منتخبة إليه، بجانب وضع قواعد محددة لاختيار رؤساء المحاكم الابتدائية، وإعادة النظر فى سلطات الجمعيات العمومية للمحاكم الابتدائية. وبينما قال نائب رئيس محكمة النقض إن كل ما يتعلق باستقلال القضاء سيتم وضعه نصب أعين اللجنة، شدد على أن نتائج تلك التعديلات ستؤدى إلى وضع ضوابط صارمة لتوزيع القضايا.
من جانبه، قال المستشار هشام رؤوف، الرئيس بمحكمة الاستئناف، إن هناك ارتياحًا كبيرًا فى أوساط القضاة بعد صدور قرار تشكيل اللجنة وإسناد رئاستها للمستشار أحمد مكى، مشيرا إلى أن مطالب القضاة أصبح سقف مطالبها عالياً، قائلاً: «إننا الآن تجاوزنا مشروع قانون السلطة القضائية الذى سبق إعداده عام 1990».
واعتبر «رؤوف» أن مطالب القضاة فى القانون الجديد متفق عليها، خاصة نقل تبعية التفتيش القضائى، وضرورة تغيير طريقة اختيار النائب العام، بالإضافة إلى تغيير طريقة تشكيل الأمانة العامة لمجلس القضاء، باعتبار أن «الطريقة الحالية معيبة»، لأنها تعبر عن رأى محكمة النقض فقط، وطالب بأن يكون لمحاكم الاستئناف، والنيابة العامة، تمثيل بها. ولفت «رؤوف» إلى حاجة القضاة لتنظيم معهد قضائى يكون مهمته «رفع مستوى القضاة من خلال دورات تدريبية تكون وسيلة للترقى»، مختتماً: «المجتمع بالكامل سيشعر بمردود وجود نظام مستقر للعدالة بعد تعديل قانون السلطة القضائية».
ورأى المستشار حسن النجار، رئيس الجمعية العمومية لنادى قضاة الشرقية، أن هذا القرار كان لا بد أن يحدث عقب ثورة 25 يناير، باعتباره «نتيجة طبيعية لها»، مضيفاً أن القضاة كانوا فى انتظار هذه الخطوة بعد تولى المستشار حسام الغريانى، رئاسة محكمة النقض. وطالب «النجار» بأن تشمل التعديلات إلغاء سلطات وزير العدل على القضاة، وتغيير طريقة اختيار النائب العام، مؤكداً أن فى ذلك ضمانة للمواطن العادى فى العدالة واستقلال القضاء عن الحكومة.
من جانبه، أشاد المستشار علاء شوقى، الرئيس بمحاكم الاستئناف، بقرار رئيس محكمة النقض، معتبراً رئاسة المستشار أحمد مكى «شرفاً للتعديلات» - على حد تعبيره، مطالبًا بإلغاء انتداب القاضى إلى أى جهة سوى الإدارات القانونية بوزارة العدل، معللاً ذلك بالقول: «لا يصح أن يكون قاض مستشاراً قانونياً لوزير»، ورأى أن النظر لرواتب القضاة وتعويضهم عن «فرق الأجر» ضروريا فى هذه الحالة، مشددا، فى الوقت نفسه، على أن القاضى لا يجوز أن يطلب شيئاً لنفسه.
واختص «شوقى» المادة 111 من قانون السلطة القضائية التى تكفل لوزير العدل إحالة قاض للجنة الصلاحية بالتعديل، مستشهدًا بما فعله المستشار محمد عبدالعزيز الجندى، وزير العدل، مع القاضى أمير عوض، الرئيس بمحكمة الجيزة الابتدائية، مشددا على ضرورة إلغاء حق وزير العدل، ممثل الحكومة، فى تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية، ضمانا لانتخابات نزيهة، موضحاً أن رئيس المحكمة الابتدائية يكون «شكلياً» المشرف على الانتخابات فى المحافظات، لأنه يكون همزة الوصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
ورحب المستشار أشرف ندا، رئيس محكمة استئناف بنى سويف، بالقرار باعتباره «خطوة رائعة» تأخرت 30 سنة، وقال إن تفعيل دور الجمعيات العمومية للمحاكم، وطريقة اختيار رؤسائها، أحد أهم المطالب المنتظر طرحها على اللجنة المشكلة لتعديل قانون السلطة القضائية، مؤكداً أهمية وضع أسس حقيقية للتنقل بين المحاكم غير قابلة للتعديل إلا بناء على استفتاء، وتحديد معايير واضحة وثابتة للترشيح لمحكمة ونيابة النقض، والمكتب الفنى، لافتا إلى ضرورة مساواة مستشارى النقض والاستئناف، وتوسيع تشكيل مجلس القضاء الأعلى ليشمل رؤساء من محاكم الاستئناف، وأعضاء من النيابة العامة، لضمان تمثيل الشباب. وطالب «ندا» بتمييز القاضى الجالس على المنصة عن الجالس فى الإدارات، بسبب مواجهة الأول للجمهور، واقترح توفير موارد مستقلة للقضاء، تجعل ميزانية مجلس القضاء الأعلى مستقلة بشكل حقيقى.
واعتبر المستشار علاء العفيفى، رئيس محكمة جنايات، عدم تحكم السلطة التنفيذية فى موارد القضاة وميزانيتهم، مطلباً مهماً يجب النظر إليه أثناء تعديل قانون السلطة القضائية، مشدداً على أهمية إيجاد مورد للقضاء، مثل «إصدار طابع مقابل مبلغ من المال يوضع على محاضر الشرطة». وشدد «العفيفى» على أهمية أن يترأس مجلس القضاء الأعلى، أقدم عضو فى الهيئات القضائية (نقض أو استئناف) دون قصرها على محكمة النقض.