اهتم الموقع الإلكتروني لإذاعة «صوت أمريكا» بالحالة الاقتصادية الراهنة في مصر، وأشار إلى ارتفاع معدلات البطالة بنسبة 12%، طبقا لإحصائيات صندوق النقد الدولي، وأضاف أن هناك أجواء من القلق في مصر بعد الثورة، حتى بالنسبة للذين يعملون في وظائف بالفعل، والذين يملكون أعمالهم الخاصة.
وقال أحد العاملين بشركات تصنيع الأجهزة: إن الوضع السياسي في مصر حاليا يؤثر على أعمالهم، ولا يساعد الاقتصاد، كما أن الانفلات الأمني وعدم الاستقرار يقللان من الإنتاج، ويشكلان خطرا على الصناعات المتوسطة، وهو ما يضر باقتصاد يحاول التعافي.
واتفقت ماجدة قنديل، المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية الموجود بالقاهرة، مع هذه الآراء التي تقول إن هناك تحديات كبيرة تواجه اقتصاد مصر بعد الثورة، وأوضحت أن فشل الحالة الأمنية يقع على رأس هذه التحديات، كما أن اتهام القطاع الخاص بالفساد يجعل من الصعب إعادة الثقة فيه أو في تنميته.
ولفتت إلى عدة عوامل أخرى تتدخل في عرقلة اقتصاد مصر بعد ثورة 25 يناير، منها فقدان تدفق رأس المال الأجنبي، وتراجع السياحة وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، وهروب بعض رؤوس الأموال من مصر، بعد قرار بعض المصريين تصفية أموالهم وترك البلاد.
وحذرت «قنديل» من تجاهل الحكومة الانتقالية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم للبلاد للتحديات الاقتصادية الخطيرة التي تواجه مصر الآن، خاصة مع وجود عجز في الميزانية بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ومعدل بطالة تجاوز 12%، ومعدل تضخم وصل إلى 11.8%، وتراجع في السياحة بنسبة 33%، وانخفاض الجنيه المصري أمام اليورو بنسبة 12%، ما يعني أن مؤشرات تعافي الاقتصاد تبدو بعيدة الآن.
وكشف المركز المصري للدراسات الاقتصادية عن مشكلة الدين القومي الذي وصل إلى 35 بليون دولار، ومشكلة استخدام احتياطي البنك المركزي لدفع الحد الأدنى من الأجور، خاصة مع تدني احتياطي العملة الأجنبية من 36 مليار دولار إلى 26 مليار دولار منذ بداية الثورة.
بالإضافة إلى كل التحديات السابقة، تأتي مشكلة تكلفة الدعم، حيث تنفق الحكومة حوالي 70 مليار دولار، لدعم المنتجات البترولية، وهناك اتفاق عام بين خبراء الاقتصاد على أنه ينبغي خفض الدعم بشكل كبير وتوجيهه للصناعات المتوسطة والصغيرة، موضحين أن هذا سيؤدي إلى ادخار مبالغ ضخمة من شأنها تحسين التعليم والتدريب المهني.
ورأى إبراهيم عويس، أستاذ الاقتصاد بجامعة جورج تاون بواشنطن، أن الحكومة لم تتخذ حتى الآن أي خطوات مهمة للتعامل مع التحديات الراهنة اقتصاديا، مشيرا إلى أن أول خطوة يجب أن تكون إنشاء نظام قانوني، لإعادة الاستقرار للبلاد، وبعدها يمكن حل كل الأمور الأخرى لأن الاقتصاد المصري يمكن أن يحقق تقدما ملموسا في المستقبل.
وأشار البعض إلى أن هناك فجوة بين الحلول المتاحة والطريقة التي يتعامل بها المجلس العسكري والحكومة الانتقالية مع الموقف، وحتى الآن لا توجد خارطة طريق أو استراتيجية متوسطة المدى تساعد على تعافي الاقتصاد. من ناحية أخرى، يمكن أن يساعد الاستقرار السياسي وتطهير المؤسسات من الفساد وإعادة الأمن، في جذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد، لافتين إلى دور أصحاب الصناعات الصغيرة والمتوسطة في مساعدة الاقتصاد.
وقدم تقرير إذاعة صوت أمريكا حلولا للاقتصاد، حيث أوضح الخبراء أن تحسين الحالة الأمنية أهم الأولويات، والاستجابة للإصلاحات السياسية ووضع استراتيجية اقتصادية لاستعادة ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، ومحاربة الفساد والبيروقراطية.