بعد إغلاق طريق البلقان بشكل تام، يحاول اللاجئون والمهاجرون الوصول إلى دول وسط وشمال الاتحاد الأوروبي عبر الحدود الشرقية لبلغاريا. حكومة صوفيا تحاول منع تدفق اللاجئين عبر بناء سياج عازل جديد على الحدود.
تقع مدينة ريزوفو في أقصى جنوب شرق بلغاريا وتشرف على البحر الأسود وتقع على ضفة نهر صغير يفصل بين تركيا وبلغاريا. فيما لا تبعد ريزوفو سوى بضع مئات الأمتار عن أقرب قرية تركية مجاورة.
ويخشى سكان ريزوفو أن تكون مدينتهم المحطة القادمة لقوارب اللاجئين القادمة من تركيا. وبعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا خاصة يخشى المرء أن تفشل اتفاقية اللاجئين الموقعة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وهو ما قد يدعو تركيا للسماح للاجئين بعبور الحدود البلغارية الممتدة على مسافة 240 كيلومترا.
وشيدت بلغاريا سياجا فاصلا بين البلدين يمتد على مسافة 30 كيلومترا وبارتفاع 3 أمتار ونصف المتر، وترغب بلغاريا في تكملة بناء السياج العازل ليغطي جميع الحدود مع تركيا. بالإضافة إلى ذلك تطمح بلغاريا لبناء سياج عازل آخر مع الحدود اليونانية وعلى مسافة تصل إلى 484 كيلومترا، خاصة أن الكثير من البلغار باتوا يلاحظون زيادة أعداد اللاجئين المارين في البلد بعد إغلاق مقدونيا حدودها مع اليونان، لكن صوفيا مهتمة أيضا بإقامة علاقات جيدة مع الجارة تركيا ولا تريد إغضابها في الوقت نفسه، وأحد أسباب ذلك هو الأقلية التركية الكبيرة في بلغاريا.
وصرح رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف أن بلاده لا تسعى لإدامة قنوات الاتصال مع تركيا فحسب، بل ترغب أيضا في أن «يعمل المرء ما في وسعه لكي تحافظ تركيا على التزاماتها، ولكي تتجنب بلغاريا موجات اللاجئين».
وذكر رئيس الوزراء البلغاري أن بلده ما زال بانتظار مساعدات أوروبية مقدارها ستة ملايين يورو، بالإضافة إلى ذلك ترغب الحكومة البلغارية في تخصيص مبلغ مالي لتغطية تكاليف بناء السياج العازل مع تركيا. وحتى وكالة حماية الحدود الأوروبية «فرونتيكس» ردت على مطالب بلغاريا إيجابيا وتريد دعم المساعي البلغارية في حماية الحدود.
وأرسلت الوكالة موظفين إضافيين ومعدات وآليات وكاميرات مراقبة حرارية وكلاب حراسة إلى بلغاريا لوقف عمليات تهريب البشر من تركيا إلى صربيا. من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية البلغاري تيومير بيزلوف إنه «على بلغاريا رفع صوتها حتى تحصل على آذان صاغية لها». ونوه إلى الموقف اليوناني المشابه.
وأضاف: «الاتحاد الأوروبي يدفع الضعف وثلاث مرات أكثر لليونان من أجل أن تعمل اليونان على حماية الحدود. أما نحن في بلغاريا فلا نطلب الكثير». وذكر بيزلوف أن شرطة الحدود البلغارية تحسن أداؤها بصورة كبيرة، لكن مهربي البشر ما زالوا مستمرين بتهريب البشر إلى صربيا.
ويلقي حرس الحدود البلغار يوميا القبض على نحو 200 لاجئ سري ويعيدونهم إلى تركيا، كما أوضح رئيس الوزراء البلغاري مؤخرا. وسيسافر رئيس الوزراء بويكو بوريسوف إلى تركيا في 24 أغسطس الحالي ليلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
على صعيد متصل، ذكر الخبير في شؤون البلقان بيسر بينتشيف أن «الحدود بين صربيا وكرواتيا وكذلك الحدود بين صربيا والمجر مغلقة بإحكام». وبالتأكيد يريد اللاجئون مواصلة الطريق وسيحاول بعضهم الوصول إلى صربيا عبر بلغاريا ومقدونيا.
وذكرت أرقام رسمية أن حرس الحدود الصرب استطاعوا القبض على أكثر من 1500 عابر سري للحدود من بلغاريا ومقدونيا خلال الأسبوعين الماضيين. لكن إغلاق الحدود بين صربيا وجارتيها سيضع بلغاريا في موقف محرج، كما ذكر الخبير بينتشيف.
ولم تعمل صربيا على إغلاق حدودها بسبب الدعم البلغاري لصربيا في مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي. ولا ترغب صربيا بهذه الخطوة في إزعاج بلغاريا، رأي الخبير. ووضعت صربيا قوات الجيش والشرطة قرب الحدود البلغارية في حالة تأهب لوقف تهريب البشر، فيما عرض وزير الداخلية الصربي نيبوجسا ستيفانوفيتش على بلغاريا المساعدة في حماية الحدود البلغارية التركية. شبكات تهريب بشر «فعالة» وتهريب البشر عبر بلغاريا إلى صربيا عملية منظمة جدا، كما يقول المدير السابق لشرطة الحدود البلغارية فاليري غريغوروف في حديث مع DW.
وأضاف قائلا: «المهاجرون واللاجئون ينتقلون خلال 72 ساعة فقط من الحدود التركية إلى الحدود الصربية. ويعمل مهربو البشر على نقلهم عبر السيارات إلى صوفيا، وفيها يبيتون في الغالب في بيوت يملكها الغجر مقابل 20 يورو للشخص الواحد».
وحدثت مؤخرا مصادمات عنيفة بين جماعات من الغجر حول تقاسم الأرباح الكبيرة التي تدر عليهم من تجارة تهريب البشر، نقلا عن غريغوروف. وطالب المدير السابق لشرطة الحدود البلغارية بتسيير دوريات مشتركة يونانية – بلغارية «للسيطرة على المناطق الصعبة بصورة فعالة».
وذكر فاليري غريغوروف أن العقبة الكبيرة التي قد تواجههم هي مشكلة الفساد في الشرطة. وقال :«هنالك ما يطلق عليه (شراكة تجارية) بين مهربي البشر والشرطة المحلية وشرطة الحدود، والمسؤولون يتغاضون عن هذه العلاقة».
ولا يمكن إيقاف عمل المهربين إذا لم يتم تحطيم شبكات تهريب البشر. وقد تتحول مدينة ريزوفو البلغارية الحدودية محطة مؤقتة للاجئين في طريقهم إلى أوروبا.