مشهدان متناقضان، تفصل بينهما 5 سنوات، الأول: بعد انتخابات الجولة الأولى لعام 2005، حيث التقيت الدكتور مصطفى السعيد، وزير الاقتصاد الأسبق، داخل البهو الفرعونى لمجلس الشعب، حيث أتى لاستخراج كارنيه عضوية المجلس بعد معركة حامية، نجح فيها مستقلاً من الجولة الأولى، وكان السؤال الملح من الصحفيين لـ«السعيد»: «هل ستعود للحزب الوطنى لترأس اللجنة الاقتصادية؟ وكان وقتها منهكاً وسعيداً، رغم أنه كان يسير مستنداً على عكاز بسبب إصابة انتخابية».
المشهد الثانى: بعد انتخابات 2010 التى خسرها الدكتور مصطفى السعيد من الجولة الأولى وهو مرشح للحزب الوطنى مع غريمه رجل الأعمال طلعت السويدى.. وفاز الأخير بها واتسم «السعيد» فى المشهد الثانى أثناء إجراء هذا الحوار بـ«الهدوء والثقة بالنفس» وإن كانت بداخله «غصة»، حاولنا أن نعرف مداها فى هذا الحوار:
■ لماذا أخفقت فى الانتخابات؟
بسبب استخدام رأس المال بقوة فى الانتخابات فأنا «ضحية رأس المال».
■ هل ذلك هو السبب الرئيسى لسقوطك؟
- طبعا، لو قمت بتحليل الواقع ستجد أن هناك أسباباً أخرى، فعلى سبيل المثال ستجد أن أحد الأسباب يتمثل فى أننى نجحت فى تقديم خدمات ضخمة فى الدائرة، خصوصا فى تعيين أعداد كبيرة من أبناء الدائرة فى وظائف متميزة، الأمر الذى خلق نوعاً من الحقد والكراهية بالنسبة لآخرين، لأن مشكلة البطالة ملحة لدى الناس، وعندما تقوم بحلها حتى لو لعدد محدود تثير ضغينة وعدم ارتياح الآخرين، وأنا لدى إحصائية بذلك تفيد بأننى خلال الـ5 سنوات الماضية تلقيت 4500 طلب تعيين، نجحت فى تعيين 500.
■ لكن بالنسبة للمعركة لم تكن مع تيار سياسى .. هل خضت المعركة أمام إخوان أيضا؟
- نعم، ولكن «مايهددوش»، ومن كان يخوض المنافسة أمامى «احتياطى»، فهم يعتمدون على تقديم مرشحين على مقعد العمال، لأنهم يعرفون أن الدائرة بها منافسة شديدة بين مصطفى السعيد وآل السويدى، وعندما شطب لهم مرشح العمال الأساسى خاضوا بمرشح الفئات الاحتياطى.
■ لكن الصراع بينك وبين آل السويدى مستمر منذ 30 سنة؟
- نعم، منذ أول مرة خضت فيها الانتخابات، فإما يترشح ضدى أحمد، أو زكى، أو طلعت السويدى.
■ أحيانا كانوا يكسبون مثلما حدث فى 2000؟
- حدث ذلك فى انتخابات 2000 فقط، وسببها معروف أن كمال الشاذلى كان «واخد موقف منى» فى ذلك الوقت، فهو كان يحب الناس تكون «مطيعة»، خاصة داخل المجلس، ولقد وقعت مشادة بينى وبينه داخل المجلس.
■ لكن فى 2000 كان هناك إشراف قضائى؟
- لا، لم يكن هناك إشراف فى هذا العام.
■ بل كان هناك إشراف قضائى يا دكتور؟
- ربما، لكننى غير متذكر.
■ ألم يحمك الحزب من رأس المال؟
- الحزب فتح الدائرة، وسمح بوجود أكثر من مرشح على مقعد الفئات، وكان من المفروض أن يتم تطبيق القانون والإنفاق فى الانتخابات وفقا للجنة العليا للانتخابات التى قالت إنه لا يجوز أن يزيد الإنفاق على 200 ألف جنيه.
■ وهل تعتقد أن الانتخابات زورت ضدك.. وأنت مرشح الحزب الوطنى؟
- بكل تأكيد، الإخوة رؤساء اللجان مسؤولون عن ذلك، ولقد جاء لى أكثر من «وسيط» يطلب منى أن أعطى لهم «فلوس» وأنا رفضت، لأننى معروف من أول يوم خضت فيه الانتخابات «عمرى ما دفعت لحد فلوس»، وعمرى لم أقدم رشوة لأحد، ولم أستخدم سلاح «الفلوس»، لكن الطرف الآخر استخدمه.
■ التزوير تم من قبل منافسك وليس من قبل الحكومة، بما يعنى أنه لم يكن اتجاها حكوميا؟
- أنا لا أعرف إن كان اتجاه حكومة أم لا، لأننى «ما شوفتوش»، ثم إن منافسى «قفل قريته»، وهناك صور لـ«عيال صغيرة» تقوم بالإمضاء على الورق، بما يعنى أن التزوير موجود فى عملية «التسويد».
■ فى عام 2005 نجحت فى الجولة الأولى وحصلت على عدد كبير من الأصوات؟
- نجحت من الجولة الأولى، وأخرجت من استخدم «الفلوس» لأنه كان فى السنوات الخمس التى قضاها فى المجلس «ما عملش حاجة»، الأمر الذى كان يمثل نوعا من رد الفعل لدى الناس. إذن «هما جابوا واحد 5 سنين ماعملش حاجة».
■ هذا من الممكن أن ينطبق على حضرتك أيضا، ويقال إن الناس لم تجد منك شيئا؟
- جزء من الناس يعرف «إن أنا عملت اللى هو ما عملهوش فى الخمس سنين بتوعه».
■ قدمت الكثير خلال السنوات الخمس الماضية لماذا رشح الحزب طلعت السويدى معك، مادامت استطلاعات الرأى أكدت أن حضرتك الأعلى؟
- لا أعرف الاستطلاعات «شكلها إيه»، ولا المجمع الانتخابى «شكله إيه». أنا «ما أعرفش الحزب فتحها ليه»، لكن الحزب كانت حجته فى ذلك أن استطلاعات الرأى لم تكن حاسمة، أو أنها كانت ضعيفة- «أصل الحزب يقدر يقول اللى عايز يقوله».
■ أنت ترى أن بداية القصة كانت مع فتح الدائرة؟
- طبعا، لأن فتح الدائرة أعطى فرصة لممارسة «سطوة المال».
■ ذلك يعنى أنه لو لم تفتح الدائرة كان من الصعب استخدام المال؟
- كيف يستخدمه وهو أصلا لم يكن ليترشح.
■ ألم تتحدث إلى أحد من الحزب عندما فوجئت بقرار فتح الدائرة؟
- أبديت عدم رغبتى فى الترشح بعد قرار فتح الدائرة، لكننى تعرضت لضغوط من الأسرة ومن أنصارنا فى الدائرة، جعلتنى أتراجع عن هذا القرار.
■ لكن لم يضغط عليك أحد من الحزب حتى تستمر؟
- التقيت صفوت الشريف، وكان رأيه أن أستمر، وإنه «مفيش استخدام لرأس المال ومفيش أى نوع من التدخل.. وإلى آخره».
■ لكن من الممكن أن تكون ضحية لمواقف لك فى المجلس؟
- «مش عايز أظلم حد»، لكن كل الاحتمالات قائمة. أنا شخصيا لى تحفظات على إدارة الحزب للانتخابات، لأن الحزب كان يستطيع أن يحافظ على شكل معين، وأن يعطى للمعارضة مساحة أكبر
■ «يعنى يفوّت لها دواير»؟
- «آه مفيش مانع»، فليس من الضرورى أن يزوّر الدوائر لصالحها، ولكن فى دوائر معينة لا يرشح بها أحداً، ويتركها مفتوحة لشخصيا ت مثل منير فخرى عبدالنور.
■ ألم يكن التنظيم الحزبى يدعمك فى الانتخابات؟
- لا أبدا، «كلهم خايفين ومش عارفين مين اللى هينجح ومين له تأثير»، فالكل آثر أن يبتعد عن العملية الانتخابية.
■ خضت الانتخابات الماضية مستقلا ونجحت، ثم تعرضت لضغوط حتى تعود مرة ثانية للحزب، هل أنت نادم لأنك خضت الانتخابات هذه المرة على قوائم الحزب؟
- أنا من المؤمنين باستمرار انتمائى للحزب الوطنى، ولست من الشخصيات التى بمجرد أن تحدث واقعة معينة أغير وضعى أو انتمائى الحزبى، لكننى أيضا من المؤمنين بضرورة وجود معارضة داخل الحزب الوطنى تستطيع أن تقول «والله التصرف ده صح والتصرف ده غلط». وهذا هو المنهج الذى كنت أتخذه فى حالات كثيرة.
أحيانا كان يقال إننى معارض داخل الحزب الوطنى، وأنا أعتز بذلك.
■ هل أنت كنت مقصودا بذلك، بمعنى أن كل الوزراء الحاليين والسابقين الذين رشحهم الحزب لم تكن دوائرهم مفتوحة؟
- ممكن، فى أى حزب بالعالم يحافظ على رموزه وقياداته، لماذا قلت «والله فتحى سرور وكمال الشاذلى ما يخشوش مجمع انتخابى».
■ لأنهم نجحوا بالتزكية بعدما لم يتقدم أحد أمامهم؟
- هذا من البداية، قلت «والله دول ما يدخلوش مجمع انتخابى»، ثم لماذا فى أحوال أخرى حاولت أن تساعد البعض بدعمهم فى دوائرهم.
■ هذا حصل مع من؟
- مع ناس كثيرين، مع الوزراء مثلا، حاولوا أن يخلوا الدائرة لهم، وهذا ليس عيباً ولا خطأ، لأن لديك قيادات معينة ورموز لها كفاءات وإمكانات معينة، وتقدر أن تساعدك داخل المجلس، فالمفروض أن تساعدها أنت، ليس عن عن طريق التزوير طبعا، ولكن عن طريق ألا تخلق لها متاعب من صنعك داخل الدائرة.
■ فكرة تعدد المرشحين تراها خاطئة؟
- خاطئة 100%، وسلبياتها أكثر بكثير من أى إيجابيات ممكن يتم الكلام فيها.
■ الدكتور حمدى السيد قال: «كنت عاملّهم دوشة فتخلصوا منى». هل تعتقد أن هذا الكلام ينطبق على حضرتك؟
- والله يعنى، إذا كانت قيادات الحزب تبنت فكرة أن «اللى عملهم دوشة بيتخلصوا منه، يبقى أكيد الكلام ده ينطبق على».
■ ألا ترى أن ذلك صحيحاً؟
- أنا أرى أن قيادات الحزب كانت من الممكن أن تساعدنى، ولا تفتح لى الدائرة. لكن هل فتح الدائرة كان لأسباب «موضوعية» أم لأسباب «الكيد لك»- حتى لا تتاح لك الفرصة ويتم التخلص منك؟. هذه مسألة يسأل فيها صاحب الشأن.
■ مع فتح الدائرة، ألم تحاول أن تراجع مواقفك منذ انتخابات 2005، ومعرفة ما القضايا التى لم يكن موقفك بها «على هوى الحزب»؟
- كل القضايا التى طرحت قد تكون قيادات الحزب مختلفة حولها، وقد يكون هناك خلاف فى وجهة النظر، ومن هذه القضايا التى بها خلاف فى وجهات النظر «موضوع الاحتكار».
كان لى كرئيس للجنة الاقتصادية وجهة نظر مختلفة مع وجهة نظر أحمد عز فى هذه القضية، ومتفقة مع وجهة نظر رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة، وهذا أمر المفروض أن يكون طبيعيا.
وموضوع الرسوم القضائية كان لى موقف يتفق مع وجهة نظر أحمد عز فى هذه القضية. وأنا أيضا كنت ضد بيع عمر أفندى وبنك القاهرة واتفاقية الكويز.
■ عندما اختلفت مع أحمد عز فى موضوع الاحتكار «كلام مين اللى مشى فى الآخر»؟
- كلام أحمد عز.
■ لماذا؟
- المجلس وافق عليه.
■ لكنك كنت رئيس اللجنة الاقتصادية؟
- نعم، لكن اللجنة الاقتصادية كانت رافضة الموضوع، وعندما كان يناقش فى المجلس لم أحضر.
■ هروب؟
- لا، لأننى وجدت أن الاتجاه ضد رأيى، فآثرت الامتناع عن الحضور.
■ وهذا الاتجاه كان اتجاه أحمد عز أم اتجاه حزب؟
- لأ، هو اتجاه أحمد عز مع مجموعة.
■ أقصد هل الموضوع تمت مناقشته داخل الحزب على نطاق واسع؟
- لا، لم يناقش داخل الحزب، ولا داخل الهيئة البرلمانية للحزب، الخلاف كان داخل المجلس.
■ هل ترى أن المجلس الحالى من الممكن أن يستمر أم سيلاحقه «شبح الحل»؟.
- أعتقد أنه إذا كانت هناك فرصة لحله، لابد أن تكون فى إطار إصلاح دستورى شامل، وقطعا لن يحل قبل انتخابات الرئاسة، وبعد هذه الانتخابات وتولى الرئيس الجديد إذا كان يتجه إلى إصلاح دستورى شامل، ستكون هناك فرصة لحل مجلس الشعب، لكن إذا لم يتحقق ذلك وظلت نصوص الدستور كما هى لن تكون هناك إمكانية للحل.
■ ألا تر أن ما تم من تزوير من الممكن يمثل دافعاً لحله؟
- «يا سيدى كل مجالس الشعب من أول الثورة لغاية دلوقتى شابها التزوير».
■ هل ندمت أنك أيدت التعديلات الدستورية التى ألغت الإشراف القضائى على الانتخابات؟
- «أنا ماكنتش مستريح لها وماكنتش هتبناها».
■ لكن حضرتك صوت ووافقت عليها؟
- أنا لم أكن موجوداً أيام التصويت عليها، والانتخابات الماضية كانت تتم تحت إشراف قضائى، فكانت العملية تتم بحياد وشفافية أكثر من الانتخابات هذه المرة فرئيس اللجنة الانتخابية هذه المرة شخصية ضعيفة وسهل خضوعه للإغراءات والرشوة أو الرهبة والخوف، وليس لديه الاستقلالية والقدرة على أن يقاوم، الأمر الذى مثل أحد الأسباب الرئيسية لأن تكون هذه الانتخابات أسوأ من السابقة.
■ قلت هذا الرأى فى الحزب عندما كانوا يناقشون هذا الأمر؟
- والله قلته، وتناقشت مع الدكتور مفيد شهاب حول الإشراف القضائى، لكن كانت الحجة دائما أن لجنة الإشراف هى التى ستتولى، وهذه نقطة مهمة جدا، لأنه فى الهند مثلا لا يوجد إشراف قضائى، لكن لجنة الإشراف على الانتخابات لها صلاحيات وقوة تباشر بها عملها بقوة.
■ وما رأيك فى إشراف اللجنة العليا للانتخابات؟
- لم يكن على المستوى المطلوب على الإطلاق، ولابد أن تدعم بمراكز إشراف قضائى قوية وقادرة على أن تحكم كل شىء، فيه عامل طعن على الانتخابات بالتزوير.
■ كيف تنظر لظاهرة زواج المال من السياسة؟
- سيئة، وفى «مجتمع نامى» نسبة الفقر فيه أكثر من 20% قطعا هناك خطورة، وهذا ما حدث فى انتخابات مجلس الشعب.
■ هل ترى أن تكالب الناس على الترشح لمجلس الشعب، وبالذات رجال الأعمال.. هدفه الاستفادة من المجلس؟
- لأسباب كثيرة، منها القدرة على الاتصال بالمسؤولين لإنهاء مصالح، وأيضا وجاهة وحماية سياسية.
■ رأيت ذلك فى المجلس المنتهى يا دكتور؟
- نعم، كان به بعض المظاهر، لكن هذه الظاهرة تزداد.
■ وهل تستحق عضوية مجلس الشعب كل ما ينفقه رجال الأعمال من أموال فى الانتخابات؟
- هذه مسألة تقديرية، ونحن لا نريد أن نصف كل رجل أعمال بأنه «غير وطنى» مثلا، لكن مسألة أنه ربما يستفيد أكثر مما أنفقه فى الانتخابات فهذا «أمر وارد» أيضا.
■ رفضت بيع «عمر أفندى» و«بنك القاهرة».. هل تعتقد أنك دفعت ثمن مواقفك؟
- لا أريد أن أحسم موقفاً معيناً، لكن «مفيش كلام» أن الحزب لم يقدر كفاءتى وتاريخى السياسى، وفتح الدائرة ليسمح لشخص يعلم جيدا أن مصدره الأساسى هو المال، قطعا الحزب فى هذه الحالة لم يعطنى التقدير الذى كنت أتوقعه.
■ حجتهم أن حضرتك كنت غائباً عن الدائرة طوال 5 سنوات؟
- لم أكن غائبا عن الدائرة.
■ دائما، الشخصيات العامة تتعرض للهجوم بسبب حكاية الغياب؟
- بالعكس، ممكن أن تجد هذه المسألة لدى آخرين وليس لدى، وأنا كنت أخصص يوم الأربعاء أسبوعيا لخدمة أبناء الدائرة.
■ وهل اتصل بك أحد من قيادات الحزب بعد النتيجة؟
- لأ، اسألهم.
■ ألم تكن منتظرا مكالمة من أحدهم؟
- لا، كنت أتوقع أن يتصل بى أحد من الحزب ويسألنى، فهذا هو مضمون عمل الحزب، لأننى ما زلت عضوا فى الحزب الوطنى، ومتمسك بعضويتى به، لكن هذا لا يعنى أننى لا أعترض على ما يوجد به من أخطاء أثناء إدارته للعملية الانتخابية.
■ سامحنى يا دكتور، هل يعنى ذلك أنهم تعاملوا مع حضرتك كـ«خيل حكومة»؟
- «ما هو لغاية دلوقتى ما يسألش عنك حد.. خطأ يؤخذ عليهم»، فعلى العكس لابد أن يجمع الحزب الوطنى من أبنائه الذين ترشحوا ولم ينجحوا فى الانتخابات، لأن الناس تنتظر من الحزب أن يجمعهم ويعرف أسباب عدم توفيقهم، ويحاول أن يحظى بتأييدهم، بدلا من أن يتركهم بلا مبالاة ودون اهتمام.
حتى أضمن كحزب استمراريتهم. أما أن يتبعوا معهم سياسة «خيل الحكومة»، فهذا يضر الحزب، واستمراريته وإيمان الناس به.
■ ستستمر فى عضوية أمانة السياسات؟
- هذا السؤال يوجه للمسؤول عن أمانة السياسات، لكن أنا أنتمى للحزب الوطنى وسأستمر منتميا له، وما يهمنى أن يكتسب الحزب الوطنى شعبية أكبر، لذلك أطالب بحقى وأنا عضو فى الحزب، لأننى من الممكن أن أعترض ويكون لى رأى مختلف عن الرأى السائد، فالمفروض «يبقى فيه ديمقراطية».
■ هل ترى أن الحزب «يدار بالديمقراطية أم بالكرباج»؟
- لا، قطعا الحزب فى حاجة إلى تعديلات بحيث يسمح بديمقراطية حقيقية داخله. يعنى مثلا المفروض أن الأمانة العامة تنتخب بطريقة أخرى ولا تكون بالتعيين، بحيث أن من يتولى الأمانة العامة يكون مسؤولا أمام أعضاء الحزب. هذه مسائل الحزب مازال فى حاجة إلى «هيكلة» حتى يكون ذا طابع ديمقراطى أكثر.
■ لكن هل ترى أن تدار الهيئة البرلمانية للحزب بالكرباج؟
- لا، فى إنجلترا هناك شىء اسمه «حبل الكرباج» الذى يضمن للأعضاء الحضور أثناء المناقشة أو أثناء التصويت، هذه مهمته، لكن لا يفرض عليهم رأيا معينا إلا إذا كان هذا الرأى تمت مناقشته داخل الحزب.
لكن هناك إمكانية بأن يعترض أحد الأعضاء، لكن مدى اعتراضه هذا يؤدى إلى فصله من الحزب أم لا هذه مسألة أخرى.
■ هناك موضوعات كان يتم التصويت عليها فى البرلمان ولم تناقش فى الحزب؟
- كثيرة طبعا، فهذه كانت السمة الغالبة.
■ ومن هو «الكرباج» فى مجلس الشعب المصرى؟
- أمين التنظيم سواء كان المرحوم كمال الشاذلى أو أحمد عز.
■ هل هناك مساحة لتقبل فكرة أن الناس تختلف؟
- «لسه»، بالعكس قد ينظر إلى من يخالف باعتبار أنه «نشاز وما يصحش». ما زلنا لا نتقبل بارتياح أن يكون هناك مخالف فى الرأى.
■ أينظر لك باعتبارك مخالفاً ونشازاً؟
- من الممكن أن يكون ذلك قد حدث، لأن لى مواقف قد لا تتفق مع الرأى العام الغالب.
■ عاصرت الحزب فى عصره القديم وعاصرته فى العصر الجديد، ما الفرق بين الحرسين القديم والجديد؟
- فى المنهج «مفيش فرق»، لكن من الناحية التنظيمية والناحية الهيكلية والشكلية هناك اختلافات، يعنى فى الفترة التى كان فيها كمال الشاذلى أمينا للتنظيم كان يتصرف بمفرده فى حالات كثيرة دون وجود «سيستم» محدد، لكن فى الفترة الحالية حصل نوع من التنظيمات الهيكيلة، بحيث أصبحت هناك مؤسسات، هناك أمانة وقواعد حزبية ومجمع انتخابى وانتخابات قاعدية، وهيكل.. وبقى أن تدعمه بالفكر.
■ هل من الممكن أن تنشأ فى المجلس الجديد معارضة من داخل الحزب الوطنى؟
- نظريا ممكن، لكن عمليا لا أعتقد، لأن الفكرة كلها هناك رغبة فى أن يكون انضباط المجلس وفق ما تقدمه الحكومة، وأنه لا تعارض بين الحكومة والمجلس.
■ تعتقد أن سقوط 124 من رموز المعارضة كان مستهدفاً من قبل الحزب الوطنى؟
- قطعا الحزب الوطنى كان يهدف إلى التخلص من المعارضة، وأنا أعتقد أن من أخطاء الحزب الوطنى، أنه يتخلص من كل رموز المعارضة بهذا الشكل، لأن ذلك أدى إلى التشكك فى العملية الانتخابية كلها، قطعا هذه أخطاء واضحة جدا من الذى كان يدير العملية الانتخابية.
■ ومن الذى كان يدير العملية الانتخابية؟
- أمين التنظيم «مفيش كلام»، فهو المهندس الأساسى للعملية الانتخابية، وكان موجوداً فى غرفة العمليات
■ وهل تحدثت إليه عندما تعرضت لمشكلات؟
- هو من تحدث إلى يوم الانتخابات، وأخبرته بالأوضاع واستخدام رأس المال، وهو قال لىّ إن احتمال الإعادة بينى وبين الأخ طلعت، لكننى قلت له «أنا مش حريص» على الإعادة فى ظل استخدام «الفلوس» بهذا العمق.
■ هل تعتقد أن صورة مصر تحسنت أم ضعفت بعد هذه الانتخابات؟
- ضعفت طبعا، دعنا نكن موضوعيين «إزاى اتحسنت»، سأكون غير موضوعى لو قلت إنها تحسنت.
■ وبماذا شعرت بعد إخفاقك فى الانتخابات؟
- كان هناك تأثير سلبى، أنا «والله ما زعلتش»، ولكنى «أسفت» فقط لما حدث. وشعرت أننى استرددت نفسى.