أثارت البرقيات السرية الأمريكية التى ينشرها موقع ويكيليكس منذ نحو أسبوعين، رغم ضآلة الأسرار التى كشفتها، انتقادات تجاه القوة العظمى فى العالم، بينما أدان الرئيس الأمريكى باراك أوباما تسريب الوثائق واعتبره «عملا مقيتا».
وندد أوباما بنشر «ويكيليكس» البرقيات الأمريكية معتبرا هذه التسريبات «عملا مقيتا»، وذلك خلال اتصالات هاتفية أجراها مع نظيره المكسيكى فيليبى كالديرون ورئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان. وقال البيت الأبيض إن أوباما اتفق مع أردوجان على ألا يتسبب ذلك فى الإضرار بالعلاقات بين البلدين، وهى المرة الأولى التى يستخدم فيها أوباما مثل هذه التعبيرات القاسية للحديث عن هذا الموضوع منذ أن بدأ الموقع تسريب الوثائق.
وقالت صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية، فى تقرير تحت عنوان «إطلاق أول رصاصة فى أول الحروب الإلكترونية الكبرى»، إن تعرض عدد من مواقع كبرى شركات المدفوعات الإلكترونية على الإنترنت لهجمات خلال الأسبوع الماضى هو بداية لحروب جديدة كبرى.
وتم حتى الآن الكشف عن نحو 1200 من 250 ألف مذكرة يملكها «ويكيليكس» ولايزال من المبكر جدا الخروج بنتائج نهائية عن محتوى البرقيات أو بشأن النزاعات المحتملة بعد تسريبها، إلا أن ما كشفته الصحف الكبرى يعرى السياسة الخارجية الأمريكية.
وفى الشرق الأوسط، أظهرت البرقيات توافق الرؤى العربية مع إسرائيل ومخاوفهما من الطموحات النووية الإيرانية، وكان من محاسن المذكرات التى أوجدت أحيانا «سوء فهم»، أنها جعلت القادة العرب الذين يتسمون بقلة التصريحات العلنية يتحدثون، ومنها مطالب العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز لواشنطن بمواجهة إيران وبقطع رأس الأفعى لوقف برنامجها النووى، ورأت إسرائيل فيما كشفه «ويكيليكس» تأكيدا لتحذيراتها من طهران. فى المقابل، استنكرت إيران ما كشفه الموقع واعتبرت أن التسريبات هدفها «إشاعة معاداة إيران والفرقة فى العالم الإسلامى».
وأعربت الصين التى جرى تقديمها بشكل غير جيد عن أملها فى ألا يؤدى ما كشفه ويكيليكس «إلى التأثير على علاقاتها مع الولايات المتحدة»، بينما نددت فرنسا بتسريب الوثائق واعتبرته عملاً غير مسؤول، مؤكدة أنه «لم تطلها أضرار»، بينما رأى خبراء أن نشر البرقيات قد يؤدى إلى تعريض حياة الدبلوماسيين الأمريكيين للخطر، وفى الوقت نفسه، أكدت البرقيات أن بولندا، التى راهنت كثيرا منذ 10 سنوات على واشنطن، لا تحظى بالمكانة التى كانت تعتقد أنها تحظى بها لدى الولايات المتحدة، بينما رأى الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف أن التسريبات «تظهر للعالم بأسره فظاظة التقويمات والتفكير الذى يهيمن على السياسة الخارجية» الأمريكية، بعد أن وصفته برقيات بأنه «ضعيف ومتردد» فى حين وصفت رئيس الوزراء فلاديمير بوتين باعتباره «الذكر المهيمن» على الساحة الروسية.
وبغض الطرف عن الجوانب الطريفة التى تضمنتها، فإن المذكرات الأمريكية ترسم صورة غير محببة فى الغالب لقيادات سياسية، وقد تظهر تأثيرات تلك التسريبات على العلاقات الدولية على الأمد البعيد.
وبدوره، رد الفاتيكان على مضمون الوثائق التى سربها «ويكيليكس»، والتى أشار بعضها إلى معارضة البابا بنديكت السادس عشر دخول تركيا المسلمة إلى الاتحاد الأوروبى، وتناول بعضها الآخر قضايا الاعتداء الجنسى على الأطفال، واعتبر مسؤول فى الفاتيكان أن الوثائق «تعكس أفكار من قام بإعدادها» وأكد التزامه بـ«الحوار بين الأديان».