أثار كثرة عدد المرشحين المستقلين المتقدمين لانتخابات مجلس الشعب التى جرت قبل أيام، جدلاً واسعاً بالمحافظة، خاصة فيما يتعلق بدوافعهم إلى الترشح وأهدافهم منه، ففى ظل اعتراف البعض منهم بعدم قدرته على المنافسة، نتيجة عدم امتلاكهم مقومات العملية الانتخابية، وهو ما تأكد من خلال الأصوات التى حصلوا عليها والتى لم تتعد العشرات فى بعض الأحيان، فسر الخبراء والمحللون السياسيون تلك الظاهرة «بسعى هؤلاء المرشحين لتحقيق مكاسب مادية ومساومات من خلال عقد صفقات أو خدمة مرشح بعينه على حساب آخر، بهدف تفتيت الأصوات».
وقال صبحى صالح ، عضو مجلس الشعب السابق، من «الإخوان»: «القانون لا يملك أن يمنع أى شخص من ممارسة حقه الدستورى فى الترشح والمنصوص عليه فى المادة 62، بالإضافة إلى أن قانون الانتخابات رقم 73 لسنة 65 بشأن مباشرة الحقوق السياسية اعتبر أن حق الانتخابات وجوبى لكل مواطن».
وأضاف صبحى: «قانون الوجوب واجه مشكلة فى استعمال هذا الحق، مما جعل دوافع المرشحين للانتخابات تختلف، وصنفهم إلى عدة فئات، فمنهم من يترشح من أجل دخول البرلمان وتحقيق الأهداف المنوط بها من وراء ترشحه لخدمة أهالى دائرته، ومنهم من يدخل لتحقيق مكاسب خاصة، وهذا الأخير يعد جرماً أخلاقياً، لكن لا يحاسب عليه القانون».
وتابع: «هناك أيضاً من يطلق عليهم (سماسرة الانتخابات) الذين إما يتخصصون فى ابتزاز المرشحين، وإما فى عملية تفتيت الأصوات لصالح بعض المرشحين».
وقال محمد رمضان، مرشح مستقل «فئات»، والمستبعد من كشوف الانتخابات، إن هناك أناساً معروفين بالاسم يدخلون الانتخابات من أجل مصالح خاصة وتزداد قضاياهم فى المحاكم، رافضاً الحديث عن التعويضات التى سيحصل عليها أى مرشح مستبعد، معللاً ذلك بأن المرشح يبحث عن مكسب قريب وليس مكسباً بعيداً لأن قضايا التعويض يتم البت فيها فى الفترة من 3 إلى 4 سنوات، وأكد أن قيمة التعويضات ضعيفة.
وقال عبدالكريم قاسم، أمين التنظيم بحزب التجمع فى المحافظة، إنه يمكن تقسيم المستقلين إلى فئة تتبع جماعات منظمة كالإخوان المسلمين، والثانية تعتبر قيادات طبيعية يفرزها المجتمع، والثالثة تنتمى لأحزاب وانشقت عنها، إلا أنها لاتزال تسير على مبادئ أحزابها، والأخيرة فئة المستقلين الباحثين عن دور جديد للمشاركة فى العمل السياسى.
أضاف «قاسم» أن الفئة الأولى تعتبر أقوى فئات المستقلين، حيث يتمتعون بقيادة منتظمة وقاعدة جماهيرية كبيرة وتتميز بامتلاكها برامج سياسية واجتماعية على قدر عال من التنظيم، بالإضافة إلى رصيد وافر من الخبرات السياسية.
ووصف «قاسم» الفئة الثانية بالإفراز الطبيعى الذى ينبع من داخل المجتمع، نتيجة لالتحامها بالجماهير وتقديم خدمات لهم بغض النظر عن حصولها على مقعد فى البرلمان، مشيرا إلى أن هذه الفئة لا تستطيع أن تتخلى عن دورها فى المشاركة السياسية وتتمتع أيضا بخبرات مجتمعية، وتأييد جماهيرى واسع وفى بعض الأحيان يكون لدى البعض منهم كاريزما تمنحهم المزيد من التفوق المجتمعى.
وأوضح أن الفئة الثالثة التابعة أو المنشقة عن أحزاب سياسية فى الغالب تتمتع برصيد من الخبرات السياسية، إلا أن رصيد الجماهيرية لديهم يكون غير كاف لإجبار الحزب على تقديمهم ضمن مرشحيهم، مضيفا أن بعض أصحاب هذه الفئة يكونون بديلا لمرشحى بعض الأحزاب، كما يفعل الحزب الوطنى أحيانا، على حد قوله.
وأكد قاسم أن الفئة الأخيرة مثار جدل للعديد من المحللين السياسيين، حيث يصفهم البعض بالباحثين عن دور للمشاركة فى العملية السياسية والذى يعتبر حقاً طبيعياً لكل مواطن.
ووصف «قاسم» أغلب أصحاب هذه الفئة بالضعف وعدم امتلاكهم قاعدة جماهيرية أو برامج سياسية منظمة أو خبرات سياسية، مضيفا أن الهدف الوحيد من دخول أغلب أصحاب هذه الفئة هو الشهرة لدى البعض أو التلميع، متهماً البعض منهم بمحاولة «مساومة» كبار المرشحين- على حد قوله- على مبالغ مالية للخروج من المنافسة.
وقال الدكتور سعيد الدقاق، أمين الحزب الوطنى بالمحافظة: «مشاركة المستقلين تعتمد على عدة أسباب مختلفة لا يمكن حصرها، وهى إما من منطلق اختبار الشعبية أو تجربة الحظ أو من أجل ممارسة أحد الحقوق السياسية، وهذه إحدى مزايا النظام الانتخابى الفردى الذى يسمح للجميع بالحق فى ترشيح نفسه للانتخابات، على عكس نظام القائمة الذى اعتمد على اختيار الحزب للمرشحين».
وأرجع الدكتور محمد أبوراجح، أمين حزب الوفد بالمحافظة، تزايد أعداد المستقلين الذين يخوضون الانتخابات إلى اختيار الناخب المصرى لمرشحه بناء على «القبلية» و«العصبية» و«الشعبية»، فيما يأتى الاهتمام بالبرنامج الانتخابى فى مرحلة متأخرة، وربما لا يأتى- حسب تعبيره.
وقال «راجح»: «حزب الوفد ينادى بتطبيق القائمة النسبية فى الانتخابات لاعتمادها على عدة مرشحين، بناء على برنامج حزبى وتساعد على انتشار الأحزاب فى الشارع ، لأن النظام الفردى يتداخل فيه العنف والعصبية والتزوير وتسويد البطاقات».
وأكد أن بعض الأفراد المستقلين يدخلون الانتخابات من باب الدعاية، خاصة فى حالة امتهان أحدهم لمهنة تتطلب الدعاية، مستدلا على ذلك باعتماد هذه الفئة على نشر صورهم وأسمائهم فى جميع الأماكن بنفس القدر، وليس بناء على دراسات توضح الكتلة التصويتية لكل منطقة.