x

هبة السويدى فى أول حوار صحفى بعد حادث وفاة ابنها: لا أتصور أن مسؤولاً فى مؤسسة خيرية يضع التبرعات فى جيبه

وفاة ابنى دفعتنى للعمل 24 ساعة فى الخير.. ويوم وفاته تصادف مع اليوم العالمى لمرضى الحروق
السبت 06-08-2016 22:38 | كتب: أحمد شلبي |
المصري اليوم تحاور«هبة السويدى» المصري اليوم تحاور«هبة السويدى» تصوير : طارق وجيه

فى ظل أحداث ثورة يناير، وبينما كان المصابون يفترشون الشوارع، كانت سيدة فى غاية الثراء والجمال أيضا، تجرى هنا وهناك من أجل إنقاذ هؤلاء المصابين، لم تخش طلقات الرصاص الحى، أو بطش البلطجية أو استنشاق الغاز المسيل للدموع.

بكل ما تملك من أموال أو جهد كانت تشارك فى نقل المصابين للمستشفيات، وتوفر لهم الأدوية والإسعافات الأولية، لدرجة أنها كانت تتصل بالأطباء فى خارج مصر إذا تطلب الأمر لعلاج أى من المصابين. كانت تفعل كل ذلك مع أى مصاب بغض النظر عن انتمائه السياسى، لم تتوقف أبدا، ظلت تمارس دورها فى كل الأحداث حتى ما بعد 30 يونيو، دائما كانت تقول «أنا لا أحب السياسة. أنا فقط بانقذ إنسان كان ممكن يموت».

بقيت تلك السيدة فى الظل كثيرا، دائما ما كانت تخفى وجهها، مفضلة عدم الظهور فى أى وسيلة إعلامية- صحفية أو تليفزيونية- مرددة للمقربين منها: «أجرى عند الله».

ومع تعاقب الحكومات والرؤساء ما بعد ثورة يناير، كانت تلك السيدة دائما محط أنظار من يشكلون الحكومات، وكان دائما يقع الاختيار عليها لتولى إحدى الحقائب الوزارية، لكنها دائما ما كانت ترفض. وأخذت قرارها: «سأساعد بلدى بطريقتى». أنشأت مؤسسة خيرية «أهل مصر» واختارت نوعا من المرض يعانى أصحابه كثيرا، قررت إنشاء مستشفى للحروق بالمجان فى مصر خاصة بعد أن اكتشفت أن 200 ألف مصرى يتعرضون للحروق سنويا ولا يوجد مستشفى واحد لعلاجهم. فى ظل كل ذلك جاءتها الصدمة فى أغسطس الماضى، توفى ابنها، وبالمصادفة كان فى نفس اليوم الذى يحتفل فيه العالم بمرضى الحروق.

إنها السيدة «هبة السويدى»، سيدة الأعمال التى حملت لقب «ملاك الثورة».. تتحدث لـ«المصرى اليوم» فى هذا الحوار:

المصري اليوم تحاور«هبة السويدى»

■ باعتبارك رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أهل مصر» الخيرية، لماذا أخذتم قرار عدم نشر أى إعلانات تليفزيونية فى رمضان الماضى، وكنتم المؤسسة الخيرية الوحيدة تقريبا التى لم تنشر إعلانات تليفزيوية، على الرغم من أن رمضان يعد موسما لجمع التبرعات من خلال الإعلانات التليفزيونية؟

- أسهل طريقة تنزل بيها علشان الناس تعرفك هى الإعلانات، وعندما أسسنا «أهل مصر» كان فى نفس الوقت هناك عدد كبير من المؤسسات الأخرى كانت موجودة ومشهورة، وكنا فى أشد الحاجة إلى الانتشار وسط تلك المؤسسات. ومسألة عرض إعلانات للمؤسسة الخيرية فى رمضان ده قرار يخص كل مؤسسة، ولكنى كنت سأشعر بـ«تأنيب» ضمير إذا استقطعت جزءا من أموال التبرعات لأدفعها للإعلانات، على الرغم من أن الإعلانات مباحة شرعا ووزارة التضامن لا تمنعها، فالقانون يسمح لك باستخدام جزء من التبرعات للدعاية. وأصبح هناك منافسة غير طبيعية بين المؤسسات وهى طبعا منافسة على عمل الخير، ولكن أنا لا أستطيع أن أدفع للإعلانات وهناك أناس آخرون يحتاجون تلك الأموال بدلا من دفعها للإعلانات، من الممكن أن أضعها فى بناء المستشفى. وهذا يضع علينا مجهودا كبيرا فى «أهل مصر»، لأننا لسنا مؤسسة أقيمت فقط لبناء مستشفى، ولكن دور «أهل مصر» أننا نغير فكر الناس فى عمل الخير فى مصر وخارجها، هدفنا أننا نعمل ثورة فى عمل الخير. هدفنا نحول عمل الخير من مجرد جمع تبرعات إلى سعادة ومتعة وأنت تؤدى عمل الخير.

■ حتى وإن كانت تلك الإعلانات التى عرضتها المؤسسات الخيرية حققت لهم تبرعات ضخمة فى شهر رمضان؟

- أنا لن أدفع 50 مليون جنيه لكى أظهر من خلال الإعلانات فى التليفزيون، «ربنا هيحاسبنى على تلك الأموال»، قنوات التليفزيون فى رمضان لن يعرضوا تلك الإعلانات بدون مقابل، لذا فنحن كنا فى حاجة لبذل جهد أكبر لكى نصل للناس ويعرفوا أننا بنبنى مستشفى، فبدأنا نفكر فى طرق مختلفة، فنظمنا مثلا حفل ماجدة الرومى.

■ قبل أن ننتقل إلى حفل ماجدة الرومى، ألم تتواصلوا مع تلك القنوات أو الوكالات الإعلانية للحصول على خصم أو تخفيض لإعلان فى رمضان؟

- هم يضعون فيما بينهم -سواء وكالات أو قنوات- خصما لتلك الإعلانات ولكنه خصم لا يذكر، فلو كان «إسبوت» الإعلان بـ 15 ألف جنيه، يخفضوه إلى 13 أو 12 ألف جنيه. ففى النهاية علشان تظهر فى رمضان لازم تعمل حملة إعلانية ستكلفك على الأقل 20 مليون جنيه وإلا فلن تظهر وسط كل تلك الحملات. وأنا لن أدفع تلك الأموال، أنا ممكن أضعها فى علاج المرضى أو أبنى جزءا من المستشفى. فأسهل طريقة أننى أتبع ما هو موجود فى السوق. أعمل إعلانات وأجمع تبرعات وأنا فى مكانى، ولكن أنا كـ«هبة» ضميرى لن يكون مرتاحا. هناك سكة أخرى أطول وتحتاج إلى مجهود أكثر، فلماذا لا نسلكها خاصة أننى سأكون سعيدة بها. دائما أقول للفريق اللى بيساعدنى إن دورنا ليس أن نتبع الآخرين، ولكن نبحث عن المفيد. وعاوزة أقول إن الناس فى رمضان كانوا بيغيروا القناة لما الإعلانات بتبدأ، بيدوروا على المسلسل على قناة أخرى. فلم يعد المشاهد متابعا للإعلانات مع كثرتها.

■ ولكنهم جمعوا تبرعات كثيرة فى النهاية نتيجة إعلانات رمضان؟

- أنا لست مقتنعة بذلك، هم كمؤسسات خيرية كبيرة حققوا شهرة خلاص والناس عرفتهم واللى عاوز يتبرع هيتبرع لهم مش مستنى إعلان. وفى قنوات زى «مزيكا» أخذوا الأغنية اللى عملناها عن «مرضى الحروق» وعرضوها دون أى مقابل.

■ عدد كبير من الفنانين المشهورين شاركوا فى تلك الأغنية، فهل حصلوا على مقابل؟

- إطلاقا، أنا مقتنعة بأن العمل الصادق يصل وينتشر كالعدوى بين الناس، ونحن نتبع هذا الأسلوب فى «أهل مصر». إحنا كنا عملنا حملة «إنسانية بلا حروق» شارك فيها 60 فنانا، وكنا بدأنا بـ«30 فنانا» ولكنهم بدأوا يعرفوا أننا بنعمل شىء صادق وبدأوا يتصلوا بينا ويطلبوا يشتركوا معنا. أما الأغنية فجاءت بطريقة مختلفة. كنت أجلس مع نسمة الشاذلى وهى من كتبت كلمات الأغنية، كانت تجرى معى حوارا، ولأنها شعرت بوجع المحروقين كتبت الأغنية وأرسلتها لنا، تواصلنا مع شركة الإنتاج ومختصين وشاركوا معنا ولم يحصل أى شخص منهم على مليم لدرجة أن الاستديو ووجبات القائمين على الأغنية لم ندفع فيها أى جنيه. فالفنانون عندما يصدقون بشىء بيحبوا يشتركوا فيها.

■ إلى أى مرحلة وصلتم فى تحقيق حلم بناء مستشفى «الحروق»؟

- الأول عاوزة أقول إن «أهل مصر» هدفها الرئيسى أنها تغير فكر عمل الخير فى مصر، دائما أقول لهم «عاوزة الناس تمشى تخبط فى أعمال الخير فى الشارع».

■ أفهم من كلامك أنك لست مقتنعة بشكل عمل الخير فى مصر؟

المصري اليوم تحاور«هبة السويدى»

- لا لست مقتنعة، لأنه تقليدى، أريد أن نجدد ونطور، أريد أن يكون هناك مؤسسات خيرية مصرية تصل إلى العالمية مثل «اليونيسيف وبيل جيتس فونديشن»، لازم نفكر بفكر تلك المؤسسات الخيرية العالمية ونطور فى عملنا. علشان كده بنحاول نخلق ده فى الجيل الصغير فى المدارس والجامعات، لأن فى متطوعين بييجوا حابين يطوعوا ولكنهم هم أنفسهم يحتاجون إلى من يساعدهم. فمثلا منذ أسبوع كنت فى الساحل الشمالى، فجاءت مجموعة من الشباب أخذوا حصيلة الخير وطلعوا بها على البحر جمعوا تبرعات كبيرة، وهم لم يشعروا بالخجل من أنهم يسعون لجمع تبرعات رغم أنهم أبناء وبنات من طبقة ثرية.

■ هبة السويدى سيدة من طبقة سيدات الأعمال، ميسورة الحال، لكن انخراطها فى أعمال الخير، جعلها قدوة ونموذجا لعدد كبير من أبناء تلك الطبقة فى تقليد ما تفعلينه وهذا يمثل نجاحا شخصيا لك. فما رأيك؟

- هذه نعمة ولكنها فى نفس الوقت مسؤولية أمام الله، فدورى أننى أكمل وأثبت للناس كلها أن الموضوع أو المشاركة فى عمل الخير غير مقتصر على الطبقة اللى تحت. لازم نحسسهم بأن فى مشكلة لازم يشاركوا فيها، وحتى وقت ثورة يناير لما كنت بنزل وأنشر صور على الفيس بوك كانت تلك الطبقة العليا تهاجمنى. وللأسف الناس اللى فوق مش حاسة بالناس اللى تحت، انزلوا حسوا بيهم بدل ما انتوا قاعدين بـ«تولولوا» انزلوا اشتغلوا.

■ وماذا عن مستشفى الحروق؟

المصري اليوم تحاور«هبة السويدى»

- دى أول مستشفى لعلاج الحروق بالمجان فى مصر والشرق الأوسط، مساحتها 12 ألف متر مربع بالتجمع الأول، تم تخصيص الأرض من وزارة الإسكان، وشركة إيطالية تبرعت بعمل تصميمات الإنشاء بالمجان. وإحنا شغالين فى أعمال الحفر حاليا. والحمد لله أننا من سنة تقريبا قررنا نعمل المستشفى والآن بدأنا عمليات الحفر وهذا إنجاز لنا فى ظل الظروف والمشاكل التى تمر بها مصر. بس الإنجاز الأكبر لنا هو أننا خلال عام قدرنا نوصل للناس إننا عندنا مشكلة تواجه مرضى الحروق، الناس بدأت تعرف إننا عندنا أزمة وبدأ الناس يرسلوا لنا حالات مصابة، قبل كده كانت الناس المريضة بالحروق تتخفى من أمام الناس. لأنه صعب إنك تمر من أمام غرفة حروق، إنما ممكن تمر من أمام غرفة فيها مرضى سرطان. وإن شاء الله المستشفى يخلص بسرعة لأن مصر لا يوجد بها مستشفى لعلاج الحروق على الرغم من عدد المرضى الكبير.

■ لماذا اخترتم إنشاء مستشفى للحروق.. على الرغم من أن هناك مواطنين بالملايين يعانون من أمراض أخرى منتشرة فى مصر؟

- أنا طول عمرى وأنا متمردة.. بحب أشوف الناس تمشى يمينا فأتجه أنا شمالا.. الطبيعى أنى أعمل مستشفى للسرطان أو للقلب، لكن السؤال.. كم جمعية أو مؤسسة أو شخصا يعملون لمساعدة مرضى السرطان أو القلب؟.. كثيرون. ولأن عدد المرضى بالسرطان كثيرون، وكل واحد عنده قريب أو صديق أصيب بالسرطان فأصبح الناس يشعرون بآلام مرضى السرطان.. على العكس.. كم شخصا حس بالناس اللى عندها حروق؟.. لا أحد يدرك أن هناك مشكلة حروق فى مصر. والحمد لله يمكن ربنا جعلنى أنزل فى الثورة لكى أحس وأشعر بالناس اللى عندها حروق فى مصر. لو لم أتواجد بين المصابين وفى المستشفيات وقت الثورة لم أكن أعلم بأن هناك مشكلة لمرضى الحروق فى مصر. بدأت أهتم بعلاج المصابين بالحروق فى الثورة ونتيجة اهتمامى بهم بدأ يتوافد علىّ حالات من غير المصابين فى الثورة. ولن أنسى كلمة دكتور رضا الطيب – رئيس ومؤسس الجمعية الشرعية – عندما قال لى «لو عايز تدخل الجنة اعمل مستشفى حروق». وقتها قلت له إننى أرغب فى إنشاء مؤسسة خيرية خاصة بالحضانات مثلا، فرد «ابحثى عن شىء غيرك لم يعمل عليها». منذ هذا الوقت بدأنا ندرس مشكلة الحروق ووجدنا إحصائيات كبيرة جدا. فطبقا لمنظمة الصحة العالمية فإن عدد مرضى الحروق فى مصر فى العام الواحد يتراوح بين 80 ألفا و100 ألف شخص ولكن تلك الأرقام أعتقد أنها أقل بكثير من الواقع. فمثلا إنجلترا فى عام 2015 تعرض 70 ألف شخص فيها للحروق، فما بالك بما يحدث فى مصر فى ظل فقر وعشوائيات وغيره أعتقد أنه لا يقل عن 200 ألف شخص يتعرضون للحروق فى مصر كل عام. الحروق من أكثر 5 أمراض تؤدى إلى وفاة الأطفال، ففى مصر هى كارثة من الكوارث الكبرى، ففى مصر يتوفى 40 ألف شخص فى العام فى أول 6 ساعات من الحروق، فما بالك بمن يتوفون فى أوقات متأخرة للحرق؟!

الحروق مصنفة فى مصر بأن عدد وفيات المصابين بالحروق 3 أضعاف عدد الوفيات فى حوادث الطرق. وبالرغم من ذلك تجد كثيرين يتحدثون عن حوادث الطرق على عكس ما يحدث مع الحروق. وده للأسف لأن 90% من حوادث الحروق تحدث فى المناطق الفقيرة. ولو وقع حريق عند شخص غنى فهو قادر أن يرسل زوجته أو ابنه أو ابنته للخارج للعلاج. والشىء الغريب أننا فى الفترة الأخيرة كنا نذهب لأصحاب الشركة لنتحدث معهم حول إنشاء المستشفى، كانوا يحكون لنا بأن كثيرا منهم تعرض أحد أفراد أسرهم للحرق. ولكنهم يخفون ذلك لأن الشخص المصاب بالحروق إذا قدر الله وعاش فهو يبقى مشوها. وهذا ما جلعنا نهتم بالحروق.

■ هل هناك أطباء متخصصون فى مجال الحروق عرضوا الانضمام لكم أو مساعدتكم؟

المصري اليوم تحاور«هبة السويدى»

- ليس لدينا عدد كبير من الأطباء فى مصر فى مجال الحروق، فى كل أقسام الحروق بالمستشفيات من يعالج الحروق هم أطباء التجميل وتجدهم يهربون من علاج المصابين بالحروق، لأنهم مشغولون بعمليات التجميل فى الخارج، فهو لا يجلس إلى جوار شخص محروق رائحته «وحشة» ولن يكسب من ورائه شىء. والآن يعمل معنا 5 أطباء ودى نسبة قليلة.

■ عرض عليك تولى حقيبة إحدى الوزارات الحكومية لماذا رفضت.. وهل لو أصبحت وزيرة للصحة سيكون لك دور أكبر فى علاج المرضى؟

- فى الوقت الحالى لن أستطيع أن أساعد إذا توليت وزارة، لأنه لا يوجد سيستم، الفكر كله لازم يتغير، أنا لن أدخل فى روتين وأصبح مقبلة الأيدى، هناك وزراء صحة تولوا الوزارة كانوا جيدين جدا ولكنهم لم يستطيعوا فعل شىء، أنت تحتاج لإعادة هيكلة كاملة لوزارة كاملة وبدون ذلك لن تستطيع المساعدة، هذا أول سبب. والسبب الثانى هو أننى أحب أن أكون ملكة نفسى، الكرسى طول عمرى لا يمثل لى إضافة. الإضافة الحقيقية بالنسبة لى هى أننى أساعد فى علاج ناس أكثر. وعمر ما كانت الوزارة بالنسبة لى هدف.

■ كيف تقيمين التعليم فى مصر؟

المصري اليوم تحاور«هبة السويدى»

- مشكلة مصر فى الصحة والتعليم، ليس لدينا تعليم للأسف وده بيخلينا ننزل فى حملات للتوعية من الحروق، ودى حملات على مستوى الجمهورية، فى المدارس والشركات، وبنعلم الناس إنه لازم يكون عندك طفاية حريق فى البيت وكيف نستخدمها، وبننزل القرى نزيل القش من أعلى البيوت. ونشرح للناس إيه مخاطر الحروق.

■ البعض ينتقد عددا من المؤسسات الخيرية التى تستخدم أو تستغل الأطفال المرضى فى الإعلانات من أجل جمع التبرعات.. وهذا يعد اعتداء على الأطفال قبل أن يؤذى مشاعر المشاهدين.. فما رأيك؟

- إحنا عندنا فى «أهل مصر» أى إعلانات عبارة عن سعادة، لا نريد أن نعرض المشاهد للاكتئاب، أو نعرض الاطفال للاكتئاب، إحنا من سنة نزلنا بإعلانات لكى تصدم الناس وتعرفهم بأن هناك مشكلة للحروق وأنا كنت ضدها ولكنها كانت ضرورية، ولكن أنا ضد استخدام الأطفال فى الإعلانات. لأنها تؤذى مشاعرهم قبل أن تؤذى مشاعر الناس. وعشان كده عملنا السنة دى أغنية كلها سعادة وبعدها كل الناس قلدتنا. وده نجاح لنا بالرغم من إننا بنزل إعلاناتنا على السوشيال ميديا.

■ هل نجحتم فى تنظيم حفل ماجدة الرومى وحققتم الغرض الخيرى منه.. ما تفاصيل تفاوضكم مع المطربة الكبيرة للحضور إلى مصر وتقديم الحفل؟

المصري اليوم تحاور«هبة السويدى»

- إحنا كنا عاوزين نعمل حاجة تمتع الناس وفى نفس الوقت نجمع تبرعات للمستشفى، نرجع الزمن الجميل، أم كلثوم كانت بتعمل حفلات خيرية وبتلف بيها فى محافظات مصر، إحنا كنا فى جلسة عمل، وقلنا إنه طالما أننا لن نعرض إعلانات يبقى لازم نعمل حاجة تسمع عند الناس، تعرف الناس بينا، اقترحت ماجدة الرومى تعمل حفل خيرى دخله لصالح المستشفى، وصلنا لمدير أعمالها فى مصر وحددنا ميعاد معاها وسافرنا ليها، فى 10 دقائق كانت موافقة. وهى سيدة تعشق مصر، ومرضى الحروق كانوا حساسين جدا بالنسبة لها، فكانت تشعر بالمتعة لأنها ستقدم حفلا خيريا فى مصر، وأنا باعتبرها رسولة سلام، لأنه معروف عنها مشاركتها فى أعمال الخير. وتبرعت بأجرها ونفس الشىء بالنسبة للشركة المنظمة أو كل شخص شارك معنا، الكل كان فرحان بالمشاركة. واللى لمسناه فى وجوه الحضور هو إنهم كانوا مستمتعين أكثر بالمشاركة فى عمل الخير فضلا عن استمتاعهم بماجدة الرومى. وده بيخلق فكر جديد لعمل الخير.

■ فى أى مرحلة تضعين أهل مصر بعد 3 سنوات؟

- إن شاء الله هنكون وصلنا العالمية، وإحنا عملنا مبادرة «إنسانية بلا حروق»، والآن نقوم بتسجيل يوم عالمى للحروق فى جامعة الدول العربية لكى يخرج الناس من مصر والعالم كله يحتفلوا بيهم ويتعاطفوا معهم.

■ معروف إنك من أسرة شاركت كثيرا فى أعمال الخير.. هل هذا ما دفعك إلى استكمال ما تعلمته من والديك؟

- طبعا التربية شىء مهم، ولكن ما أريد أن أضيفه فى مجال عمل الخير هو أن أزرع الرحمة فى قلوب الناس، ودائما أقول لزملائى: لا تجبروا الأطفال على دفع تبرعات ولكن علموهم يبقوا عندهم عطاء ورحمة، ودائما أقول إن الفلوس هنجمعها، لأننا نبنى المستشفى من أجل المرضى وليس لأنفسنا.

■ كثير من الناس يكتبون تعليقات لك على صفحتك الشخصية.. فما هو شعورك وأنت تطالعين تلك التعليقات؟

- أنا لا أحب ذلك، ولذا أنا لا أشاهدها، أنا أحب أن أركز فى عملى فقط. ولكن طبعا بكون ممتنة ليهم. لأن محبة الناس نعمة. ولكن أريد أن أضع خطا فاصلا حتى لا أُفتتن.

■ أنت تمنحين كل وقتك تقريبا لعمل الخير؟

- منذ 6 سنوات تقريبا وأنا أشتغل فقط لعمل الخير تقريبا من بداية الثورة حتى أسسنا أهل مصر.

■ بذكر الثورة، عندما كنت تشاركين فى علاج المصابين وقت الثورة، كنت مهتمة بالسياسة أم كنت تشاركين فى عمل إنسانى فقط؟

- أنا لا أحب السياسة، أنا كنت بنزل علشان أنقذ الناس، أشارك فى إسعافهم، فكنت أعالج أى شخص دون النظر هو مع مبارك ولا ضده، إخوانى ولا غيره، أنا كنت بعالج إنسان دون تصنيفه. اتجاهاتى السياسية ليست لها علاقة بعلاج المصابين، فأنا كنت ضد الإخوان وكنت أعالج بعضهم فى أحداث ما بعد 30 يونيو، فلا يجوز أن أترك شخصا مصابا بطلق نارى لأننى أختلف معه سياسيا، أثناء الثورة وقفنا مع ناس مصابين وقدمنا العلاج لهم وبعدها اقتنعوا بنا وغيروا من فكرهم وحياتهم. فأنا أذكر أن واحدا كان من الإخوان كان مصابا وقدمنا له العلاج وفضلنا معاه فى المستشفى، فغير نظرته لنا. وبدأ يسأل نفسه هو مع مين ضد مين؟.. وأذكر إنه كان فيه واحد بيبيع مخدارت فى الميدان وأصيب برصاصة فى المخ ونتج عنها إصابته بشلل، وعالجناه ولما شاف مساعدتنا له حياته اختلفت، ولذا أنا أقول إن المسالة ليست فلوس فقط، هى رسالة، أنا ممكن أجلس فى البيت وأتبرع بفلوس، نعم سآخذ الثواب ولكن أين الرسالة؟.. والدى كان دائما يقول لى «ما هى رسالتك فى الحياة؟». ورسالتى هى تغيير فكر الناس فى عمل الخير.

■ مؤسسات خيرية كبرى تتلقى تبرعات بالملايين فهل تعتقدين أن تلك الاموال تسير فى مسارها الطبيعى؟

- طبعا.. أنا لا أتصور إن فيه حد ياخد فلوس مرضى يضعها فى جيبه.

■ كتبت على صفحتك قبل العيد، وطلبت من الناس أن يدعوا لك، بسبب حزنك على ابنك «إسماعيل» الذى توفى العام الماضى. كيف تقاومين أحزانك؟

- إلى الآن لم أستطع تجاوزها، ولكن حاولت أن أحول كل هذا الحزن والتعب إلى طاقة أضعها فى عمل إيجابى، فإن كنت أعمل بسرعة 5 حصان قبل وفاته فالآن أعمل بسرعة 11 حصانا. إسماعيل ابنى كان سندى بجد. كان يدفعنى للعمل، إلى الآن كلامه يرن فى أذنى ويقول «كملى لا تتوقفى». وأفتكر إنه قبل وفاته كان أخوه يدرس فى أمريكا وكان يمر بمرض وأنا كنت هنا فى القاهرة مكتئبة وأبكى ولا أريد مقابلة أحد، وفوجئت بإسماعيل يدخل على غرفتى ويقول «قومى اشتغلى انت فى رقبتك مرضى كتير»، وفضل يدعمنى إلى أن نزلت للعمل. إلى الآن أفتكره وكل ما أفعله أوهبه له هو وأبى. وعلى فكرة يوم الحروق العالمى 24 أغسطس مسجل يوم وفاة ابنى إسماعيل. علشان العالم كله يحتفل به.

■ أنت لست طبيبة.. هل هذا صحيح؟

- نعم أنا لست طبيبة. ولكنى درست الطب سنة.

■ وهل هذا ما ساعدك فى علاج المصابين وقت الثورة؟

- لا أنا لم أكن أعالج المصابين أنا كنت فقط أتابعهم، مثل والدتهم أو أختهم، أشوف ده محتاج لطبيب عيون فأتصل بيه، مصاب آخر يحتاج لجراح فأوفره له. لأنه للأسف فى مصر الطبيب يعالج فى تخصصه فقط وليس له علاقه بما إذا كان المصاب يحتاج لشىء آخر، وده كان دورى. ولكنى لست طبيبة. ويمكن لأنى عشت مع والدتى فترة مرضها الطويلة فأخذت خبرة من متابعة الحالة المرضية. للأسف فى مصر عندنا أطباء ولكن ليس لدينا سيستم، علشان كده لما الأطباء المصريين بيخرجوا برة بينجحوا، مثلا. لماذا مركز الدكتور محمد غنيم ناجح؟ لأنه عامل سيستم، والأجانب والألمان بييجوا له من برة مصر. فى وقت الثورة كان فى مصاب عنده مشكلة كبيرة فى الكلى وتواصلت مع مستشفيات فى ألمانيا لسفره للعلاج هناك، وفوجئت بهم يردون علينا بأن المركز الأفضل للعلاج هو عندنا فى مصر وهو مركز محمد غنيم.

■ إيه أكتر حاجة مبسوطة بيها الآن؟

- أكتر حاجة هى أننى لما ذهبت إلى الجامعة الكندية فى القاهرة، وكان رئيس الجامعة بيقدمنى للطلبة، فبيقول لهم «دى هبة السويدى، تعرفوها؟ فردوا بالنفى، ولما قال «تعرفوا أهل مصر» قالوا «آه طبعا مستشفى الحروق». هذا ما أسعدنى كثيرا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية