تباينت رؤى نشطاء أقباط ومسلمين حول خطوة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، بالاعتكاف احتجاجا على عدم الإفراج عن الشباب القبطى المحبوس على خلفية أحداث الشغب التي شهدتها منطقة العمرانية، وهو ما انفردت «المصرى اليوم» بنشره السبت.
فبينما أكد البعض حق البطريرك فى الاعتكاف كنوع من أنواع التعبير السلمى عن الاعتراض، رفض آخرون هذا الأسلوب، مطالبين البابا بألا يطلب من الدولة الإفراج عن الأقباط بل إعمال القانون.
وقال كمال زاخر، المنسق العام للعلمانيين الأقباط، إن البابا استخدم الاعتكاف وسيلة للتعبير عن رفضه لما يحدث من تعنت فى التحقيق مع المحبوسين على ذمة أحداث العمرانية، بالإضافة إلى أن القضية لم تحول للقضاء وإنما تنظرها النيابة العامة، مشيرا إلى أنه «بالنظر لأحداث مشابهة فى الانتخابات ومع جماعات الإخوان المسلمين يتم الإفراج عن أعداد كبيرة، ولكن ما حدث فى العمرانية يدل على التعنت الأمنى مما أغضب الكنيسة، ورغم مناشدات الكنيسة كبار المسؤولين فإن رد الفعل السلبى تجاه مطالب الإفراج عن الشباب جعل البابا يتخذ قراره بالاعتكاف». وأضاف زاخر: «بدلا من لوم البابا على ذلك يجب مساءلة الدولة التى اختزلت ملايين الأقباط فى الكنيسة».
وقال مايكل منير، رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة، إن البابا يلجأ لله فى اعتكافه بالصلاة والصوم، لأنه يرى «تعنت الدولة تجاه مطالب مشروعة للأقباط»، معتبرا أن هذه الخطوة «توحد الأقباط فى الداخل والخارج خلف البابا شنودة فى مطالبه العادلة بخروج الشباب المحبوس ظلما، ومحاسبة من قتل الأقباط فى العمرانية، ومن أعطى الأوامر بضرب المتظاهرين من قيادات الداخلية، وعدم تقديم أحد للمحاكمة حتى الآن جزاء لما قاموا به من انتهاكات ضد عُزّل كل ما قاموا به الدفاع عن أنفسهم». وأشاد بقرار الاعتكاف، معتبرا أن الدولة «تعامل الأقباط كأنهم مواطنون من الدرجة الخامسة».
من جانبه، أوضح الدكتور منير مجاهد، المنسق العام لحركة «مصريون ضد التمييز»، أنه رغم تقديره الدوافع الإنسانية لاعتكاف البابا «فأنا ضد أن تعمل الكنيسة بالسياسة، وقد رأينا رجال الكنيسة يذهبون إلى المحافظ وغيره ويعتذرون عن الأحداث وينسبونها لعناصر مندسة»، واصفا هذا الأمر بـ«الخطأ»، مشددا على ضرورة تطبيق القانون على أساس المواطنة والدولة المدنية.
من جهته، جدد نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، دعوته للبابا شنودة وجميع الكنائس القبطية فى الداخل والخارج بإلغاء الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، كما رحب بقرار البابا بالاعتكاف كـ«حق طبيعى فى ظل التعنت واستمرار حبس الأقباط».
ونوّه الدكتور إكرام لمعى، أستاذ اللاهوت بالكنيسة الإنجيلية، بأن الاعتكاف وسيلة للاعتراض وحصل أيام السادات فى احداث الخانكة، مؤكدا حق البابا فى الاعتكاف فى ظل استمرار حبس الأقباط خاصة أن أحداث العمرانية هى أحداث جماهيرية وتم القبض على أكثر من 150 شخصاً، وأشار إلى أن علاج القضية يجب أن يقوم على أرضية المواطنة وليس الطائفية.
وقال الدكتور عمار على حسن، الباحث السياسى، إنه لا يمكن إنكار وجود تمييز ضد الأقباط فى تولى المناصب العامة وبناء دور العبادة، لكنه اتهم قيادات الكنيسة بارتكاب خطأ كبير «عندما استولت على أصوات الأقباط لترميها إلى السلطة وتصوت للحزب الحاكم، وتعتبر أن ما تحصل عليه من السلطة منحة وليس حقوقا».
وأكد الدكتور عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن المشكلة تتعلق بوجود قيمة المواطنة والدولة المدنية ونقص قوانين أساسية لمنع التمييز، وأشار إلى أن المواطنة والدولة المدنية هما الضحية الأولى لخلافات الكنيسة مع الدولة، معتبرا أن المشكلة تكمن فى غياب القانون وإحلال العلاقات الشخصية بين قيادات الدولة والكنيسة بديلا عنها، لافتا إلى أن ما حدث فى العمرانية «تجاوز من الأمن أغضب البابا».
وفى السياق نفسه، نفى مصدر بالكنيسة ما تردد حول تعرض البابا لوعكة صحية فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون. وقال المصدر - طلب عدم ذكر اسمه - إن البابا لا يوجه رسالة اعتراض لأحد، وإنما لجأ إلى الله بالصلاة والصوم، تطبيقاً لكلام الكتاب المقدس: «اغضبوا ولا تخطئوا».