x

مي عزام 100 يوم.. قد تنقذ وطنًا (2) مي عزام الثلاثاء 02-08-2016 09:49


قرأت خبر إعلان عصام حجي، العالم المصري بوكالة ناسا، والمستشار العلمي السابق لرئاسة الجمهورية، عن تكوين فريق رئاسي للترشح بانتخابات 2018، وجاء في الخبر أن عدداً من قوى ثورة يناير وحركات التغيير بمصر تتجمع حالياً للإعداد لبرنامج الفريق، الذي يركز على كتابة الأفكار والحلول لخمس قضايا رئيسية هي: التعليم والصحة والاقتصاد والمساواة والمرأة، وسيقوم خبراء بمساعدة شباب على إنجاز البرنامج، وسيساعد حجى في الملف العلمى، وقرأت التعليقات الكثيرة على الخبر، والتى تنوعت بين النقد اللاذع والتخوين والرفض من جهة، والترحيب من جهة أخرى، بالنسبة لى فكرت في مدى ملاءمتها لنا الآن، وهل هي دعوة دون هدف ولا تريد إلا الصالح العام؟ أم أنها مرتبطة بالانتخابات والفريق المرشح؟ ووجدت أنه في ذلك يختلف عما فعله «جاك أتالى»، الذى بدأت الحديث عن كتابه «100 يوم من أجل إنجاح فرنسا»، في مقالى السابق، والذى يقدمه لمعاونة أي مرشح رئاسى، ونشره قبل وقت كافٍ من الانتخابات الرئاسية الفرنسية ليستفيد منه الجميع، وتم بدون تمويل من أي جهة أو حزب، ولقد وضع الكتاب خريطة طريق لفرنسا حتى 2022 عن طريق برنامج تفصيلى.

البرنامج خريطة الطريق، الذي طرحه الكتاب الفرنسى، تطلب مشاركة ومساهمة آلاف الفرنسيين في إنجازه، عن طريق اجتماعات ومناقشات واستقصاء مع فريق العمل المكونة من 50 باحثًا، والنتيجة هي نظرة شاملة للوضع الفرنسي في جميع المجالات، وتحديد نقاط القوة والضعف، والأخيرة هي التي تشكل التحديات، ولقد حمل «جاك أتالى»، المنسق والمشرف على الكتاب، الطبقة السياسية الفرنسية المسؤولية عن الوضع السيئ لفرنسا، لأن هذه النخبة انشعلت بالخصومات الشخصية والمنافسة فيما بينها من أجل الوصول للسلطة، ولم تكترث بالبحث عن مشروع جاد للبلاد يخرجها من عثرتها.

حدد أتالي ومجموعته التحديات العشرين الأساسية التي تواجهها فرنسا وينبغي حلها خلال الفترة الرئاسية القادمة، وجعل من الـ100 يوم الأولى للرئيس الجديد الفترة المثالية لبدء منظومة الإصلاح، مستغلا شعبيته التي تكون في ذروتها في الشهور الأولى بعد توليه الحكم. البرنامج المقدم يسعى لتحقيق العدالة والإنصاف بين المواطنين، حماية الحريات، الوصول إلى المعرفة والاهتمام بالثقافة، حماية البيئة، ربط الثروة بالعمل، الانفتاح على الآخرين والعالم، الحفاظ على مصالح الأجيال القادمة، التأكيد على التجديد والاستقامة، الرقابة المالية الحازمة على البرلمانيين والجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ. كما اقترح البرنامج أن تكون الفترة الرئاسية سبع سنوات غير قابلة للتجديد، بدل فترة الخمس سنوات المعمول بها الآن والقابلة للتجديد.

وسأستعرض بعض نقاط البرنامج التي جذبت انتباهى، نقد سياسة فرنسا الخارجية التي أصبحت مجرد رد فعل، اقتراح تأسيس برلمان لمنطقة اليورو يكون البرلمان الأوروبى ممثلا فيه، تأسيس محكمة دولية للبيئة يمكن أن تحاكم الشركات متعددة الجنسيات التي تخرب البيئة وتلزمها بدفع غرامات ضخمة، وبالنسبة لتحدي الدفاع فلقد اقترح تخصيص 2%على الأقل من الناتج المحلى الإجمالى للإنفاق العسكرى لاستعادة القدرة على إجراء البحوث والتنمية، والحفاظ على مستوى الردع النووي الحالى وتعبئة 100 ألف من جنود الاحتياط في الحرس الوطني لفترات تتراوح بين 30 و100 يوم في السنة، الاهتمام بالثقافة باعتبارها حجر الزاوية في أي مجتمع ديمقراطي، واقتراح بأن يكون وزير الثقافة من الوزراء الرئيسيين، فتح المؤسسات الثقافية للجمهور طوال أيام الأسبوع والاهتمام بتصدير الثقافة الفرانكفونية بدعم إنشاء دور سينما بالخارج، على شرط عرضها أفلاما فرنسية والاهتمام بتدريس اللغة. وفيما يخص الأمن التأكيد على تأمين وسائل الحماية للجميع وإطلاق تسمية وزارة الأمن الداخلي على وزارة الداخلية وتنظيم العمل في السجون وتطوير المتابعة الإلكترونية للأشخاص تحت المراقبة.

بالنسبة لتحدي الاندماج في المجتمع الفرنسى، اقترح أتالى تطبيق التجربة الألمانية بخصوص الاندماج وتدريس اللغة الفرنسية للمهاجرين والمواطنين الجدد والقضاء على الأمية، فرنسا بها نسبة أمية تبلغ 7%، وبالنسبة للقضاء ومنظومة العدالة فيجب أن تتمتع بالفاعلية والحياد والوضوح، وفى الاقتصاد فيجب تقديم تسهيلات للاستثمار وتأسيس المشاريع، وإعادة النظر بسياسة الضرائب بحيث يتم تبنى الوضوح والتبسيط، والتحدى الأكبر هو القضاء على البطالة وإيجاد فرص عمل مناسبة على أساس قاعدة التكوين من أجل العمل.

تفاصيل البرنامج متشعبة ومفصلة وتغطى كل التحديات الكبرى بالنسبة لفرنسا عبر صفحات الكتاب التي تصل إلى 300 صفحة تقريبا، والنتيجة التي يصل إليها أتالى في النهاية هى ألا يتم في الانتخابات الرئاسية القادمة اختيار مجرد شخص، بل يكون الاختيار للبرنامج الذي ينقذ البلاد، أيا كان من يقدمه، ويشير «أتالى» إلى أن غياب البرنامج يخلق وضعا غير واضح قد يؤدى إلى مشاكل كثيرة مع الوقت أثناء إدارة البلاد.

لقد انتخبنا السيسى دون برنامج، وتم الترويج وقتذاك بأنه لا داعى لبرنامج في تلك الظروف الاستثنائية، فهو مرشح الضرورة، ولكن بعد أكثر من عامين لا نعرف الخطة والمنهج الذي يسير عليهما الرئيس في إدارة البلاد، وأعتقد أن الفرصة دائما متاحة.... ولهذا الحديث بقية.
[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية