هبط الجنيه إلى مستوى لم يسبق له مثيل أمام العملة الأمريكية في السوق السوداء ليتجاوز سعر الدولار 13 جنيها، اليوم الإثنين، وسط توقعات بخفض قيمة الجنيه في ظل النقص الحاد للعملة الصعبة الذي يعرقل حركة التجارة في بلد يعتمد على الواردات.
وقال خمسة متعاملين إنه جرى تداول الجنيه في نطاق يتراوح بين 12.50 و13.10 جنيه للدولار بالسوق الموازية، اليوم، ليزيد سعر العملة الأمريكية ما لا يقل عن 42% فوق السعر الرسمي الذي يحدده البنك المركزي عند 8.78 جنيه للدولار.
ورفض المتعاملون ذكر أحجام التداول لكنهم قالوا إن «الطلب مستقر منذ نهاية الأسبوع الماضي حين سعت شركتان حثيثا للحصول على كميات كبيرة من الدولارات في ظل شح المعروض».
وتسببت توقعات تخفيض قيمة العملة في تفاقم حدة نقص الدولار الذي أثر سلبا على الاستثمارات بالفعل إذ يلوح الخفض في الأفق منذ أن قال محافظ البنك المركزي طارق عامر في أوائل يوليو إن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه كان خطأ.
وفي الأسبوع الماضي استبعد «عامر» تعويم الجنيه في الوقت الحالي، لكنه قال إن الخفض «يرجع لما يراه البنك في الوقت المناسب». وعززت تصريحات «عامر» التوقعات في السوق بأن البنك المركزي يستعد للتحرك.
وقال أحد المتعاملين: «الناس لا يريدون بيع دولاراتهم لأنه يتوقعون خفضا للعملة».
وتواجه مصر نقصا في العملة الأجنبية منذ انتفاضة 2011 وما أعقبها من اضطرابات أدت إلى ابتعاد السياح والمستثمرين الأجانب. وفرض ذلك ضغوطا على الاحتياطيات الأجنبية المصرية التي نزلت من 36 مليار دولار في 2011 إلى نحو 17.5 مليار دولار الشهر الماضي.
ويعمل البنك المركزي على ترشيد صرف الدولارات والإبقاء على الجنيه المصري قويا بشكل مصطنع من خلال عطاءات أسبوعية لبيع العملة الصعبة في حين تلجأ الشركات إلى السوق السوداء لتدبير احتياجاتها من العملة الأجنبية بعلاوات سعرية.
وخفض البنك المركزي قيمة الجنيه بنحو 14% في مارس ليقلص الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية لفترة قصيرة. لكن الجنيه تراجع بعد ذلك إلى مستويات قياسية في السوق السوداء بما زاد الضغط على البنك المركزي لخفض العملة مجددا.
وقال رجل أعمال يحصل على الدولارات من السوق السوداء من أجل نشاطه في مجال استيراد وبيع إطارات السيارات «توقفت عن بيع منتجاتي أمس إذ ننتظر لنرى ما سيحدث لسعر الصرف وما إذا كنا سنحتاج لرفع أسعارنا». وأضاف: «في الآونة الأخيرة أخذ سعر الصرف يصعد بطريقة غريبة جدا. فقبل نحو أسبوع كان السعر 11.5 جنيه للدولار».
ويقول مصرفيون وخبراء اقتصاد إن خفض العملة بات حتميا لكن يتعين جذب دولارات إلى الاقتصاد لتجنب الدخول في فترة طويلة من الغموض وتعديل أسعار الصرف بشكل متكرر.
ورغم أن البنك المركزي قال إنه سيتبنى سعر صرف أكثر مرونة عقب تخفيض العملة في مارس إلا أن السعر الرسمي لم يتغير منذ ذلك الحين.
وقالت رزان ناصر، الخبيرة الاقتصادية لدى بنك «اتش.إس.بي.سي» الشرق الأوسط: «إذا أريد لخفض العملة أن يكون ناجعا فعلى البنك المركزي أن يسمح بنظام أكثر مرونة لسعر الصرف يتيح للعملة أن تصل إلى مستواها المناسب بدلا من مجرد إعادة ربطها بسعر أضعف».