لايزال شبح الحروب وويلاتها هو المحرك الأول لصناع السينما اللبنانية.. وظهر بوضوح أن صناع السينما في لبنان لا يستطيعون إسقاط مرحلة الحرب من حياتهم بسهولة.. وحتى إن أراد صناعة فيلم بعيدا عن مأساة الحرب يجد نفسه بشكلا أو بآخر متورطا في فيلما يحمل نكهة سياسية بطعم الحرب.
وقد عبر المخرج اللبناني جورج الهاشم في فيلم رصاصة طائشة الذي كتبه أيضا عن التأثيرات النفسية المفزعة التي يعيش فيها كل مواطن لبناني حتى هذه اللحظات بسبب ما تكبده الأبرياء بسبب الحرب والرصاص والدموية. والفيلم، الذي تقوم ببطولته نادين لبكي وتكلا شمعون وبديع أبو شقرا وهند طاهر، يتحدث عن حرب 1976 وتتركز الأحداث في حي بيروت أثناء الحرب اللبنانية الأهلية .
وتقوم نادين لبكي بدور نهى الفتاة التي تستعد للزفاف لكن تحدث بعض التغيرات تجعلها تغير رأيها قبل الزواج بخمسة عشر يوما.
وأوضح المخرج أن اختيار اسم رصاصة طائشة للفيلم يعني أن في هذه الفترة كان الجميع يتصرف بشكل طائش يشبه تلك المرحلة التي مرت بها لبنان .
عرض الفيلم الاثنين ضمن مسابقة الأفلام العربية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي وأعقب الفيلم ندوة بمركز الإبداع حضرها مخرج الفيلم جورج الهاشم وتكلا شمعون إحدى بطلات الفيلم كما حضر الفيلم المخرج اللبناني أسد فولاد كار.
بدأت الندوة بالحديث عن شكل العلاقة بين الفلسطينيين واللبنانيين قبل الحرب حيث كانن يسودها الود والمحبة. لكن بعد الحرب تعرضت العلاقة بينهما لهزة شديدة لدرجة أنه تم اضطهاد المسيحيين الفلسطينيين فى لبنان بعد الحرب.
وتحدثت الممثلة تكلا شمعون عن تجربتها في الفيلم قائلة إنها تجربة مهمة جدا بالنسبة لها لدرجة أنها تعتبره من أهم الأفلام التى شاركت فيها في حياتها.
وأكدت أنها ترى الفيلم على شاشة السينما للمرة الأولى فى مهرجان القاهرة السينمائى، حيث عرض الفيلم في مهرجانات خارجية لكنها لم تتمكن من رؤيته بسبب انشغالها بعدد من الأفلام التى كانت تصورها في هذه الأثناء.
وتحدث المخرج اللبنانى اسد فولاد كارعن التأثيرات النفسية الصعبة التي تعرض لها بسبب الحرب وتبعاتها وقال إنه شعر بالاختناق وهو يشاهد فيلم رصاصة طائشة لأنه مر بهذه الأحداث ورآها على الطبيعة وتذكر مع كل مشهد الآلام التي عاشها أثناء الحرب لأن الفيلم ليس قصة روائية بل هو حال اللبنانيين جميعا.
وتساءل فولادكار باستغراب شديد، « كيف يجمع اللبنانيين بين حب الحياة ومرارة الحرب في آن واحد؟؟.. فاللبنانيون ناس بتحب وعايشة وفى نفس الوقت فيه حرب وبيتكلموا عن المشاكل السياسية بعنف شديد» .
وعن تكلفه الفيلم قال المخرج جورج الهاشم إن الفيلم تكلفته مرتفعة للغاية ومن الصعب الإفصاح عنها لأنه يعتبر الميزانية سرا من أسرار الفيلم.
وفي نهاية الندوة قال المخرج جورج الهاشم إنه يتمنى أن يكون الفيلم قد نجح في إيصال رسالة للناس وهي «أن يسعوا لإحياء ضمائرهم ومشاعرهم ولا ينسوا أن الحرب لا تخلف إلا دمارا وضحايا يظلون عالقين بالذاكرة طوال الحياة وما بعدها»، لذلك فالحرب خنقت كل ماهو جميل باللبنانيين.