قال أحمد أبوالغيط، أمين عام الجامعة العربية، إنه لابد من المضى قدما فى عملية إصلاح وتطوير الجامعة العربية، لأنها تحتل أهمية قصوى فى هذه المرحلة، التى تشهدها منطقتنا العربية، فضلا عن التحديات والتداعيات والتحولات الكبرى.
وأضاف «أبوالغيط»، موجهاً حديثه إلى وزراء الخارجية العرب، السبت، قائلاً: «أعاهدكم على أننى سأتحمل شخصياً عبء هذا الملف، وآمل أن تساعدونى، ولابد من تجديد أساليب العمل وإنجاز جميع المشاريع الرامية إلى الارتقاء بآليات وهيكل العمل العربى المشترك، على نحو يكفل تحقيق المصالح العربية العليا، ويحافظ على أمن وسلامة واستقرار البلاد العربية».
وتابع- فى كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيرى للقمة العربية، فى «نواكشوط»- أن القضية الفلسطينية ظلت على مدى العقود السابقة، وستظل تمثل القضية المركزية للأمة العربية وتحتل الأولوية القصوى فى أجندة العمل العربى المشترك، وسيبقى الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية والعربية يمثل تهديداً أساسياً للأمن القومى العربى.
واستطرد: «لا شك أن هناك تهديدات للتراجع عن الدفاع عن القضية الفلسطينية، لكن هذا لن يحدث، وسنظل ندافع عنها وسيتوقف تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط على حل القضية الفلسطينية، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والمرجعيات المتفق عليها لعمليات السلام، وعلى رأسها مبادرة السلام العربية، ولعل الجهود المصرية الأخيرة ستفتح طريقا فى وسط حالة الجمود التى يشهدها الوضع الحالى، كما أن المبادرة الفرنسية قد تمثل فرصة مواتية لتصحيح المسار وإنهاء الاحتلال».
وحول الأزمة السورية، قال أبوالغيط إن هناك تهديدات خطيرة يواجهها الأمن القومى العربى ناجمة عن الأزمة السورية بتعقيداتها الكبيرة وتفاعلاتها المتشابكة وتطورات الأوضاع فى العراق واليمن وليبيا، الأمر الذى يتطلب التحرك السريع لإيجاد الحلول السياسية لإعادة الأمن والاستقرار لهذه الدول.
وأضاف أبوالغيط أن موضوع صيانة الأمن القومى العربى ومكافحة الإرهاب يعطى أهمية قصوى لحماية الدولة الوطنية من المخاطر التى تهددها والحفاظ على مكتسبات وثروات ومقدرات الأمة العربية وإرساء الأمن والسلام والاستقرار، الذى يُعتبر شرطا أساسيا للمضى فى تحقيق التقدم الاقتصادى والاجتماعى، الأمر الذى يقضى على الإرهاب من جذوره وهزيمته ودحر أفكاره وأيديولوجيته المدمرة.
وتابع: «نحتاج إلى تبنى رؤية عربية شاملة تأخذ فى الاعتبار جميع الأبعاد ذات الصلة بالسياسات الاقتصادية والثقافية والدينية، على أن تحتل قضايا الشباب وتطلعاته ومشاركته فى الحياة العامة موقع الصدارة فى هذه الرؤية».
ووجه أبوالغيط الشكر إلى مصر عن فترة رئاستها الدورة الـ26 للقمة العربية لما قامت به من جهد فى دفع مسيرة العمل العربى المشترك، كما قدم الشكر إلى موريتانيا لما قامت به من الإعداد والتحضير لأعمال القمة العربية الحالية الـ27، ووجه التحية إلى الدكتور نبيل العربى على ما قام به من جهد فى إدارة العمل العربى المشترك، فى ظل الأوضاع الشائكة التى شهدتها المنطقة.
واستعرض سامح شكرى، وزير الخارجية، ما أنجزته مصر خلال فترة ترؤسها القمة السابقة التى شهدت فيها المنطقة والعالم تطورات مهمة وعميقة، ما دفعها إلى تكثيف الاهتمام بالقضايا العربية، وفى صدارتها القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية العرب الأولى، بالإضافة إلى الأزمات العربية فى عدد من البلدان العربية، والتى باتت تهدد الاستقرار الإقليمى، فضلا عن بعض الظواهر، وفى مقدمتها ظاهرة الإرهاب واللاجئين غير الشرعيين، وطلب شكرى من وزراء الخارجية والوفود الوقوف دقيقة حدادا على أرواح ضحايا الإرهاب.
وكشف شكرى أن مصر نجحت خلال فترة ترؤسها القمة السابقة فى الحفاظ على صدارة القضية الفلسطينية إقليميا ودوليا، وتفاعلت مع جميع المبادرات والتحركات، التى كان آخرها المبادرة الفرنسية التى ساهمت لجنة إنهاء الاحتلال، المنبثقة عن قمة شرم الشيخ، فى إثرائها وتوفير الدعم اللازم لها.
وأوضح أن هذه التحركات تزامنت مع رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى أعلنها فى محافظة أسيوط، والهادفة إلى إيجاد حل حقيقى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى المحتلة.
وأكد أن أزمات سوريا وليبيا واليمن والعراق تعكس ظواهر متشابهة، أهمها وجود ميليشيات ولاعبين من غير الأطر الرسمية تعمل لحساب قوى إقليمية، وقال إن الحلول المطروحة التى تبنتها مصر خلال رئاستها القمة تلخصت فى الحل الأممى فى كل من سوريا واليمن وليبيا أو من خلال الزيارة التى قام بها شخصيا إلى بغداد، الشهر الماضى، وإن هذه الحلول تهدف إلى إقامة الدولة الوطنية الجامعة العادلة، التى تضم جميع مواطنيها دون أى تفرقة على أساس من العرق أو الدين أو المذهب.
وشدد على أهمية توافر التكاتف العربى فى مواجهة تداعيات هذه الأزمات وغيرها، خاصة فى لبنان، الذى يتطلب توفير المساندة له بجميع الوسائل لمساعدته على حل مشكلاته عبر الحوار واستكمال مؤسساته الدستورية، منعا لوقوعه فى صراع إقليمى.
وحول الإرهاب، شدد شكرى على ضرورة اعتماد سياسات ومواقف حازمة تحول دون تفاقم هذه الظاهرة، وعبر عن اعتقاده أن العمل العربى المشترك مازال دون المستوى، وهو ما يحول دون تفعيل التكامل العربى، ودعا إلى تحقيق التوافق وبلورة الإرادة السياسية العربية للبدء فى تطوير الجامعة العربية، وانتقد تأخر إقرار التقرير، الذى تم إعداده فى هذا الشأن منذ أكثر من 5 سنوات، وهو ما يثير القلق حول مستقبل الجامعة العربية.
وقال وزير الخارجية الموريتانى، اسيلكو ولد ازيديه، إن القمة العربية تُعقد فى ظل ظروف خاصة تمر بها المنطقة العربية، وتتطلب التحاور من أجل الوصول إلى حلول لمشاكل المنطقة.
وأضاف: «نحن على يقين بأن هذه القمة ستؤدى إلى مرحلة جديدة من العمل العربى المشترك، وانعقاد هذه القمة عميق الدلالة على حرص الدولة الموريتانية على تدعيم أواصر وروابط بعمقها العربى، وكذلك انطلاقه للعمل العربى المشترك لمواجهة الظروف الصعبة التى نمر بها، وفى مقدمتها انتشار العنف والعمل الطائفى وانتشار السلاح وكثير من القيم السلبية، وهو ما يتطلب منا النظر بمزيد من التعقل والتشبث بالبيت العربى وتحقيق المصالحات العربية- العربية».
وتابع: «مازالت القضية الفلسطينية هى قضية العرب الأولى، ونؤكد أهمية وجود سلام عادل وشامل وتحرير جميع الأراضى العربية المحتلة وانسحاب إسرائيل منها وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وفقا للقرارات الدولية فى هذا الصدد، ونحتاج إلى إرساء أسس عالم عربى يتطلع لمستقبل أفضل وتعزيز التجمعات الإقليمية والدولية والاهتمام بمنطقة الجوار العربى، خاصة الأفريقى، التى تجمعنا بها آمال مشتركة».