x

مي عزام نظام أبوهشيمة يتحدى السبكى مي عزام الأربعاء 20-07-2016 21:51


الأسبوع الماضى، كنت أنوى الكتابة عن خبر اختيار الأكاديمية الأمريكية للفنون، المانحة لجائزة الأوسكار، لأربعة مخرجين عرب، ليس بينهم مخرج مصرى، للانضمام إلى عضويتها ضمن شخصيات سيتم اختيارها من جميع أنحاء العالم، حسب تميزهم فيما قدموه للسينما، ولكن الأيام الماضية كانت مشحونة بالأحداث الجسام، وكان الكلام عن السينما فى هذا التوقيت يبدو رفاهية غير مستساغة، لكنى أجد من الضرورة العودة إلى الموضوع، لأن السينما لها دور كبير كقوة ناعمة تفوق قوة الفولاذ، ولعل ذلك ما جعل رجل الحديد المجتهد أحمد أبوهشيمة يستحوذ على 50% من أسهم شركة مصر للسينما، وهى خطوة تأتى بعد استحواذه على قنوات on tv ومؤسسات إعلامية أخرى بشكل غير واضح حتى الآن، ويبدو أن الرجل طبقا لما يصرح به «لديه خطة طموحة لدفع السينما والدراما المصرية خطوة للأمام وإعادة دور مصر فى هذا المجال، بالإضافة إلى إنتاج برامج تليفزيونية وأعمال درامية تليق بالمجتمع المصرى»، فقد أعلن أنه سينتج 15 فيلما سينمائيا خلال العامين المقبلين، من خلال شركة مصر للسينما، بالإضافة لإنتاج أعمال درامية لرمضان المقبل.

من الجيد أن هناك أموالا ستضخ لإنعاش صناعة السينما، فهى صناعة مكلفة تحتاج رؤوس أموال ضخمة لإنتاج أعمال ذات مستوى فنى رفيع، ولا يهمنى كثيرا البحث عن هذا الانقلاب فى شخصية أحمد أبوهشيمة الذى لم يعرف عنه من قبل اهتمامه بصناعة السينما، إلا إذا اعتبرنا أن زواجه السابق من النجمة هيفاء وهبى دليل على إيمانه بالقوة الناعمة للفنون، وهناك الكثير من الشائعات التى تروج بأن هناك أجهزة فى الدولة هى صاحبة هذه المبادرة، وأبوهشيمة ليس سوى «واجهة»، فالسيسى أعرب أكثر من مرة عن عدم رضائه عن الأداء الإعلامى، وكذلك الأفلام التى تظهر سوءات المجتمع المصرى، ومن الطبيعى أن تتخذ الدولة إجراءات، ويكون لديها أدوات تنفيذ، ويبدو الأمر كأن أحمد أبوهشيمه أصبح وزير الإعلام والإرشاد القومى غير المعلن.

السينما نجاحها لا يقوم فقط على ضخ الأموال، فالمال وحده لا يكفى لصناعة فيلم جيد، الإبداع والتميز فى كل عناصر الفيلم مطلوبة: القصة، السيناريو، التصوير، الإخراج، التمثيل، الديكور... إلخ، وكما قال الرئيس السيسى، وأصدقه: نحن أشلاء دولة، وهذا يبدو واضحا فى كل مناحى حياتنا، فما يقدم فى السينما هو نفسه ما يقدم فى محال المؤكلات الشعبية الرخيصة والأكلات السريعة: بواقى لحوم وأحشاء مع خلطة توابل حريفة، وإذا أراد أبوهشيمة (ومن يديره) أن يقدما أعمالا جيدة فعلا، فعليهما الخروج من فكرة الشللية و«أهل الثقة»، والتنقيب عن أهل الخبرة والكفاءات فى كل مجالات الفنون والإعلام، فالفن لا يعرف وساطة ولا محسوبية، فمهما أنفقت على عمل سينمائى ركيك لا يمكنك تسويق مشاهدته، كم من حملات و«هاشتاجات» أطلقتها المؤسسة الرسمية لم تحقق رواجا بين الشعب لأنها ببساطة بعيدة تماما عن الإبداع الذى يتسم بالصدق وعدم التزييف، ولكم فى إعلان «حلق الحاجة زينب» مثالا، فلقد تم بناء الإعلان كله على أكذوبة أنها ورثته عن جدتها حتى يصبح التضحية به لها قيمة ذات طابع تاريخى، ثم جاءت تصريحات الحاجة زينب العفوية فى الميديا لتكذب كل هذه الخزعبلات الإعلانية، فهو مجرد «حلق» اشترته بمالها من الصائغ كأى سلعة، ولو كان الإعلان تحرى الصدق وعدم المبالغة لكان أفضل.

لهذا أنصح أحمد أبوهشيمه (بالرغم أنه قد يرى أن ذلك ليس من حقى أو اختصاصى) بأن يفوض أحد الخبراء فى صناعة السينما لتكوين لجنة فنية تضم كفاءات تمثل كل الفئات التى تعمل فى السينما من العاملين إلى كبار المبدعين من الكتاب والمصورين والمخرجين لوضع «خريطة مستقبل» تنص على القيم والمبادئ التى يجب أن تتضمنها الأعمال النموذجية التى ينوى أبوهشيمة إنتاجها، لكننى أخشى أن تنتهى اللجنة إلى ما يشبه لائحة الممنوعات الخليجية التى تفرضها السعودية على الدراما بأنواعها، فنرى الميكروويف فى الأحياء العشوائية، ونرى شوارع القاهرة منظمة ونظيفة، فيصبح لدينا مدرسة واقعية جديدة اسمها «واقعية أبوهشيمة»!.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية