x

هكذا تعلمت البرتغال الدرس اليوناني بعد 12 عامًا (تقرير)

الإثنين 11-07-2016 12:36 | كتب: أ.ف.ب |
فرحة المنتخب البرتغالي بالتتويج بلقب اليورو فرحة المنتخب البرتغالي بالتتويج بلقب اليورو تصوير : رويترز

لم تكن الروابط التي جمعت البرتغال بالبرازيل محصورة باللغة والعلاقة الاستعمارية، وإنما في أن الأولى اكتسبت لقب منتخب «برازيل أوروبا» بفضل طريقة لعبها المثيرة والجميلة واللاعبين المهاريين الذين انتجتهم، وعلى رأسهم القائد الحالي كريستيانو رونالدو والأسطورة أوزيبيو ولويس فيجو.
لكن هذه الجمالية لم تصل بالبرتغال إلى أي مكان، وكل ما حققته على صعيد كأس العالم احتلالها المركز الثالث عام 1966 والرابع عام 2006، ووصولها إلى نهائي كأس أوروبا عام 2004 على أرضها.
وأدرك المدرب الحالي فرناندو سانتوس أنه إذا أراد تحقيق شيء ما، عليه اعتماد مقاربة مختلفة، أو بالأحرى مقاربة مشابهة لما اعتمدته اليونان في النهائيات القارية عام 2004، حين أسقطت البرتغال مرتين، في الجولة الافتتاحية للدور الأول «2-1» والمباراة النهائية «1-صفر». ويبدو أن البرتغاليين تعلموا «الدرس» اليوناني، لكنهم انتظروا 12 عامًا لتطبيقه، بعدما سئموا الاكتفاء بلعب دور المرشح الذي لا يرتقي في نهاية المطاف إلى مستوى التوقعات.
وقد أدرك البرتغاليون على الأرجح أن البرازيليين «الأصليين» لم يبقوا نفس البرازيليين الذين قدموا للعالم أجمل اللمحات الفنية في كؤوس العالم وأكثر اللاعبين المهاريين دون أن يتمكنوا من رفع كأس العالم منذ 1970، ما دفعهم إلى تغيير أسلوبهم، وهو الأمر الذي أعطى ثماره عام 1994، حين أحرزوا لقبهم العالمي الرابع بركلات الترجيح على حساب إيطاليا قبل إضافة الخامس والأخير عام 2002 على حساب ألمانيا.
الزحف إلى اللقب
ونجحت المقاربة التي اعتمدها سانتوس في نهائيات فرنسا 2016، وتمكن المنتخب «القبيح» بحسب قوله، من منح البرتغال لقبها الأول على الإطلاق، والذي تحقق بعد أن زحفت بكل ما للكلمة من معنى، لأن وصولها إلى دور الأربعة للمرة الرابعة في النسخ الخمس الأخيرة والخامسة من أصل 7 مشاركات لم يكن «سلسًا» على الإطلاق، رغم أن طريقها لم يكن شائكا كثيرًا.
ووصل كريستيانو رونالدو ورفاقه إلى هذه المرحلة من البطولة بعد أن تخطوا الدور الأول بثلاثة تعادلات ثم اصطدموا بكرواتيا في الدور الثاني واحتاجوا إلى هدف من ريكاردو كواريزما في الدقيقة 117 من الوقت الإضافي لكي يخرجوا فائزين في مباراة كان المنافس الطرف الأفضل فيها.
وحجز برازيليو أوروبا مقعدهم في دور الأربعة عبر ركلات الترجيح بتخطيهم بولندا 5-3، بعد تعادل الطرفين 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي، في لقاء كانت الأفضلية فيه لروبرت ليفاندوفسكي ورفاقه، قبل أن يدخل الشاب ريناتو سانشيز على الخط وينقذ فريق المدرب فرناندو سانتوس.
وكان الفوز على ويلز في الدور نصف النهائي «2-صفر» الوحيد الذي تحققه البرتغال في الوقت الأصلي، لأن مباراة التتويج ضد فرنسا حسمت في الدقيقة 109 من الوقت الإضافي بفضل هدف البديل إيدر.
ومن المؤكد أن سانتوس لعب دورًا هامًا في وصول بلاده إلى هذه المرحلة، بعدما زرع روح الوحدة في الفريق وهو الذي درب المنتخب اليوناني، المثال الذي يحتذى به عندما يتحدث المرء عن «الزحف» لأنه تُوج بلقب 2004 حين كان بقيادة المدرب الألماني أوتو ريهاجل، بعد أن أنهى الدور الأول بفوز ضئيل على البرتغال بالذات «2-1»، ثم تعادل مع إسبانيا «1-1»، وخسر أمام روسيا «1-2»، قبل أن يتخطى فرنسا في الدور ربع النهائي بهدف وحيد، والتشيك في نصف النهائي بهدف في الشوط الإضافي الأول ثم البرتغال مجددًا في النهائي بهدف أنجيلوس خاريستياس.
واعترف حارس البرتغال السابق فيتور بايا، بأن «الانتقادات وجهت للمنتخب البرتغالي لأنه لم يقدم كرة جميلة، وهذا صحيح لأنه لم يلعب بالأسلوب المغري الذي كان يقدمه في الفترة الأخيرة، لكنه (الأسلوب) كان فعالًا، ويجب أن نشعر بالفخر لأننا نرى الآن فريقًا موحدًا لا يعتمد على نجومية لاعب مثل رونالدو».
وواصل في صحيفة «ريكورد» الرياضية البرتغالية: «بإمكاننا حتى أن نرى أن رونالدو أصبح يعتمد على الآخرين وليس العكس».
الجمالية أو الفوز باللقب
وقد حدد سانتوس أولوياته بوضوح، دون الاكتراث بالانتقادات، قائلًا: «هل نريد أن نلعب بطريقة جميلة؟ نعم. لكن بين اللعب بطريقة جميلة والعودة إلى وطننا أو اللعب بطريقة بشعة والبقاء هنا، فأنا أفضل أن نلعب بطريقة بشعة».
ومع تجربته النادرة بإشرافه على تدريب الفرق الثلاثة الكبيرة في البرتغال، بورتو وبنفيكا وسبورتنج لشبونة، عاد فرناندو سانتوس من «منفاه» في اليونان، لمحاولة الفوز مع منتخب بلاده بأول لقب له.
ورغم عقوبة الإيقاف لثماني مباريات، خفضت لمباراتين بعد الاستئناف، بسبب تهجمه على المسؤولين عقب خسارة اليونان أمام كوستاريكا بركلات الترجيح في مونديال البرازيل 2014، لم يتردد الاتحاد البرتغالي في التعاقد معه لقيادة المنتخب خلفًا لباولو بينتو.
ونجح سانتوس تمامًا في التصفيات، حيث تصدر منتخب البرتغال ترتيب المجموعة السابعة برصيد 21 نقطة من 8 مباريات، فحقق المنتخب تحت إشرافه 7 انتصارات بعد الخسارة الوحيدة التي تعرض لها تحت إشراف بينتو أمام ألبانيا في عقر داره.
وكانت المهمة الرئيسية لسانتوس، صاحب الـ61 عامًا، كما كان حال أسلافه بينتو وكارلوس كيروش والبرازيلي لويز فيليب سكولاري، استخراج الأفضل من رونالدو، إلا أن هذا المدرب عرف كيف يقدم البديل في حال لم يكن نجم ريـال مدريد الإسباني في يومه، وهذا البديل كان أولا ريناتو سانشيز ثم إيدر في النهائي.
وآمن سانتوس بأن مفتاح النجاح يتمثل بتخفيف العبء عن رونالدو من خلال بناء الفريق من حوله، وهو قال بهذا الصدد قبيل انطلاق البطولة: «أبحث عن حل لتعزيز قوة كريستيانو من خلال ميزات لاعبي فريقي»، مضيفًا «لا يمكن أن نطلب من كريستيانو اللعب كجناح في الدفاع لأنه يبذل جهدًا واضحًا في الهجوم، كونه أفضل لاعب في العالم، وأكثر اللاعبين غزارة في الأهداف، فلا يمكنه أن يكون مدافعا».
وأثبت سانتوس الذي قاد اليونان إلى الدور الثاني في كأس أوروبا 2012 ومونديال 2014 رغم غياب المهارات، أن فلسفته ناجحة تمامًا، وأن الانتقادات التي وجهت إليه بسبب خروج البرتغال عن «تقليدها» الهجومي، ستصبح طي النسيان ولن يتذكر أحد سوى اللقب الذي أدخل «سيليساو داس كيناس» في سجل الأبطال وجعله عاشر منتخب يحرز اللقب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية