x

خبراء: زيارة نتنياهو لـ«حوض النيل» تستهدف التأثير على مصالح مصر

الإثنين 04-07-2016 19:00 | كتب: أحمد بلال |
إثيوبيا تحتفل بمرور 5 سنوات على بدء بناء «سد النهضة» - صورة أرشيفية إثيوبيا تحتفل بمرور 5 سنوات على بدء بناء «سد النهضة» - صورة أرشيفية تصوير : آخرون

قال خبراء فى الشأن الإسرائيلى والأفريقى، إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، إلى 4 من دول حوض النيل، تستهدف فى المقام الأول مناقشة قضايا المياه وسد النهضة، ويشمل جدول أعمال «نتنياهو» خلال الزيارة فكرة إنشاء بنك للمياه فى الشرق الأوسط، وتأمين سد النهضة، وكذلك مشروعات زراعة ورى، وتصدير كهرباء.

شدد الدكتور محمود أبوالعينين، أستاذ العلوم السياسية، والعميد السابق لمعهد البحوث الأفريقية بجامعة القاهرة، على أن إسرائيل بشكل عام لها خط مناهض للمصالح والحقوق المصرية فى مياه النيل، واستراتيجيتها واضحة فى هذا الإطار، فهى تتبع استراتيجية شد الأطراف بمعنى الضغط على الدول المحيطة بمصر وكذلك السودان لشد انتباههم لمناطق أخرى غير فلسطين».

وقال: «الزيارة تأتى فى هذا التوقيت تحديدًا، لتركيز مصر على حقوق الفلسطينيين، ولإعادة الرئيس، عبدالفتاح السيسى، القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى وضعها الطبيعى كقضية أولى بالنسبة للعرب، فهم يريدون كسر حدة الموقف المصرى، فضلًا عن رغبتهم فى إشعال الموقف مرة أخرى فى حوض النيل، ومحاولة تشجيع الدول التى بدأت تتخذ مواقف تقترب فيها من مصر على الابتعاد عنها، لتشكيل نقطة جذب وشد الانتباه المصرى جنوبًا، وهو ما يخدم السياسة الإسرائيلية».

وعن الحجم الكبير للوفد الاقتصادى الذى يصطحبه «نتنياهو» معه فى جولته، وعلاقته بمشاريع سد النهضة، قال:«حتى من قبل العمل فى السد، المشروعات المشتركة والمصالح بين إسرائيل والدول الأفريقية، خاصة إثيوبيا وبعض الدول الأخرى فى حوض النيل، مستمرة ومتنامية من فترة طويلة، لكن حساسية الموضوع الآن أنها تأتى فى إطار نزاع قائم لم يُحسم بعد فى قضية سد النهضة وتأثيره على دول المصب، مصر والسودان، وأسرائيل موقفها واضح وحرج جدًا، ويجب أن تعاطيه بجدية كاملة لا أن يتم التعامل معه باستهتار، هذه الزيارة وتوقيتها يكشف أن الهدف منها هو التأثير على المصالح المصرية». وأوضح عن طلب إسرائيل الحصول على عضوية الاتحاد الأفريقى بصفة مراقب: «هناك مقاومة لوجود إسرائيل فى إطار الاتحاد الأفريقى حتى كمراقب، هى تقدم مساعدات لبعض الدول، وترغب من خلالها الفوز بعضوية الاتحاد كدولة مراقب، كى يكون لها نفوذ فى الدائرة الأفريقية، تسمح لها بالتأثير على دول القارة فى التصويت لصالح إسرائيل وليس فلسطين فى المحافل الدولية، لأن الكتلة الأفريقية هى ثانى أكبر كتلة تصويتية فى العالم، ولها وزن سياسى كبير وهذا هدف إسرائيلى واضح».

ولفتت الدكتورة هبه البشبيشى، أستاذ العلاقات الدولية، والمتخصصة فى الوجود الإسرائيلى بأفريقيا، إلى أن اختيار رئيس الوزراء الإسرائيلى للدول الأربع، التى ستشملها الزيارة، يشير إلى أن المياه تأتى على رأس جدول أعماله فى جولته الأفريقية، وأضافت: «لست مع تضخيم الدور الإسرائيلى فى القارة الأفريقية، نحن نعطى الإسرائيليين حجمًا أكبر من قدراتهم على التواجد فى القارة، والقضية الحقيقية ليست فى أن تل أبيب تسيطر على أديس أبابا، القضية أن لدى الإثيوبيين والأفارقة إرادة على السير فى هذا الاتجاه».

وتتابع الدكتورة هبه البشبيشى: «هناك مشكلة لدى المصريين فى فهم الشخصية الإثيوبية، فالمصريون يضعون الأفارقة كلهم فى سلة واحدة، وهذا غير صحيح، والإثيوبيون لا يقبلون بهذا الأمر، الإثيوبى هو الوحيد وسط من يصنفهم المصريون كأفارقة الذى يمتلك تاريخًا وحضارة ويعتز بقوميته الأمهرية والإثيوبية، وعدم التفرقة بينه وبين غيره تجعله ينفر من التعامل مع المصريين، إضافة إلى أن إثيوبيا دولة قوية وعدد سكانها يقترب من عدد سكان مصر، ونحن لا نعترف بدولة قوية فى أفريقيا سوى مصر، هذا ما لا نفهمه فى القاهرة ويفهمونه فى تل أبيب جيدًا».

عدم الفهم المصرى للشخصية الإثيوبية، كما تقول الدكتورة البشبيشى، بالإضافة إلى التشجيع الإسرائيلى، كانا من أهم أسباب بناء سد النهضة، الذى تراه أديس أبابا مشروعًا قوميًا، فضلًا عن بحث نتنياهو خلال زيارته على الحصول على جزء من ثمن دعم إسرائيل لإثيوبيا، لافته إلى أن «سد النهضة كان ضرورة لإثيوبيا، ليس فقط بسبب الكهرباء، ولكن أيضًا لأنه يمنع عنها فيضان يتسبب فى مقتل آلاف المواطنين، لكن كان من الممكن أن يتم تنفيذه بحجم أقل لولا طريقة التعامل المصرية والتشجيع الإسرائيلى».

بعد الانتهاء من تنفيذ سد النهضة، الذى أنجزت أديس أبابا نسبة كبيرة منه، تتحول إثيوبيا إلى دولة مصدرة للكهرباء، لدول محيطة مثل كينيا وأوغندا، بحسب البشبيشى، التى تقول: «نتنياهو ذاهب للتأكيد على العقود التى أبرمتها إسرائيل مع إثيوبيا فى عهد زيناوى، والتى تقضى بقيام شركات إسرائيلية بتولى عملية توزيع الكهرباء وتصديرها، هذا إلى جانب عقد صفقات عسكرية لتقوية الجيش الإثيوبى خصوصًا بعد عملية التسليح الكبيرة التى شهدها الجيش المصرى فى الفترة الأخيرة، وكذلك مشاريع أخرى تخص الزراعة والرى واستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية».

من جانبه، قال الدكتور طارق فهمى، مسؤول وحدة الدراسات الإسرائيلية والفلسطينية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، إن زيارة نتنياهو لدول حوض النيل، ولإثيوبيا تحديدًا، تستهدف إقناعها بمشروع أرنون سوفير، الذى تتبناه الحكومة الإسرائيلية، والذى يقضى بتسعير المياه عبر إقامة بنك للمياه فى الشرق الأوسط، تقدم فيه إسرائيل التقنية والتكنولوجيا اللازمة، على أن تنقل مياه النيل إليها. وأضاف: الزيارة تأتى فى وقت تبحث فيه إثيوبيا عن مصادر جديدة لاكتتابات شعبية لتمويل السدود الجديدة، التى ستعلن عن تشييدها، ومن المتوقع أن تعلن حكومة نتنياهو عن اكتتاب شعبى داخل إسرائيل، وكذلك منظمة أيباك فى الولايات المتحدة الأمريكية.

وتابع الدكتور طارق فهمى، قائلًا إن الزيارة التى تضم 14 وزيرًا تستهدف أيضًا مناقشة مشروع الحماية الأمنية والاستراتيجية، التى تبحثها إثيوبيا فى الوقت الراهن لمشروع السد، مشيرًا إلى أن الزيارة تم التحضير لها جيدًا منذ شهور، وأن نتنياهو يسعى لتدشين استراتيجية جديدة مع دول حوض النيل، معتمدة أكثر على التعاون الاقتصادى.

ويعرف المتابع للمواقف الإسرائيلية، مدى اهتمام حكوماتها المتعاقبة بتقوية علاقاتها مع الدول الأفريقية، خصوصًا دول حوض النيل، واتخاذ القادة الإسرائيليون قرارهم، وهم يضعون القاهرة نصب أعينهم، ويستهدفون تحويل أحد أهم مصادر قوة مصر إلى مصادر ضعف لها وقوة لإسرائيل، التى تستهدف من خلال هذه العلاقات تهديد الأمن المائى المصرى، واستخدام مياه النيل كورقة ضغط على مصر والسودان، وبصفة خاصة مصر، التى تدخل مصالحها فى مياه النيل فى دائرة المصالح المصيرية. كذلك استهدفت تهديد الملاحة فى البحر الأحمر، وعدم تحويله إلى بحيرة عربية يفرض العرب بها حصارًا على إسرائيل وسفنها أو السفن المتوجهة لها.

وفى تعريفه لها على موقعه الإلكترونى، وصف معهد التصدير الإسرائيلى، إثيوبيا، بأنها «دولة مهمة جدًا فى القارة الأفريقية، موقعها استراتيجى، وصاحبة إمكانيات اقتصادية هائلة، ومهتمة بشكل كبير بالاستثمارات الإسرائيلية»، بينما عرفها معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى، فى تقرير له على موقعه الإلكترونى بأنها «الحليف الأهم لإسرائيل فى القرن الأفريقى إلى جانب كينيا».

لم يكن طريق العلاقات بين تل أبيب وأديس أبابا مفروشًا بالورود، بسبب النفوذ المصرى فى القارة الأفريقية، حيث كانت إثيوبيا تفضل فى المرحلة الأولى من العلاقات بين البلدين أن تبقى سرية، لخضوعها للضغوط المصرية والعربية، إلا أن العلاقات بين البلدين ترسخت وبشكل علنى، خاصة بعد انسحاب مصر من الصراع العربى- الإسرائيلى، بتوقيع معاهدة كامب ديفيد، وأيضًا بعد انسحاب الدور المصرى تمامًا من القارة الأفريقية، خاصة فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.

وتتحكم إثيوبيا فى نحو 84% من منابع نهر النيل، وبالتالى تمثل أديس أبابا بالنسبة لتل أبيب أحد أهم أوراق الضغط على القاهرة، فالسيطرة على منابع المياه فى إثيوبيا يمثل تهديدًا حقيقيًا ومباشرًا على مصر. وتعد إثيوبيا سوقًا مهمًا لصادرات السلاح الإسرائيلية، وعقدت تل أبيب مع أديس أبابا، عدد من الصفقات فى مقابل تهجير يهود الفلاشا، والسماح بالوجود المخابراتى والعسكرى الإسرائيلى على الأراضى الإثيوبية، كذلك تم توقيع اتفاق استراتيجى بين البلدين فى 1998، يمنح إسرائيل تسهيلات مخابراتية وعسكرية على الأراضى الإثيوبية.

وتعد كينيا، الدولة الثانية فى زيارة نتنياهو لأفريقيا، واحدة من أهم الدول الأفريقية بالنسبة لتل أبيب، خلال استقباله الرئيسى الكينى السابق، رايلا أودينجا، فى نهاية 2011، بإسرائيل، وأعلن بنيامين نتنياهو بشكل واضح فى مؤتمر صحفى: «أعداء كينيا هم أعداء إسرائيل، وهذا ما يدفعنا إلى تقديم المساعدة». وتشترك كينيا فى بحيرة فيكتوريا، التى تعد أحد أهم روافد النيل الأبيض، لذلك فهى تحتل مكانة مهمة فى خطط إسرائيل المتعلقة بالمياه فى أفريقيا، وبدأت العلاقات بين البلدين عام 1963، بعد استقلال كينيا بفترة بسيطة، إلا أنها أصبحت من أهم الشركاء الجيواستراتيجيين لإسرائيل فى أفريقيا، بحسب وثيقة لـ«ويكيليكس»، بتاريخ مارس 2007، والتى أكدت أن للدولتين تعاونًا بعيد المدى فى مجالات الأمن والمخابرات وعلى كل المستويات، وإضافة إلى هذه المجالات، تمتد العلاقات بين البلدين لمجالات أخرى مثل تكنولوجيا الرى وتطوير القطاع الطبى.

أما أوغندا فهى واحدة من أكبر الدول التى تساعدها إسرائيل فى إقامة سدود صغيرة على منابع النيل، وهو ما يهدد الموارد المائية للنيل الأبيض، الذى يعتمد على مياه بحيرة فيكتوريا، التى تطل عليها أوغندا، ووقعت أوغندا وإسرائيل اتفاقًا فى عام 2000، أثناء زيارة وفد من وزارة الزراعة الإسرائيلية، على اتفاق لإقامة مشروعات رى فى 10 مقاطعات أوغندية، كما انتقدت مصر بدعوى حصولها على أكبر من حصتها من المياه.

وكان ياكوف ريفى، رئيس وحدة أفريقيا فى وزارة الخارجية الإسرائيلى، أعلن على هامش زيارة وزير الخارجية الإسرائيلى السابق أفيجدور ليبرمان لأوغندا، عام 2010، عن تقديم الدعم التقنى لأوغندا فى مجالات الزراعة والرى والبنية التحتية، فضلًا عن تعهد ليبرمان خلال زيارته لأوغندا عام 2009، بإعادة إحياء بروتوكول 1968، الذى تم توقيعه بين البلدين، وهو بروتوكول يضمن الاستثمار الإسرائيلى وعمل برامج مشتركة للتعاون فى المجالات العسكرية والزراعية والتعليمية، وخلال زيارة ليبرمان، اتفق مع الحكومة الرواندية على تمويل سد لتخزين المياه، وهو ما وافقت عليه الحكومة الإسرائيلية فيما بعد، كما بحث خلال الزيارة، إنشاء مشروعات مياه مشتركة، وتطوير العلاقات الاقتصادية، فضلًا عن توقيع عدة اتفاقيات تعاون فى مختلف المجالات بين البلدين، وإبرام إسرائيل عدة اتفاقيات للتعاون الأمنى والعسكرى مع رواندا منذ عام 1998، وساهمت فى إعادة بناء قوات الجيش الرواندى وتسليحه وتدريبه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية