قال الدكتور طارق شوقى، أمين عام المجالس التخصصية برئاسة الجمهورية، رئيس مجلس التعليم والبحث العلمى، إن تغيير نظام الثانوية العامة سيمر بمرحلتين: الأولى هي الحل السريع الذي ستتخذه الحكومة لمنع تسريب الامتحانات، لكى لا يتكرر الأمر في العام المقبل، والمرحلة الثانية التي يتم العمل عليها حالياً، هي إيجاد نظام تعليم جديد يحل هذه الأزمة نهائياً، ويلغى فكرة امتحان الثانوية العامة من الأساس.
وأضاف «شوقى» في حوار لـ «المصرى اليوم»، إن النظام الجديد سيطبق على الأطفال الذين سيلتحقون بالتعليم الأساسى في سبتمبر 2017، وسيتم تطبيقه سنة تلو الأخرى، وسيكون أمامه 12 سنة حتى يحل محل النظام القديم بشكل كامل، وشدد على أن إنقاذ التعليم في مصر لن يتم بـ«ضغطة زر»، بل يحتاج إلى وقت ومجهود.. وإلى نص الحوار:
■ تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية عن نظام جديد للثانوية العامة يبدأ من العام المقبل.. كيف يمكن تحقيق ذلك؟
- تغيير نظام الثانوية العامة يمر بمرحلتين: الأولى هي الحل السريع الذي ستتخذه الحكومة لمنع التسريب بالامتحانات، لكى لا يتكرر الأمر في العام المقبل، فنظام الثانوية لن يكون بهذا الشكل، وسيكون هناك تصور آخر، وسيتغير هذا النظام بالكامل من حيث وضع الأسئلة والأجوبة وحتى الوصول ليد الطالب، وستتغير تلك المنظومة بالكامل، بحيث لا يتم استخدام المطابع والأوراق وغير ذلك من الطرق الكلاسيكية التي تخلق فرصا كثيرة للتسريب، وإنما سيتم استخدام التكنولوجيا بشكل أفضل.
ومشكلة التعليم ليست فقط في الغش والتسريب، لكن مشكلته في وجود نظام يختزل 12 عاماً تعباً للطالب وذويه في التعليم في امتحان واحد يسمى «الثانوية العامة»، يحدد مستقبله، وهناك فرق كبير بين التعليم من أجل اكتساب المعرفة والعلم، والتعليم من أجل الحصول على شهادة، الأمر الذي خلق سوقا لـ«مافيا الدروس الخصوصية»، وقلقا مبالغا لدى الأهالى من هذه المرحلة، لأن الثانوية تمثل عنق زجاجة بالنسبة لمستقبل أبنائهم.
ومن هنا تأتى أهمية المرحلة الثانية التي نعمل عليها، وهى نظام تعليم جديد يحل هذه الأزمة، ويلغى فكرة امتحان الثانوية العامة من الأساس، ويتم فيه تقييم الطالب على مدار 10 سنوات ليحدد أي كلية سيلتحق بها، وحينها لن تكون هناك حاجة للثانوية العامة، وهكذا فإن استبدال نظام مختلف بالثانوية العامة سيتم في إطار نظام جديد للتعليم يتم البدء فيه بجانب النظام الحالى لحين إلغائه تدريجيا.
■ تقصد أننا بصدد تطبيق نظام تعليم جديد؟
- نعم، نظام جديد للتعليم ليس به ثانوية عامة من الأساس، والمجلس التخصصى للتعليم عرض بالفعل هذا النظام الجديد على الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأبدى إعجابه به، ووافق عليه منذ 16 مارس الماضى، وهو ما نعده الآن بالتوازى مع ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من تطوير حالى في الخطة قصيرة الأجل للنظام القائم حالياً.
وسيطبق هذا النظام على الصف الأول الابتدائى، أي على الأطفال الذين سيلتحقون بالتعليم الأساسى في سبتمبر 2017، وسيتم تطبيقه سنة تلو الأخرى، وسيكون أمامه 12 سنة حتى يحل محل النظام القديم بشكل كامل، والمجالس التخصصية مهتمة بحلول طويلة المدى فيما يخص تطوير التعليم، فلا يوجد حل في يوم وليلة لأى مشكلة، وقد حان وقت المواجهة لمشكلة التعليم في مصر، وأن نفكر بجدية في عمل ثورة في التعليم وسط الظروف التي يعيشها المصريون.
■ ما أهم ملامح هذا النظام التعليمى الجديد؟
- نبنى نظاما تعليميا جديدا ليس له علاقة بالموجود، نحقق فيه الأحلام كلها، وهو بمثابة إعادة صياغة للتعليم المصرى كله، في المناهج والمدرسين والامتحانات والأبنية واقتصاديات التعليم، يتلافى مشاكل التعليم الحالية، ولا يعتمد على الحفظ والتلقين، بل يعتمد على محتوى جديد وطريقة حديثة للتقييم، ويغير تماماً نظام الثانوية العامة.
وسيتم تقييم الطالب على مدار 10 سنوات من خلال نظام جمع النقاط في المراحل التعليمية، ليحدد الكلية التي سيلتحق بها، والنظام الجديد سيتم تنفيذه في جميع الاتجاهات في آن واحد، من حيث تدريب المعلمين وتنمية قدراتهم ورفع مستواهم الاجتماعى، بالإضافة إلى تعديل النظام الاقتصادى للتعليم وما ينفق عليه وطريقة التقييم للمناهج، وكل العناصر الأخرى المشاركة في النظام التعليمى، ويجمع بين الأدبى والعلمى والموسيقى والرسم وغيرها من الأشياء المؤهلة للشباب.
ويعتمد النظام الجديد على التحليل والتجربة وتشجيع الابتكار والتفكير العلمى والنقدى للطلاب، بالإضافة إلى أن يكون للمعلم دور في تلك المنظومة بشكل كبير، كما أنه سيكون هناك تغيير في نظام التعليم الفنى أيضا، فهو نظام متكامل يلبى طموحات المصريين في تعليم من أجل الحاضر والمستقبل، ونستطيع اللحاق بركب التعليم العالمى من خلال بناء نظام تعليمى جديد متكامل ومتوافق مع المعايير العالمية.
■ ما سبل تطوير نظام التعليم الحالى إلى أن يحل النظام الجديد محله؟
- الدولة بحاجة إلى إعادة بناء منظومة التعليم بأكملها كما ذكرنا، وندرك أن إنقاذ التعليم لن يحدث بضغطة زر، لكن سنستمر في تطبيق النظام الحالى لفترة، حتى يتم إحلال النظام الجديد مكانه بشكل كامل، فالنظام الجديد لا يمكن تطبيقه الآن على الطلاب بالمراحل الدراسية الحالية لأنه سيظلمهم ويحرمهم من مجهودهم، ويمكننا تطوير النظام القديم، وهذا ما عرضناه على الرئيس عبدالفتاح السيسى، وما نفعله هو أننا نطور النظام القائم من خلال تدريب المعلمين وتطوير المناهج، فمثلاً بالنسبة لمناهج العلوم والرياضيات سيتم ربطها ببنك المعرفة، وهو عمل مفيد جداً، لأننا سنربط الطلبة بكل ما هو جديد في العالم، والكتب سوف تتغير في كل مادة ودرس بأن تتم كتابة المراجع المتوافرة حول موضوع الدرس في بنك المعرفة، والفيديو الخاص به، وسوف يتم تدريب الأساتذة والطلاب على هذا التطوير، الذي سيطبق بدءا من العام القادم، كل ما نقوله هذا لايزال خطوة أولى.
■ ماذا عن مشروع «المعلمون أولا» لتدريب 10 آلاف معلم؟
- هو المشروع الثانى الأضخم لدينا، حيث إننا نعد كتيبة من المدرسين من خلال برنامج تدريب 10 آلاف معلم، وهو أكبر مشروع لتدريب المعلمين المصريين على أحدث النظم العالمية، وهذا المشروع يعتبر نقلة نوعية للتعليم في مصر، باعتبار أن المعلم هو عصب العملية التعليمية، لأنه يخاطب الطالب ويشكل وعيه، والعدد ربما يكون صغيراً بالمقارنة بعدد المعلمين عموماً، لكن هؤلاء سيكونون نواة للتغيير.
■ إلى أين وصل المشروع حتى الآن؟
- المشروع يسير بخطى ثابتة في الفترة الحالية، وسيكون تخريج أول دفعة من برنامج الرئاسة لتدريب المعلمين في يوليو المقبل، حيث سيتم تخريج أكثر من 500 معلم من 100 مدرسة، ونتائج التدريب واضحة وجيدة على المعلمين المتدربين، وسيكونون نواة جيدة لتطوير التعليم المصرى، بعد أن تدربوا على سبل التعليم الحديثة بحيث يتم ربطهم بنظام التعليم الجديد، الذي تتجه مصر لتطبيقه خلال السنوات المقبلة لتطوير التعليم المصرى، والتدريب مختلف وحديث، حيث إنه يغير أداء المعلم تماما، وتم تدشين موقع إلكترونى لتبادل الأسئلة بين المعلمين بعضهم البعض، وبينهم وبين المدربين، بحيث يحكم على تغيير أدائه من خلال رؤية زميله ومدربه لأدائه، وكل مدرس يحصل على القدر الكافى من التدريب ليصبح مؤهلا، حيث إن هناك من يصل للمستوى المطلوب خلال شهر وآخر خلال 3 أشهر، كما يتم تطوير المحتوى التعليمى باستمرار.
■ ما الجديد الذي يميز المشروع عما سبقه من برامج لتدريب المعلمين؟
- هذا مشروع طموح جداً، بدأت المرحلة الأولى منه منذ أكتوبر 2015 ولمدة 18 شهرا، حيث يتم تدريب مجموعة من المعلمين تم اختيارهم بناء على الكفاءة المطلقة على طرق التعليم الحديثة واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم وإدارة الفصول وغيرها، وكونّا المجموعة الأولى، أو من نطلق عليهم المدربين الرئيسيين، ولدينا بالفعل 100 مدرسة داعمة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، كما نطلق عليها، وهى المدارس التي تساعد المدارس المحيطة بها من خلال اختيار مدرسة كاملة لتدريبها، بكل من فيها، بداية من الناظر والمدير وباقى معلمى المدرسة، كى يحدث تغييرا ملموسا، والتدريب لن يكون تقليدياً، حيث سيكون داخل الفصل، وسيتم تدريب المدرس تحت إشراف المدربين الذين يوجهونه، سواء بالنسبة للتفاعل مع الطلبة أو تحضير الدرس وتوضيح مناطق الضعف الموجودة فيه لتقويمها، فهو تدريب عملى وليس نظريا، ونجاح المعلم ليس معناه أنه حصل على شهادة، لكن معناه أن أداءه داخل الفصل تغير بالفعل.
وفكرة تقييم المشروع قائمة على تسليم المتدرب كارتًا ذكياً، أو بطاقة ائتمانية للتعلم، وكل تقدم يحرزه يأخذ عليه نقاطا، فهو يقيم نفسه، وزملاؤه يقيمونه بنفس الكارت، والمدرب يقيمه، ومع مرور الوقت كل مدرس يجمع نقاطا أكثر من زميله، هذه النقاط تعطى له فكرة كيف يتقدم، والمعلمون يتم تأهيلهم وفقا للمواصفات العالمية، فقد أجمع العالم من خلال منظمة اليونسكو على اتفاق بشأن مهارات المدرسين في القرن الحالى، وقام بتصميم إطار عمل ينص على هذه المهارات، هذا الإطار هو الذي سيتم بناء المنهج التدريبى عليه والذى سيحصل عليه المعلمون في مصر، بحيث يكون المدرس الذي تم تدريبه معتمدا دوليا، كما نهتم بإكساب الطالب مهارات القرن الـ 21 من قدرة على الإبداع والابتكار، والتدريب على التفكير النقدى والتعلم، فنحن نعد خريجاً للمنافسة في عالم مفتوح، ليس مصر فقط.
■ كيف سيتم تعميم التدريب على جميع المعلمين المصريين؟
- بعد المائة مدرسة، سنبدأ الانتقال إلى المرحلة التي تليها، حيث سيكون المعلمون نواة لتدريب الـ10 آلاف معلم، وسيقومون بتدريب زملائهم دون مقابل أو درجات، وبعد ذلك سنجعل كل واحد من هؤلاء العشرة آلاف يدرب 50 معلماً غيره، وبالتالى سيصبح لدينا نصف مليون في الجولة التي تليها، فهى عملية مرحلية، ومصر ستكون أول دولة تطبق هذا الإطار العام وبمحتوى مصرى، ويمكن نقل تلك الخبرات بعد ذلك إلى الدول الأخرى، وهكذا سنُخرِج جيلاً من المعلمين تعتبرهم مصر سفراء هذا المشروع لتطوير التعليم، وفى الحقيقة فإن الرئيس السيسى يولى التعليم أهمية كبرى، لذلك أطلق مبادرة «المعلمون أولا»، لأنه يعتبر التعليم قضية أمن قومى، لكن المشكلة أن الناس لديها رغبة في رؤية سريعة للإنجازات، وإنقاذ التعليم لن يحدث بضغطة زر، وإنما سيحدث بعد وقت ومجهود.
■ تحدثت عن بنك المعرفة.. إلى أين وصل هذا المشروع؟
- هو المشروع الثالث «بنك المعرفة المصرى»، وهو عنصر أساسى في الخطة للتحول نحو مجتمع مصرى يتعلم ويفكر ويبتكر، ويساهم بنك المعرفة في إتاحة المحتوى العلمى للمصريين بلا تكلفة، من خلال موقع البنك على الإنترنت، الذي يضم أكثر من 28 ناشرا دوليا لأمهات الكتب والدوريات العلمية والمراجع والأبحاث ومحركات البحث، ومناهج للأطفال والكبار، والبرمجيات، وشتى العلوم والمعارف، وكل المشروعات القادمة المتعلقة بالتعليم والبحث العلمى والمعرفة ستكون مبنية على هذا البنك، نريد أن يتعلم الناس ليس فقط في الجامعة، وإنما طول الوقت، فالتعلم ليست نهايته الحصول على شهادة، وإنما عملية مستمرة، لأن الدنيا تتطور ولابد أن نظل متنافسين، ولكى نخلق البيئة حتى تنفذ الناس ما نقوله، كان لا بد أن نوفر لهم المحتوى العلمى والمعرفى على مستوى عال موثق، وهذا ليس موجوداً على الإنترنت المجانى.
■ يختلط الأمر على بعض الناس، ويتساءلون: ما الفرق بين بنك المعرفة والإنترنت المجانى؟
- الإنترنت المجانى عبارة عن مجال واسع متاح للجميع أن يكتب فيه ويضع فيه أي شىء ليس موثقاً، وبالتالى لا بد أن تعرف أنك تقرأ على ضمانتك، فأحدهم يمكنه أن يلقى تخاريف، أو يضع فتاوى دينية، أو نظريات علمية مغلوطة، ويختلط على الناس الأمر، فمجرد وجوده على الإنترنت يعنى بالنسبة لهم أنه حقيقة، وهذا خطر لأن الشباب الصغير لا يعرف الفرق، أما المحتوى الذي نتكلم عنه في بنك المعرفة فموثوق به، ويأتى من ناشرين عالميين.
ونحن نتعاقد مع شركات تصدر آلاف الدوريات العلمية والكتب في شتى المجالات، مثل كمبريدج وأوكسفورد وديسكفرى وناشيونال جيوجرافيك، وجمعنا باقة كبيرة من كتب ومراجع ودوريات علمية ومناهج من الصف الأول الابتدائى إلى الثانوى، ومجلات ومكتبات فيديو، ومكتبات صوت، ومكتبات صور، فنحن نتكلم عن جميع الأعمار وجميع المعارف.
■ مم يكتسب مشروع بنك المعرفة أهميته؟
- هذا المحتوى لدى الناشرين لا تستطيع أن تحصل عليه دون أن تدفع مقابلا ماديا، جزء مما قلته كان متاحاً فقط للباحثين في الجامعات ومراكز البحث على استحياء شديد، والباحث المصرى كان «محتاس» لا يجد مكتبة أو دورية، والقارئ العادى «محتاس» أكثر، نحن تفاوضنا مع 28 ناشرا، في حين أن مصر كانت تتعامل مع 5 أو 6 ناشرين فقط، وأقنعناهم بأننا سنأخذ كل ما لديهم وليس جزءاً منه، وألا يكون هذا متاحاً فقط للناس في الجامعة، وإنما سنتيحه لأى أحد يدخل من جمهورية مصر العربية، طبعاً هذا كان شيئاً صعباً للغاية، مسألة إتاحته لتسعين مليونا، ولكننا حققناه بالفعل، فاليوم أي مواطن مصرى يستطيع الدخول على موقع بنك المعرفة من التليفون أو التابلت أو الكمبيوتر، من أي مركز شباب أو أي إنترنت كافيه، ويستطيع أن يحمّل ما يشاء من معارف مجاناً، وتضمن هذه الإتاحة العدالة الاجتماعية للمعرفة، بمعنى أن الفقير مثل الغنى، فمنذ فترة كانت الناس تضطر لأن تذهب إلى جامعة معينة ومكتبة معينة، وتأخذ تصريحا، حالياً لو شخص فقير وفى منطقة نائية جداً يستطيع أن يحصل على ما يريد.
■ ما رد فعل الناشرين على تنفيذ المشروع؟
- الناشرون قالوا إن هذه أول مرة يحدث فيها هذا النوع من الإتاحة على مستوى العالم، وبالتالى هم متحمسون جداً، ولديهم رغبة في أن يشتركوا معنا في التجربة، والعلاقة بيننا وبين الناشرين ليست علاقة بيع وشراء، وإنما هي علاقة شراكة، لأنهم مؤمنون بهدفنا أن نصنع مجتمعا يتعلم ويفكر بالفعل، ويريدون أن يعرفوا مدى إقبال الناس على هذا البنك، وكيف سنستخدمه.
■ باعتبارك على اتصال مباشر مع السيسى.. ما دوره في تحقيق هذه الرؤية؟
- السيسى هو الداعم الأهم والأول وراء كل ما ذكرناه، ولولا اهتمامه لما كان هناك مجلس ولا كانت ستتم الموافقة على أي مشروع من تلك المشروعات، ولا كان سيتم تمويلها ولا إنجازها، فهو الروح لما نقوم به والداعم لنا ومن يقف وراءنا، ففى مصر توجد بيروقراطية وصعوبات في التنفيذ، فلكى تنفذ فكرة تكلمنا عنها في مارس وتجدها متحققة في أكتوبر، هذا ليس عادياً إلا بوجود أحد يقف وراءك يحل المشكلات ويذلل العقبات.
والرئيس هو من يهتم بمشروع تأهيل الشباب، ويدفعه بهذه السرعة، وبنك المعرفة ما كان له أن يتم بهذه الصورة دون دعمه، فقد وقف وراءه شخصياً، والسيسى مستمع جيد جدا، ويهتم بالتفاصيل، ولا يأتى بصفة رسمية، وإنما يأتى بصفة شريك، لا يعطى كلمتين ويتركنا ويمضى، ولكن يصمم هذه المشروعات معنا، ويجلس معنا بالثلاث والأربع ساعات في اجتماعات، ويطلب حلولا مباشرة وليست توصيات وتقارير، ويحرص دائما على حل المشكلات بشكل عملى وليس نظريا، والسيسى يختلف عن سابقيه بأنه دائما يستعين بالكفاءات والخبرات في حل مشكلات مصر المختلفة وليس أهل الثقة، حقيقةً هذه المشروعات كلها تنسب إليه.. الناس عملوا فيها نعم، لكن بدونه ما كان لها أن تتم.
■ ما خطة العمل التي تعملون عليها حالياً في المجالس التخصصية؟
- نحن نتبنى مشروعا قوميا وحلما كبيرا، ينقل المجتمع المصرى نقلة نوعية نحو مجتمع يتعلم ويفكر ويبتكر، وهى المبادرة التي أطلقها السيسى تحت هذا الاسم، وكلف المجلس التخصُّصى للتعليم والبحث العلمى بإعدادها، والتى ستكون ركيزة لتحقيق النهضة العلمية والفكرية في مصر، ونقل المجتمع المصرى إلى مصاف مجتمعات المعرفة أو المجتمعات دائمة التعلم، أي قدرة أفراد المجتمع على التعلم المستمر والتطور، وأن يكون التعليم أكثر من مجرد إيجاد وظيفة، بأن يشمل الثلاث مراحل: استقبال المعرفة ثم التفكير فيها ثم إنتاجها.
والمبادرة تهدف لتوجيه استثمارات الدولة نحو بناء الإنسان المصرى، خاصة أن معظم الاقتصادات المتقدمة اليوم هي القائمة على المعرفة، كوريا الجنوبية وسنغافورة مرتا بهذه المراحل في آخر 40 سنة، فتحولتا من دول فقيرة مستهلكة إلى دول غزت العالم، ولأن السيسى رجل عملى يبحث عن حلول، فقد كلفنا بتحويل هذا الحلم إلى مشروع على الأرض، من خلال التنسيق بين الوزارات، وهذا هو هدفنا الكبير.
■ ما خطوات تحقيق هذا الحلم؟
- بدأنا تنفيذ مجموعة من المشروعات تعتبر ركيزة يحقق بها المجتمع المصرى هذا الحلم، من أبرزها مشروع تدريب 10 آلاف معلم، وبنك المعرفة المصرى، وبرنامج تأهيل الشباب للقيادة، حيث أمر السيسى بتنفيذ برنامج لتأهيل شباب مصر للقيادة، لتمكين الشباب الذي لديه الرغبة في المشاركة في اتخاذ القرار، حيث نأخذه في رحلة لمدة 8 شهور يتعرف فيها على الدولة كيف تعمل، وما مشاكلها، يعرف عن السياسة والاقتصاد وتخطيط الموارد البشرية والأمور المالية، وكيف تصنع الموازنة، كيف يعمل البرلمان، كيف تكتب القوانين، كيف يتم تشكيل الرأى العام، ويتم إطلاعه على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمى والعملى، وتدريبه على تطبيق الأساليب الحديثة لمواجهة المشكلات التي تواجه الدولة، من خلال بوكيه من المعرفة تم توضيبه، والشباب الواعد الذي يدخل في البرنامج سيكون موجودا في قاعدة بيانات تحت تصرف الرئاسة لاختيار من يحتاجونه منهم.
■ كيف يسير العمل في البرنامج حالياً؟
- الدفعة الأولى بدأت منذ شهرين بـ 500 شاب، وقريباً ستنضم إليهم دفعة ثانية، وهكذا كل شهرين سندخل 500 إضافيين، بحيث نخرج في السنة 3 آلاف شاب وفتاة، والبرنامج يشمل ٧ دورات، تستغرق ٨ شهور، وهو بالتعاون بين وزارات الدفاع، والخارجية، والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، ورئاسة مجلس الوزراء، ويجب أن يمتلك المتدرب بعض المهارات، منها المهارات التحليلية للأمور المختلفة، ووضع تصورات مستقبلية، والقدرة على التعلم واكتساب خبرات عديدة، وأن تكون لديه القدرة على الابتكار والفن في بعض الحلول للمشكلات، والتواصل الفعال مع المدربين والنقاش الواضح، ويتمتع بالإصرار والمثابرة على الاستمرار في التعلم وتعليم الآخرين ولا يمل، والمتخرجون من البرنامج يحصلون على شهادة أكاديمية احترافية بعد اجتيازهم المراحل المختلفة للبرنامج، التي تتضمن 3 محاور رئيسية، هي: علوم سياسية واستراتيجية، وعلوم إدارية وفن القيادة، وعلوم اجتماعية وإنسانية، بالإضافة إلى بعض الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية، وسيتم تطبيق كل ما درسوه عمليا على أرض الواقع بنظام المحاكاة للنماذج المختلفة، كما أن المتدربين يلتقون خلال فترة البرنامج عددا كبيرا من رموز الفكر والثقافة لإثراء القاعدة المعرفية لديهم، ويذهبون إلى معسكرات الجيش والبرلمان ومختلف أجهزة الدولة، والرئيس بنفسه يلتقى بهم، فهم يأخذون جرعة كبيرة من الاهتمام، الفكرة هنا الاستعانة بالشباب لكن بعد تمكينه بشكل مناسب.
■ ما تقييمك للبرنامج حتى الآن؟
- التقييمات الأولية لأول شهرين من البرنامج تشير إلى أننا نسير بشكل جيد، لدينا على موقع «فيسبوك» صفحة زاخرة بالحوار، والشباب داخل المشروع طوال الوقت يقولون لنا شكاواهم، وكل الملحوظات التي قالوها لنا تم تلافيها، ولا أحد محروما من المشاركة في البرنامج، فأى شاب يمكنه أن يقدم، وكل من قدم سواء تم قبوله أم لا اسمه موجود في قاعدة البيانات المتاحة حالياً للرئاسة، وفى الصيف المقبل سنعد برنامجا مثله- النسخة الثانية- من سن 30 إلى 40 سنة، ونحاول أن نستوعب أكبر قدر ممكن من الشباب، ولكنها فقط مسألة قدرات تمويلية، وبمجرد أن تنجح التجربة سنقدمها للجامعات والمؤسسات المصرية تكمل بها، وستغطى أعدادا أكبر.
■ لماذا استهداف الشباب في هذه السن بالتحديد لتأهيله؟
- كانت هناك فكرة في مصر وهى أننى لمجرد أن سنى صغيرة أصبح قادراً على أي شىء، وكأن السن هي الشهادة، فنحن نقول لا، السن مجرد رقم، المهم ما قدراتك، فالأحقية في الالتحاق بمنصب تكون للقادر أولاً، ولو كان شاباً يكون أفضل، لكن لا آخذ شابا غير مؤهل، لذلك نساعد المهتمين من الشباب على أن يكونوا جاهزين، المشكلة أن الشباب مستعجل، لا يريد أن يتم تأهيله، ولكن البداية أن يؤهل ثم يدخل في المنظومة، وتتاح له الفرصة ويكبر بها، وسترى بعد أن ينتهى البرنامج الاستعانة بهم مباشرةً، فالدولة في حاجة إليهم.