x

عبد الناصر سلامة باى باى.. عادل إمام عبد الناصر سلامة الخميس 30-06-2016 21:32


أعتقد أن الفنان عادل إمام لو كان عُرض عليه، لشهر رمضان، القيام ببطولة كبيرة، فى عمل فنى عظيم، مثل مسلسل «جراند أوتيل» ما كان سيقبل أبداً، ذلك أنه لم يعتد مثل هذه الأدوار، هو دأب فى معظم حياته الفنية على اختيار الأدوار المثيرة للجدل وفقط، التى يغلب عليها الهزل، وليس الكوميديا، ذلك أن الأدوار المحترمة أو الجادة لن تنصفه، ولن ينصفها فى الوقت نفسه. الخلطة النفسية التى يعيشها عادل إمام فى حياته الطبيعية، وهى المتعلقة بسعيه الدؤوب إلى التقرب من السلطة، أو من رجالاتها، هى نفسها التى تسيطر عليه وهو يختار أعماله الفنية، السلطة هى العنوان فى هذه وتلك، إلا أنه لم يدرك أن هذه الخلطة كحد السيف، فاصل دقيق بين النجومية والسقوط فى الهاوية، التى سقط فيها كثيراً، إلا أنه لا يتورع أن يكرر تجاربه السابقة، ربما كان الفنان الراحل أحمد زكى أكثر فهماً لطبيعة عادل إمام، التى عبر عنها بوضوح قبل وفاته.

هذه المرّة من خلال مسلسل «مأمون وشركاه»، خاض عادل إمام فى الأديان، أو أصحاب الأديان، بما لا يليق أبداً، اعتبر، من خلال مؤلف المسلسل طبعاً، أن المسلم الملتحى متعصب وإرهابى فى العموم، كما أن المسيحى سكير وشارب للخمر، باعتباره ليس حراماً فى ديانته، هو بالتأكيد مع المؤلف يدركان أن لا هذه صحيحة أبداً ولا تلك، الهدف هنا هو تشويه صورة الدين عموماً، هذا التوجه الذى يستهدف الإلحاد فى النهاية أصبح يستشرى بصورة غريبة بين الشباب، من خلال مثل هذه الأعمال الفنية، ومن خلال بعض الكتابات التى تقف وراءها جميعاً جماعات بدا واضحاً أنها منظمة أكثر مما كنا نتخيل.

كان من المهم فى مثل هذه الظروف التى تمر بها المنطقة عموماً أن يكون التوجه هو نشر التدين الصحيح، نشر الوسطية فى الفكر، زيادة ارتباط الإنسان بعقيدته السليمة، ارتباطه بربه وبالكتب السماوية، الحلال والحرام كما وردا فى الكتب السماوية، تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة لدى هؤلاء وأولئك، مواجهة التطرف والتشدد بأساليب منطقية، فى الوقت نفسه مواجهة هؤلاء الذين يتطاولون على الأديان، على اعتبار أن ذلك التطاول هو أحد أسباب التطرف. للأسف كانت مهمة البعض فى السابق تشويه صورة الإسلام، أصبحت المهمة الآن تتعلق بالإسلام والمسيحية فى آن واحد، أصبحت الأديان عموماً، لم يعد الهدف الأسلمة أو التنصير، الهدف تعدى ذلك إلى التشكيك فى الجميع، تشويه كل شىء تقريباً، حتى خلال شهر رمضان جاءت هذه الأعمال النشاز، لذا كان النفور عنها سريعاً، إلى ممثلين أقل خبرة، وأعمال فنية أقل ترويجاً، إلا أنها نالت احترام الجميع، أصبحت المشاهدة الأعلى بصفة خاصة داخل الأُسر المصرية الأعلى ثقافة، ربما كان فى مقدمتها المسلسل الجاد «جراند أوتيل»، الذى كان يُغرد خارج سرب الإسفاف، منذ اليوم الأول فى الشهر الكريم.

بالفعل هذا المسلسل، الأقرب إلى المسلسل التركى «حريم السلطان»، جاء خارجاً عن المألوف، وسط البلطجة، والشذوذ، والخيانة الزوجية، والهبَل فى كل المسلسلات المعروضة، ثم التراجع الفنى لعادل إمام، بسبب عدم قدرته على الأداء، بحكم عامل السن، فى ذلك المسلسل، الذى أثق أنه سوف يكون المسلسل الأخير فى حياة نجم أمتعنا بالضحك كثيراً، وكان من المهم أن تظل هذه هى مهمته الأولى والأخيرة، دون البحث عن أدوار أخرى، لا على أرض الواقع، ولا أرض التمثيل، ولا حتى أرض النفاق، وهى الأدوار التى لم يكن يقبلها أحد من الراحلين أبناء جيله، من أمثال نور الشريف وأحمد زكى، اللذين تركا إرثاً فنياً وثقافياً سوف يظل بمثابة علامة مضيئة وفارقة فى تاريخ الدراما العربية. أتصور أنه لو كانت لدينا متابعة رسمية دقيقة لذلك المنتَج الفنى الرمضانى لكان كل ذلك الغث فى سلة القمامة منذ اليوم الأول للعرض، إن لم يكن قبل بدء إنتاجه، إلا أنه بدا واضحا أن العملية سداح مداح، كما أن مافيا التمثيل والإنتاج، كأى مافيا أخرى فى السوق عموماً، تستطيع فرض السيطرة والهيمنة وقتما تشاء، من خلال العلاقة الوطيدة مع شركات الإعلانات، التى كان يجب أن يكون لها موقف أكثر انحيازاً للمواطن أو المشاهد، فلا تُساهم فى دعم مثل هذا الإنتاج بأى حال. من المهم مستقبلاً أن تكون هناك جهة تحمل على عاتقها إجازة الأعمال الفنية التى سوف تعرض خلال شهر رمضان تحديداً، من العدل والإنصاف أن تكون هناك جهة تتحمل مسؤولية ذلك الغث الذى استهدف العقل المصرى خصوصاً، والعربى عموماً، على مدى شهر كامل، ما بين بلطجة وأسطورة الحارات، وسهر وعربدة الخمارات، وإفساد وتدمير الشباب، وضياع وانحلال النساء، والتطاول على الأديان وتشويهها، وغير ذلك كثير، سوف يتكرر مرات ومرات إذا لم تكن هناك وقفة تؤكد أن هناك دولة مكتملة المؤسسات، أما إذا كان هناك إصرار على أننا مازلنا دولة وليدة، أو أننا نعيش فى شبه دولة، فليعبث بنا «مأمون وشركاه» كما يشاؤون، لكن فى كل الأحوال: باى باى، عادل إمام.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية