x

أسامة غريب محمود شكوكو أسامة غريب الثلاثاء 28-06-2016 21:46


قال محمود شكوكو فى واحد من إيفيهاته الخالدة: يا حلو قُربك هَنا والبُعد فيه شطّة/ سألت عنّك قالوا لى بيسرّب القطة!. وتسريب القطة إحدى المفردات التى انقرضت من واقعنا الحالى، وكانت معروفة فيما سبق عندما كانت القطط تنط على البيوت وتستوطن المنازل بعد أن تطمئن إلى وجود الأكل والدفء، وكان أهل البيت لا يمانعون من وجود حيوان أليف بالبيت إلى أن يبدأ مخزون الطعام فى التناقص، حينها كانوا يقررون تسريب القطة، أى وضعها فى كيس ثم الابتعاد بها عن الحى وإطلاقها حيث لا تتمكن من العودة. تخّيل حضرتك أنك ذهبت إلى منزل المحبوب بعد أن أضناك الشوق إليه فأخبروك بأنه بيسرّب القطة!

كانت معظم الإيفيهات اللطيفة من اختراع شكوكو نفسه، وبعضها الآخر كان يهديها له أصدقاؤه من الظرفاء الذين كان يحيط نفسه بهم، وأخيراً من المؤلفين المحترفين الذين امتلكوا مواهب فى الشعر لا نظير لها، مثل المرحوم فتحى قورة. فى اعتقادى أن محمود شكوكو رغم شهرته المدوية، ورغم أنه الفنان الوحيد الذى صنعوا من أجله التماثيل وباعوها فى الشوارع مع النداء الشهير: شكوكو بإزازة!.. رغم ذلك فإنه لم ينل حقه من التكريم بحسبانه من أعظم كوميديانات الشرق. فى رأيى المتواضع أن شكوكو يفوق الريحانى والمهندس ومدبولى والثلاثى وعادل إمام وسعيد صالح.. حتى إسماعيل يس العظيم فإن شكوكو كان أخف دماً منه وأكثر ثراءً، يكفى أنه كان يمثل ويغنى ويرقص ويقدم الأراجوز فى ريادة لمسرح العرائس لم يعد يذكرها أحد. ولا أفهم كيف احتفى النقاد فى السابق بصمويل بيكيت ومسرح العبث بينما تجاهلوا شكوكو رائد العبث فى مصر؟!. مازلت حتى اليوم أستمتع بالمعارضات الشعرية التى قدمها شكوكو لأغانى زمنه، ومنها قول أم كلثوم فى أغنية إنت عمرى: يا حبيبى تعالى وكفاية اللى فاتنا. قال شكوكو فى المقابل: يا حبيبى تعالى ده أنا ف حالة/ زى البوتاجاز تحت الحلة. تعا نقطع تذكرتين صالة/ ونجيب لب أسمر نتسلى. ونروح بعدين أنا وإنت وحدينا/ لحسن دى مامتك صعبة تبعدنا عن بعضينا. وفى معارضة لا تكذبى قال: لا تكذبى أنا مش عبيط/ أنا اللى جيت شكلى كده. أنا وإنت كالبيض والسميط/ ما يحلى ده إلا بده. وكنت فاكرك قرنبيط لكن طلعتى مسقعة.. إنى رأيتكما معا!. كان شكوكو مصدراً لسعادة دائمة، وكان صاحب طلة تسعد القلب وتنعش الروح بصورة لا يقدر عليها غيره.. حتى صوته الذى قد يراه البعض أجش وخالياً من السلاسة أراه صوتاً رجولياً جميلاً، صحيح يختلف عن عذوبة صوت كارم محمود واستكانة عبدالحليم حافظ، ومُحن أمير الغناء، لكنه كان صوت الرجال المعروقين الخشنين، وهم فى ألطف وأرق حالاتهم. ليس هناك فى هذا الكون سوى شكوكو ومحمود الشريف وفتحى قورة يمكنهم أن يقولوا: تفوت عليّا ما تقول سعيدة/ والوش يعرق من الكسوف. يا حلو ياللى مصر الجديدة/ فى البُعد عندك زى العطوف. طب بس قل لى إلى اللقاء/ واعطف وخلى عندك وفاء. يا جرح لكن مالوش دواء/ يا حَر جانى ف عز الشتاء.. وحياتك إنت أشوفك إمتى وأين تسهر هذا المساء!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية