x

«المصرى اليوم» تخترق كنترول الثانوية العامة

الثلاثاء 28-06-2016 22:57 | كتب: محمد منصور |
تصوير : السيد الباز

مدق ترابى طويل يمتد كفرع عملاق من محور 26 يوليو، الطريق غير الممهد يقود إلى أكاديمية المعلمين المهنية، حيث يوجد مقر لأحد كنترولات الثانوية العامة، فى ذلك المكان الضخم تقبع عشرات الآلاف من أوراق إجابات طلبة الثانوية العامة، ومن هنا يُحدد مُستقبلهم، وتنتهى مسيرة تعليمهم الأساسى.

داخل أحد مبانى الأكاديمية المهنية للمعلمين بمدينة السادس من أكتوبر توجد 3 لجان للنظام والمراقبة الخاصة بإتمام دراسة التعليم الثانوى، أبواب حديدية تسد المداخل الرئيسية لتلك اللجان، ومُعلق عليها مجموعة من التعليمات تنص على ضرورة إظهار الهوية الخاصة بكل فرد يدخل لمقر اللجنة، وتشدد على منع استخدام التليفون المحمول.

«المصرى اليوم» تمكنت من الدخول إلى «لجنة النظام والمراقبة لامتحان شهادة إتمام دراسة التعليم الثانوى- كنترول 3»، والخاص بتصحيح مواد الاقتصاد والإحصاء واللغة الألمانية والأحياء، ورصدت خطوات تصحيح الأوراق فى معايشة ميدانية استمرت طيلة أيام.

المرحلة الأولى: استقبال أوراق الإجابة

تبدأ لجنة التصحيح فى استقبال أوراق الإجابات فى نفس يوم أداء الامتحان، عبر مجموعة من سيارات الشرطة وسيارات المدارس الخاصة التى تنقل الأوراق فى أجولة من المديريات المختلفة إلى مقر الكنترول، فى حراسة مُشددة، حيث تنشر سيارات الشرطة والأمن الخاص فى المكان بأكمله.

وبعد ذلك تبدأ عمليات فرز الأوراق وعدها، تمهيداً لإعطائها أرقاماً كودية بعد نزع «السليبس»- وهو المُلصق الذى يحتوى على اسم الطالب ورقم جلوسه- من عليها، ثم يتم جمعها فى مظاريف بيضاء مُغلقة يبلغ طولها نحو نصف المتر فيما يبلغ عرضها حوالى 30 سنتيمتراً، ويُعطى رقماً سرياً لكل مظروف، يتناسب مع الأرقام المُعطاة للأوراق، على أن يكون العدد الأقصى فى كل مظروف 50 ورقة إجابة من المادة الواحدة.

المرحلة الثانية: التصحيح

يبدأ مسؤول الكنترول المركزى فى توزيع مظاريف أوراق الإجابة على مجموعات من المُصححين، كل مجموعة مُكونة من 7 إلى 24 مدرساً على حسب المادة التى يتم تصحيحها، تجلس المجموعات- كل على حدة- على مناضد مستطيلة الشكل فى غرف تضم ثلاث مجموعات بحد أقصى، يبدأ رئيس المجموعة فى فض المظروف الأبيض، وعد الأوراق، والتأكد من مُطابقة بياناتها وأكوادها مع بيانات الظرف الأبيض، ثم يبدأ فى كتابة محضر التصحيح، الذى يُثبت فيه حضور المصححين وأسماءهم الثلاثية ومقار أعمالهم، بالإضافة إلى توقيع كل منهم، والسؤال الموكل لهم تصحيحه، ثم يجرى توزيع الأوراق على مُدرسى المادة الجالسين على «الترابيزة».

يقوم كل مُدرس بتصحيح سؤال واحد فقط فى ورقة الإجابة، حيث يقوم بالبحث عن السؤال المُكلف بتصحيحه فى الورقة بأكملها، وفى هذا الصدد يقول أحد المصححين: «لو لقيته بصححه وبعطى الدرجة ولو ملقتش السؤال فى أى مكان فى الورقة بكتب فيها إن السؤال رقم كذا متروك وبعطى صفر فى قيمة السؤال»، مؤكداً أنه وزملاءه يبحثون عن إجابات الأسئلة فى الورقة كلها، دون مراعاة لترتيبها الأصلى.

ويستخدم المُعلمون نماذج إجابة موضوعة على الطاولة لمقارنة إجابات الطالب بها، وتقدير الدرجة عدا درجة التعبير فى اللغة العربية وموضوعات «البراجراف» فى اللغات الأجنبية، حيث يترك تقديرها للمعلم وفق قواعد يُتفق عليها مع مستشار المادة.

بعد تصحيح الأسئلة تبدأ عملية «تزريق» الورقة، حيث يقوم المُصحح بشطب الأوراق البيضاء الموجودة فى ورقة الإجابة باستخدام قلم جاف أزرق اللون، ثم يبدأ المراجع فى إعادة النظر على الإجابات وتقدير الدرجات، ويجرى حسابها وكتابتها بالحروف والأرقام على «مرآة» ورقة الإجابة، وهى مجموعة من المربعات فى الصفحة الأولى من الورقة مُخصصة لكتابة الدرجات التى حصل عليها طالب الثانوية العامة فى المادة.

ومن ثم تذهب الورقة لمُراجع أخير، يقوم بعد الدرجات الجزئية لكل سؤال، والتأكد من أنها مُطابقة للدرجة الكُلية، ثم يقوم بحساب الدرجات الكلية وجمعها والتأكد من مُطابقتها للمجموع الكلى للمادة، وفى حالة وجود أى أخطاء يُعيد ورقة الإجابة للمُصحح المسؤول لتصحيحها مرة أخرى.

توضع الأوراق فى المظروف مرة أخرى، ثم يُكتب عليه من الخارج أعداد الحاصلين على الدرجة النهائية، ونسبتهم من عدد أوراق المظروف، وأعداد الراسبين ونسبتهم، وأعداد الناجحين ونسبتهم.

المرحلة الثالثة: المراجعة

بعد تصحيح الأوراق وتقدير الدرجات يتم تحويل الأوراق والأظرف مرة أخرى إلى منضدة يجلس عليها مستشارو المادة والمدرسون الأوائل، تُسمى بـHigh Table حيث يُجرى مراجعتها للمرة الأخيرة، فإذا ما كان الطالب راسباً تتم مراجعة ورقته بالكامل كمحاولة أخيرة لإيصاله لدرجة النجاح والتأكد مرة أخرى من استحقاق الرسوب، وفى حالة عدم وجود أى درجات يُمكن الحصول عليها يُكتب على الورقة من الخارج «راسب ولا يستحق الرفع». وتتم مراجعة الأوراق الحاصلة على الدرجات النهائية أيضاً للتأكد من أن الطالب يستحق الحصول على أعلى الدرجات فى تلك المادة.

وبحسب أحد المصححين فإن هناك تعليمات صدرت العالم الحالى للكنترولات المختلفة على مستوى الجمهورية تنص على ضرورة «رفع» الطالب الراسب بدرجات أقل من 3 درجات تحت الـ50% من إجمالى درجات المادة، والتأكد بشكل كامل وتام من احتساب درجة كل كلمة للطلاب الآخرين الراسبين الذين لا يستحقون الوصول إلى درجة النجاح.

بعد مراجعة الأوراق من قبل مسشارى المادة ومُدرسيها الأوائل تُغلق الأظرف مرة أخرى وتعود للكنترول.

المرحلة الرابعة: العودة إلى الكنترول

تفض الأظرف مرة أخرى وأخيرة، ويبدأ موظفو الكنترول عَدَّ الأوراق مرة أخرى، ثم يقومون بفك أكواد الأوراق، تمهيداً لاسترجاع الأسماء الأصلية للطلاب أصحاب أوراق الإجابة، ثم ترصد الدرجات المختلفة للمواد، وتوضع أمام أسمائهم فى كشوف النجاح والرسوب.

«شاومينج» ينتصر

التسريبات التى خيَّمت على أجواء الثانوية العامة هذا العام وصلت أصداؤها لأوراق الإجابة، وبحسب أحد مُدرسى اللغة الألمانية التى تسربت أوراق أسئلتها ونموذج إجابتها قبل نصف ساعة من الميعاد الرسمى لبدء الامتحان، أجابت مجموعات كبيرة من الطلاب على أسئلة الاختيار من مُتعدد والصواب والخطأ بامتياز فيما تركوا سؤال التعبير فارغاً.

وأضاف: «لما طالب يجيب 30/30 فى أسئلة الاختيار من متعدد والصح والخطأ ويجيب 0/10 فى سؤال التعبير يبقى ده شاف نموذج الإجابة ونقشه بالمللى، وساب التعبير لأن ده ملوش مكان فى نموذج الإجابة».

وبحسب مُدرس لغة عربية حفظ الطلاب نموذج الإجابة «حتى إنهم كتبوا الدرجات التى تكتب بجانب كل إجابة، يعنى كمان صححوا لنفسهم».

ويطالب أحد المُصححين بضرورة إلغاء امتحانات الثانوية العامة هذا العام، مشيراً إلى أن أوراق الإجابة تُعطى نماذج حقيقية لإهدار مبدأ تكافؤ الفرص. وأضاف: «الطلبة اللى ذاكرت هى اللى ضاعت السنة دى، وده حرام».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية