x

محمد كمال هل ترامب أفضل لمصر؟ محمد كمال الأحد 26-06-2016 21:25


بالرغم من أن استطلاعات الرأى العام الأمريكى تشير لتفوق هيلارى كلينتون فى احتمالات الفوز بانتخابات الرئاسة الأمريكية، إلا أنه لا يمكن استبعاد فرص منافسها الجمهورى دونالد ترامب، والمزاج الانتخابى الذى أدى لمفاجأة تصويت غالبية الناخبين البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوربى يتشابه مع مزاج الكثير من الأمريكيين، والمتمثل فى عدم الرضا عن الأوضاع الاقتصادية والتخوف من المهاجرين والإرهاب وإعلاء النزعة القومية وعدم الثقة فى النخبة والسياسيين التقليديين، وهى أفكار يعبر عنها دونالد ترامب، إذن السباق بين هيلارى وترامب ما زال فى بدايته، وأصبح من الصعب التنبؤ الآن بنتيجته.

ماذا يعنى فوز ترامب لمصر؟

المتتبع لتصريحات ترامب يجد أن الكثير منها يتوافق مع مواقف الدولة المصرية فى المرحلة الحالية، فترامب أعلن أن مكافحة الإرهاب أو ما سماه بـ«الراديكالية الإسلامية» سيصبح أحد أهداف السياسة الخارجية الأمريكية فى العالم، وأنه يعطى أولوية لاستخدام القوة العسكرية ضد الإرهاب (أوباما وكلينتون لديهما تحفظات على هذا الأمر)، وتحدث ترامب عن أن الصراع مع الإرهاب له بعد فلسفى وفكرى كما كان الحال مع الشيوعية أثناء الحرب الباردة. وشدد على أهمية التعاون مع دول العالم التى يهددها خطر الإسلام الراديكالى.

إدارة ترامب فسوف تكون أيضا أكثر اهتماما بقضايا الاستقرار وأقل اهتماما بقضايا التغيير والديمقراطية وحقوق الإنسان فى سياستها تجاه مصر ومنطقة الشرق الأوسط، وسوف تتبنى موقفا أكثر تشددا فى مواجهة تيار الإسلام السياسى من إدارة هيلارى كلينتون التى تتبنى خيار دمج الإسلاميين فى النظم السياسية العربية. وقد ذكر ترامب فى الخطاب الذى طرح فيه رؤيته للسياسة الخارجية (27 إبريل 2016) أنه لا يمكن نشر الديمقراطية فى دول ليس لديها الخبرة أو الاهتمام بأن تصبح ديمقراطيات غربية، وأن الولايات المتحدة ساهمت فى هدم مؤسسات بعض دول المنطقة، وأدى ذلك لحروب أهلية وتعصب دينى، ونتج عنه حالة من الفراغ سعت الجماعات الإرهابية مثل داعش لملئه، وذكر أن حالة الفوضى التى ساهمت الولايات المتحدة فى خلقها جعلت الشرق الأوسط أقل استقرارا، وأن الولايات المتحدة فى عهده ستتخلى عن سياسة «بناء الأمم» وستركز على تحقيق الاستقرار، والأكثر من ذلك أن ترامب انتقد سياسة أوباما تجاه تغيير النظام فى مصر وتخليها عن أحد حلفائها فى المنطقة، واتهمها صراحة بمساعدة الإخوان المسلمين للوصل للحكم.

المؤشرات السابقة قد تصل البعض إلى نتيجة أن انتخاب ترامب هو الأفضل لمصر، وأن العلاقات الثنائية قد تشهد فى عهده زيادة فى درجة التحسن مقارنة بهيلارى كلينتون، وقد نرى تفهما أكبر لمواقف الحكومة المصرية بشأن القضايا السياسية الداخلية، ومجال أرحب للتعاون فى مواجهة الإرهاب، وربما تفتح نافذة لإعادة التفاوض لرفع القيود التى وضعها أوباما على المعونات العسكرية لمصر.

إلا أن النتيجة السابقة يرد عليها أيضا الملاحظتان التاليتان:

أولا، أن خطاب ترامب العنصرى تجاه المسلمين سيضع قيودا على تطوير العلاقة، كما أن سياسته الإقليمية سوف تضع ضغوطا أكبر على مصر، وخاصة سعيه للتصعيد مع السعودية وإيران، واعتباره أن السياسة الإسرائيلية هى البوصلة المحددة لمواقفه تجاه دول وقضايا المنطقة، وكذلك مطالبته لحلفاء الولايات المتحدة ومنهم مصر بدفع ثمن أكبر لهذا التحالف، لا نعرف ما هى طبيعته وحدوده.

ثانيا، سواء فاز ترامب أو هيلارى، علينا أن ندرك أن الأسس التى قامت عليها العلاقة الثنائية بين البلدين منذ أواخر السبعينيات قد طرأ عليها التغيير ولم تعد تصلح للمستقبل. وعلينا تطوير رؤية بديلة نابعة من مصالحنا القومية، وأن نتحول من النموذج «الباكستانى» فى العلاقة إلى النموذج «الهندى»، ولهذا حديث آخر.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية