x

أبناء مصر الجديدة: لا للوظيفة.. نعم لـ«عربات الفول»

الأحد 26-06-2016 21:08 | كتب: خليل أبوالعينين, محمد الشويخ |
صافى تعد الفول لزبائنها صافى تعد الفول لزبائنها تصوير : اخبار

خريج هندسة، أو إعلام، أو طالب لا يزال فى مرحلة الدراسة، لكن الأحلام واحدة: «عدم الخضوع لقيود الوظيفة، رفض الجلوس فى البيت، والتوقف عن إرهاق الآباء مادياً، وتحقيق مكسب خاص».

شباب وفتيات، يربط بينهم انتماؤهم لمستوى اجتماعى مرتفع، وشهادات جامعية من كبرى الجامعات فى مصر، ومنطقة «مصر الجديدة»، تحولت أحلامهم إلى عربات فى الشوارع، هذا يبيع العصائر، هذه تعد «الفول»، وآخر يجهز الحلويات، مستغلين شهر رمضان، وحب المصريين للأكل والسهر، وتجريب كل ما هو جديد.

محمد طلعت، شاب فى السادسة والعشرين من عمره، تخرج فى كلية الهندسة بالأكاديمية البحرية، وظل لمدة سبعة أشهر دون عمل، وهو ما دعاه للبحث عن فكرة يستطيع من خلالها الحصول على أموال خاصة به، بدلاً من الحصول على مصروف من أسرته، على حد تعبيره، يقول طلعت: «بعدما تخرجت ظللت لمدة 7 شهور بدون عمل، وقررت أعمل حاجة مفيدة، بدلاً من الجلوس على المقاهى أو فى المنزل». وهو ما دعاه إلى ابتكار فكرة عربة للحلويات، مستوحياً مشروعه من فكرة عربة البطاطا، مضيفاً: «قررت أعمل حاجة جديدة عشان الناس دايماً بتحب الحاجات الجديدة».

يمثل شهر رمضان موسم المكسب، وهو ما دعا «طلعت» لتطوير عربته وتقديم عصائر ومشروبات تناسب الشهر الفضيل. موضحاً: «أنا بعمل حلويات مش موجودة غير عندى، بس دخول رمضان أجبرنى على تغيير المنيو، وأعمل عصائر وزبادى». ويفسر «طلعت» الأمر بأنه كان من المستحيل إغلاق العربة، وعدم استغلال دخول رمضان وما يصاحبه من سهر للعائلات فى الشارع دون تحقيق مكاسب مادية. يقف المهندس حديث التخرج أمام عربته الصغيرة، ويتجمع حوله أصدقاؤه من الشباب والفتيات، ويساعدونه فى جلب الزبائن وتقديم المشروبات لهم، متمنياً لمشروعه الاستمرار فى حالة تحقيق المكسب، داعياً الدولة لتبنى مثل تلك المشاريع الصغيرة، ولكنه فى نفس الوقت يرفض التخلى عن مهنته الأساسية، مؤكداً التمسك بها حتى وإن حقق المال الوفير الذى يغنيه عنها، قائلاً: «هحافظ على المشروع لو قدر له النجاح، وممكن أشوف حد يشتغل فى المشروع، بس صعب أسيب مهنتى الأساسية».

عربة فول صغيرة تتزين بالزينة الرمضانية ويحيط بها الفوانيس المضيئة، ويقف عليها أشخاص يرتدون زياً موحداً، ويعلو رؤوسهم طربوش أحمر، يقودهم «عمر سالم» الطالب بكلية تجارة الشعبة الإنجليزية، صاحب المشروع، يتلقى طلبات الأكل ويقدمها للزبائن ويتولى الحسابات المادية، بينما يعد أصحاب الطرابيش الحمراء الفول للزبائن.

يقول «سالم»: «عملت العربية فى رمضان عشان مكسبها بيبقى حلو، وماخدش مصروف من البيت، وأغير وجهة نظر المجتمع تجاه أفكار الشباب». هكذا يرى عمر مشروعه الجديد، ويعتبر أن بيع الفول أمر طبيعى قائلاً: «مش عيب إنى أقف أبيع فى الشارع عشان أحقق اللى أنا عاوزه». ويلقى «سالم» دعماً من أهله وأصدقائه لمواصلة مشروعه الخاص، ويحلم بأن يتحول إلى محل كبير.

يشدد «سالم» على المكسب المادى فى شهر رمضان، الذى اختاره لافتتاح مشروعه الخاص، لأن العائلات تسهر حتى الصباح لتناول السحور فى الشوارع، وهو ما أوحى إليه بضرورة الاستفادة من ذلك، وإطلاق مشروعه الرمضانى لتحقيق المكسب المادى. يرفض «سالم» فكرة العمل الوظيفى، مفضلاً أن يكون له مشروعه الخاص، بعيداً عن روتين الوظيفة التى ستقيده بالمواعيد، وفرض أشياء لا يحبها عليه.

فى شارع جانبى بالقرب من ميدان سفير بمصر الجديدة، تقف «صافى ونهلة» أمام عربة الفول، التى قررتا تسميتها «فولوجيا»، وهو المشروع الذى كانتا تنتظران البدء فيه منذ فترة طويلة، لكن دخول رمضان عليهما أدى إلى الإسراع فى تنفيذه للاستفادة المادية من ذلك الشهر الكريم، وبحسب «نهلة» فلم يجدا فكرة يومية يمكن تنفيذها سوى عربة الفول. إنشاء عربة الفول وتحقيق الربح المادى لم يكن هدفهما فقط، تقول «صافى»: «أى شغل ممكن بنات تعمله مفيش مشكلة إننا نجرب»، وأشادت بالمشاريع الشبابية فى المنطقة بدلاً من الجلوس دون عمل. وترى «نهلة» خريجة كلية الهندسة أن اختيار رمضان للبدء كان فرصة سهلة فى الوصول للناس، نظراً لرغبة الناس فى تجريب كل ما هو جديد. وتعتبر «نهلة» المشاريع الشبابية بمثابة تحقيق حلم البيزنس الخاص للشباب بعيداً عن تعقيدات الوظيفة وكنوع من تحسين الدخل.

ترى الفتاتان أن فكرة وقوف بنات فى الشارع ليست غريب أو جديد، وبررتا ذلك بوجود فتيات يقمن بعمل أنشطة فى الشارع وداخل مناطق شعبية، على الرغم من أن البعض يبدى استغرابه من وقوفهن، فهن خريجات جامعيات، ويتساءل البعض عن سبب وقوفهن فى الشارع.

«صافى» التى تخرجت فى كلية الإعلام، لا ترى مشكلة فى تغيير حياتها، والاتجاه ناحية المشاريع الخاصة، إذا حققت لها الربح المناسب والكافى، وتؤكد أن الأهم فى حياتها تحقيق النجاح سواء داخل مجال دراستها أو خارجه، أما «نهلة»، وعلى الرغم من حبها للمشروع، إلا أنها تشير لصعوبة الاختيار بين عملها ومشروعها الخاص. لكنها تسعى للتوفيق بينهما، بحيث تعمل فى الصباح، وتتابع مشروعها فى المساء.

«حسن محمد»، طالب فى السنة الثالثة بكلية الإعلام، بدأ التفكير فى إطلاق مشروعه الخاص لرغبته الدائمة فى عدم الجلوس بالمنزل وانتظار الحصول على المال من أهله، ويهدف من خلال مشروعه الخاص إلى تحقيق المكسب المادى، بجانب تحقيق شهرة كبيرة تتيح له الاستمرارية وتوسيع مشروعه.

«حسن» لا يرغب فى الاستمرار فى مشروعه الخاص طول الوقت، رغم حبه الكبير له، ويظل «الإخراج» حلمه الذى يسعى لتحقيقه، ويرفض التخلى عنه مقابل المال. «حسن» يعتبر أن حب الناس للأكل بصفة عامة هو ما يشجعه لبدء مشروعه وزيادة انتشاره وتحقيق شهرته.

من هنا، قرر «حسن» افتتاح مشروعه الخاص، بإنشاء عربة لبيع العصائر، التى يتهافت عليها زبائنه فى منطقة مصر الجديدة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية