x

«المصري اليوم» تطلق حملة لتخفيف آلام المرضى: مستشفيات لا تعرفها تبرعات «أهل الخير» (1)

الجمعة 24-06-2016 20:33 | كتب: وليد صالح |
العشرات فى انتظار العلاج «صورة أرشيفية» العشرات فى انتظار العلاج «صورة أرشيفية» تصوير : محمد السعيد

قررت «المصرى اليوم» أن تبدأ تنظيم حملة صحفية لرصد أوجاع المستشفيات فى مصر، والتى لا تعرفها تبرعات أهل الخير.

وعلى الرغم من أن كثيرا من المصريين يتبرعون طوال العام، وتتضاعف تبرعاتهم وزكاتهم فى شهر الخير إلى العديد من الأوجه المختلفة، فإن هذه التبرعات لا تصل إلا إلى عدد محدود لا يتجاوز 5 مستشفيات على مستوى الجمهورية، فى حين أن مئات المستشفيات فى مصر، والتى تستقبل السواد الأعظم من سكان محافظات الصعيد والدلتا والمحافظات المختلفة، لا تصلها هذه التبرعات، فى الوقت الذى تعانى فيه من الإهمال، وسط عجز موازنة الدولة وضعف قدرتها على دعم هذه المستشفيات.

وبدءا من اليوم حتى نهاية شهر رمضان، تكشف «المصرى اليوم»، فى سلسلة حلقات، أوضاع عدد من المستشفيات فى عدة محافظات، والتى ضلت أموال أهل الخير طريقها إليها، وتحتاج إلى «نظرة»، عسى أن يعرف طريقها أصحاب الأيدى البيضاء.

ضعف الإمكانيات يضرب الرعاية الصحية بالشرقية ويضاعف المعاناة

تعانى المستشفيات الحكومية بالشرقية من نقص حاد فى الإمكانيات المتاحة لتقديم الخدمة الطبية للمرضى، ما تسبب فى معاناتهم وقصور الخدمات التى يحصلون عليها، وعلى الرغم من انتشار حملات التبرع للمستشفيات فى وسائل الإعلام، خاصة فى شهر رمضان، فإن التبرعات ضلت طريقها عن المستشفيات الحكومية، ليظل التجاهل وضعف الإمكانيات وزيادة معاناة المرضى هو المشهد الرئيسى فى تلك المستشفيات، التى اكتظت أَسِرَّتها بالمرضى لكن دون تقديم خدمة حقيقية لهم، بالإضافة إلى عدد آخر من المستشفيات توقفت أعمال الإنشاء بها منذ أكثر من 12 سنة، كمستشفى حميات فاقوس ومستشفى كبد ههيا ومستشفى «الدميين» بمركز فاقوس.

«المصرى اليوم» رصدت أحوال عدد من مستشفيات المحافظة ومعاناة المرضى المترددين عليها فى رمضان، فى ظل ضعف الإمكانيات المتاحة.

قال السيد عبدالفتاح على، 45 سنة، من مركز فاقوس، إن زوجته كانت تعانى من مرض الفشل الكلوى، وكان يتردد بها أسبوعياً على قسم الغسيل الكلوى بمستشفى فاقوس العام، وفجأة وجد أن حالتها الصحية تدهورت، فاصطحبها إلى المستشفى فى الخامسة والنصف من صباح أحد الأيام، وعند دخوله قسم الاستقبال لم يجد أطباء، وقالت له إحدى الممرضات: «ابحث عن طبيب فى الاستقبال»، فتوجه إلى قسم الاستقبال، فلم يجد سوى طبيب امتياز يُجرى الكشف على طفل، وفور انتهائه من الكشف طلب منه التوجه مسرعاً لإنقاذ زوجته، إلا أنه فوجئ بأن الطبيب يقول له: «مقدرش أروح معاك وأسيب الاستقبال، دَوَّر على طبيب فى قسم الباطنة»، فتوجه مسرعاً للبحث عن طبيب باطنة، فلم يجد أحدا يسعف زوجته، ثم قام بالاتصال بأحد الأطباء المقيمين بإحدى القرى التابعة للمركز، والذى أتى مسرعاً إلى المستشفى، وفور وصوله للكشف على المريضة، أخبرنا بأنها فارقت الحياة، وعقب سماع خبر وفاة الزوجة سادت حالة من الغضب الشديد والفوضى داخل المستشفى.

وشكا الأهالى من سوء حالة مستشفى الصالحية القديم، الذى كان مستشفى تكامليًا، إلا أن وزارة الصحة حولته إلى وحدة طب أسرة، رغم أنه يخدم نحو 100 ألف مواطن، ومقام على مساحة 3 أفدنة، ومكون من 5 مبانٍ لكن جميعها متهالك وآيل للسقوط، ولا توجد بالمستشفى خدمة صحية أو رعاية طبية، ويعمل به طبيب واحد و4 أطباء آخرون منتدبون، وتؤدى الممرضات به عمل الأطباء، وتُصرف للمرضى أقراص مسكنة ومضادات حيوية دون وقاية أو علاج. وقال عدد من الأهالى إن مستشفى الصالحية تم بناؤه منذ أكثر من 50 عامًا، وكان مستشفى تكامليًا، وتُجرى به العمليات الجراحية، إلا أنه أصبح آيلًا للسقوط وتسكنه الكلاب والحيوانات الضالة والثعابين، ولا توجد به أى خدمات بسبب إهمال المسؤولين، وطالبوا بإعادته كمستشفى تكاملى أكثر من مرة، لكن دون جدوى.

وقال محمد أحمد عطية، من الأهالى: «اضطررت لنقل والدى المريض من مستشفى الصالحية القديم إلى مستشفى فاقوس العام، رغم بعده 20 كيلومترًا، بسبب عدم وجود خدمة صحية بالأول، حرصا على حياته»، لافتاً إلى أن أهالى المدينة يعانون أشد المعاناة بسبب التكاليف الباهظة أثناء الكشف أو العلاج من خلال الانتقال بين المستشفيات.

وأضاف شحتة حسان، من الأهالى: «أرسلنا العديد من الشكاوى والفاكسات للمسؤولين بمديرية الصحة بالمحافظة بسبب ما نمر به من عدم وجود خدمة صحية متميزة لأهالى المدينة، ورغم زيارة المحافظ السابق للمستشفى ووكيل وزارة الصحة ورؤيتهما وضعه السيئ على الطبيعة، ورغم وعدنا بإعادة إحلال وتجديد المستشفى وتجهيزه بأحدث الأجهزة والخدمات الطبية وتحويله إلى مستشفى تكاملى، فإننا اكتشفنا أنها وعود كاذبة، ونطالب وزير الصحة بإعادة النظر فى أمر المستشفى الذى يخدم آلاف المواطنين الفقراء».

من جانبه، قال الدكتور ناصر جلهوم، مدير مستشفى الصالحية القديم، إن المستشفى يوجد به جهاز أشعة وكرسى أسنان و18 ممرضة، ويتوافد عليه نحو 100 حالة يومياً، مشيرًا إلى أنه يتم تقديم الخدمة الطبية لهم على قدر المستطاع، لافتاً إلى أن الأدوية المتواجدة بالمستشفى ما هى إلا مضادات حيوية وأدوية شراب ومسكنات.

ولا يختلف الوضع كثيرًا فى مستشفى أبوكبير العام، حيث قال محمد صلاح عبدالرازق، من أهالى مدينة أبوكبير، إنه رغم الإمكانيات الكبيرة داخل المستشفى، فإنه يفتقر لوجود أطباء فى تخصصات كثيرة، أهمها العظام والمخ والأعصاب والجلدية، وتفشت ظاهرة غياب الأطباء داخله، والتى يعانى منها الجميع. وتزداد الصورة سوءا أمام صيدلية المستشفى، حيث أكد عدد من المرضى أن الصيدلية لا تصرف إلا شريط حبوب واحدا أو زجاجة دواء شراب، متسائلين: «أين تذهب أدوية المستشفى؟!».

وأضاف علاء الشبراوى، من الأهالى، أن حال مستشفى الحسينية العام لا يسر عدوا ولا حبيبا، فالأجهزة معطلة دائمًا، والأَسِرَّة غير صالحة للاستخدام الآدمى، وتدنى مستوى النظافة أصبح سمة سائدة، والممرضات يسيطرن على المستشفى ويمارسن دور الأطباء.

وأكد عدد من أهالى مدينة بلبيس تدنى الخدمة بمستشفى بلبيس العام وغياب الأطباء، لافتين إلى أنه منذ فترة وجيزة، تُرك مريض داخل قسم الاستقبال لمدة 7 ساعات حتى فارق الحياة دون تقديم الرعاية الطبية اللازمة، بالإضافة إلى التهاون فى علاج مريض آخر حتى فارق الحياة، ما أدى إلى تكسير أصدقائه قسم الاستقبال عقب سماع خبر وفاته.

ويعانى مستشفى الأحرار بالزقازيق من الإهمال، ما جعل العديد من المرضى يحرصون على اصطحاب واسطة من أجل الحصول على رعاية صحية، وقال رضا محمد، أحد المرضى، الذى يعالج من مرض السرطان، إن الله أنقذه من الموت داخل المستشفى بسبب سوء العناية من جانب الأطباء، فقد قضى ليلة داخل المستشفى ولم يهتم به أى طبيب حتى الصباح، وعندما حضر الأطباء طلبوا منه تحاليل وأشعة غير موجودة بالمستشفى، ولابد من إجرائها فى أى مركز خاص للأشعة.

وقال أحد أقارب مريض بمستشفى الأحرار إنه لا يمكن للمريض الحصول على بطانية إلا من خلال تسليم البطاقة الشخصية له أو لأحد أقاربه، مطالبًا المسؤولين بضرورة النظر إلى المستشفيات الحكومية والمرضى، علاوة على تكدس المرضى خارج الأقسام وفى الاستقبال لانتظار الدور.

قال الدكتور محمد رشاد، مدير مستشفى الأحرار بالزقازيق لـ«المصرى اليوم » إن المستشفى يخدم 7 محافظات وبه 421 سريرا، وأجريت به 12 ألف عملية جراحية خلال عام 2015 ويتردد عليه يوميًا نحو 1000 حالة، بالإضافة إلى حوالى 40 إلى 50 من مصابى الحوادث من المحافظة والمحافظات المجاورة، مشيرًا إلى أنه يعد المستشفى المرجعى للمحافظة.

وأكد أن المستشفى يؤدى خدمات طبية ورسالة تعليمية للأطباء عقب تحويله إلى مستشفى تعليمى ويحتاج إلى دعم مادى يصل إلى 50 مليون جنيه، شاملة تحسين قطاع الأشعة الذى لم يتم تحديثه منذ إنشاء المستشفى.

من جانبه، قال الدكتور محمد سرحان، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، إنه بالفعل يوجد إهمال داخل المستشفيات، مع غياب عدد من الأطباء أو انصرافهم أثناء مواعيد العمل الرسمية، حيث إن هناك عددا بسيطا منهم ملتزما، فى حين أن العدد الأكبر غير ملتزم، وتتم إحالة المقصرين إلى التحقيق، وتوقيع العقوبة المنصوص عليها قانونًا سواء على الأطباء أو العاملين أو التمريض.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية