«العنف» و«التزوير» و«منع الناخبين والمندوبين من دخول اللجان»، اتهامات بات مؤكداً أنها ستلاحق الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب 2010، مع وصول اليوم الانتخابي إلى نهايته وغلق باب التصويت في السابعة مساء الأحد.
سجلت الانتخابات مصرع 3 على الأقل وإصابة العشرات في وقائع عنف بين أنصار المرشحين استُخدمت فيها الأسلحة النارية والعصي والحجارة والسلاح الأبيض، وبدا لافتاً ابتعاد قوات الأمن عن الدخول كطرف مباشر في هذه الاشتباكات، وإن كانت لم تسلم من اتهامات بتقفيل اللجان ومنع الناخبين ومندوبي المرشحين من الدخول.
ورصدت كاميرا «المصري اليوم» موظفين يقومون بتسويد البطاقات علناً داخل اللجان الفرعية، إلى جانب تحطيم الصناديق وتناثر الأوراق بين أيدي المرشحين ومندوبيهم، إثر مشادات في عدد من اللجان.
اللجنة العليا للانتخابات كانت الطرف «الحاضر الغائب» في كل هذه الأحداث، ووجه إليها المئات من المرشحين والمنظمات الحقوقية نداءات لمواجهة العديد من التجاوزات في جميع الدوائر، إلا أن رئيسها المستشار السيد عبد العزيز عمر أكد أن العملية الانتخابية «تسير بشكل هادئ، ولم تحدث أي مشكلات مؤثرة».
مارست اللجنة تدخلاً مباشراً عصر الأحد، بإعلانها إلغاء الانتخابات في دوائر: الحامول بكفر الشيخ، ومركز ناصر ببني سويف، والمحمودية بالبحيرة، بسبب الاشتباكات بين أنصار المرشحين، إلا أنها سرعان ما تراجعت وأعادت فتح الانتخابات في دائرتي مركز ناصر والحامول عقب تدخل قوات الأمن لفرض الهدوء.
دائرة الحامول كانت النقطة الأسخن على خريطة الأحداث، بعدما انسحب المستقل على مقعد الفئات حمدين صباحي، من الانتخابات احتجاجًا على ما وصفه بـ«بلطجة الحكومة»، مؤكداً أن قراره «جاء بعد أداء صلاة الاستخارة عقب تزوير الأجهزة الأمنية لأغلب اللجان»، وأضاف: «إذا كانت هذه ممارسات النظام تجاهي رغم أنني مرشح محتمل للرئاسة فأنا أعلن خوض انتخابات رئاسة الجمهورية»
كان المئات من أنصار صباحي قد قطعوا الطريق الساحلي الدولي، واتهموا الأمن باستخدام البلطجية في تسويد البطاقات الانتخابية ببعض اللجان لصالح عصام عبدالغفار مرشح الحزب الوطني على نفس المقعد.
ومنعت قوات الأمن مندوبي حمدين صباحي وعلى الششتاوي، مرشح الإخوان (عمال)، من دخول اللجان على مدار اليوم الانتخابي، فيما شهدت الدائرة عدة اشتباكات بين مرشح الوطني وأنصار حمدين صباحي بعد استعانة الأجهزة الأمنية ببعض البلطجية الذين قاموا بتسويد بطاقات بعض اللجان الانتخابية، كما قامت الأجهزة الأمنية بالاعتداء على أنصار حمدين صباحي والششتاوي وإلقاء القنابل المسيلة للدموع لتفريق الناخبين الذين تجمعوا للإدلاء بأصواتهم.
في المقابل، تدخل المهندس أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني بشكل مفاجئ قبل نهاية المؤتمر الصحفي الثاني الذي عقده الحزب عصر الأحد، وقاطع الدكتور محمد كمال، أمين التدريب والتثقيف، للتعليق على الأحداث التي شهدتها دائرة الحامول والبرلس بكفر الشيخ.
وقال عز: «هذا افتراء وكذب، ونحن نتابع هذه الدائرة ساعة بساعة، وكل ما جرى أننا دفعنا بمرشحنا النائب الحالي عصام عبد الغفار على مقعد الفئات بدلا من مقعد العمال، الأمر الذي أثار اضطراب النائب المحترم حمدين صباحي بشدة».
عز الذي دخل قبل نهاية المؤتمر، قال إنه جاء خصيصاً للحديث عن هذه الدائرة، وأضاف: «لقد رصدنا طوال اليوم ساعة بساعة تقدما واضحا لصالح مرشحنا عصام عبد الغفار في الدائرة التي تنقسم إلى مركزين هما الحامول والبرلس، حيث إن مركز الحامول الذي يتنتمي له عبد الغفار كانت نسبة كثافة التصويت به نحو 140%، الأمر الذي أثار أنصار حمدين صباحي فقطعوا الطريق الدولي المؤدي إلى برج البرلس، كنوع من التعامل العصبي مع التقدم الواضح لمرشحنا، وكلام النائب حمدين صباحي عن وجود تسويد وتزوير في صناديق الانتخابات غير صحيح بالمرة، ولم يحدث على الإطلاق».
ورداً على ادعاء الإخوان المسلمين بتزوير الانتخابات قال محمد كمال: «هذا الكلام غير صحيح جملة وتفصيلا والهدف منه التشكيك في نزاهة الانتخابات»، وعلق على ما أذاعته قناة الجزيرة من أن إعلان النتائج يوم الثلاثاء المقبل، قائلاً: «النتائج ستعلن أولا بأول فور انتهاء عمليات الفرز، وتصريح عضو اللجنة العليا للانتخابات ربما يعني النتائج الإجمالية النهائية للانتخابات».
ولم تكن الشكاوى من سير الانتخابات من نصيب مرشحي الإخوان والمعارضة فقط، فقد تقدم الحزب الوطنى الديمقراطى ببلاغ إلى اللجنة العليا للانتخابات بشأن استخدام العنف ضد مرشحى وأنصار الحزب فى عدد من الدوائر وذلك من جانب بعض المرشحين التابعين لتنظيم «الإخوان المسلمين».
وصرح صفوت الشريف، الأمين العام للحزب، بأن هذا البلاغ يأتى التزاماً من جانب الحزب بالقانون والاحتكام إلى اللجنة العليا للانتخابات.
كما اتهم البلاغ مراسلي الخدمة العربية بهيئة الإذاعة البريطانية «BBC» وقناتي «الجزيرة مباشر» و«الحرة» بنقل وقائع مغلوطة مرسلة إليهم برسائل التليفون المحمول دون التحقق من صحتها، بالإضافة إلى تبني مواقف منحازة لصالح بعض المرشحين التابعين للإخوان.
من جانبها، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، على لسان الدكتور محمد مرسى، عضو مكتب الإرشاد، مسؤول لجنة الانتخابات بالجماعة، أنها «مستمرة في المعركة الانتخابية حتى إعلان النتائج النهائية، رغم التجاوزات التي حدثت في عمليات التصويت».
وأضاف مرسي، في تصريحات صحفية: «على الرغم من كل ما يفعله النظام وحزبه والسلطات الأمنية والبلطجية التابعون لها، من تجاوزات فجة، وإرهاب للمواطنين لمنعهم من التصويت، فضلا عن تسويد البطاقات في مئات الدوائر ضد مرشحي الإخوان، إلا أن الجماعة تؤكد أنها مستمرة في مراحل العملية الانتخابية كافة حتى إعلان النتائج».
وحمّل مرسي النظام «مسؤولية التزوير كاملة، وما قد يؤدي إليه من عدم شرعية للمجلس القادم، كما يتحمل النظام مسؤولية الغضب العام والاضطراب الحالي في المجتمع، والذي نخشى أن يؤثر على أمن الوطن واستقراره».
الإصرار على المضي في المنافسة حتى النهاية، عبر عنه أيضاً الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، الذي قال في مؤتمر صحفي: «حتى الآن لم نر ما يستدعى الانسحاب رغم حدوث تجاوزات فى بعض الدوائر، وقد أعطينا لكل مرشح الحرية في اتخاذ قرار الانسحاب، إذا رأى أن الأمور لاتسير بشكل جيد».
وأضاف البدوي أن «البلطجة هي الظاهرة الأبرز حتى الآن فى العديد من اللجان الانتخابية»، مشيراً إلى أن هذا «ما سبق أن حذرت منه الهيئة العليا للوفد فى بيان صدرعنها قبل أسابيع».
وفي الإسكندرية، اعتدى مجموعة من البلطجية، يدعون أنهم من أنصار رجل الأعمال محمد رشادعثمان، مرشح الحزب الوطنى على مقعد العمال بدائرة مينا البصل، على الزميل محمد المالحى محرر «المصري اليوم» بالإسكندرية،وتسببوا فى تمزيق ملابسه وكسر نظارته الطبية، وحاولوا الاستيلاء على أوراقه ومحموله الخاص، بعد محاولته تصوير عمليات شراء أصوات الناخبين بالدائرة، التى وصل فيها سعر الصوت إلى 500 جنيه.
وفي حلوان، أعلن مصطفى بكري، المرشح المستقل لمقعد الفئات، عن دائرة حلوان، اعتصامه بمقر لجنة مدرسة «الثانوية بنات» بالمعصرة، لاكتشافه حدوث تزوير بلجنتي «46 و47»، اللتين يصل عدد أصواتهما إلى قرابة الـ900 صوت، لصالح سيد مشعل، وزير الإنتاج الحربي، مرشح الحزب الوطني لنفس المقعد، على حد قول «بكري».
وأكد «بكري» أنه لن يتحرك إلا بعد وصول رئيس اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، مضيفاً أنه تقدم بشكوى لـ«العليا للانتخابات» حول تزوير الأصوات بكل من «مدرسة عمر بن عبد العزيز، والمدرسة المستقلة، ومدرسة حمامات حلوان».
وفي الجيزة، اندلعت مشاجرة في قرية ناهيا، التابعة لمركز كرداسة، بين أنصار مرشحي الحزب الوطنى، رشوان الزمر وخالد طايع، وأسفرت الاشتباكات عن إصابة عدد من الأشخاص، كانت المشاجرة قد بدأت بمشادة كلامية بين أنصار المرشحين، وانتهت باشتباك استخدمت فيه العصي و«السنج» و«المطاوي»، وأصيب عدد من أنصار المرشحين بجروح قطعية.
وامتنع مأمور قسم شرطة الجيزة عن إصدار التوكيلات الخاصة لمندوبي مرشح الإخوان بالدائرة، عزب مصطفى، معلناً أنه لم يتلق «تعليمات عليا بإصدار هذه التوكيلات»، فيما أصدر قسما شرطة الدقي والعجوزة توكيلات «محدودة» لمندوبي مرشحَي حزب الوفد لمقعد الفئات، الدكتور محمود السقا، واللواء سفير نور، المرشح لمقعد العمال.
واستوقف عدد من ضباط الشرطة وعناصر الأمن، الناخبين قبيل دخولهم المقار الانتخابية لسؤالهم عن اسم المرشح الذين ينوون التصويت له، مانعين أنصار مرشح الإخوان من الإدلاء بأصواتهم أو دخول المقار الانتخابية، قائلين: «احنا انتخبنالكوا».
وفي الغربية، أطلقت قوات الأمن سراح جو ستورك، نائب المدير المدير التنفيذي في منظمة هيومان رايتس ووتش لمنطقة الشرق الأوسط، ومرافقه المترجم عمرو خيري، بعد احتجازهما نصف ساعة بقسم شرطة سمنود، وطلب الأمن منهما الخروج من المدينة بصحبة أحد أفراد الأمن.
وفي محافظة 6 أكتوبر، شهدت 4 قرى تابعة لمركز شرطة أوسيم، بمحافظة 6 أكتوبر مظاهرات لأنصار مرشح الإخوان محمود عامر بسبب منع ناخبيه من دخول اللجان.
وتجمهر العشرات في قرى «برطس والكوم الأحمر وثقيل والقراطيين» احتجاجا على توجيهات الأمن للإدلاء بصوتهم لمرشحي الحزب الوطني.
وقال أحد أهالي الدائرة إن الأمن أغلق أبواب اللجان في تلك القرى في الثانية ظهراً، مما أدى إلى اعتراض ناخبي مرشح الإخوان الذين اتهموا «الوطني» بالتزوير، وتوجهوا بمسيرات في شوارع تلك القرى ثم تجمعوا أمام اللجان الانتخابية.
وفي الشرقية، شهدت لجنة مدرسة العقدة، بالتلين، هجوماً جماعيا من أنصار مرشح مقعد العمال المستقل مصطفى لطفى، الذى ينافس اللواء يحيي عزمى مرشح الحزب الوطنى، لاقتحام اللجان الموجودة بالمدرسة وإرغام رؤساء اللجان على ملء الصناديق لتزوير النتيجة، وتصدى لهم أنصار مرشحي الحزب الوطنى وأغلقوا اللجان فى وجوههم، مما حال دون تمكن العديد من الناخبين من الإدلاء بأصواتهم.
وفي القاهرة، أقام عصام مختار، مرشح جماعة الإخوان المسلمين عن دائرة مدينة نصر ومصر الجديدة، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، الأحد، طلب فيها وقف إجراء الانتخابات بالدائرة، بسبب «التجاوزات والمخالفات التي شابت عملية الاقتراع ».
وقال عصام مختار الذي حصل علي حكم نهائي بأحقيته في خوض انتخابات الشعب في صحيفة الدعوى إن «قوات الأمن منعت مندوبيه من دخول لجان الانتخاب بالمخالفة للقانون وقرارات اللجنة العليا للانتخابات».
وفي دائرة قصر النيل، ضبط ميمي رمزي، مرشح حزب التجمع، وجمال طه، مستقل، رئيس لجنة الخدمة الاجتماعية بدائرة قصر النيل أثناء قيامه بتسويد 45 بطاقة انتخابية لصالح هشام مصطفى خليل مرشح الوطني، وهددا بالانسحاب من الانتخابات لإبطال الدائرة، كما حضرت جميلة إسماعيل، المرشحة على مقعد الفئات، الواقعة وصرخت فى وجه رئيس اللجنة ووصفته بالمزور وسط هتافات مؤيديها.
وقبيل دقائق من غلق باب التصويت، قام وفد من الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، ومنظمة هيومان رايتس ووتش، بجولة على بعض اللجان الانتخابية في القاهرة، رصد خلالها بعض الانتهاكات.
وقال المدير التنفيذي للشبكة الأورومتوسطية مارك شايد بولسن، إن الوفد رصد انتهاكات في لجنة مدرسة هدى شعراوي بالدقي، تتمثل في منع التصويت، والاعتداء على بعض الناخبين. وأضاف بولسن أنه أجرى اتصالا بالسفير محمود كارم في المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأبلغه بمنع الناخبين من التصويت، مشيراً إلى أن كارم وعد بإرسال مندوب من الداخلية لفتح اللجنة، لكن لم يصل أحد حتى إغلاق باب الاقتراع، مشيراً إلى أن اللجنة منعت الجميع من التصويت سواء كانوا من أنصار الحزب الوطني أو المعارضة أو الإخوان المسلمين.