x

أطباء وصيادلة: نسبة الزيادة بأسعار الدواء وصلت إلى 44%.. وأزمة «النواقص» مستمرة

الخميس 23-06-2016 22:00 | كتب: آلاء عثمان |
ازدياد معاناة المواطنين بسبب ارتفاع أسعار الدواء ازدياد معاناة المواطنين بسبب ارتفاع أسعار الدواء تصوير : اخبار

قبل شهر.. وتحديداً فى 16 مايو الماضى، أقر مجلس الوزراء زيادة جديدة فى أسعار الدواء، مُعللاً أسبابها فى محضر اجتماع المجلس الأسبوعى بـ«عدم التواجد الفعلى لعدد من الأدوية بالسوق المصرية» ومن ثم حرص الدولة- كما أقر المحضر- على تشجيع شركات الأدوية المحلية على مُعاودة الإنتاج.

على مدار شهر فى أعقاب تنفيذه، أثار قرار زيادات الأسعار ما أُطلق عليه «ارتباك فى سوق الدواء» ولاتزال تتردد أصداؤه إلى اليوم، ما بين نوبات غضب من المرضى فحواها قدر الزيادة التى قدرت بـ20% للشرائح السعرية الأقل من 30 جُنيهًا مصرياً، وشكاوى الصيادلة من آليات تنفيذ القرار التى لاتزال تسفر إلى اليوم عن تعديلات مُستمرة فى أسعار بعض الأصناف.

وعلى الرغم مما أحدثه القرار من غضب واضطراب إلا أنه معرض للسحب، وذلك بحسب تصريحات وزير الصحة، د. أحمد عماد، وتحديدًا فى حال عدم توفير جميع الأدوية الناقصة فى الصيدليات خلال 3 أشهر كحد أقصى، وهى المُهلة التى مر بالفعل منها شهر كامل.

«قرار مُتأخر».. يشرح رئيس شُعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، على عوف، مدى أهمية القرار فى ضوء عدم تحرك تسعيرة الدواء المصرية من التسعينيات، الأمر الذى أبقى على تسعيرة بعض الأصناف الدوائية أسفل حاجز الجنيه والاثنين لسنوات عدة، ما أدى لتوقف إنتاجها وزيادة خسائر الشركات القابضة للأدوية على حد وصفه. بيد أن «عوف» لا يستبعد وجود سلبيات بآليات التنفيذ أحدثت ارتباكاً واضحاً فى السوق، عاد بآثار سلبية على الصيدلى والمريض على حد سواء، كبدء تنفيذ الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية القرار مُباشرة بالتوازى بعد صدوره، الأمر الذى أدى لحدوث صدمة للمُستهلك.

«لو مريض بياخد دواء شهرى، هينزل يتصدم من زيادة الأسعار».. يضع «عوف» ميزانية المواطن الشهرية لشراء الأدوية فى الحُسبان قبل أن يُرجح أن آلية تنفيذ كانت لتُساهم فى تجنب إثارة حفيظة المواطن، ألا وهى التدرج فى رفع الأسعار على دُفعات تحوى كل منها 1000 صنف، وتبدأ مع الأصناف الأكثر تعرضاً للخسارة. فى سياق مُشابه أحدث التنفيذ الفورى أزمة واضطراباً فى الصيدليات، إنما نجم حسب «عوف» عن غياب المرجع الأصيل للزيادات فورية النفاذ، خاصة مع صدور قائمة بالأسعار الجديدة فى جريدة «الأهرام» بعدد من الأخطاء ما زاد من حدة التخبط.

عايش د. حازم الحوتى، صيدلى بمنطقة حدائق القبة فترة التخبط بنفسه، إضافة للتعامل اليومى مع اعتراضات الجمهور على ارتفاع التسعيرة الفعلى، بدعوى أن عبوات الدواء لاتزال تحظى بالسعر القديم.. «دلوقتى أنا بيجيلى الفاتورة سعر جديد والعلبة مكتوب عليها سعر قديم.. طيب أعمل إيه للمريض أنا مش هخسر كل يوم». يُثير التناقض ضد الصيدلى نوبات الغضب والاتهام من المُستهلكين على الرغم من حتمية تنفيذه القرار بمجرد صدوره، سواء كان بزيادة الأسعار فحقق له ربحاً أو نقصانها فكبده خسارة، إلا أنه بدأ بالفعل تلقى الأدوية بأسعارها الجديدة من شركات التوزيع، ولكن دون أن تتبدل نقوش الأسعار على عبواتها فتحل أزمة الاحتكاك بالمرضى.

من وجهة نظره، كان من الممكن أن يسبق القرار بعدة أشهر إخطار للشركات لتبديل العبوات بعبوات تحمل الأسعار الجديدة لتجنب الأزمات، إضافة لحصول الصيدلى على نسخة كاملة مُحدثة من التسعيرة الجديدة.. «كان زمان بيجيلنا كراس بالأسعار الجديدة.. دلوقتى ما فيش حاجة رسمية جاتلى». يشرح «الحوتى» أزمة افتقاد مرجع الأسعار، خاصة مع احتمالية احتواء البيانات المنشورة صحفيًا على أخطاء مطبعية وما شابهها.

إلا أن نقابة الصيادلة كانت قامت بتنفيذ حلولها الخاصة للأزمة، كتيب للأسعار الجديدة وCD وفرتهما النقابة فى جمعيتها العمومية فى الـ4 من يونيو للصيادلة. يشرح د. محمد العبد، رئيس لجنة الصيدليات بنقابة الصيادلة، آلية حصول الصيادلة المعنيين على البيانات الدقيقة عن الأسعار. «الموضوع مش صعب، بس الصيدلى يسعى».

يؤكد «العبد» أن كل التحديثات المُتعلقة بتسعيرة الأصناف المُختلفة توفرها الصفحة الرسمية لنقابة الصيادلة، والتى يُتابعها ما يتخطى الـ70 ألف صيدلى اليوم، تصلهم بيانات التسعيرة أولاً بأول، وذلك إلى جانب مُساندة النقابة للمريض فى الوقت ذاته خاصة مع بداية صدور القرار.

«الشركات كانت بتزود على مزاجها»، يسترجع «العبد» الأيام الأولى لتنفيذ القرار، والتى لم يسر خلالها تنفيذ حد أقصى للـ20% التى نص عليها القرار، ما أدى إلى طرح الشركات لزيادات عشوائية تصدت لها النقابة حسب «العبد» وصولاً للحالة الأكثر استقرارًا، والتى ماتزال تطرح فيها الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية تعديلات فى أسعار بعض الأصناف. يرى «العبد»: على الرغم من ذلك فإن الزيادة «ليست قوية»، خاصة مع تحجيمها بحد أقصى 6 جنيهات للعبوة، والتى أغلقت الباب أمام تلاعب الشركات.

إلا أن تطبيق الزيادة إنما جاء حسب الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية على «الوحدة المُسعرة فقط»، والتى تتنوع ماهيتها حسب «الحوتى»، فمن الممكن أن تكون عبوة كاملة أو «حباية» أو الشريط، وهى الحالة الأكثر شيوعًا فى سوق الدواء، ما أسفر فى النهاية عن زيادة بعض العبوات كاملة بنسبة تخطت 20%.

«طبعًا.. فى علب زادت 100%»، يؤكد «الحوتى» بثقة، وذلك لتطبيق الزيادة على كل شريط «مُسعر» داخل العلبة الواحدة، ويوضح بمثال عملى، «كونكور 5» سعر عبوته الأصلى 21 جنيهاً مصرياً رفعته الزيادة لـ27 جنيهاً، أى زيادة قدرها 28.5% للعبوة. يطرح «العبد» مثالاً آخر كان قد ورد التعديل بسعره مؤخرًا وهو «بروفين 400» علبة تحتوى على 3 أشرطة طبقت الزيادة رسمياً على كل منها ليتحول سعر العبوة من 13.5 إلى 19.5 أى زيادة وقدرها 44%.

أثناء حديثه مع «المصرى اليوم» يلتقط حازم الحوتى «روشتة» عشوائية لأحد المرضى، ويحسب النسبة المئوية عن فاتورته كاملة، والمكونة من 3 أصناف طُبقت الزيادة عليها جميعًا، ليجد أن نسبة الزيادة وصلت إلى 26.5%. يرى الصيدلى أنه من جهة المواطن جاء إجمالى الزيادة فى النهاية كبيراً وغير متوقع، مرهق، خاصة لذوى الدخول الضعيفة ممن بدل بعضهم بالفعل عاداته الشرائية، فبات يقدم على شراء شريط واحد من عبوة علاجه الدورى بدلاً من العبوة كاملة، وربما يعود ليستبدله لاحقًا مقابل أمواله، فى حين يسعى آخرون بين الصيدليات لإيجاد منفذ بيع لايزال يعتمد الأسعار السابقة.

بعيداً عن التجربة العشوائية وبمساعدة د. محمد عوض منصور، دكتور الأمراض الباطنية والمتوطنة والحميات، وأستاذ واستشارى الكبد والجهاز الهضمى بكلية طب عين شمس، صممت «المصرى اليوم» نموذج «روشتة» طبية تحوى العلاج اللازم لمريض ما بين الأربعين والخمسين من العمر، يعتمد على العلاج الدائم والمُستمر للتعايش مع عدد من الأمراض المُزمنة وهى ضغط الدم والسكر والكبد.

راعى د. «منصور» فى تشكيل «الروشتة» الظروف الاقتصادية للمريض، مع العلم أن جميع محتوياتها الـ6 شملت بالزيادة فى مايو الماضى. وهى «كونكور 5، ناتريليكس إس آر، ميلجا، فاركو فيت، سليينيوم ace ودوانيل».

وعلى ذلك قامت «المصرى اليوم» بحساب تكلفة «الروشتة» قبل وبعد زيادة الأسعار، لترصد انتقال قيمة الروشتة من 103 جنيهات مصرى إلى 130 جنيهاً بزيادة نسبتها 26%، يتكلفها المريض لدى شراء النموذج مع بداية الشهر المُقبل.

وعلى الرغم من مرور شهر كامل على تطبيق زيادة الأسعار، لاتزال الأرفف خاوية من الأصناف الدوائية باختلاف درجة حساسيتها وضروريتها للمريض، وحتى انتمائها للشريحة السعرية المرفوعة مؤخرًا، إلا أن الفترة الزمنية اللازمة لتوفير الأصناف قد تتضمن فى بعض الحالات، حسب على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، استيراد للمواد الخام وسحب العينات للتحليل وثم التصنيع، وهو ما يعكس عدم منطقية تنفيذ قرار زيادة الأسعار قبل توفير الأصناف للجمهور فى الصيدليات، على حد قوله، والذى كان يجب أن يؤخذ فى الاعتبار.

يُحدد «العبد» رئيس لجنة الصيدليات بنقابة الصيادلة، شهرًا واحدًا كفترة كافية لإمداد الأسواق بدفعة واحدة من النواقص التى يتعطش لها الجمهورن وهو ما لم يحدث حتى اليوم.

«الشركات أمنت العقاب» يصف أحوال بعض الشركات التى مازالت لم تمد السوق باحتياجاتها، إلا أنه يؤكد أن اتخاذ إجراءات صارمة مع الشركات، ولو لعدم توافر 10 أصناف فقط يكفى لردع باقى الشركات، وذلك بمتابعة السوق جيدًا خلال الشهرين المقبلين ورصد الأصناف التى لاتزال مفقودة، ومن ثم سحب ترخيصها من الشركات المصنعة وإعطائها لشركات الدولة.

على الرغم من ذلك تبقى أصناف دوائية أخرى فى عداد النواقص، فيما لم يشملها قرار الزيادة، يصدر منها «العبد» Human Albumin والذى يُستخدم فى حالات الغيبوبة الكبدية، ويعتبر ضرورة من غير المقبول اختفائها من الأسواق، إلا أن العقار يُعتبر من النواقص على الرغم من زيادة سعره ثلاث مرات خلال عام واحد حسب «العبد»، وهو ما يتطلب مزيداً من الحزم مع المستوردين بعقد مناقصات لاستيراد الأصناف المُختفية أو ربما قيام الدولة باستيرادها.

على الرغم من أن تصريح «وزير الصحة» لسحب القرار الزيادة حال عدم توفر الأصناف خلال 3 أشهر لايزال قائمًا إلا أن العبد يعتبره غير واقعى، حيث ماتزال سوق الدواء تعانى من تخبط جراء إصدار القرار فى المقام الأول، حيث تقدم بعض شركات التوزيع الأصناف ذاتها بأسعار مختلفة، إضافة لصدور تعديلات مستجدة على التسعيرة حتى اليوم ما يجعل قرار السحب عبئاً جديداً، فضلا عما سوف يُكبده من خسائر مادية للصيدلى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية