مساحات خضراء واسعة، عمارات لا تتجاوز الطوابق الخمسة، صناديق القمامة في كل مكان، حملات مستمرة من جهاز مدينة القاهرة الجديدة لمتابعة أعمال النظافة، مراكز تجارية خاصة بكل حي تتوافر بها المحال التجارية والمقاهي.. حال لم يدم طويلا لمنطقة مساكن محدودي الدخل بالتجمع الخامس، فالمساحات الخضراء تآكلت بسبب موت الزرع نتيجة للإهمال، لتتحول الحدائق إلى مساحات مهجورة انتشرت بها القمامة وموقف الأوناش وسيارات النقل، فيما سيطر بعض أصحاب المقاهي على المساحات الخضراء وحولوها إلى أماكن لوضع كراسي المقهى.
أخبار متعلقة
وتحوّلت الأدوار الأولى من أغلب العمارات إلى محال تجارية، وأقدم بعض أصحاب المحال على استغلال الأرصفة في وضع البضاعة، وتجاوز الوضع إلى أن النزول إلى نهر الطريق، ليتحول اسم الحي الواقع ضمن واحدة من أرقي مناطق القاهرة «التجمع الخامس»، إلى «الحي المنكوب»، كما أصبح السكان يطلقون عليه.
وتقع مساكن محدودي الدخل بالتجمع الخامس في الحي الثالث والرابع والقطامية وبجوار قسم شرطة التجمع الخامس محكمة القاهرة الجديدة، تجاورها مساكن القضاة والعاملين بهيئة البترول وعدد من الكومبوندات الكبرى، 500 متر فقط هي المسافة الفاصلة بينها وبين شارع التسعين الرئيسي بالقاهرة الجديدة، مساحات الوحدات السكنية تتراوح بين 63، و94 متر، وتفصلها عن بعضها بمساحات خضراء صغيرة.
منذ عامين بدأت ملامح المشهد في التغير، مع تحول منطقة إلى محور صراع وخلافات بين السكان وجهاز المدينة وأصحاب المحال، حسب قول عصام حمدي(40 عاما)، أحد سكان الحي، نتيجة لعدم الاهتمام بشكاوى السكان، حيث تم إهمال الأحياء الثالث والرابع والقطامية، وتقلصت المساحات الخضراء وتحولت الأدوار الأرضية بمعظم العمارات إلى محال تجارية بالمخالفة لشروط جهاز المدينة، على حد قوله.
أضاف حمدي: «مساكن محدودي الدخل هي مساكن مخصصة لفئة محدودي الدخل ويتم الحصول عليها من خلال قرعة بتقسيط طويل المدى يصل إلى 20 عامًا، وتشترط على السكان عدم تغيير نشاط الوحدة من النشاط السكنى إلى التجاري وفى حالة تغير النشاط على الجهاز سحب الوحدة فورًا وإعادة بيعها مرة أخرى وهذا منصوص عليه في العقد بين السكان وجهاز المدينة».
وتابع: «منذ عامين بدأت مخالفة هذا العقد، وذلك بعد إقدام صاحب محل طلب للجهاز لتأجير الدور الأرضي لأحد العمارات الواقعة على واجهة الحي الثالث وتحويلها إلى مغسلة سيارات، فطلب جهاز المدينة موافقة السكان على فتح المغسلة وبالفعل وافق بعض السكان على ذلك ومن هنا بدأ تحويل الأدوار الأرضية إلى محال تجارية بشكل تدرجي، وتحولت إلى محال وأنشطة مقلقة للراحة مثل ورش خراطة وورش ميكانيكا وغيرها».
أحمد توكل موظف ويسكن الحي الثالث بالتجمع الخامس، قال إن أول محال فتح بموافقة بعض السكان، أما تحول المنطقة بالكامل إلى عشوائيات فبدأ بتحويل كل الأدوار الأرضية إلى محال وغلق مواسير الصرف الأساسية للعمارات من أجل إجراء تعديلات عليها وتحويلها إلى محال دون إخطار سابق لجهاز المدينة وذلك ما رفضه أغلب السكان وحرروا محاضر ضد أصحاب المحال إلا أنهم رغم تقديهم الكثير من الشكاوى والمحاضر إلى جهاز المدينة وقسم الشرطة لم يتم تنفيذ أي إزالات لهذه المخالفات، على حد قوله.
«ممنوع فتح محل» عبارات علقها سكان الحي الثالث والرابع والقطامية على واجهات العمارات لإعلان رفضهم تواجد المحال التجارية داخل الكتل السكنية، بالإضافة إلى محاضر شرطة وشكاوى وصلت إلى مجلس الوزراء لإعلان رفض ما آل إليه حال مساكن محدود الدخل بالتجمع الخامس.
عصام سيد أحد السكان المتضررين تقدم بشكاوى إلى جهاز المدينة وحرر محضر بقسم شرطة أول القاهرة الجديدة بعد أن تم الاعتداء عليه بسبب رفضه تكسير الدورالأول في العقار الذي يسكنه، وبعد عدد من الشكاوى حصل على خطاب موجه من جهاز المدنية إلى مأمور قسم أول القاهرة الجديدة بتاريخ 10 مايو 2015 يفيد بأن هناك مخالفة متمثلة في تكسير الأرضيات والحوائط الخارجية وإزالة بعض القواطع الداخلية استعداد لتحويلها إلى محال تجارى وحتى الآن لم يتم تنفيذ الإزالة، وعند شكواهم لجهاز المدينة، أوضح أن رئيس الجهاز أقر بأن هناك 220 وحدة سكنية مخالفة ويجب سحبها تغير نشاطها ولكن الجهاز لم يتمكن من سحبها بسبب أن قرار السحب قرار إداري وليس لديه قوى شرطة لتنفيذ السحب.
وأضاف أن «الإزالة، التي تحدث هي مجرد إزالة شكلية لواجهة المحل وبعدها يطالبنا الجهاز بتصليح واجهة المحل على نفقتنا الشخصية مرة أخرى لإعادة الدور شقة مرة أخرى وهذا ما نقم به، وطالب السكان بوجود لجنة محايدة للوقوف على حجم الأضرار، التي تعرضت لها الوحدات السكنية».
«الجهاز كان بيعمل غرامة لأي حد حاول يغير الواجهة بتاعت العمارة أو يشيل شباك وكانت الغرامة 100 جنيه دلوقتى الأدوار الأولى بتتكسر عادى ومحدش بيقفلهم»، هذا ما قالته سارة ملك، التي تقدمت ببلاغ للنيابة برقم 1131 بتاريخ 6 يونيو 2016 بسبب تعدى أحد المستأجرين على الدور الأول، الذي تسكن فيه لرفضها أعمال الإنشاءات، التي يقم بها داخل الدور إزالة الحوائط الخاصة به ولكن دون فائدة.
وقال أحد السكان، طلب عدم ذكر اسمه، إن هناك وديعة من سكان القاهرة الجديدة والإسكان محدود الدخل بقيمة مليار و٧٠٠ مليون في صندوق مجلس أمناء المدينة، تم جمعها من السكان لصالح أي إصلاحات أو إزالات، لكننا لا نعرف عنها أي شيء.
وحاولت «المصرى اليوم» التواصل مع المهندس علاء عبدالعزيز، رئيس جهاز القاهرة الجديدة، ولكن تعذر الوصول إليه ولم يرد على رسائل أرسلناها له عبر هاتفه.
وقال يحى شوكت، باحث عمراني، إنه رغم بناء المزيد من المساكن التابعة لوزارة الإسكان أو الشركات الخاصة، إلا أن معظمها يفتقد إلى ما يسمى «إدارة العمران».
وأضاف أن لدينا أزمة في عدم تواجد إدارة محلية في جميع الأحياء، سواء داخل القاهرة أوى في المدن الجديدة، ما يؤدى إلى تحولها إلى مناطق بها كم كبير من المخالفات لقانون البناء رقم 1919 لسنه 2008 والذي ينص على وجود مخطط تفصيلي لكل مدينة ومحدد فيه المناطق السكنية والتجارية، ويوقع عقوبات على المخالف لهذا المخطط.
وقال إن أغلب المناطق الجديدة بها لديها مخطط تفصيلي يتضمن المناطق السكنية والتجارية ولكن مخالفة ذلك المخطط تتم بسبب عدم وجود رقابة وإدارة جيدة.
