x

جمال سليمان: «أفراح القبة» جرىء ولا يقل إجهاداً عن الأعمال التاريخية (حوار)

الجمعة 24-06-2016 00:48 | كتب: سعيد خالد |
جمال سليمان خلال حواره لـ المصرى اليوم» جمال سليمان خلال حواره لـ المصرى اليوم» تصوير : نمير جلال

أكد الفنان جمال سليمان أن «أفراح القبة» عمل مرهق مجهد ولا يقل إجهادا عن الأعمال التاريخية وقال في حواره لـ«المصرى اليوم»: إن الربط بين المسرح والحياة أسلوب أدبى استخدمه نجيب محفوظ وشكسبير في عدد من أعمالهما ليكشفا من خلاله حقيقة الشخص وهو في الكواليس وعلى خشبة مسرح الحياة. وأضاف: إن العمل يتميز بجرأته الشديدة وأبسط نواحى جرأته كانت في لغته. وأوضح أن الفنان الذكى الذي لا يضع لنفسه معايير ثابتة في اختياره لأدواره وأن الاعتماد على روايتنا الأدبية هو عودة لجذورنا الفنية الأصيلة بعيدا عن استيراد دراما الفورمات التي تتحدث عن شخوص لا نعرفهم ولا يمتون لنا بصلة.. وإلى نص الحوار:

■ بداية متى قررت المشاركة في مسلسل «أفراح القبة»؟

- في فبراير الماضى، تواصل معى المنتج شريف المعلم ليتأكد من تأجيل مشروع الجزء الثانى من مسلسل «حدائق الشيطان»، وكلمنى وقتها عن تحضيره لـ«أفراح القبة» وشخصية سرحان الهلالى، وقبلت الفكرة وتحمست لها، وكنت من أواخر الممثلين الذين انضموا لفريق العمل.

■ مع قراءتك الأولى للحلقات هل كانت من كتابة محمد أمين راضى؟

- قرأت في البداية حلقتين لمحمد أمين راضى، ولا أدرى ما حدث بعد ذلك، لأننى كممثل لا تخصنى هذه الأمور ولكن تخص المخرج والمؤلف وشركة الإنتاج، وبعدها فهمت حدوث تغيير في كاتب الحلقات وتعامت مع الأمر باحترافية.

■ ما أسباب مشاركتك في العمل رغم عرضه عليك في وقت متأخر؟

- لأننى قدمت أكثر من عمل مأخوذ عن رواية منها «الشوارع الخلفية» لعبدالرحمن الشرقاوى، وذاكرة الجسد لأحلام مستغانمى، وأنا من أنصار استلهام الرواية في الأعمال الدرامية التليفزيونية، لأن أحد أكبر المشاكل التي يواجهها الإنتاج التليفزيونى العربى هو النص، والكتابة، والموضوع، لدرجة أننا أصبحنا نقوم بشراء فورمات من البرازيل والأرجنتين، وقريبًا من الهند والصين، وإن كانت هي حرية مكفولة ليس فيها مشكلة، ودائمًا أسأل نفسى لماذا نترك الأدب الروائى العربى ولا نستغله كونه قادرا على تقديم أعمال أصيلة وليست هجينة، تشبه الناس في المجتمع، وحياتهم وآلامهم وأفراحهم، وتحتوى على مادة غنية وشخصيات عظيمة، لذلك حينما عرض على «أفراح القبة» المأخوذ عن رواية لكاتب في قدر نجيب محفوظ بطبيعة الحال لم أتردد في قبوله، هذا مبدئيًا. ثانيًا حينما يقود العمل مخرجا محترما في قامة محمد ياسين، إضافة لاسم كاتب مميز أتابع أعماله في السنوات الأخيرة هو محمد أمين راضى، ومن بعده الكاتبة نشوى زايد والتى بذلت مجهودا هائلا وكتبته باقتدار شديد، فمن الصعب أن أرفضه لأنه عمل متطور على مستوى النص والكتابة ومختلف عن كل ما حوله.

■ كيف تعاملت مع فكرة وجود عدد كبير من الممثلين في العمل؟

- المشروع هو صاحب الأولوية الأولى في اختياراتى، ونحن بصدد عمل بطولة جماعية، غير قائم على شخصية تعزف بمفردها، وكل كاراكتر داخل أحداثه له كيانه وتاريخه، وكل حلقة لها بطل محورى، وهو شىء جيد، بالطبع الممثل يفضل النجومية وظهوره في مساحة كبيرة تبرز إمكانياته ولكن من ذكاء الممثل أن يشارك في مشروع ناجح بممثلين مبدعين سواء كانوا نجوما أم لا، وأنا فكرت أكثر في قيمة المشروع بصرف النظر عن مساحة الدور، لاعتقادى أن انتهاج الفنان لحسابات ثابتة في اختياراته على مدار مسيرته الفنية خطأ، وعلى مدار 30 عامًا كنت بطلا لمسلسلات وأعمال ضخمة أعتز بها في الدراما المصرية والسورية، وبالتالى فإن مساحة الدور لا تنقصنى، وأبحث عن العمل الجيد مع ضمان مكانتى وسنوات اجتهادى.

■ هل «سرحان الهلالى» شخصية حقيقية؟

- هو ليس شيطانا ولا ملاكا، هو إنسان طيب في بعض الأحيان وشرير في أوقات أخرى، وهى طبيعة البشر، مثله كمعظم الشخصيات في المسلسل، فمثلا «طارق» تجده أحيانا إنسان صعب وقاس في علاقته مع تحية وأم هانى الخياطة وهو في نفس الوقت مضطهد، وكذلك تحية، وسرحان الهلالى لديه مشاكله النفسية كشفتها الأحداث مع الحلقة العاشرة وما تلاها، ومع كل حلقة سيتغير رأى الجمهور فيه، وهذه عبقرية الكتابة لأن المسلسل مختلف في طريقة العرض، فمعظم المسلسلات تبدأ بتعريف الجمهور بالشخصيات وبعدها تسرد الأحداث، لكن محمد ياسين مع الحلقة الأولى بدأ الأحداث دون علم المشاهد بتلك الشخصيات، ومع تطور الأحداث نتعرف عليهم بشكل تدريجى، وبالتالى قد تأخذ فكرة بأن «فلانا» ملاك في أول الحلقات وتكتشف بعدها كيف أنه لديه وجه آخر والعكس.

و«سرحان» حتى الحلقة الـ10 لم يترك للجمهور ما يجعله يتعاطف معه حتى يكتشف مأساته وحكايته مع والدته التي تركته ووالده وتزوجت بآخر وأنجبت منه، وكيف أنه عاش شبابه لم يشعر بحنان الأم، وعاش إحساس النكران والتخلى، وهو شىء فظيع لدى الأطفال، أن يتخلى عنه أحد والديه في سن مبكرة، وهو ما جعله لا يثق في أي امرأة، وفى نفس الوقت يفرض هيمنته على كل من حوله، حتى يتخذ قرارا بضرورة أن يتعرف الناس على الحقيقة التي عاشوها من خلال تقديمه لقصصهم الواقعية من خلال عمل مسرحى.

■ فكرة الربط بين الحياة والمسرح كيف قرأتها؟

- هذه تقنية عظيمة استخدمها نجيب محفوظ في الرواية، وكذلك استخدمها شكسبير في مسرحية هاملت، وهى طريقة في الأدب والمسرح لديها القدرة على إبراز الحقائق من وجهات نظر مختلفة، وهذا هو موضوع العمل الأساسى، الذي يناقش فكرة، من نحن في واقع حياتنا اليومية، ومن نحن حينما نظهر أمام المجتمع ونمثل ونغير في شخصياتنا، وكيف انتشرت فكرة النفاق الاجتماعى، وكيف يكون الإنسان مضطرا للتعامل مع شخصيات يكرهها بابتسامة عريضة لمسايرة أمورنا، ولا نبرز ضعفنا، وكيف نخفى فقرنا في بعض الأحيان، وكيف وصل الأمر لدرجة ادعاء البعض للوطنية وهو عميل، وآخر يدعى الشرف وهو قواد، وغيره يلقى خطبا عن الأمانة وهو لص مثلا، ولهذا استخدم نجيب محفوظ هذه التقنية، وكنا دائما نسأل أنفسنا في لوكيشن التصوير ما إذا كان المتلقى سيعتبر العمل انعكاسا للمجتمع بأكمله أم لشريحة الفنانين، وفى حقيقة الأمر أن الرواية ترصد مجتمعا وغير مقصود بها الممثلين فقط، وأعتبر اختيار الفرقة المسرحية من جانب «محفوظ» ذكاء، ليطرح من يقدم الفن الحقيقى والمزيف، ويكشف حقيقة الشخص في الكواليس وعلى المسرح، وماذا يدور في الكواليس؟

■ العمل كشف بعض التجاوزات والتنازلات في الوسط الفنى؟

- أي مهنة فيها منافسة بين من يمارسونها، والممثلون جزء من المجتمع، ومن متابعتك لصفحات الحوادث ستجد أن ما يحدث في غير المجال الفنى أفظع بكثير مما يحدث داخله، والفنانون جزء من المجتمع بحسناتنا وأخلاقنا وأخطائنا أيضًا.

■ تعاملك مع وحدتى إخراج وتصوير هل كان له تأثير على أدائك كممثل؟

- محمد ياسين اختار مخرجا لإدارة وحدة تانية وهو طارق يخلف، بالتأكيد بينهما تفاهم في أدق التفاصيل، ولم أشعر بأى اختلاف في تصويرى مع الوحدتين، وهو ما ظهر على الشاشة.

■ ما تعليقك على انتقاد البعض لقسوة وجرأة بعض ألفاظ العمل؟

- هذه الألفاظ متداولة في الشارع، الفن يجب أن يقدم الحقائق واللغة القاسية تعبر عن مجتمع قاس في علاقاته، المهم البعد عن الابتذال، وأنا أعترف بأن العمل جرىء جدًا، وأبسط مناحى جرأته لغته.

■ العمل أيضا لا يخلو من السياسة؟

- ليس هناك اجتماعيات بلا سياسة، إلا الكذب، كل شىء مرتبط بالسياسة، لأن الاقتصاد والسياسة هما من يدفعان الناس للتصرف بطريقة دون الأخرى ويتحكمان في تصرفاتهم، وأفراح القبة اجتماعى إنسانى له بعد فلسفى مثل كل روايات نجيب محفوظ، ولكن بنفس الوقت لا نجيب محفوظ أو كتاب العمل تجاهلوا الزمن الذي تجرى فيه هذه الأحداث، وتم تقديمها بمقاييس ومساحة معقولة جدًا.

■ ما تفسيرك لردود الفعل تجاه العمل واعتباره الأهم هذا الموسم؟

- الحمد لله، بالطبع أنا سعيد بوجودى في هذا العمل وهذا لا يعنى عدم وجود أعمال أخرى مهمة هذا العام، وإن كان الناس فضلوا المسلسل ويتابعونه بشكل جيد فهو شىء مميز، وما أؤكد عليه أن أي عمل فنى مرهق في تنفيذه، ورغم عملى في أعمال تاريخية بها جيوش وحروب وخيول إلا أننى أعتبر «أفراح القبة» لا يقل إجهادا عن هذه الأعمال، وشىء جيد ألا يضيع جهدنا هباءً، ونجاحه يثبت أن الجمهور ليس كتلة واحدة، أو درجة ثقافية واحدة، فكما هناك متلقٍ يستمتع برؤية الأعمال «الهايفة»، هناك آخرون يستمتعون بالرؤى الجادة وهم الشريحة الأوسع والأكبر.

■ ما رؤيتك للمنافسة هذا العام وما الأعمال التي تابعتها؟

- بسبب ظروف تصويرى التي تصل في بعض الأوقات إلى 24 ساعة، لم أتابع معظم الأعمال، لكنى شاهدت مسلسل «رأس الغول» للفنان محمود عبدالعزيز، وهو عمل مهم على مستوى الإخراج والتمثيل، وكذلك «ونوس» والخروج كلاهما أعمال لافتة، وهذا العام ما لفت انتباهى وجود أجيال من الممثلين والمخرجين الشباب دخلوا الميدان بجرأة ويحاولون كسر الروتين القائم بمزيد من الجرأة السينمائية في صناعة العمل التليفزيونى، وهو شىء مهم بالطبع لتنشيط الدورة الدموية للدراما التي كانت تعانى من حالة رتابة وهو ما كان ملاحظ قبل ثورة يناير لكنه تعزز مع دخول السينمائيين للتليفزيون بعد الثورة.

■ كيف ترى فكرة عرض العمل على أكثر من قناة؟

- بالطبع أفضل من الحصرى، لأنه يضمن رؤيته من شرائح كبيرة من الجماهير ليس على مستوى مصر فقط ولكن على مستوى الوطن العربى كله والحمد لله العمل حقق صدى مميزا في مصر وخارجها.

■ كيف ترى سطوة المعلنين على صناعة الدراما؟

- بالفعل المعلنون أصبح لهم نفوذ شديد بالطبع، وفى الغالب ليس إيجابيا.

■ ما الذي أزعجك في دراما هذا العام؟

- يزعجنى رؤية مشهد في مطبخ يتم استخدامه للمرة الأولى، ولم تستعمل أدواته من قبل، وأنزعج من رؤية حياة الشخصيات في المسلسلات بطريقة بعيدة عن الواقع وكأنهم لا يرهقون ولا يعملون ولا يفسد مكياجهم، لا يشبهونا وهى أشياء لا أفضلها وهى مهمة المخرج ومسؤولية المنتج أيضًا وإن كان لها مشاهدون.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية