x

النوبة: «الآتر والويكة والكابد» أكلات تزين مائدة رمضان

الخميس 23-06-2016 23:59 | كتب: محمود ملا |
الرجال فى النوبة يحرصون على تناول الإفطار فى تجمعات بالشارع الرجال فى النوبة يحرصون على تناول الإفطار فى تجمعات بالشارع تصوير : اخبار

لكل مجتمع عاداته وتقاليده التي يشتهر بها وتختلف من مناسبة لأخرى، والنوبة مجتمع له طبيعة خاصة من ثقافة ولغة وعادات وتقاليد تختلف عن غيرها من المجتمعات، وفى شهر رمضان تشتهر بلاد النوبة بطقوس وتقاليد مختلفة خاصة في أساليب وأنواع الطعام والشراب وطريقة الاحتفاء بالشهر الكريم والتى تبدأ قبل حلول شهر رمضان بأيام حيث تبدأ المرأة النوبية في إعداد المشروبات النوبية، كما يحرص الرجال على تناول الإفطار في تجمعات في الشارع، ولا يخلو شهر رمضان من جلسات السمر التي تجمع أبناء النوبة أمام منازلهم.

«ميسيه آنا ناليه».. بهذه المقولة يستقبل أبناء النوبة شهر رمضان بالمعايدة وتبادل التهنئة وهى جملة نوبية وتعنى في اللغة النوبية «يعود عليكم رمضان بالخير».

رمضان في النوبة له مذاق خاص هكذا يبدأ هانى كبارة، أحد أبناء النوبة والباحث في التراث النوبى حديثه، حيث يقول: للنوبة طقوس مختلفة خلال شهر رمضان تختلف عن غيرها من الأماكن حيث تبدأ هذه الطقوس قبل شهر رمضان بأن تبدأ النساء في إعداد أهم المشروبات النوبية وأشهرها وهو «الأبريه»، وتبدأ المرأة النوبية في جمع الحطب الذي يستخدم كوقود لعمل الأبريه بواسطة ما يسمى «الدوكة» وهى قطعة من الحديد دائرية الشكل يوضع تحتها الحطب ويوضع فوقها عجين الأبريه على الدوكة كالرقائق ثم يترك ليجف ثم يتم تكسيره إلى قطع ويوضع مع عصير الليمون ويبدأ به الصائم قبل الإفطار لكسر الصيام حيث تتنافس السيدات في إنهاء عمل الأبريه وتعتبر المرأة النوبية التي تنتهى من عمل الأبريه مبكراً قبل جيرانها هي (الست الشاطرة) وقد يتناول الأبريه مع التمر إحدى الوجبات الرئيسية عند النوبيين، فالتمر بالنسبة للنوبى زاد وحياة لأن البلح على مائدة إفطار رمضان عند النوبة أساسى، حيث ينقع في الماء أو اللبن أو يتم غليه في المياه ثم يتم وضع البلح قبل موعد الإفطار بوقت كاف حتى يصبح البلح طريا ويتم تناوله، وهى من العادات التي يحرص عليها أبناء النوبة منذ زمن، إلى جانب المشروبات النوبية كالكركديه والدوم والتمر هندى وهى مشروبات يتم نقعها أو غليها.

ويضيف: الإفطار في الشارع أحد الطقوس النوبية، حيث تخرج صوانى الطعام مغطاة بـ«الشـور» أي الطبق النوبى من المنازل قبل المغرب، ويتجمع الرجال ويكون الإفطار مجمعا في أقرب نقطة أو أمام أحد المنازل، أو أمام كل منزل للإفطار ومن الاحترام أن يجلس كبار السن أولاً، وكنوع من الكرم النوبى لا يسمح بأن يمر شخص غريب وقت الإفطار إلا وحتماً عليه الجلوس للإفطار للحصول على الثواب وهى بمثابة مائدة رحمن، أما النساء فيفطرن داخل الدار أو يتجمعن داخل منزل إحدى جارتهن، وعقب انطلاق أذان المغرب يتم كسر الصيام بالتمر أو المشروب النوبى ثم يؤدى الجميع صلاة المغرب في جماعة ثم يعودون لاستكمال الإفطار، والبعض يؤخر الإفطار بعد كسر الصيام إلى ما بعد صلاة التراويح حيث تبدأ بعض صلاة التراويح تلاوة القرآن أو الجلوس في مجالس داخل المسجد، أو الجلوس على المصطبة أمام المنزل لتبادل أطراف الحديث، ويتوجه الشباب إلى مراكز الشباب أو مكان للتجمع ويمارسون الألعاب النوبية القمرية، والتى تعتمد على ضوء القمر وألعاب أخرى ليلية تعتمد على عدم وجود ضوء القمر، حيث تعتمد على حدة البصر ويمارس الشباب الألعاب والسمر حتى السحور وأثناء العودة يقومون بدور المسحراتى من خلال الضجيج الذي يحدثونه لإيقاظ النيام لتناول السحور.

ويقول عبدالناصر صابر، من أبناء النوبة: هناك أطعمة ومشروبات عرفها النوبيون عن السودانيين، ومن أبرزها مشروب (الحلو مر) وأصله سودانى وهو أحد المشروبات التراثية ويشبه مشروب الأبريه النوبى، فهو عبارة عن رقائق من خليط القمح ودقيق الذرة معجونة بمجموعة من التوابل مثل الزنجبيل والقرفة والقرنفل والحبهان وتوابل عديدة ثم تفرد هذه الخلطة على الصاج الساخن (الدوكة) فتكون مثل رقائق الفطير وتترك لتجف ثم يُنقع الحلو مُر في دورق كبير مع كمية مناسبة من الماء ثم يصفى ويحلى بالسكر ثم يصفى ويقدم في أكواب.

ويضيف: من أشهر الأكلات على مائدة إفطار رمضان عند أهل النوبة هناك (الويكة) البامية، و(الكابد) وهى عجينة من القطائف، إضافة إلى (الآتر).

ويقول نبيل محمود، من أبناء النوبة: من النادر في القرى النوبية وجود موائد الرحمن لأن القرى النوبية منغلقة على نفسها ولا يوجد عابرى سبيل إلا نادراً، في حين تجد الإفطار الجماعى أمام المنازل على الحصيرة والرمال وهى بمثابة موائد رحمن دائمة، حيث تبدأ قبل المغرب فرش الحصائر البلاستيكية على الأرض لوضع صوانى الإفطار عليها وتجهيز المشروبات والبلح ويتجمع الشباب وكبار السن للإفطار معاً.

ويقول أحمد عبدالحميد من أهالى النوبة: من أشهر المشروبات مشروب العرديب والكركديه، ولا يفوتنا البلح الذي ينقع في المياه أو يتم غلى المياه ثم وضع البلح بها قبل موعد الإفطار بوقت كاف، حتى يصبح البلح طريا ويتم تناوله وهى من العادات التي يحرص عليها أبناء النوبة منذ القدم، وفى الغالب يكون هناك أكثر من صنف عصير على مائدة الإفطار.

وتضيف وفاء عبدالله، من أبناء النوبة بأسوان: بعد الإفطار يستعد السيدات والرجال والأطفال لأداء صلاة التراويح في المسجد ويرتدون الجلباب والعبايات أو الجرجار النوبى الزى الشهير للسيدات، حيث يحرصن على أداء التراويح بصفة دائمة خلال شهر رمضان وبعد العودة من الصلاة يتجمع النساء والأطفال والشباب على المصطبة خارج المنازل ويتبادلون أطراف الحديث يتخللها تناول الشاى والعصائر والحلو من كنافة وقطايف، حيث يخرج كل منزل ما لديه من أطعمة ومشروبات وتستمر جلسات «الونسة» حتى قرب موعد السحور، أما بالنسبة للسحور ففى الغالب يكون بالمنزل.

وتقول شيماء إبراهيم، من أبناء النوبة: مع قرب حلول عيد الفطر المبارك هناك بعض الطقوس النوبية مثل رسم الحنة حيث تقوم الفتاة النوبية غير المتزوجة برسم الحنة على يديها، في حين تقوم المرأة المتزوجة برسم الحنة على اليدين والقدم ويتجمع الأهل والجيران في الأيام الأخيرة من شهر رمضان لنبدأ في خبز الكعك والبسكويت ويساعد كل منا الآخر وبعد صلاة العيد نذهب ونهنئ بعضنا ونتناول الكعك مع الشاى باللبن أو مع طبق الشعرية باللبن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية