x

طارق الشناوي سوسن بدر.. فنانة ثلاثية الأبعاد طارق الشناوي الخميس 23-06-2016 05:40


هل من الممكن أن يتحمل المشاهد رؤية ممثل مهما بلغت موهبته فى عدة أدوار مختلفة فى توقيت واحدويُقبل عليها بنفس الشغف؟!

نعم، هى أم فى الأعمال الثلاثة، فى (أفراح القبة) أم لمنى زكى ورانيا يوسف ودينا الشربينى، وفى (جراند أوتيل) لمحمد ممدوح، وفى (يونس ولد فضة) لعمرو سعد، ولكن شتان، كل منها له مذاق مختلف. عندما يُقدم الممثل شخصيات درامية متعددة، مثل سوسن بدر، فمن المستحيل أن تراها أمامك لأنها تتحول إلى كائن آخر تسكنه الشخصية الدرامية.

العديد من النجوم يقدمون أنفسهم أولا، والناس أحيانا تتواطأ لكى تراهم يسبقون الشخصية الدرامية، وقد تُقبل على الفنان لما له من حضور فترة زمنية ولكن مع الزمن يحدث التشبع، ويعقبه النفور وبعدها يفقد القدرة على التواصل، بينما الفنان المؤدى (المشخصاتى) وهو توصيف إيجابى بالمناسبة، مثل سعاد حسنى وسناء جميل ويحيى الفخرانى وسوسن بدر- لا تمل من مشاهدتهم لأنك فى الحقيقة لا تراهم فهم قابعون خلف الشخصية.

سوسن بدر تبث روحا لكل دور تلعبه، ولكن السؤال هل يملك أى ممثل- مهما تمتع بإمكانيات استثنائية- القدرة على التقمص الوجدانى لكل هذا العدد من الشخصيات وفى فترة زمنية محددة جداً، حيث من الممكن فى لحظات حاسمة وفارقة أن تتداخل مواعيد التصوير؟

نظريا لا، ولكن مع سوسن بدر لا تصلح تطبيق القواعد النظرية، الممثل ليس مثل الصنايعى الحرفى النجار أو الحداد أو المكوجى الذين يجيدون أصول الصنعة، ومن الممكن أن ينجزوا فى اليوم العديد منها، لأن هناك تشابها يصل أحيانا إلى حد التطابق مع الأدوات التى يتعاملون معها، ولكن التمثيل مجال آخر تماما، به قدر لا بأس به طبعا من الصنعة ولكن ينبغى ألا تسيطر على أداء الممثل.

البعض يعتقد أن لحظة الوقوف أمام الكاميرا هى فقط زمن التمثيل، مثل توقيت الوقوف أمام المكواة ووضعها على القميص هى فقط زمن الكى.

الممثل ليس مجرد مؤدٍ يحفظ تفاصيل الدور وملامح الشخصية ويضع المكياج ويرتدى الملابس الملائمة، إنها حالة داخلية بالدرجة الأولى يجد نفسه، وقد أصبح منطلقا خارج مجاله الشخصى، الممثل الموهوب يتعايش مع الدور قبل وبعد لحظات الوقوف الكاميرا، وإلا فقد القدرة على الإمساك بروحها.

«سوسن» فنانة حقيقية لا أتصورها من هؤلاء الصنايعية أصحاب «الزراير» تضغط عليها وتتحرك وفقاً لآلية محددة تقدم «الشويتين» بأسلوب ميكانيكى وكأنها تفتح علبة (تونة).

إنها فنانة تغوص فى الدور، يدخل إلى مسامها وشرايينها. تملك دائرة إبداعية مترامية الأطراف، ليست صاحبة الدور ولا الأداء الواحد، وهكذا تنطلق من عمل إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى بمنتهى الرشاقة، كل فنان يحتاج إلى فترة صمت طويلة يعيد أثناءها شحن بطارية الإبداع، فى نفس الوقت هناك فنانون عندما يبتعدون عن الملعب ويعودون إليه يفقدون لياقتهم، وربما لهذا السبب أرى سوسن لا تغادر الملعب، والزمن وقواعد اللعبة الإنتاجية تمنحها رسوخا أكثر، لأنها طبقا لقانون العرض والطلب تُشكل رقما على مائدة الإنتاج، لم تكن فى الماضى تشترط كتابة اسمها فى مكان لائق، الآن صار المنتجون يكتبون الاسم ويسبقه هذا التنويه (كل هؤلاء يلتقون مع سوسن بدر) وارتضى كل الفنانين ذلك.

إنها فنانة الأبعاد الثلاثة، لأن الشخصية دائما لديها البعد الثالث العمق، ولهذا مهما تعددت الأدوار التى تلعبها، فإنها تؤديها بسلطنة، ولهذا نقول لها وعلى طريقة أم كلثوم (أعد يا ست أعد).

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية