فى الوقت الذى لعبت فيه نيللى كريم شخصية مريضة نفسيا، متهمة بجرائم قتل فى مسلسل «سقوط حر» وتخضع للعلاج فى إحدى المصحات، ظهرت نيللى عدة حلقات دون أن تنطق كلمة، إضافة إلى إجادتها مشاهد الهلاوس والاضطرابات، ما جعل كثيرا من المشاهدين ينتقدون جرعة الاكتئاب العالية – بحسب وصفهم – التى سببتها لهم متابعة الحلقات.
فى حين أجادت يسرا أداء شخصية رحمة المريضة بإيذاء الآخرين والانتقام منهم دون أن يعرف أحد أنها العقل المدبر لذلك، بشكل حقق لدى الجمهور ما يعرف بلذة متابعة الشر، اختارت غادة عبدالرازق دخول المصحة النفسية بإرادتها هربا من فضيحة ومشاكل تتعلق بالتحرش الجنسى بها من قبل ابن أحد الأثرياء.
تقديم أكثر من ممثلة لأدوار تتعلق بالمرض النفسى أو دخول المصحات العلاجية كان له رد فعل سلبى لدى الجمهور الذى تفاعل مع هذه الأعمال بالتأكيد على إصابته بالاكتئاب والتوتر.
وعلق د.إبراهيم مجدى حسين، استشارى الطب النفسى بجامعة عين شمس، عن تناول كثير من الأعمال للأمراض النفسية، خاصة ظهور المرضى داخل المصحات النفسية للعلاج بأن البعض فسر الموضوع أنه بسبب انتشار الأمراض النفسية فى المجتمع، وأن ما يعرض على الشاشة انعكاس للواقع، لكن الإحصائيات العالمية تقول إن معدل حدوث الأمراض النفسية طبيعى وليس مرتفعا، بالمقارنة لدول أخرى وهناك فرق بين ضيق المزاج وعدم الشعور بالسعادة بسبب عوامل اقتصادية ومادية وبين المرض النفسى. وتابع: الأحداث الاجتماعية والتفاعل معها ليس اضطرابا عقليا ولكن عدم التفاعل والانعزال مؤشر على المرض النفسى.
وأشار حسين إلى أنه فوجئ ببعض التفسيرات حول كثرة تقديم أدوار المرضى النفسيين هذا العام، وهو التفسير الذى يعتمد على نظرية المؤامرة وحروب الجيل الرابع وإدارة الوعى الجمعى من خلال استخدام الدراما فى غسيل المخ وتصدير أفكار معينة إلى الناس كانتشار الأمراض النفسية والاكتئاب مما يؤدى إلى إصابة الناس بحالة من الإحباط واليأس، وتعتمد هذه النظرية على أن شركات الأبحاث التسويقية والمعلنين الكبار أغلبهم يتبعون شركات أوروبية وأمريكية كبرى لها صلة وثيقة بأجهزة مخابرات عالمية وهى التى تشير على القنوات وشركات الإنتاج الفنى بطرح هذه الأعمال، وهذا اتهام به الكثير من المبالغات.
ولفت حسين إلى أن هناك استسهالا وعدم احترافية وتنسيقا بين شركات الإنتاج وكتّاب الدراما، فنجاح عمل درامى سابق يعتمد على تيمة الطب النفسى يجعل أغلب الكتاب والمنتجين يقومون بتكرار نوعية هذه الأعمال، والمشكلة أنه لفترة طويلة من الزمن تسببت الأعمال الدرامية فى زيادة الوصمة عن المرض النفسى وتشويه صورة المرض النفسى وتصوير المرض النفسى أنه لا شفاء منه، والمرضى يتعذبون داخل المستشفيات والمريض النفسى عنيف ومن الممكن أن يقتل ويرتكب جرائم بشعة، والطبيب النفسى غير متزن ويتم تجسيده بشكل مضحك أو فى صورة شخص شرير يسيطر على مرضاه ويبتزهم، وهو ما لم يقدمه مسلسل «سقوط حر».
وتابع: «نيلى كريم كممثلة وأحمد وفيق كممثل ومريم نعوم ككاتبة، كانت لهم سابقة ناجحة جدا فى تناول مرض نفسى هو الإدمان فى مسلسل تحت السيطرة فى العام الماضى، هذا العام يتم تناول المرض النفسى بصورة مختلفة ومن زاوية مختلفة، وهى زاوية الطب النفسى الشرعى، الذى تكون المهمة الرئيسية للطبيب فى هذا المجال هى تحضير تقرير طبى نفسى للمحكمة عن كل معتد أو متهم مصاب بالمرض النفسى، وكذلك إعطاء رأيه فى كيفية العلاج، كذلك فإنه يلجأ إلى الطبيب النفسى الشرعى لإبداء الرأى فى كيفية التعامل مع المرضى النفسيين العدوانيين أو المضطربين جداً حتى وإن لم يكن ضدهم أى شكوى أو حكم، وعالميا نسبة ارتكاب المرضى النفسيين لجرائم لا تزيد على 15 %، وأغلب هذه الجرائم تكون جرائم غير منظمة ويتم اكتشافها بسهولة.
وأضاف: «هناك مرضان فى الطب النفسى من الممكن أن يكون المريض فيهما عنيفا وهو الفصام الذهانى البارانودى أو الكاتونى والاضطراب الوجدانى ثنائى القطب الهوس، وهى الحالة التى جسدتها نيللى كريم، وما قدمته من الأعراض النابعة من اضطراب فى القدرة الحركية للفرد، وأحيانا صراعات لا شعورية فى حياته، وعادة ما تعبر عن اضطراب شديد فى إرادته، وقد حاولت نيلى كريم وبقية الممثلات فى الأعمال التى قدمت أدوار مريضات نفسيا الاجتهاد فى تقديم الأدوار، وكان لمريم نعوم وبقية ورشة العمل معها هدفا ومحاولة تنبيه المجتمع لكيفية حدوث تلك الأمراض وانتشارها.