«المسرحية اللى هتتعرض أمامكم دلوقتى هى مناسبة لكل الأعمار بما فيها الأطفال.. لكن ياريت الأهل يبقوا جنب أطفالهم لأن في مشهد واحد ممكن يزعج الأطفال الصغيرين». بهذه الكلمات استبق «جايكوب لينفورس» أحد المسؤولين عن العرض المسرحي «رايح بيت الجيران» الذي أقيم لـ«رفع الوعي في المجتمعات المصرية بجيرانهم اللاجئين» على حد قول مقدميه.
واتسمت المسرحية بالمباشرة في مخاطبة الجمهور بشكل يقضي على الجوانب الجمالية والفنية للمسرح وهو ما تقول عنه «ديانا كانفو»، التي تشارك زميلها «جايكوب» كمسؤولة فنية عن العرض، إن الهدف من وراء المسرحية هو الوصول لجمهور بسيط، فكان لابد أن تكون الرسالة واضحة جدا.
وأضافت «لأن الجمهور المستهدف هو المواطن البسيط فكان لابد أن يكون كل شيء واضحا جدا، وفي نفس الوقت لم نكن نريد أن نكون تربويين أكثر من اللازم فكنا نقوم بطرح أسئلة ومواقف أكثر مما كنا نقول لابد أن تفعلوا كذا وكذا».
وأوضحت أن المباشرة في المسرحية يمكن التغلب عليها بكتابة نص درامي محكم تصل من خلاله الرسائل التي يريد مقدمو العرض أن تصل للجمهور.
وقالت «من خلال عملنا المسرحي امتلكنا خبرة كبيرة في تقديم العروض المسرحية في المناطق الشعبية والأماكن التي لا يوجد بها خشبة مسرح، وفي مثل هذه الأماكن يصعب تقديم عروض غير واضحة لأن الناس لن تفهم العرض بشكل كامل، وفي هذا العرض لدينا هدف واضح جدا كان لإيصاله الأولوية.
ويعد العرض نتاج ورشة عمل أقيمت بواسطة مركز التدريب النفسى الاجتماعى بالقاهرة وبمشاركة مؤسسة «تير ديز أوم» ومركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. واشترك بها خمسة من ممثلي المسرح المستقل المصريين بالاشتراك مع ثمانية إخصائيين نفسيين اجتماعيين لاجئين من السودان والعراق والصومال وأريتريا وأثيوبيا حاولوا من خلال العرض نقل بعض تجاربهم وخبراتهم كلاجئين في مصر إلي الجمهور.
«إكليلو» أحد اللاجئين المشاركين في العرض، من إريتريا، يقول أن أهم مشكلات اللاجئين في المجتمع المصري هو عدم وعى المجتمع وقلة معرفته حيث لا يفرق بين اللاجئ وغير اللاجئ فكل شخص أسمر البشرة بالنسبة لغالبية المصريين هو «سوداني» وهي مشكلة لا يواجهها في العادة اللاجئون من ذوي البشرات الفاتحة.
وأضاف أن هذا العرض من الممكن أن يحقق هدفه بأكبر صورة ممكنة من خلال عرضه في الجامعات المصرية.
وعن مشاركته في المسرحية يقول «إكليلو» أنها بدأت من خلال عمله في مركز دراسات الهجرة واللاجئين مع د. «نانسي» حيث شاهد من خلال تواجده في الشارع المصري أن هناك نقصا في المعلومات عن اللاجئين، وعندما فكرنا في طريقة لملء هذا النقص وجدنا أن الشكل المسرحي هو الأكثر فاعلية وبناء عليه تقرر إقامة ورشة تجمع بين الإخصائيين ومجموعة من الممثلين المحترفين لضمان جودة العمل المسرحي.
مشيرة إلى أن الورشة بدأت كجلسات «دردشة» وعصف ذهني حول أوضاع اللاجئين.
الإخصائيون النفسيون شاركوا في العرض من خلال عملهم د. «نانسي بارون» في مركز دراسات الهجرة واللاجئين، أما الممثلون فتقول «ديانا» عن مشاركتهم: «إحنا بنعمل مسرح من زمان في المجموعة، وكنا مشتركين مع فريق مهرجون بلا حدود في فرنسا واتعرفنا علي د. "نانسي" وهما كانوا عايزين يعملوا مشروع يوصلوا معلومات مهمة عن وجود اللاجئين في مصر.. ففكرنا أننا نعمل مسرحية وبدأنا نعمل بحث عن الموضوع نفسه».
شاكر سعيد، أحد الممثلين المصريين المشاركين في العرض، يقول إنه علم بالورشة من خلال أحد الأصدقاء وبالفعل توجه إلى المركز المنظم للعرض وبدأ العمل معهم.
وأشار إلى أن العمل مع أكثر من جنسية في وقت واحد كان تجربة مختلفة له وهو ما شجعه من البداية علي خوض التجربة. ويضيف «شاكر» أن ورشة العمل بدأت بالبحث عن الموضوعات التي من الممكن أن يناقشها العرض، فتطرقنا إلى المشكلات التي يواجهها اللاجئون سواء في بلادهم التي خرجوا منها أو في مصر، وبناء علي المشاكل التي قصها اللاجئون أنفسهم حاول الممثلون المحترفون رسم صورة يمكن تقديمها من خلال العرض إلى أن وصلوا إلى الشكل الحالي للعرض.
زينب سعيد، من العراق، شاركت في المسرحية أيضا من خلال عملها التطوعي في المنظمات المهتمة بشؤون اللاجئين.
وعن المشكلات التي شاهدتها على أرض الواقع وحاولت نقلها إلي العرض تقول أن أهم نقطتين حاولت نقلهما هما التفكك الأسري الذي حدث للكثير من الأهالي بعد الحرب، حيث أستطاع بعض أفراد الأسرة الخروج من العراق وبقي البعض الآخر. والنقطة الثانية هي أن العراقي لا يستطيع دخول مصر إلا بتأشيرة وهي صعب الحصول عليها من مصر.
وعن ورشة العمل المسرحي تقول «زينب» إن الديمقراطية كانت تخيم علي العمل مؤكدة أن هذا العرض ساعد الكثير من المشاركين في العرض، من غير المحترفين، على اكتشاف بعض المواهب التي لم يكونوا يعرفونها بداخلهم. فهذه هى التجربة الأولى الفنية لها في حياتها.
«زينب» شاركت في العرض بشكل غنائي إلى جانب التمثيل فقدمت أغنيتين من التراث العراقي تألفهما الأذن العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص، كانت إحداهما التي غنتها مجموعة العمل أثناء خروجها من عى المسرح مرددين «طالعة من بيت أبوها رايحة لبيت الجيران.. فات ما سلم عليَ يمكن الحلو زعلان».