صورة عادية نشرتها الصحف، أمس الأول، ولكنها فى نظرى لم تكن عادية، لأنى فهمت منها أن الرئيس يختار الأفضل، إذا راعى الذين يعرضون عليه شتى الأمور أمانة العرض.
ففى وقت سابق، كان الرئيس يستقبل الوزراء، واحداً بعد الآخر، كل فترة، وكان كل واحد يأتى إليه على حدة، وكنت ألاحظ أن الاستقبال لا يحضره أحد، مع الرئيس والوزير، إلا السفير علاء يوسف، المتحدث باسم الرئاسة!
وكان الموضوع يستوقفنى، لأنى كنت أشفق على الرئيس منه.. فليس مطلوباً من الرجل أن يكون عليماً بكل شىء، ولا أن يكون محيطاً بدقائق كل ملف، وبالتالى، فقد كنت أخاف أن يعرض الوزير على الرئيس معلومات غير صحيحة، أو غير دقيقة، وكنت أتخيل أن السفير يوسف، الشاهد الوحيد على مثل تلك اللقاءات، سوف يجد حرجاً بالضرورة فى أن يتكلم، أو ينبه، إذا رأى أن ما يعرضه الوزير فلان، أو الوزير علان، على رأس الدولة، تنقصه الدقة!
وكنت أتصور أن حضور رئيس الوزراء، فى مثل هذه الحالات، أفضل بكثير، للرئيس، وللبلد، لأن رئيس الوزراء، بحكم موقعه، سوف يكون أدرى بالملف الذى يتكلم فيه الوزير، ولأن الوزير - أى وزير - إذا حصل على توجيهات من الرئيس، أثناء اللقاء، فلابد أن يكون رئيس الوزراء على علم بها فى وقتها، وأن يكون شريكاً للوزير أثناء تنفيذها على الأرض.. وإلا.. فمن غير المتصور، إذا لم يكن رئيس الوزراء حاضراً، أن يخرج الوزير من لقاء الرئاسة، وأن يذهب لاجتماع آخر مع رئيس الحكومة، ليقول له إن اللقاء مع الرئيس تناول كذا.. وكذا.. وإن الرئيس راح يوجه بكذا.. وكذا أيضاً!
لاحظت ذلك كله، على مدى شهور فى فترة مضت، وقلت بينى وبين نفسى إن الموضوع ربما يستحق التناول من جانبى، وانشغلت بغيره عنه، إلى أن لفت انتباهى أنى لست الوحيد الذى كان الأمر يستوقفه.. ففى مناسبات عامة كثيرة كنت أكتشف أن هناك آخرين، من أصحاب العقول فى المجتمع، يلاحظون ما ألاحظه، ويدهشهم أن يفوت على الرئيس أن يكون رئيس وزرائه حاضراً فى كل لقاء من هذا النوع، لا لينازع الرئيس شيئاً بطبيعة الحال، وإنما لأنها طبائع الأمور التى لا يمكن أن تستقيم الدنيا بغيرها!
وفى صورة أمس الأول كان رئيس الوزراء حاضراً مع الوزير مصطفى مدبولى، الذى استقبله الرئيس، وكانت المرة الأولى، تقريباً، التى يكون فيها رئيس الحكومة موجوداً فى لقاءات منفردة يحب الرئيس أن يعقدها مع بعض الوزراء ليتابع ماذا بالضبط يفعلون.
ولست أعرف ما إذا كان قرار الرئيس، بحضور رئيس وزرائه لقاءات الرئاسة مع الوزراء، منفردين، قد جاء استجابة لما كنت قد أبديته فى هذا المكان.. لست أعرف.. ولكن ما أعرفه أن أمانة العرض على الرئيس، فى أى أمر، ومهما كانت المعلومات الواردة فيه، سوف لا ترضى الرئيس، ليست مجرد أمانة عرض مع رئيس فى مكانه، ولكنها أمانة مع بلد بكامله وبمستقبله.