شهدت شوارع الثغر هذا العام عدداً كبيراً من المهرجانات الفنية المفتوحة، التى قرر منظموها أن يتجهوا بها إلى جمهور الشارع، بهدف نشر الفنون والثقافة على قطاع عريض من السكندريين، ومنحهم مساحة مجانية للترفيه، سواء بمشاهدة ما يقدم من غناء ورقص، أو بالمشاركة فى الأنشطة المفتوحة مثل الرسم على الأسفلت والجدران، أو تعلم الفنون الجديدة مثل الأوريجامى (فن طى الورق اليابانى) والصدف وغيرها من الأشغال اليدوية.
لعل مهرجان «الفن فى الشارع»، الذى أقيم بشهر يونيو الماضى فى حديقة الإسعاف، أمام استاد الإسكندرية، هو أشهر تلك المهرجانات، وساعد اختيار المكان، باقترابه من مركز المدينة، على زيادة الحضور من فئات الجمهور المختلفة، بالإضافة إلى الدعاية التى لعبت دوراً رئيسياً فى جذب الناس، كما أن اشتراك عدد كبير من الجهات المنظمة على رأسها مكتبة الإسكندرية، ومعهد جوته، المؤسسة اليونانية للثقافة، والمؤسسة اليابانية، ومركز ريزودانس، ومؤسسة جدران للثقافة والتنمية، وغيرها من المراكز الثقافية والمؤسسات، أتاح فرصاًَ أكبر لتقديم عروض منوعة من الفرق الغنائية والراقصة، وورش العمل الموجهة للأطفال والشباب.
وتميزت منطقة كوم الدكة منذ فترة طويلة بكونها أكثر الأماكن جذبا لإقامة مهرجانات الشارع، بسبب طبيعتها الخاصة، وتاريخها الفنى، حيث شهدت هذا العام ما يزيد على 5 مهرجانات، منها مهرجان «الموسيقى التراثية والصوفية» الذى أقامته مبادرة «إسكندراما للفنون»، فى شهر رمضان الماضى، وشمل حفلات فى الشارع لفنون المحافظات والمدن المصرية، وحفلات للإنشاد الدينى.
كما شهدت احتفالية نوبية مفتوحة، أقامتها جمعية «نوبس للتراث النوبى والتنمية»، والتى وقع اختيارها على المنطقة لوجود نسبة كبيرة من أهل النوبة بها، وهدفت الاحتفالية إلى إحياء التراث النوبى، والتعريف به، وشملت فعاليات مثل: إلقاء الزجل والشعر والأغانى النوبية ومعرض للصور وفقرات وألعاب للأطفال ومسرح للعرائس والأراجوز، بالإضافة إلى معرض للمنتجات التراثية النوبية، عرض به المشاركون أدوات وأكلات مميزة ومشغولات يدوية، والمهن المميزة للنوبة مثل رسم الحنة.
«يا ريتنى كلمة من عقل بيرم.. ياريتنى غنوة من قلب سيد».. كان اسم آخر الاحتفاليات التى شهدتها كوم الدكة، التى اختتمت بها جمعية «إسكندريللا للثقافات والفنون» مشروعها الفنى «ابن البلد».
بجوار الاحتفاليات الكبرى، اعتادت منطقة كوم الدكة، ساحة سيد درويش تحديداً فى الفترة الأخيرة، على استضافة الندوات والفعاليات الثقافية والفنية، من ندوات ومناقشات للأعمال الأدبية، أو حفلات لفنانين سكندريين تقام على المقهى، وسط جمهور المثقفين، وهو الجمهور المميز لتلك المنطقة، التى ساهمت تركيبتها فى تصنيفها كمجتمع شبه مغلق داخل المدينة، يبتعد بمسافة عن الجمهور العادى من خارج تلك المنطقة، الذى لا يعرف معظمه شيئاً عن الفعاليات التى تقام بها، ولا يتحمس لحضورها إلا نادراً.
نفس مشكلة غياب الحضور من الجمهور العادى، والمفترض أن يكون هو الهدف الذى تقصد مهرجانات الشارع مواجهته، تظهر بوضوح فى فعاليات آخرى أقيمت هذا العام، مثل «كرنفال الشارع الدولى» و«مهرجان الشارع الأوروبى»، وهما مهرجانان أقيما بتنظيم أوروبى، عانى الأول من غياب الدعاية الكافية، بالرغم من إقامته بمنطقة قلعة قايتباى، على هامش مهرجان آخر وهو «فرح البحر»، جعل ذلك حضور المشاهدين له مقتصراً على المارة من زوار القلعة أو من جمهور «فرح البحر».
ولنفس السبب اقتصرت فعاليات «الشارع الأوروبى» بشكل أساسى، على طبقة أصحاب الثقافات الأجنبية، وهو مهرجان نظمته مفوضية الاتحاد الأوروبى بالتعاون مع منظمات الأعمال المصرية الأوروبية بحدائق أنطونيادس، بمشاركة ٢٧ دولة، من دول الاتحاد الأوروبى، قدمت به ثقافاتهم المختلفة، وأشهر مأكولاتها.