x

جيهان فوزي رمضان ومسلسلاته على مائدة الإسرائيليين جيهان فوزي الجمعة 10-06-2016 21:42


يهتم الإعلام الإسرائيلى بالمسلسلات الرمضانية العربية على نحو خاص، في كل عام تشهد إسرائيل اهتماما بهذه الظاهرة وتركيزا على ما يتم تناوله، خاصة لو كان متعلقا باليهود، وفى العام الماضى جذب انتباه الإسرائيلين مسلسل «حارة اليهود» لأنه يتعرض لحياة اليهود في مصر، وهذا العام يشهد التليفزيون الإسرائيلى ازدحاما بالمسلسلات الرمضانية وتغطية تفصيلية مشمولة بالترجمة إلى العبرية، في الماضى القريب كان السؤال الذي يشغل الإسرائيليين هل المسلسل الرمضانى العربى يتحدث عن إسرائيل؟ وكيف؟ لكن هذا العام تنوع الاهتمام ليشغل مساحة أكبر من المتابعة رغم أن قضية اليهود لا تدور في فلك الدراما العربية كثيرا، غير أن مسلسل «مأمون وشركاه» للفنان عادل إمام يحظى بالاهتمام والمتابعة الإسرائيلية أكثر من غيره ربما لأنه يعرض أسئلة اجتماعية حول قبول الأقليات الدينية في المجتمع ومن بينهم اليهود، حتى إنه يدرس اقتراح بشكل جدى ترجمة المسلسل للغة العبرية من أجل المشاهدين الإسرائيليين.

ماذا يعلم الإسرائيلي العادي في الواقع عن الصوم في رمضان؟ ربما يعلم الكثيرون أنّه بدأ قبل عدة أيام، وأنّه يستمر لشهر، وبأنّه يتمّ في ساعات النهار، وينتهي مساء كل ليلة بل حتى من يعلم أكثر، فهو لم يشهد بالضرورة الأجواء في شوارع البلدات العربية في إسرائيل. في هذه الفترة في شهر رمضان، تخضع البلدات العربية إلى تحوّل في كلّ أمسية من الصمت النموذجي في الشوارع، والتي تشير إلى قرب الإفطار، إلى الشوارع الحيوية بعده وقد أدركت بعض البلدات العربية هذه الإمكانيات الترفيهية، وحوّلت الشهر إلى تجربة سياحية، تجري في البلدات العربية في جميع أرجاء البلاد جولات للجمهور اليهودي بهدف التعرف على الأماكن والعادات، السكان وتقاليدهم، وبالطبع نكهات المطبخ العربي خلال شهر رمضان.

إسرائيل تراقب عن بعد التحولات الاجتماعية في المجتمعات العربية من خلال الأعمال الدرامية التي تعكس مشاكل المجتمع وتبحث في القضايا الشائكة والمسكوت عنه، تركز جهودها على رصد الظواهر الاجتماعية المستجدة ودراستها وتفنيد تبعاتها على المجتمع، هي تتعلم منا وتستفيد من أخطائنا وتوظف تلك الأخطاء لخدمة مصالحها، ونحن نتجاهل الاشتباك مع عالمها على الأقل تحت شعار «اعرف عدوك»، ظنا منا بأن الابتعاد يعنى رفض التطبيع وعزلها عن محيطنا العربى، والحقيقة أن إسرائيل تعلم عنا ما لا نعلمه عن أنفسنا، وهى تبرع في سرقة ما ليس لها وتطويره ودمجه في تراثها حتى يتماهى مع ثقافتها تدريجيا ويصبح جزءا من نسيجها الاجتماعى والتاريخى.

لم تكتف إسرائيل بسرقة الأرض الفلسطينية والعربية، لكنها سرقت أيضا الفن والثقافة، الأفلام والتراث الشعبى وأشهر الأطعمة ونسبوها لأنفسهم وزعموا أنها إسرائيلية الأصل، سرقوا أغاني سيدة الغناء العربى أم كلثوم وأصبح مطربوها مثل الإسرائيلى «زيف يحزقيل» يغنون بالعربية أغانيها في حفلاتهم وأشهرها أغنية «أمل حياتى»، وأغانى المطربة اللبنانية فيروز وأجروا لها عملية «أسرلة» «وعبرنة» وأصبح يغنيها مطربون إسرائيليون باللغة العبرية، ولم ينسوا الأفلام المصرية القديمة التي تضم ممثلين أو مخرجين يهود مصريين، حتى الأكلات الشعبية لم تسلم من سطوهم الممنهج مثل الفول والفلافل والحمص الأطباق الشعبية الأشهر على كل مائدة فلسطينية وأجادت صنعها بل أضافتها إلى المطبخ اليهودى، فضلا عن الكثير من العادات والكلمات الفلسطينية.

تستمر إسرائيل في سياسة السطو لمحو الهوية الفلسطينية، وبدأت بسرقة الزى التراثى الفلسطينى وصنعه وفق الموضة فسرقت التطريزة الفلسطينية الشهيرة «الثوب الفلسطينى المطرز هو الهوية الراسخة في التراث والفولوكلور الفلسطينى» وألبستها لمضيفات الطيران العاملات على متن الخطوط الجوية الإسرائيلية الـ«عال»، وخلال الهبة الشعبية الفلسطينية الأخيرة أقام مصمم الأزياء الإسرائيلى «يارون منكوفسكى» عرض أزياء في مدينة تل أبيب بهدف تعزيز التعايش بين الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى- كما يدعون- ضمن ما يسمى أسبوع تل أبيب للموضة، ارتدت فيه العارضات أثوابا مصنوعة من الكوفيات الفلسطينية بلونيها الأبيض والأسود، والأبيض والأحمر.

لقد ظل المفكر الفلسطينى الدكتور محمد بكر البوجى، أستاذ الأدب والفكر بجامعة الأزهر غزة، يبحث في أصول التراث من خلال الدراسة والبحث العلمى والقراءة العميقة ليثبت للعالم أن إسرائيل تقوم بسرقة ممنهجة للتراث الفلسطينى، بدءا من الثوب التراثى والنجمة السداسية حتى «عملة الشيقل» المتداولة في اسرائيل وتسجل كل ذلك باسمها في اليونسكو، جهد كبير ووقت طويل بذله الباحث الفلسطينى قبل أن يطل على الفلسطينيين والوطن العربى بمعلومات نتائجها إدانة اسرائيل واكتشافها كدولة سارقة للتراث والتاريخ لتصنع لنفسها مجدا وكيانا زائفين، وهوية ليست هويتها وتاريخ ليس تاريخها ولن يكون.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية