عندما نعود بالذاكرة إلى 8 يونيو 2013، والأجواء المشحونة فى ذلك الوقت، وحالة الانهيار التى كانت تشهدها الدولة فى كافة المجالات، يمكننا أن نعرف إلى أى مدى تغيرت مصر، وأى طرق عبرت وأى مصاعب واجهت، وإلى أين وصلت.
كانت الأمور قد تجاوزت كل الحدود المقبولة، النظام الحاكم فى ذلك الوقت «فعل بمصر ما لم يفعله أسوأ الغزاة وأكثرهم تدميراً وغلظة واستهانة، بل فاقت الأمور كل المتوقع عندما اكتشف الجميع أن إدارة البلاد فى أيدى مجموعة من الهواة».
الجملة السابقة هى بعض ما كتبت قبل ثلاث سنوات من الآن، عندما كانت الدولة مختطفة فى يد جماعة تناصب الوطن العداء، فتغولت فى كل اتجاه، فى الإعلام والقضاء والصحافة والوزارات، عندما كان قادتها يهددون أن يحكموا مصر 500 عام، عندما كانت ميليشياتها تحاصر المحكمة الدستورية، ومدينة الإنتاج الإعلامى، عندما تحولت إدارة مصر إلى إدارة فاشلة بامتياز، لا تنفذ إلا التزامات السمع والطاعة، وتُدار من مكتب الإرشاد فى المقطم لحساب مصالح أبعد ما تكون عن الوطن.
عندما نستعيد كل تلك الأجواء الآن، بعد ثلاث سنوات من رحيل الإخوان، وبعد عامين من تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم فى مصر، نعرف ماذا تغير فى مصر.
تجاوزت مصر خلال السنوات الثلاث الكثير من المصاعب، واستطاعت عبورها، تمكنت من القفز عليها إلى الأمام، وبدأت مرحلة جديدة من البناء، بالتأكيد هناك العديد من المشكلات التى مازالت تواجهنا، لكننا فى المقابل أصبحنا على أرضية مغايرة، نختلف من أجل الوطن، لا يكفرنا أحد لأننا أبدينا رأياً مخالفاً.
مصر الآن على الطريق الصحيح، حتى لو اختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر حول إدارة الدولة لبعض القضايا، فلا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك تغييراً تم على أرض الواقع، وأن هناك حركة حقيقية تتم من أجل النهوض بالبلاد، التى استمرت منذ عام 2011 فى حالة تدهور وانهيار.
ولا أحد ينكر أن ما حدث خلال السنوات الثلاث الأخيرة انتشلها مما كانت تسير إليه، وعاد بها إلى الطريق الصحيح، قد يكون ما يحدث لا يلبى كل متطلبات المواطن المصرى، وقد نختلف على سرعة الإنجاز، وقد نتناقش أو نختلف حول عدد من القضايا العالقة أو طريقة إدارة مشكلة ما بسبب فهم كل طرف للمشكلة وطريقة إدارتها، لكن فى النهاية من المؤكد أن مصر تجاوزت مرحلة الخطر، التى كانت تحدق بها، واستطاعت أن تعود إلى مسارها الصحيح.
بالتأكيد مازال هناك العديد من المشاكل التى تحتاج إلى معالجة سريعة وفعالة وناجزة، ونأمل أن يتم التعامل معها بشكل سريع، كما أن الدولة مازالت فى حاجة إلى وضع رؤية عامة «ماستر بلان»، توضح المشروع الاستراتيجى لمصر، والذى يجب أن يلتف حوله المصريون، سواء فى مستوى المسؤولين أو حتى المواطنين فى الشارع.
هذه الرؤية «الماستر بلان» بحاجة أيضا إلى أدوات واضحة، ويجب أن تشارك فيها الدولة بكافة قوتها وطاقتها، وأن تكون هناك أدوات عمل تربط هذا المشروع القومى بكل ما يتم تنفيذه، سواء على مستوى الرئاسة، أو على مستوى الوزارات التنفيذية.
لنا الحق الآن فعلاً، عندما نتأمل ما حدث فى مصر خلال السنوات الثلاث الماضية، أن نسعد بالتطور والتغيير الذى حدث، وما تم تحقيقه، وأن تكون لنا ملحوظات على ما يتم من أجل التغيير للأفضل، ودفع سفينة الوطن للأمام لتجاوز الماضى تماماً.