كانت بداية وصول الإسلام إلى كينيا مبكرة، تعود إلى العقد الأخير من القرن الهجرى الأول، ثم تدفقت أعداد المسلمين لاحقاً فى نهاية العصر الأموى، وانتقل الإسلام إلى الداخل فتوغل فى كينيا، وازدهرت التجارة بين الساحل، وظهرت مراكز تجارية مثل كيتوتو وساباى وممباسا داخل البلاد.
وامتد الإسلام إلى كينيا عن طريق محور آخر، هو القبائل الصومالية، فانتشر شمالاً واتسع نفوذ دولة آل بوسعيد من زنجبار إلى داخل شرقى أفريقيا، وبمرور السنين شكَّل المسلمون فى كينيا حوالى 10% من السكان، أى حوالى 3 ملايين مسلم، منهم نصف مليون فى العاصمة نيروبى، وبدأ ظهور الجمعيات الإسلامية من خلال العديد من الهيئات لتصل إلى 50 جمعية يشرف عليها «المجلس الأعلى لمسلمى كينيا»، فضلاً عن مجموعة من الجمعيات والمؤسسات الصغيرة التى يزيد عددها على 400.
ورغم النسبة الضئيلة للمسلمين فى المجتمع الكينى فإن هذه الحركة النشطة من جانبهم أجبرت الاستعمار البريطانى الذى احتل كينيا عام 1895 على الاستعانة بالمسلمين فى إدارة أمور البلاد على سبيل المهادنة، فعيّن منهم حكام الأقاليم والولاة، والقضاة، وجباة الضرائب، وكان لهذا أثره السيئ فى نفوس القبائل الوثنية والمسيحيين، وانتهى الأمر إلى اتجاه الاستعمار لمصادرة معظم أراضى المسلمين وتحويلها إلى ممتلكات للدولة، وتحجيم نشاطهم التجارى.
وفيما يتعلق بالتعليم، احتوى النموذج الإسلامى على مرحلتين: الأولى مقصورة على تعليم أبناء المسلمين فى الكتاتيب، لتسودها اللغة العربية، فيما تشتمل المرحلة الثانية على دراسة الفقه والحديث والتفسير، واتخذت من المساجد أماكن لها حيث تعقد حلقات الدروس.
أما عن أسلوب مسلمى كينيا فى التعامل مع طقوس رمضان، فيتبعون إيقاظ الناس للسحور على إيقاع الطبول، وينشرون الأناشيد الإسلامية المتعلقة بالشهر الكريم والحث على الصيام والتجول فى أحياء المدينة، فضلاً عن الإفطار الجماعى فى المساجد والمنازل.
وتعقد جلسات جماعية بعد انتهاء صلاة التراويح يتبادل فيها الصائمون الأحاديث والحوارات حول أوضاعهم، وأهم المشاكل القائمة بينهم، والتضافر لحلها، فضلاً عن تحديد أوجه إنفاق الزكاة المجموعة خلال رمضان وتوجيهها لمصارفها الشرعية.
وتتهافت الجمعيات الخيرية الإسلامية على تنظيم حفلات إفطار جماعى فى الأماكن النائية والفقيرة، وتوزيع حقائب رمضان على الفقراء والمحتاجين، ولاسيما أن كينيا تشهد خلال الشهر ارتفاعاً فى أسعار المواد الغذائية، حيث يستغل التجار إقبال المسلمين على شراء السلع لرفع أسعارها.
ويتناول الكينيون الأطعمة ذات المحتوى السكرى فى رمضان، وفى مقدمتها النيازى والمهوكو، إضافة إلى شواء البطاطا لتعويض ما فقدوه طوال النهار، أما المشروبات فمنها الماتوكى المخلوط بالتمر والموز، فضلاً عن الانتظام فى شرب عصير البرتقال المنتشر بصورة مطردة فى كينيا، بالإضافة لوجود شراب تقليدى يسمى «أوجى»، وهو مكون من دقيق الذرة والماء المحلَّى بالسكر، أما الأطعمة الخاصة بالسحور فيحرص الكينيون على تناول الأرز والكالى مع تناول الشاى بالحليب.