x

نصار عبد الله عن لجان الترقية بالجامعات نصار عبد الله السبت 04-06-2016 21:51


فيما أتصور، فإن الأيديولوجيا هى من أعدى أعداء البحث العلمى، إن لم تكن أعدى أعدائه على الإطلاق!.. سواء كانت هذه الأيديولوجيا ماركسية أم قومية أم دينية أم غير ذلك من الأيديولوجيات التى يحفل بها عالمنا المعاصر، والتى مازالت تتحكم بشكل مباشر أو غير مباشر فى توجهات أصحاب القرار، لا على المستوى السياسى، بل على كل مستوى من مستويات صنع القرار فى أى مجال من المجالات.. وفيما أتصور كذلك فإن الأيديولوجيا التى ترفع راية الدين هى أشد الصور خطرا على العالم، وعلى البحث العلمى بالذات، لأن دعاتها يخلطون مقولاتها بجوهر العقيدة الدينية، ويصورونها على أنها تعبير عن الفهم الصحيح للدين، ويكسبونها بالتالى ما للدين نفسه من القداسة، وكأن ما يقولون به مُنزّل من السماء مع أنه فى النهاية محض منتج بشرى!!. أقول هذا بمناسبة قرب انتهاء الدورة الحالية للجان الترقية بالجامعات، والبدء فى الاستعداد لدورة جديدة سوف تتضمن بالضرورة تشكيلا جديدا لتلك اللجان. أتمنى بهذه المناسبة ألا يكون منطويا على تلك المثلبة التى تعانى منها إحدى اللجان الحالية على الأقل، والتى هى شر ما يمكن أن يلحق بلجنة يفترض فيها أنها علمية محايدة متوازنة، ألا وهى مثلبة الانحياز إلى أيديولوجيا معينة... أما اللجنة التى أعنيها فهى لجنة الفلسفة التى أتابع أحوالها بين الحين والحين بحكم طبيعة تخصصى الأكاديمى، وحتى لا يتصور أحد أنى أكتب ما أكتبه من موقع طموح شخصى لأن أكون عضوا بها، فإنى أطمئنه إلى أنى لست واحدا من المتقدمين إلى عضويتها أصلا!، ولا أعتزم ذلك لأسباب كثيرة، ليس هنا مجال ذكرها أو الحديث عنها!! غير أن شأنى فى ذلك شأن سائر المهتمين بالبحث الأكاديمى، بوجه عام، والبحث الأكاديمى فى مجال الفلسفة المعاصرة بوجه خاص.

قد أفزعنى- ومازال- التشكيل الحالى للجنة، الذى يتسم بالبعد الشديد عن التوازن. فمن بين اثنى عشر عضوا هم جملة أعضائها، هناك تسعة ينتمون إلى تخصص واحد هو «الفلسفة الإسلامية»، من بينهم مقررها الذى لم يحرص قط على إخفاء تعاطفه مع كل متقدم للترقية يرفع الراية الإسلاموية. وقد وصل تعاطفه إلى الحد الذى جعله يطلب من اللجنة إنجاح متقدم إسلاموى رسب بجدارة فى المقابلة الشخصية، وهو ما استفز أحد الأعضاء المستنيرين الحريصين على الحفاظ، ولو على الحد الأدنى من أمانة الأحكام العلمية، بحيث خاطب المقرر محتدا عليه بالقول إن إنجاح متقدم راسب لا يجوز بحال من الأحوال، وإن اللجنة لن تعتبر هذا المتقدم ناجحا بعدما تبين لها أنه يجهل كل شىء تقريبا عن البحوث التى تقدم بها، والتى يفترض أنه هو الذى قام بإعدادها!!، ثم أضاف متهكما: «أم أن هذه هى تعليمات فضيلة المرشد؟!».. على أى حال، فإن سيادتك قد أديت ما عليك.. وسوف يرضى المرشد عنك!!.. أتمنى أن يتلافى التشكيل الجديد مثالب التشكيل الحالى، التى لم تتمثل فحسب فى الإخلال بحد أدنى من التوازن فى تركيبة اللجنة، ولا فى خلطها مقتضيات البحث العلمى بمتطلبات الأيديولوجيا (وهذه كما ذكرت فى بداية حديثى شر ما يمكن أن يلحق بلجنة ذات طابع علمى)، ولكنها تتمثل أيضا فى عدد من الأخطاء والمخالفات القانونية الجسيمة التى تنبهت ونبهت إليها أمينتها السابقة الدكتورة منى أبوزيد، وهو ما حدا بمقرر اللجنة إلى استبعادها من الأمانة!، واستبدل بها سواها، ما ترتب عليه ارتباك كبير فى عمل اللجنة وتضارب فى قراراتها ومعاييرها التى طبقتها على بعض المتقدمين، بينما طبقت سواها على متقدمين آخرين.

وربما كان للحديث بقية.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية