تعدد نشاط الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الأسبوع الماضي، على الصعيدين الداخلي والخارجي، فقد افتتح مبنى النيابة العامة الجديد والمرحلتين الأولى والثانية من مشروع إسكان تحيا مصر بحي الأسمرات، واستقبل الرئيس الفلسطيني ورئيس وزراء المجر ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ورئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار ووفدًا من المستثمرين.
واستهل الرئيس السيسي نشاطه الأسبوعي بافتتاح مبنى النيابة العامة الجديد بالقاهرة الجديدة، واستمع إلى شرح على نموذج للمبنى، فضلاً عن شرح على عدد من الأعمال الفنية التي تعبر عن تاريخ العدالة والقضاء لدى المصريين القدماء.
وعقب ذلك عقد الرئيس اجتماعًا مع المستشار نبيل صادق، النائب العام، وعدد من كبار قيادات النيابة العامة، وشاهد فيلمين تسجيليين عن تطوير العمل في نيابات المرور، ونيابات الأسرة.
كما افتتح السيسي المرحلتين الأولى والثانية من مشروع إسكان تحيا مصر بحي الأسمرات بمنطقة المقطم واللتين تضمان ما يناهز 11 ألف وحدة سكنية بتكلفة إجمالية بلغت مليارًا ونصف المليار جنيه، وقد تم إنشاء المرحلة الأولى على مساحة 65 فدانًا تشمل 6258 وحدة سكنية بتكلفة 850 مليون جنيه، وتشمل المرحلة الثانية 4722 وحدة سكنية، تحمل صندوق تحيا مصر تكاليف إنشائها كاملة بقيمة تبلغ حوالي 700 مليون جنيه.
ويضم المشروع مدارس للتعليم الأساسي ووحدات علاجية وملاعب رياضية، ونقطة للشرطة وأخرى للإسعاف، ومكتبًا للبريد، فضلاً عن أسواق حضارية لتوفير احتياجات المواطنين بشكل كامل، وقد تم تدشين المرحلتين الأولى والثانية في يناير 2015 وتم الانتهاء منهما في زمن قياسي وسيتم تخصيصهما لقاطني العشوائيات الخطرة من مناطق الدويقة وعزبة خير الله واسطبل عنتر.
كما تم تدشين المرحلة الثالثة من مشروع الأسمرات في يناير 2016 وسيتم تنفيذه خلال عام واحد، حيث تم تخصيص 80 فدانًا لإقامة 124 عمارة سكنية بتكلفة تبلغ 500 مليون جنيه يتحملها صندوق تحيا مصر.
وأشار الرئيس، في كلمته بمناسبة افتتاح المشروع، إلى أن افتتاح تلك المشروعات الاجتماعية يستلزم من المصريين جميعًا استدعاء قيمة العمل وبذل الجهد من أجل إنهاء مشكلة العشوائيات في مصر وذلك ليس فقط في المناطق العشوائية الخطرة ولكن أيضًا في المناطق غير المخططة وهو الأمر الذي يتطلب من الدولة الوفاء باحتياجات المواطنين من المساكن اللائقة فضلاً عن أهمية تعظيم دور القطاع الخاص والمواطنين في المشاركة المجتمعية من أجل تخفيف معاناة المواطنين البسطاء وتوفير المساكن اللائقة لهم، وذلك في إطار التكافل الاجتماعي من أجل إنهاء مشكلة العشوائيات الخطرة نهائيا خلال العامين القادمين حيث أنه من غير المقبول استمرارها بشكل لا يليق بمصر وشعبها.
وعقد الرئيس السيسي اجتماعًا حضره المهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة، الذي عرض التصور المقترح لإنشاء مجمع رياضي ثقافي اجتماعي بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحيث يعمل على تحقيق عدة أهداف، من بينها تشجيع ممارسة الرياضة، والاستدامة في استخدام المنشآت الرياضية وتوظيفها على مدار العام، فضلا عن تنمية البعد الثقافي والاجتماعي من خلال إقامة فعاليات فنية وثقافية في ذلك المجمع بما ييسر دمج مختلف طبقات المجتمع.
ووجه الرئيس بإنشاء كيانات مشابهة في المدن الجديدة الجاري إنشاؤها في مختلف أنحاء الجمهورية، منوهًا إلى الأثر الإيجابي لهذه المراكز التي ستيسر ممارسة الرياضة وتساهم في تحسين الصحة البدنية للمواطنين، وتوفير مناخ إيجابي يساهم في زيادة الوعي ونشر الثقافة، وأشار الرئيس إلى أن الاهتمام بمثل تلك المنشآت الرياضية من شأنه أن يوفر المجال الملائم للاستفادة من طاقات الشباب واكتشاف المواهب التي يمكن صقلها وتدريبها لرفع اسم مصر عاليا في مختلف المحافل الرياضية الإقليمية والدولية.
وفي إطار حرص مصر على التوصل إلى حل سلمي للقضية الفلسطينية، استقبل السيسي نظيره الفلسطيني محمود عباس، حيث أكد له أن القضية الفلسطينية ستظل تحتل الأولوية في أجندة السياسة الخارجية المصرية، منوهًا إلى دعم مصر للمبادرات والجهود الدولية- ومن بينها الجهود الفرنسية- الرامية إلى تسوية القضية الفلسطينية وإيجاد حل عادل وسلام دائم وشامل يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يساهم في توفير واقع أفضل ومستقبل أكثر أمنا واستقرارا لكافة دول المنطقة وشعوبها.
كما تبادل الرئيسان وجهات النظر إزاء الجهود الدولية المبذولة في الآونة الأخيرة والتي تهدف إلى تسوية القضية الفلسطينية وفي مقدمتها الجهود الفرنسية، وأكد السيسي أن مصر تولي اهتمامًا بتحقيق المصالحة الفلسطينية وترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، مشددًا على أهمية تحقيق وحدة الصف الفلسطيني والتكاتف الوطني بما يساهم في تحقيق آمال الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة وضمان مستقبل أفضل لأجياله القادمة.
واِستقبل السيسي رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، حيث تم استعراض سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وكيفية الاستفادة من الخبرات المجرية المتقدمة في المجالات المختلفة، وأعرب الرئيس عن التطلع لعقد الاجتماع المقبل للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي في القاهرة، لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والعمل على تنميتها.
وأكد الرئيس أهمية تطوير التعاون في المجال السياحي والعمل على تشجيع السياحة المجرية لمصر، وأعرب عن التقدير لتقديم المجر 100 منحة سنويا للمواطنين المصريين للدراسة بالجامعات المجرية، كما رحب بإتمام صفقة عربات القطارات، والتي ستقوم المجر بموجبها بتوريد 700 عربة لمصر بتكلفة تبلغ مليار يورو، فضلا عن توفير التدريب والدعم الفني، مشيرا إلى تطلع مصر لترسيخ تعاون مشترك طويل الأجل مع المجر في هذا المجال بما يشمل الارتقاء بجودة التصنيع المحلي وزيادة الاعتماد عليه.
ولفت الرئيس إلى جهود مصر في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وأهمية تبني منظور شامل يتضمن الأبعاد التنموية والثقافية والدينية في إطار التصدي للفكر المتطرف، وأكد الجانبان أهمية تعزيز الجهود الدولية الرامية لمكافحة الإرهاب والعمل على تجفيف منابعه ومعالجة الأسباب التي تؤدي إليه، كما شهد اللقاء استعراضًا للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، لاسيما الأوضاع بالدول التي تتعرض لأزمات بالمنطقة، وسبل التوصل لحلول سياسية لتلك الأزمات بما يحفظ وحدة هذه الدول وسلامتها الإقليمية ويصون مؤسساتها الوطنية.
وشهد السيسي ورئيس وزراء المجر عقب انتهاء المباحثات التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري بين وزارتي الدفاع في البلدين، وأخرى بين حكومتي البلدين في مجال التعاون الدولي، واتفاق للتعاون بين اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري وصندوق دعم الخدمة الإعلامية وإدارة الأصول المجري ومجموعة «دونا» الإعلامية المجرية، واتفاق آخر للخطوط الجوية المنتظمة بين البلدين، علاوة على خطاب نوايا لإطار التعاون مع بنك الصادرات والواردات المجري لتمويل شراء 700 عربة قطار.
كما شهد الرئيس ورئيس وزراء المجر الجلسة الافتتاحية لمنتدى الأعمال المصري المجري، وألقى السيسي كلمة بهذه المناسبة أكد فيها أهمية دور القطاع الخاص كمحرك أساسي في تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول، مشيدًا بالخطوات التي اتخذتها دولة المجر على صعيد الإصلاح والتقدم الاقتصادي، واستعرض الرئيس خلال كلمته الخطوات التشريعية والإدارية التي اتخذتها مصر لتوفير مناخ جاذب للاستثمار، مشيرًا إلى عدد من المشروعات القومية الكبرى التي تمثل فرصًا واعدة للعمل والاستثمار وفي مقدمتها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس ومشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان.
واستقبل السيسي، موينز ليكيتوفت رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث أكد الاهتمام الذي توليه مصر للأمم المتحدة والعمل الدولي متعدد الأطراف، وتطلعها لتعزيز التعاون مع المنظمة على جميع الأصعدة والعمل على تطوير دورها لتتجاوب بصورة أكثر فعالية مع التحديات العالمية.
كما أكد الرئيس حرص مصر على مواصلة دورها الفاعل في إطار حفظ السلم والأمن الدوليين خاصة في ضوء عضويتها الحالية بمجلس الأمن ومجلس السلم والأمن الأفريقي، بالإضافة إلى مشاركتها الفعالة في عمليات حفظ السلام، وأكد أيضًا أهمية سعي الأمم المتحدة لتوفير بيئة دولية مواتية لتنفيذ أجندة التنمية 2030 لاسيما بالنسبة للدول الأفريقية.
واستعرض أهم التطورات على الساحة الداخلية، حيث أكد مواصلة الدولة لجهودها الرامية إلى تحقيق الاستقرار والتنمية الشاملة وإطلاق المشروعات العملاقة بهدف توفير فرص العمل وتطوير البنية التحتية، مشيرًا إلى سعي مصر لتحقيق رؤيتها لعام 2030 والتي تتسق مع أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الأمم المتحدة.
وشهد اللقاء تباحثًا حول سبل تطوير منظومة الأمم المتحدة وإصلاح أجهزتها الرئيسية بما يساهم في جعلها أكثر تمثيلاً للمجتمع الدولي، فضلاً عن استعراض أهم القضايا الإقليمية والأزمات التي يتعرض لها عدد من دول المنطقة، ولاسيما سوريا وليبيا وسبل تعزيز دور الأمم المتحدة في التعامل مع تلك الأزمات، حيث أكد السيسي أهمية تعزيز الجهود الدولية للتوصل إلى حلول سياسية تحفظ وحدة وسيادة تلك الدول وسلامتها الإقليمية وتصون مؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها.
واستقبل الرئيس وفدًا من المستثمرين المشاركين في ملتقى مصر الثاني للاستثمار والذي ضم 26 رئيسًا وممثلاً للغرف التجارية والصناعية في العديد من دول العالم، حيث أكد السيسي حرص مصر على التعاون مع جميع المستثمرين وتمكينهم من الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة بمختلف القطاعات، لاسيما في ضوء المزايا التي تتمتع بها مصر والتي تؤهلها لتكون بوابة العبور إلى أسواق الدول الأوروبية والعربية والأفريقية.
واستعرض الرئيس الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية للنهوض بالاقتصاد وتشجيع الاستثمار والتغلب على البيروقراطية، مشيرًا إلى نجاح الحكومة على مدار العام الماضي في تأمين الطاقة اللازمة لبرنامج التنمية الطموح الجاري تنفيذه في مصر بما يمكنها من استقبال مزيد من الاستثمارات في مختلف المجالات.
وأشار الرئيس إلى أن مصر اتخذت خلال الفترة الماضية العديد من الإجراءات لتعزيز أمن واستقرار البلاد، مؤكدًا تزايد الوعي الشعبي بأهمية الحفاظ على الاستقرار والتصدي لمحاولات النيل من مقدرات الوطن واستغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية.
ولفت السيسي إلى إطلاق عدد كبير من المشروعات القومية لتطوير شبكة الطرق والبنية الأساسية للبلاد وتحقيق تنمية عمرانية وزراعية شاملة تتضمن بناء عاصمة إدارية ومدن جديدة وعددا من الموانيء والمطارات والمناطق الصناعية واستصلاح مساحة ضخمة من الأراضي لتوسيع الرقعة الزراعية، معربًا عن تطلع مصر لمساهمة المستثمرين العرب والأجانب في تلك المشروعات بالنظر إلى ما تقدمه من فرص استثمارية متنوعة.
واستقبل الرئيس السيسي، سوما شاكراباتي رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على رأس وفد من كبار المسؤولين في البنك، حيث استعرض الرئيس الخطوات التي تتخذها الدولة للنهوض بالاقتصاد وتطوير البنية التحتية وتوفير مناخ جاذب للاستثمار، فضلاً عن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير قروض ميسرة للشباب، مؤكدًا أن مصر تتمتع باقتصاد منفتح يتبع آليات السوق الحر، وأنها تتطلع لتعزيز التعاون مع البنك ومساهمته في تمويل مزيد من المشروعات التي ينفذها القطاعان الخاص أو العام، لاسيما عقب حصول مصر على وضعية دولة عمليات للبنك منذ أكتوبر 2015.
وشهد اللقاء تباحثًا حول سبل تعزيز التعاون مع البنك الأوروبي والعمل على زيادة مساهمته في تمويل المشروعات التي يتم تنفيذها في مصر، حيث تم مناقشة آفاق التعاون مع البنك في عدد من القطاعات، ومن بينها الطاقة الجديدة والمتجددة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومعالجة وتحلية المياه.