x

أتوبيسات النقل العام: زحام وتحرش وانتظار بالساعات

الخميس 02-06-2016 21:14 | كتب: ريهام العراقي |
ملف عن جودة التعليم وأتوبيسات النقل ومستشفيات الحكومية ملف عن جودة التعليم وأتوبيسات النقل ومستشفيات الحكومية تصوير : تحسين بكر , أيمن عارف

داخل موقف عبدالمنعم الرياض، كانت عقارب الساعة تقترب من الثالثة عصراً، عندما تكدس الموقف بمئات من الركاب فى حالة ترقب وانتظار للأتوبيسات، التى ستقلّهم إلى منازلهم، وأصوات الباعة الجائلين الصاخبة للإعلان عن بضاعتهم الزهيدة الثمن وسط كلاكسات الأتوبيسات، وأكوام القمامة المنتشرة تفترش زوايا الموقف وأسفل مقاعد الركاب، وعشرات الركاب يتصارعون لحظة قدوم الأتوبيس لحجز مقعد خالٍ، وفى مدخل الموقف وقفت السيدة الستينية تستظل بورق الجريدة من أشعة الشمس الحارقة، لا تجد مقعدًا خاليًا للجلوس عليه، تُلقى بنظرها ما بين الحين والآخر على الأتوبيسات القادمة إلى الموقف، تترجل بخطوات ثقيلة إلى غرفة استراحة السائقين لتسأل أحد السائقين الذى يتبادل الحديث مع زميله، عن سبب تأخر وصول أتوبيس برقم معين ليرد عليها بابتسامة باهتة «مفيش مواعيد محددة وكله حسب الطريق والتساهيل».

لم تكن هناك وسيلة أمام شيرين الشابة العشرينية، وسيلة للهروب من زحام أتوبيسات النقل العام بالركاب، سوى الخروج من منزلها فى السابعة صباحا، فى رحلة يومية من منزلها بالعباسية إلى مقر عملها بوزارة العدل، فى محاولة منها لاقتناص مقعد خالٍ أو الوقوف خلف السائق لمنع التحرش بها من الركاب.

قالت شيرين: «الخروج بدرى شوية قبل الزحمة أحسن من البهدلة والشعبطة فى الأتوبيسات، أنا موظفة وراتبى يكفينى بالعافية لغاية آخر الشهر، ومن المستحيل أعرف أركب تاكسى لأن المسافة من بيتى فى العباسية لغاية وسط البلد هتكلفنى 20 جنيه فى التوصيلة الواحدة، وسواقين الميكروباص بيقسموا المسافات علشان كده الأتوبيس الحل الوحيد قدامى».

فى شهر مارس من العام الماضى، استقبل الدكتور جلال مصطفى سعيد محافظ القاهرة السابق، 100 أتوبيس من إجمالى 600 أتوبيس مقدمة كمنحة من دولة الإمارات لتطوير أسطول هيئة النقل العام بالقاهرة، بقيمة إجمالية 550 مليون جنيه، لدعم منظومة النقل العام وتحديث أسطول الهيئة بعد أن توقف تحديثه من عام 2008، ومن أجل القضاء على ظاهرة الازدحام وتقديم خدمة أفضل لمواطنى القاهرة الكبرى. رغم أن كليهما يسير على نفس الخطوط، إلا أن أجرة أتوبيس اللون الأحمر تُضاعف أجرة الأزرق، وهو الأمر الذى أجبر وفاء عاملة نظافة داخل إحدى دور المسنين، على الانتظار أوقاتا طويلة فى الشارع يوميا أملا فى توفير جنيهين فى رحلة الذهاب والعودة، وقالت: «الأول كان لون الأتوبيس أخضر وكانت أجرته 50 قرش، وبعدين تحول لونه إلى الأحمر وغليت تذكرته إلى جنيه ثم فوجئنا بعدها بلونه الأزرق وتذكرته اتنين جنيه، يعنى الضعف وراكب الأتوبيس مواطن غلبان مش هيقدر على أجرة 2 جنيه، علشان كده لو نزلت أى موقف هتلاقى الناس مش راضية تركب الأتوبيس الأزرق ومستنية الأحمر علشان الاتنين جنيه فى اليوم هتفرق معاها آخر الشهر».

ربما من أصعب الأوقات التى تمر على حسين الشاب الثلاثينى، وقت خروجه من منزله فى منطقة دار السلام إلى طبيبه فى مدينة نصر، فهو لا يستطيع الخروج بمفرده وإنما يصطحب والدته المسنة، التى تواجه صعوبات كثيرة فى نقل ابنها القعيد، فأتوبيسات ذوى الاحتياجات الخاصة أعدادها محدودة، مما يدفعها إلى الاستعانة بالمارة لحمل ابنها أثناء استقلاله الأتوبيس وقالت: «لا يشعر أحد من المسؤولين بالمعاناة التى أشعر بها مع ابنى، فكأن الدولة تُعاقب ذوى الاحتياجات الخاصة وحكمت عليهم بالحبس فى منازلهم فى انتظار الوقت، فلا توجد وسائل نقل خاصة بهم، أو شوارع مؤهلة وممرات آمنة لهم، فاليوم الذى يخرج فيه ابنى إلى الشارع يشعر بإهانة وذل، ويرفض الخروج مجددا للعلاج».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية